|
الثورة المصرية في ظل العولمة
إبراهيم الحسيني
الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 09:48
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الثورة المصرية في ظل العولمة رف طائر صغير بجناحين صغيرين واشتعلت نار في ريشه : الأخضر والأصفر والأحمر والأزرق الفكر طب الحضارة ، يعالج الأمراض والعلل الاجتماعية ، والثائر جراح التاريخ ، إن مهمة الفكر تغيير العالم لا تفسيره وتشخيصه فقط ، والتغيير ما هو إلا الثورة ، عملية جراحية كبرى ، بعد أن يتوقف الجسد الاجتماعي عن استقبال والتفاعل مع الأدوية والعقاقير ، يستأصل الزوائد الدودية والجراثيم والطفيليات الاجتماعية ، حينذاك يكون الفكر سلاح للثورة ، والثورة ، دون شك ، سلطة ، فوق كل السلطات ، وشرعية تتجاوز وتعلو كل الشرعيات ، وتجبها ، فهي تعبير عن إرادة مجتمعية تنبذ القديم وتتطلع إلى نظام سياسي جديد ، يلبي احتياجات لم تعد النظم القديمة قادرة على الاستجابة لها وتلبيتها ، والثورة قد تكون ثورة سياسية قشرية تستهدف التحول بالنظم السياسية ، وقد تكون ثورة سياسية اجتماعية تستهدف تغير نمط الإنتاج وأساليبه وتغير عوائده ، فأين تقع الثورة المصرية : سياسية أم سياسية اجتماعية ؟ عملية تاريخية كبرى يقودها أطباء التاريخ ، أم إصلاح تدريجي ، يسكن ويجمل القبيح ، الثورة السياسية الاجتماعية أعمق تصل إلى الجذور والأبنية التحتية التي تيبست ، تخلخلها ثم تقتلعها ، فهي تعبير مكثف ، عن تناقض علاقات الإنتاج مع أدوات ووسائل الإنتاج ، والرغبة المجتمعية لحل وتجاوز هذا التناقض ، بصياغة عقد اجتماعي جديد ، يعيد توزيع الثروة " قوة العمل " والسلطة " " المشاركة في الإدارة أو إحلال إدارة جديدة محل الإدارة السائدة " والمعرفة " الثقافة والتعليم والحضارة " والخدمات " الاحتياجات اليومية لجموع السكان والمواطنين ، لقد انطلقت الثورة المصرية في زمن تآكل الدولة وزوالها ، هبت في زمن العولمة ، في زمن زوال الحدود أمام السلع ورأس المال والتدرج في زوال الحدود أمام قوة العمل بضوابط مقيت وبغيضة وعنصرية ، لتنشأ شرعية جديدة تتجاوز شرعية الدولة القومية ، فلا يمكن بناء نظام سياسي ، قابل للحياة ، في إطار الدولة القديمة ومفاهيمها ، السيطرة على المواد الأولية والسوق المحلية والحدود الجغرافية ، فالعولمة في أحد أهم تجلياتها : انتصار للتاريخ على الجغرافيا ، انتصار للإنسان على الحدود الطبيعية الصارمة المقيتة ، انتصار لوحدة الكوكب في إطار ترسيخ حق الاختلاف والتعددية الثقافية والتنوع السياسي ، وقبل التقدم إلى بناء هياكل ومؤسسات للعولمة ، لا بد من تفكيك وتفتيت هياكل ومؤسسات الدولة القومية ، فالتفكيك والتفتيت آلية ثورية للتوسع البشري ، وإعادة المجتمعات إلى عناصرها الأولية ، تقوده الرأسمالية في المراكز ، لتلحق المجتمعات الطرفية ، بوحدة الجنس البشري ، مع إعادة تقسيم العمل الدولي ، احتكار التكنولوجيا صديقة البيئة في المراكز الرأسمالية ، ونقل الصناعات القديمة الملوثة للبيئة إلى أطرافها ، رخيصة قوة العمل ، مع تجريفها من الكفاءات العلمية والفكرية والثقافية والتكنولوجية " التطور اللامتكافئ " ، وهذه احدي عمليات التاريخ الكبرى ، وتضع الرأسمالية العالمية ، في اللحظة الراهنة ، أفريقيا والشرق الأوسط ، نصب أعينها ، وقد بدأت ثورات الربيع العربي بتفكيك السودان ، وفصل جنوبها عن شمالها ، أعقبتها الثورة التونسية الملهمة ، وتفجرت الثورة المصرية ، على هذه القاعدة ، التناقض بين الدولة والعولمة ، التناقض بين الدولة والمجتمع الدولي ، والدولة المصرية ، تاريخيا ، مركزية ، نهرية ، استبدادية ، تؤله حكامها ، الذين ينحدرون من مؤسسة القوة ، ومن كهنة المعابد ، وهما العناصر الأولية للدولة المصرية التي أصبحت متناحرة ، استنفذت أغراضها المجتمعية ، بالسيطرة على النهر وكبح جماحه ، فيضانا وجفافا ، وأصبح الاندماج ، وليس التبعية ، في العولمة ، للانتقال من النهر إلى البحر ، من النهر إلى الصحراء ، من الاستبداد إلى الديمقراطية ، ضرورة مجتمعية ، تنال من طغاة الأمة ومحتكري ثرواتها ، لجأت الديكتاتورية العسكرية إلى المؤسسة الدينية غير الرسمية " الإخوان والسلفيين " والرسمية " الأزهر والكنيسة والأوقاف ، لتكبح جماح الموجة الثورية الديمقراطية ، كي لا تنضج وتتحول إلى ديمقراطية اجتماعية ، تنال من ثروات الطبقات العليا ونهبها التاريخي المنظم ، لتكبح جماح التاريخ ، لكن الديكتاتورية العسكرية التي لا تمتلك عقولا سياسية بل تمتلك رصاصات وبنادق ، اكتشفت ، غرة ، أن الإسلام السياسي كوكبيا وليس وطنيا ، والعولمة التي تناهض الدولة القومية ، لا تنسجم مع أفكارها ودعوتها فحسب بل هي العامود الفقري والنواة الصلبة في دعوتها وأحلامها اليوتوبية ، وقد وقعت رأسمالية المراكز في فخ استدعاء شمولية الدولة الدينية على رأس ديمقراطية العولمة ، استدعاء ماضي الخلافة الشمولية لتقرر مستقبل ديمقراطية العولمة ، فالعولمة من دون ديمقراطية لن تكون ، وما كان أمام الديكتاتورية العسكرية إلا أن تلتقط الخيط ، وتعزف على تناقضاته ، وتفض تحالفها مع الإسلام السياسي ، الذي سرعان ما تفكك وانهار ، وأصيب بالسكتة القلبية ، لتتكلم البندقية ويعلو صوت الرصاص ، ومازالت عناصر الدولة القومية الأولية ، الجند والكهان ، يتصادمون صداما تاريخيا مدويا ، يتقاتلون ، ويتبادلون كرات اللهب ، يحرقون الأخضر واليابس ، ويحرثون الأرض ، دون إرادة منهم ، للعولمة الديمقراطية الاجتماعية ، بمكر وخبث التاريخ وصراعاته الاجتماعية ، التي تهيمن على الوقائع ، وتصوغها ضمن منطقها الداخلي ، وإدراك التباين والاختلاف والمغايرة في مشاريع العولمة وأنساقها المختلفة ، فأين موقع نسق الدولة الدينية ، من هذا التباين ، بين الليبرالية المتوحشة والديمقراطية الاجتماعية ؟ أظن ، وليس كل الظن إثم ، أن الدولة الدينية تمت بصلات ووشائج وطيدة لليبرالية والرأسمالية المتوحشة ، التي تستدعى أسوأ ما في تاريخ البشرية ، من تمييزية عنصرية ، بين الرجل والمرأة ، بين أصحاب الديانات والعقائد المختلفة ، وترسيخ قيم وثقافة العبودية المعممة ، التي تلتصق تماما بجلدة الإقطاع العسكري وديكتاتوريته التي تحول بين الأمة المصرية وعولمة الديمقراطية الاجتماعية . يسقط الشاويش والكاهن والدرويش
#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السكان قنبلة نووية
-
الثورة وقصيدة النثر
-
الاصطفاف الثوري
-
المؤتمر الثوري
-
طريق الثورة ( تنسيقية الثورة )
-
أفول الديكتاتورية العسكرية
-
رسالة إلى القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية
-
الجثة
-
كشف الغمة
-
الحماقة
-
استعادة الثورة
-
الفريسة والصياد
-
العار
-
أسد على ..
-
المقاومة والمصالحة
-
العصيان المدني العام
-
اللجان الشعبية الديمقراطية ( تنسيقيات للثورة )
-
عام على 30 يونيو
-
الذئب الجريح
-
المقاطعة الثورية
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|