أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نزال - هل يمكن تفسير السلوك الحضارى عبر انماط التفكير ؟














المزيد.....

هل يمكن تفسير السلوك الحضارى عبر انماط التفكير ؟


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 4667 - 2014 / 12 / 20 - 12:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كان هذا السؤال من الاسئلة التى وجهت لنا كمجموعات عمل اثناء الدراسة فى اوائل تسعينيات القرن الماضى . و هو من الاسئلة التى كانت تشغلنى (و لم تزل ). ما الذى يجعل مجتمعا ما متحضرا اكثر من الاخر .و اية عوامل تسبب فى تحضره او تخلفه . و ان فهمنا العوامل كيف السبيل الى التقدم . بعض الدراسات الانثروبولوجية القديمة كانت تفسر نشوء الحضارات او ضعفها بمسالة المناخ.اى ان الحضارات فى البلاد الباردة اقوى منها من البلاد الحارة, حيث يميل الانسان الى الكسل وفق هذا التفكير, بينما يكون الدماغ اكثر نشاطا فى اجواء البلاد الباردة . و من السهل نقض هذه النظرية لانها لا تفسرمثلا اسباب صعود حضارات فى بلاد حارة مثل الهند او الصين مثلا .و هناك نظرية الدكتور ريتشارد نسيت حوا العلاقه بين الطعام و الحضارة و تحديدا عن سلوك اكلة القمح و اكلة اللارز حيث يرى ان اكلة الارز يعنون اكثر بالتفاصيل على حساب الجوهر على عكس اكلة القمح .و ايضا النظريات الاجتماعية , مثل نظرية ماكس ويبر الذى ربط فيها بين تطور الراسماليه التى ارتبط بها التطور الصناعى, و المسيحية البروتستانتيه.

.و قد كتبت يومها دراسة مقارنة بين ثقافة العمل الشاق و (التوفير) فى المجتمع البروتستانتى, التى ادت حسب فيبر الى تراكم راس المال , و مجتمع السيخ فى الهند الذى هو ايضا شكل نوع من ثورة(بروتستانتيه) ضد الهندوسيه و قلل الى حد كبير من هيمنة الاله معطيا مساحة اكبر للفرد فى الخلاص الانسانى.. و الدراسة ما زالت عندى لكنها ضائعة فى غابة الاوراق و الكتب فى المستودع حيث بات نوع من الحلم ان اجدها مع عشرات الدراسات و الاوراق الضائعة هناك .

هدفنا هنا ليس الدخول فى تعريف ما نعينه بالحضاره لانه موضوع طويل, و معقد. لكن فى النهاية, و بغض النظر عن تعريفات المدرسة الامريكيه او الا لمانيه فى هذا الصدد , فان الحضارة على راى المفكر الجزائرى مالك ابن نبى حصيلة اجتماع عوامل ثلاثة .الانسان و المكان (التراب ) و الوقت.
و انا اعتقد ان طبيعة المجتمع العربى ذات التكوين العشائرى تلعب دورا مهما فى احباط التطور الحضارى .ففى هذا المجتمع لا يوجد مكان للفرد الا ضمن اطار المجموع .فهو مثل حبات الرمل لا قيمة لها الا فى مجموع الرمل كله .و لذا فهو هناك غياب للفرد و طغيان للمجموع .و الانسان لا يترقى فى المكانة فى هذا المجتمع الا من خلال الارتباطات مع العائلة او الطائفه او القبيلة.و لذا نلاحظ مثلا ان نسبة العصاميين , اى الذين يعتمدون على انفسهم فى التقدم فى الغرب اعلى بكثير من الشرق. و السبب فى نظرى ان الفرد لا سبيل له بالتقدم الا عبر جهده و قدرته على العمل الشاق الذى هو السبيل الوحيد لتقدمه .

و اعتقد ان نمط التفكير الشرقى هو نمط السياق و التفاصيل و ليس نمط الجوهر. و قد لاحظت هذا الامر مرارا من خلال حوارات و مناظرات و حتى فى الاحاديث اليوميه .انه نمط يغرق فى السياق و فى التفاصيل الى درجة كبيرة. و بالتالى يفقد القدرة فى التفكير فى جوهر المشكلة .و انا بصراحة اعتقد ان قسما لا باس به من المصائب السياسية التى عانتها بلادنا هو بسبب هذا النمط من التفكير التى يغرق فى تفاصيل غير ضرورية غاليا ما تكون على حساب جوهر الموضوع .

دعنى اعطى هذا المثال من الحياة الاجتماعية. لنفرض ان شابين اراد كل منهما الذهاب الى العمل فى يوم بارد جدا .الشاب رقم واحد وجد نوعين من الجوارب كل واحد بلون .و ذات الامر ينطبق على الاخر.انا ارجح ان الشاب الذى سيضع فى قدميه جوارب من لونيين مختلفين هو الغربى لان همه ان تكون قدميه دافئتين لا اكثر. و اعتقد ان الشرقى سيتاخرعن العمل , و هو يفتش عن جوارب بلون واحد. هذه النتيجة فى راى تعكس نمط تفكير.المهم فى ارتداء الجوارب هو الدفء و ليس اللون, و الجوهر هو تقديم اولويه الوصول الى العمل فى الوقت المناسب . و ان فهم الامر كذلك فلن يعود الشكل مهما . كما ليس مهما ما يقوله الاخرون .طبعا يمكن لنا ان نلتقط الكثير من الامثلة من الحياة اليوميه التى تظهرلنا ان العقل الشرقى يغرق فى التفاصيل الشكليه التى ليس علاقه بجوهر الامر .

و هذا الامر يضعف فكرة السببية فى التفكير.و معرفه السببية يكمن فى معرفة الاسباب المؤدية الى ما حصل .و الاغراق فى السياق و التفاصيل يعيق ذلك .بل ينشط الخيال فى خلق مبررات من نظرية المؤامرة و سواها ممن لا علاقه لها بالسببيه او تحليلا الواقع كما هو .
قرات مرة انه عرضت على اناس من نمط التفكير الشرقى و الغربى صورة لقطار و باص و سكة حديد. و طلب من الجميع ان يذكروا امرين مترابطين فى الصورة.جماعة التفكير الشرقى ربطوا بين القطار و الباص و هو امر صحيح كون الاثنين وسيلة للنقل .اما جماعة النسق الغربى فقد ذكروا القطار مع سكة الحديد حيث العلاقه السببيه.



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المهاتما غاندى الى سور الصين العظيم, الانسان هو القيمة ال ...
- اوروبا و الدور المفقود!
- الصهاينة و عقلية الكذب بلا حدود !
- مجتمع الهذيان الاسرائيلى !
- حرب 1948 لم تنتهى!
- المطلوب الان تديين الاسلام, بعد كوارث شعار اسلمة السياسة
- من قانا الجليل قيامة فلسطين الجديدة!
- فى ذكرى تاسيسه التسعين الحزب الشيوعى اللبنانى الى اين؟
- الهستريا الاعلامية المصريه ظاهرة مرضية !
- فى غرفة انتظار الطبيب !
- لا بد من ثورة عربيه ثانيه!
- المطلوب فلسطينيا الحذر الشديد فى هذه المرحلة!
- تلك هى حكاية الانسان
- تاملات فى الذكرى الرابعة لرحيل امى(1)
- الفكرة القاتلة !
- حول مسألة السعادة و هل يمكن قياس السعادة لدى البشر؟
- حول صناعة الصور النمطية؟
- بانتظار وصول الميت! مسرحية من فصل واحد
- اشكالية الصورالنمطية!
- لا مناص من الخلاص من عقلية القبيلة!


المزيد.....




- العلماء يكتشفون سر -اليوم المثالي-
- السلطات المصرية تغلق عيادة ابنة أصالة نصري
- في أول خطاب له منذ رحيله.. بايدن ينتقد إدارة ترامب
- عصير فاكهة يخفف من التهابات القولون التقرحي بنسبة 40%
- آبل تطور نماذج جديدة من نظارات الواقع الافتراضي
- -مفاجآت تعكس أرفع درجات الكرم-.. سيئول تشيد بتعامل الشيباني ...
- دراسة تحذيرية.. خطر حقيقي في مراتب نوم الأطفال يهدد نمو أدمغ ...
- نائب أوكراني يدعو ترامب للتحرك فورا ضد زيلينسكي قبل -تقويض م ...
- هيئة بحرية بريطانية تبلغ عن تعرض إحدى السفن لحادث اقتراب مشب ...
- أشعة CT تحت المجهر.. فوائد تشخيصية مقابل مخاطر صحية محتملة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نزال - هل يمكن تفسير السلوك الحضارى عبر انماط التفكير ؟