أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - من الماركسية الى النظرية النقدية















المزيد.....

من الماركسية الى النظرية النقدية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4666 - 2014 / 12 / 19 - 10:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




( ان تجاوز الماركسية لايعني نفيها نفيا مطلقا وانما نفيها نفيا ديالكتيكيا , يحتفظ بافضل مافيها وينتقل بها الى طور جديد من اطوار الفكر الانساني ).

( ان النظرية النقدية عند هامبرس هي اكمال المشروع النظري لمدرسة فرانكفورت ).

الفيلسوف السوداني د. هشام عمر النور : رئيس قسم الفلسفة في جامعة النيلين , ومؤلف كتاب ( تجاوز الماركسية الى النظرية النقدية ).

سقوط الحتمية التاريخية

تقوم نظرية المعرفة الماركسية ,بحسب د . هشام عمر النور في كتابه : ( تجاوز الماركسية الى النظرية النقدية ) – ط 1 – 2012 – رؤية للنشر والتوزيع ,على فلسفة الهوية والتطابق Theory of truth correspondence , فالحقيقة تصور مطابق للواقع ,لذا فانها تستند على التقابل بين الذات والموضوع, فالتصور ينشا في الذات لكنه يجب ان يكون مطابقا للواقع , اي لموضوع ما . لذلك فان نظرية المعرفة الماركسية تقوم على منطق ثنائي يجعلها تتسم بالدوغمائية ,فالمعرفة اما ان تكون صائبة او خاطئة , ذاتية او موضوعية . وقد اختارت الماركسية لنفسها ان تكون دائما صائبة وموضوعية وكلانية مطلقة .

ان فلسفة الهوية في الماركسية سمتها التقابل بين الذات والموضوع , وهو تقابل تنتج عنه ذات عارفة وفاعلة في العالم , اي الذات المسيطرة ( الذات الغائية ) .ان فلسفة الهوية في الماركسية استندت الى العلم الطبيعي وجعلته المثال والنموذج لهذه المعرفة . واذ كنا نفسر سيادة العلم الطبيعي بدقة نتائجه وبداهتها ,فان هذه الدقة والبداهة ليست سوى معيار صحة الهوية وصحة اساسها الذي يقوم على التقابل بين الذات والموضوع ودليل على سيطرةالعلم الطبيعي على موضوعه , وافرز هذا الموقف مابات يعرف في الفلسفة بالعقل الغائي او الاداتي , والعقلانية الغائية او الاداتية , وهي عقلانية تحشد الطبيعة والبشر والمعرفة كوسائل وادوات لتحقيق غاياتها , وهو مايعبر تمام التعبير عن السيطرة .

هكذا انتهت الماركسية الى كونها نظرية محافظة للسيطرة بدلا من ان تكون نظرية للتحرر .
تتشابه نظرية المعرفةالماركسية مع النظريات القائمة على فلسفة الهوية والتقابل بين الذات والموضوع كفلسفة هيجل او كانط ..
يؤكد د . هشام عمر النور ( ان انتصار العقل لم يؤدي الى عصر من الحرية وانما الى سيطرة القوى الاقتصادية والادارات المنظمة بيروقراطيا ) .وبهذا المعنى فان الاشتراكية كالراسمالية تماما لاتعني سوى نظاما للسيطرة في الاقتصاد والسياسة والقوة والاعلام وغيرها من المجالات .وهذا بسبب سيطرة العقل الغائي والعقلانية الغائية .

ان الازمة في نظرية المعرفة الماركسية عالجتها النظرية النقدية والتي وصلت الى قمتها عند الفيلسوف هابرماس في تحول فلسفة الهوية الى فلسفة اللغة , حيث عالجها من ناحية انثروبولوجية اللغة ,حيث تحولت العلاقة بين الذات والموضوع الى العلاقة بين الذات والذوات الاخرى ( التذات ) Intersubjectivity ونتج عن ذلك العقل التواصلي والعقلانية التواصلية بدلا عن العقلانية الاداتية , وتم استبدال علاقة السيطرة بالاجماع الذي يقوم على المداولة والحوار والتواصل . واصبحت الحقيقة ليست التصور المطابق للواقع , وانما التصور الذي يقتنع بحججه المشاركون في الخطاب , وحل المنطق المتعدد بدلا من المنطق الثنائي .وصار للديمقراطية اساسا فلسفيا ومعرفيا . وهذا اول التحولات المعرفية والنظرية التي تستدعي تخطي الماركسية الى النظرية النقدية والتي تحافظ على افضل منجزات الماركسية .

ان ثقافة النسق , وثقافة القطيع ,عند احزاب الاسلام السياسي وعند جميع الاحزاب الشمولية تقوم على فلسفة الهوية .ان ثقافة الانساق لاتقوم على العقلية التواصلية والحوار , بل على السلطة والمال , لهذا لاتكون احزاب الاسلام السياسي بقادرة على تطوير نفسها وفكرها ولا تقبل التعددية والحوار وحق الاختلاف وترفض الديمقراطية . وهنا يتطابق الفكر الماركسي مع الفكر الديني في مفهوم الحتمية ونهاية التاريخ القائم على مسار خطي متصاعد يفضي الى انعدام الطبقات في الماركسية واقامة المجتمع الشيوعي ,والى سيادة الحكم الالهي في فلسفة الاديان في نهاية التاريخ وتحقيق العدالة الاجتماعية في دولة المسيح والمهدي المنتظر لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين .

لقد حاولت الماركسية توحيد قوانين الديالكتيك في الطبيعة كالفيزياء وفي العلوم الاجتماعية والانسانية , وتصورت ان تطور المجتمعات البشرية يسير بصورة دالة خطية مستقيمة الى الامام, وان هذا التطور سيفضي حتما الى انتصار الاشتراكية .

لقد استخدمت الماركسيىة العلم دوما لاثبات صحتها ولتاكيد اسبقية المادة على الوعي , وتحددت بناء على ذلك بانها فلسفة مادية , وبالمقابل قام خصومها بنقد الفلسفة الماركسية بالاستناد الى النظرية النسبية ونظرية الكوانتوم .حيث تظهر هاتين النظريتين انه لايوجد جوهر للمادة او هوية ثابتة لها .

ان تحول نموذج الفلسفة من العلاقة بين الذات والموضوع الى العلاقة بين الذات والذات ,يفتح الفلسفة على عالم تعددي تواصلي حيث لم يعد هناك ذاتا خالصة ولا عقل خالص , سواء على نطاق الطبيعة او الانسان , وهذا مااثبتته النظرية النسبية ونظرية الكم .ان العقل التواصلي يتبع مجرى تطوره الخاص , وهذا يعني ان الصراع الطبقي لم يعد المحرك الاساس للتاريخ .

ان المجتمعات مثل الافراد يخضع وعيها لعملية تطور معرفية اخلاقية . وان مستوياتها الراهنة من التعلم هي التي تنعكس في بنيتها الاساسية وقيمها . لذلك لايمكن ان يكون تطور المجتمع رهنا بتطور القوى المنتجة في صلتها بعلاقات الانتاج . اذ ان علاقات الانتاج تنتمي الى مجال اخر له مجرى تطوره الخاص الا وهو مجال الفعل التواصلي .

ان الانتقال الى النظرية النقدية يفتح المادية التاريخية على مسارات جديدة في التعدد .
ختما يؤكد د . هشام عمر النور على انه على اساس هذه التعددية والاختلاف انفتحت المادية التاريخية على التعدد وتحقق المشروع النظري للنظرية النقدية . وبسبب هذه التعددية تفكك ماكان يعرف في الماركسية بالتناقض الاقتصادي والذي يجمع بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج واصبح كل من عنصري التناقض هذين ينتمي الى مجال مختلف عن المجال الذي ينتمي اليه العنصر الاخر , فالاول ينتمي الى مجال العمل بينما الثاني ينتمي الى مجال التفاعل الاجتماعي . وكل منهما ينتمي الى عالم مختلف وعقلانية مختلفة ومنهج معرفي مختلف . وبذلك لم تعد العلاقة المكونة بينهما لما يعرف بالتناقض الاقتصادي هي العلاقة المحددة للبناء الاجتماعي وللصراع الطبقي كمحرك للتاريخ في حتميته وانما صار تطور كلا منهما في عالمه المختلف . يسهم في تاسيس مجال منطقي يسمح ببناء عدد من اشكال التنظيم الاجتماعي , احدها يعبر عن التحرر الانساني .وهذا يعني ان الصراع الطبقي لم يعد وحده المحرك للتاريخ وانما المجتمع كله .

ان النظرية النقدية لاتتصف بالوضعية لانها لاترى في الانسان منتجا فقط يشتغل على العلم بالمعنى الحرفي للكلمة , وانما ترى فيه ماهواهم وهو قدرته على التواصل مع الاخرين . وبانفتاحها صارت المادية التاريخية عند هابر ماس نظرية للحداثة هي نفسها نظرية للتحرر .. فالمجتمعات القديمة لم يحدث فيها اي تمايز لاي نسق من الانساق لذلك فهي مجتمعات بسيطة .. بينما المجتمعات التقليدية حدث فيها تمايز لنسق السلطة ( الدولة ) ولذلك نجد ان المجتمع التقليدي ينتظم كله حول هذه السلطة , اما المجتمعات الحديثة فقد تمايز فيها كل من نسق السلطة ونسق الاقتصاد ( السوق ) عن عالم الحياة , ولذلك اصبحت العلاقات في هذه المجتمعات علاقات معقدة ومركبة , تحاول فيها قوى السيطرة تغليب منطق الانساق , منطق السلطة والسوق الذي هو منطق العقلانية الاداتية ,بينما تحاول قوى التحرر الانساني تغليب منطق عالم الحياة , منطق العقلانية التواصلية , منطق الاجماع والحرية والمساواة والعدالة والاخاء والديمقراطية وحقوق الانسان .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابك الخرمي وثورته المشاعية
- نافذة في زمن الغفلة والفكر
- الخمر واشكالية تحريمه في الاسلام
- بناء الذات بين النجاح والفشل
- قلق وجدل فكري
- تشابك الازمات وتعقيداتها
- العبودية في بابل واشور
- الحياة الاجتماعية والاقتصادية في بابل
- الملك حمورابي وعلمانية الدولة البابلية
- قراءة في كتاب ( فن الاصغاء للذات )
- تحقيق التنمية والاصلاح والديمقراطية والحداثة
- تطور دماغ الانسان
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 5
- الازمة البنيوية للاحزاب الشيوعية في العالم العربي - ج 2
- الازمة البنيوية للاحزاب الشيوعية في العالم العربي - ج 1
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 4
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 3
- لننتصر للشاعرة ميثاق كريم الركابي - ج 2
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح -ج 2
- لننتصر للشاعرة ميثاق كريم الركابي


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - من الماركسية الى النظرية النقدية