محمد عبد الله دالي
الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 15:24
المحور:
الادب والفن
الدعاء الأخير
حَمَلَ تاريخه على ظهرهِ ،وهو يأمل أن يفيً ولو بجزء يسير لهذا التاريخ ، الزاخر بالتضحيات الجسام . تعلق طفليه بأطراف ثيابهِ ،أما زوجتهُ كانت تردف بيمينها طفلها الصغير،كان القلق والخوف على زوجها والطفلين قد شتت من تفكريها.
كان همه الوحيد أن يصل بهم إلى بر الأمان ،وكان هناك في الجانب الأخر من الشارع رجل يناديه بصوت عالٍ :ــ
ـــ إسرع إن القصف اخذ بالازدياد وكاد يصل إلى المنطقة ،وأنت الوحيد الباقي في الشارع ، لكن احذر ،إن هناك قناص على البناية المقابلة لكم .
وقف لحظه يتأمل الشارع ويصغي لصوت انفلاق القنابل ،وهو لا حول له ولا قوة ، إلا بالخروج من المنطقة ،عزم على العبور ،نادي عائلته بالإسراع لعبور الشارع .انساب صوت دافئ إلى سمعه قائلاً :ـ
ــ أسأل الله أن يحفظك من كل سوء ،ويحفظ عائلتك اللهم آمين .قبل اليدين التي طوقت عنقه .هرول مسرعاً وعبر الشارع وهو مؤمن أن حياتهم في الجانب الآخر من الشارع ،أحس بلسعة حارة في ظهرهِ دون أن يلتفت لأيٍ شيء سوى انه أحس بخدر في جسمه وهدوء تام وبرودة واسترخاء بمن يحملها ،وعندما وصل إلى بر الأمان ناداه أحد الأشخاص ،قف في مكانك وانزل ماتحمله بهدوء عن ظهرك استغرب الطلب ،قاموا بمساعدته ،وانزلوا حمله ،جفل عندما رأى سيل الدماء على ظهره وإن أمه قد غابت عن الوعي لأن رصاصة قد اخترقت ظهرها واستقرت في ظهره وأحدثت ألما قرب العمود الفقري دون ان تخترقه .
سادهم صمت ودهشة لما حدث ،انحنى عليها قبلها على جبينها قائلاً : ــ
ـــ حملتني في بطنها صغيراً وحمتني وأنا كبيراً ،وطلبت بدعائها من الله أن يحفظني وعائلتي من كل سوء ،وها هي تستشهد بين يدي وهي تحميني من قناص غادر .لله درك أيتها الأم ،انك أم عراقية بحق ,بل انك أمُ لكل عراقي ،يدافع عن وطنه وشرفه .احتضنها وأجهش بالبكاء .
الكاتب والقاص
محمد عبد الله دالي الرفاعي في /15/12/2014
#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟