باسم الهيجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1307 - 2005 / 9 / 4 - 09:51
المحور:
الادب والفن
قالت : ويحاصرنا التفكير بما هو قائم .. وننسى بكل جوارحنا ما قد نغفل عنه في بناء الجانب الآخر من الرحلة .
قلت : هو الآخر فينا .. وما انفكت عراه عن الالتصاق .. نسيّج ما تبقى من الوقت .. لنشعل فضة في رحيق الياسمين .
قالت : وأشياؤنا ؟
قلت : للناس أشياؤهم .. وللشوارع أشياؤها .. وللهم أشياؤه .. وللقلوب أشياؤها .. وللوطن قيثارته التي لا تنفك تعزف لحن الطريق المؤدي الى باب الشمس .
قالت : والقريبون الغريبون عن أشيائنا ؟
قلت : لهم أشياؤهم وأشلاؤهم .. وشوارعهم لن ترقص بلا شجر .. ولا انتظار على سكةٍ لقطارٍ لم يأتِ بعد .. وقد لا يجيء .. ذلك أن رياح التغيير ينبغي أن تبدأ من الداخل .. من قيثارة تقطعت أوتارها .. من قلب شرده الترحال وما غادر نشيده حين داهمه الطوفان .. من جدار في مدرسة لم يحتفل بالهتافات المحفورة فيه من زمن مكدس .. ولم يحتفل حين جاءته القذيفة المصوبة الطائشة .. فانحنى يقبل الأرض .. ويحتفل معها بالأخضر القادم .
قالت : أللناس أشياؤهم وتضيع أشياؤنا ؟
قلت : وأشلاؤهم المتناثرة تبحث عما يوحد الهم والمشاعر المرتبكة .. ولن تستريح عصافيرهم على حافة الوقت .. سيركضون طويلاً على أرصفة القلق .. تجاه الشوارع التي بلا شجر .. وتجاه المنازل التي لم تشرب الغيم .. وسيعودون بلا تجربة .. بلا فرح .. بلا زهرة ياسمين .. لأنها إطلالة الشمس يا أمي التي لم تعرف اختزال الناس والمدن والمشاعر في زمن الحرب والقهر والجوع المنظم .. لتبقى زهرة الوقت شوكة .. والعصافير سياجاً غارقاً بالدم .. وعتمة الليل طريقاً لفقراء العالم .. ولم تعرف رسم المعايير بلا أشكالها الرائعة ..
قالت : وأنا ؟
قلت : أطلقي فراشاتك تجاه الغابة .. ولا تنطري عودتها .. كي لا تجمع الرحيق على عجل .. ولتصنع التجربة من خلال الممارسة .. وحين تعود .. ستحمل وعداً نابضاً وناضجاً وعامراً بالتجربة .. واصبري .. وهاتي وردك الأبيض كي يأخذ عنابه من دمنا .. ومن له غير أحشائنا النادفة .. وعناوين شهدائنا النازحين إلى الوقت .. حينئذٍ سنلتقي .. ونحمل ما تبقى من أناشيد نحو ميلاد المواسم القادمة .
#باسم_الهيجاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟