العدل بين الإنصاف والتشفي

‎مراد الخشناوي

الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 16 - 22:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نّ نظرة واحدة يلقيها المرء على البشاعة والهول الّذي تتسبّب به بعض الجرائم للضحايا يجعلنا نفكّر مليا في مقولة العدل، ويمكن القول أنّ العدل يقع بين كفّتين، ولكي يتحقّق يجب أن يحدث التوازن بينهما، أمّا الكفّة الأولى فهي تتعلّق بالجاني وهي ضرورة التكفيرL’expiation ودفع الخطأ بالعقاب، والكفّة الثّانية هي محور الصّفح أي إمكان صفح عن الجلاّد رغم ما اقترف أو انصافه بعدم التشفي، لأنّ الإنسان خطّاء بطبعه وتتقاذفه نوازع الشرّ والجريمة، يخضع أحيانا لأهوائه و ميولاته، فإنّ العلاقة بين الجلاّد والضحيّة لكي لا تصبح مبنيّة على حب الإنتقام والتشفي يجب أن يتوسّطها طرف ثالث. هذا الطرف هو القاضي، الّذي يجب أن ينصف الطرفين بما يتعارض مع كلّ إحساس بالضغينة أو الكراهيّة والتشفي. وقد لا نجد طرفا ثالثا في العلاقة بين الجلاّد والضحيّة إذا وجد الإحساس بالشفقة من لدن الضحيّة ووقع الصّفح.
إنّ ما يطرح مشكلا أساسيّا في الفلسفة كون الشرّ ليسا جوهرا في الإنسان ولا ماهيّة، في حين أنّ الإنسان يقدم على فعله نتيجة خضوعه لأهوائه ورغباته، أو نتيجة استعماله السيّئ للحريّة، وما دام الإنسان خيّر وينزع أحيانا للشرّ فإنّه يجب علينا مكافحته كما يقول كانط.
La mal radical ne peut être une propriété nécessaire de notre nature ce doit être un penchant acquis » .
لكن كيف يمكننا مقاومة الشرّ وإرساء العدل ؟ وما هي الآليات الكفيلة بذلك ؟ هل بالإنتقام وردّ الضّرر بضرر مثله ؟ أم بالإنصاف والمعاقبة دون التشفّي ؟. المعاقبة إذن حقّ وواجب بل هي تعبّر على قوّة العدل La loi penal est impératif categorique".هذا ما أقرّه كانط، وبالتّالي فإنّه يجب على المجرم أن يكون واعيا أنّه خضوعه لقانون المعاقبة هو نفس خضوعه أو طاعته للقوانين الأخلاقيّة الّتي نبعت من إرادته وعقلها العملي La punition est une fin en soi comme l’obeissance a la loi morale »" .وبالتّالي فإنّ كل من اقترف جريمة يجب أن يلزم نفسه إلزاما بضرورة المعاقبة كشرط أساسي لإحترام القانون والعدل من ورائه Pour la crime qui tu a commis exige toi-même que tu sois punis » .وقد صرّح كانط صراحة في كتاب نقد العقل العملي" أنّ المعاقبة إنّما تعبّر ضرورة على العدل "
Tout châtiment comme tel doit donc être en premier lieu la justice » .يرى كانط أنّ المجرم هو الّذي اختار بكلّ حريّة تصرّفه، وهو بحرّيته مسؤول ويجب أن يجازى عمّا فعل.

#‎مراد_الخشناوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات