استخدام ال CIA اطباء وعلماء النفس في نظام واسع النطاق للتعذيب

طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 10:07
المحور: حقوق الانسان
    

نشرت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان تحليلا طبيا ونفسيا لتقرير لجنة الاستخبارات في الولايات المتحدة بخصوص اساليب الاستجواب التي تتبعها وكالة المخابرات المركزية CIA، وخلص الى الاستتتاج بان اطباء وعلماء النفس لعبوا دورا أساسيا في نظام واسع النطاق للتعذيب وسوء المعاملة التي انتهجتها ال CIA في ظل إدارة بوش.

فقد انتهك المهنيون الصحيون جملة من المعاهدات الدولية والقوانين والقواعد الأخلاقية بما في ذلك اتفاقيات جنيف، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وقانون جرائم الحرب لعام 1996 وقانون نورمبرغ. وفي حالات معينة، يؤكد التحليل ان اجراء البحوث على البشر المنافية لأخلاق المهنة يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.

الدكتور ستيفن سولدز، مدير مركز البحوث والتقييم وتطوير البرامج في كلية بوسطن للدراسات العليا في التحليل النفسي وأحد واضعي التحليل، دعا الى محاسبة علماء واطباء النفس وأولئك الذين قاموا باصدار الاوامر لهم على أفعالهم.

وقال "أنا لا اعتقد بتوفر الإرادة السياسية بمحاسبة هؤلاء، وان التغيير امر صعب بمكان. من الصعب دائما ملاحقة مرتكبي الجرائم من دون شمول اولئك في أعلى المستويات في البيت الأبيض وحتى الرئيس وحكومته."

إن مؤلفي التحليل يعالجون محاولة الحكومة الأمريكية لإعادة تعريف التعذيب بطريقة تحول دون تحمل المسؤولية على جرائم التعذيب. ويتم هذا من خلال رفع العتبات القانونية لمستويات الألم الجسدي والعقلي "المقبولة!" الى المستوى الذي يجعل التعريف عديم المعنى كلية, مما حدى بالتحليل لوصف هذا ك"مهزلة قانونية" التي لا تزال تلعب دورا فعالا في محاولات تبرير سياسة التعذيب الممنهج.

هناك مؤشرات بان برنامج التعذيب أنشئ كجزء من نظام التجارب على البشر لاختبار مستويات التحمل لأساليب وحشية في الوقت الذي تسعى فيه لتأسيس حالة "العجز المكتسب" في السجناء, learned helplessness, وهي الحالة النفسية التي يشعر بها عادة الصابين بمرض الكآبة.

ميتشل وجيسين كانا يعملان سابقا في برنامج خاص انشأته حكومة الولايات المتحدة, هدفه البقاء على قيد الحياة، التهرب، المقاومة، والهروب (SERE)، حيث عكسا هندسة هذه التقنيات من أجل تدريب أفراد الجيش الأمريكي على تحمل التعذيب وسوء المعاملة إذا ألقي القبض عليهم. ثم قاما بتطبيق هذه التقنيات على المحتجزين و كتابة التقييمات النفسية حول نتائج التعذيب، وقاما ايضا بتدريب محققين آخرين في استخدام التعذيب، واصدرا توصيات بالتقنيات الواجب ان تستخدم مع المعتقلين.

منع التجارب على البشر دون موافقتهم يعود الى الحرب العالمية الثانية و بعد الاطلاع على الفظائع التي ارتكبها النازيون. العاملون في المجال الطبي لوكالة الاستخبارات المركزية وثقوا بدقة كل إجراء من أجل الحصول على استنتاجات ممكن تعميمها على التقنيات التي يمكن استخدامها على ضوء التعريف الجديد المفوض به بخصوص أنشطة التعذيب. تعتبر اجراءات التعذيب التي اجراها المهنيون الصحيون التابعون ل CIA جرائم خطرة وتشكل انتهاكا لقانون نورمبرغ.

سمحت خبرة المهنيين الطبيين العاملين في وكالة المخابرات المركزية لهم بالاستمرار في استخدام التعذيب حتى عند تعرض المعتقلين الى ظروف صحية خطيرة. على سبيل المثال, تم تقييد معتقل في وضع الوقوف لمدة 54 ساعة من اجل منعه من النوم، وهو ما تسبب في تورم في رجليه. ولكن مقدمي الخدمات الطبية ل CIA اعطوه حقنة تمنع تجلط الدم ووضعوا ضمادات باردة على قدميه من أجل تقليل التورم, ثم بعدها ازيد الحرمان من النوم إلى 78 ساعة.


يشير تحليل منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان الى إشراف إدارة بوش على اجراءات التعذيب, كما ينتقد إدارة أوباما لفشله في التحقيق ومقاضاة المسؤولين عن هذا التعذيب. تحليلهم يختتم مبينا انه "ليس هناك استثناء لحظر التعذيب بموجب القانون الدولي، أو إلى واجب التزام جميع الحكومات بمقاضاة مرتكبيه. لان الحكومات سوف تزعم دائما بان هناك ظروفا استثنائية تبرر استخدام التعذيب، وخصوصا لكون المزاعم مبنية على اكاذيب."

يؤكد الدكتور سولدز ان الفشل في محاسبة أي شخص يمارس التعذيب يفتح الباب لاستأناف ذلك رسميا في المستقبل. كما أن مزاعم الرئيس أوباما بالتخلي عن ممارسات التعذيب المعلنة لن تكون بالضرورة ملزمة في المستقبل, فقد تم اسقاط العديد من أوامر منع التعذيب سابقا. ففي حين ان التعذيب محظور قانونيا بموجب القانون الدولي والقانون المحلي في الولايات المتحدة، فان هناك القليل من المثبطات لتكرار انتهاكات حقوق الانسان والاستمرار في التعذيب.

في الواقع، في دفاعه عن وكالة الاستخبارات المركزية، يقول مدير وكالة المخابرات المركزية في عهد أوباما، جون برينان، ان استئناف "برنامج الاستجواب المعزز" سيترك القرار ل "صناع السياسة في الاوقات المقبلة عندما تكون هناك ضرورة ضمان امن البلد في حالة مواجهه نوع مماثل من الأزمة"، كما في هجمات 11 سبتمبر.

يؤكد سولدز بان زملائه يحقوقون في اجرءات التعذيب هذه منذ عام 2006, اي في الوقت الذي ظهرت فيه الأسماء الأولى [من علماء النفس المشاركين في التعذيب] ، ولكن "لسوء الحظ كان هذا من دون جدوى"، ولم يواجه الأطباء والخبراء المشاركون في التعذيب أية عقوبة، حتى مهنيا. "أبقت جمعية علم النفس الأمريكية حالة واحدة دون بت فيها في الفترة من 2006 حتى ديسمبر 2013, ولم تقدمها إلى لجنة الأخلاق في الجمعية."

يتحدث سولدز عن تأثير ذلك على مهنة الطب: "كما أن الولاء المشترك بين الطب وشركات الادوية يقوض ثقة الجمهور بالطب، فان التشابك بين الاستخبارات النفسية والاستخبارات العسكرية يؤدي إلى تآكل الثقة ويضر بقدرتنا على تقديم الرعاية الطبية للأشخاص الذين يحتاجون إليها. "

ومن الجدير بالذكر ان احدى منظمات حقوق الانسان في المانيا قد رفعت الآن دعوى قضائية ضد الرئيس السابق بوش ونائبه تشيني ووزير دفاعه رامسفيلد ومسؤولين في ال CIA بسبب اشتراكهم او اشرافهم على اعمال تعذيب.

المصادر
1-http://www.wsws.org/en/articles/2014/12/19/phra-d19.html
2- http://www.democracynow.org/2014/12/19/should_bush_and_cheney_be_tried
3- http://www.democracynow.org/2013/1/30/ex_cia_agent_whistleblower_john_kiriakou

#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات