أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - هل كان ماركس شيوعيا؟















المزيد.....

هل كان ماركس شيوعيا؟


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 15:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



طبيعي ان يعاني من يضعون نظريات تنسب لهم من بعدهم، من مشكلة نسبة انفسهم لانفسهم في حياتهم، لم يكن لفرويد ان يقول عن نفسه بانه "فرويدي"، اولماركس ان يقول بانه "ماركسي"، وبما ان ماركس اكتشف الطريق "العلمي" للشيوعية، فلقد اعتبر من قبل ذاته، ومن قبل الاخرين " شيوعيا". اكثر من ذلك، فان ماركس توج كمؤسس الشيوعية، واكثر من سواه شيوعية، قياسا لكل من نادوا في السابق وعلى مر التاريخ بالعدالة.
هذا الانطباع، او حيازة الصفة بامتياز، لايخلو من قوة عامل يتعدى ماركس ونظريته، الى حضور الغرب الحديث ونهضته، وقوة اثره على المفاهيم والافكار عموما، فالشيوعية الحديثة هي منجز غربي حديث، بما انها اوجدت من بين مااوجدته بنية"نظرية"،تكرس مفهوم الحداثة الاوربي المعاصر. وماركس ظل يؤكد ذلك حين اعتبر من كانوا قبله من المتعاملين مع التاريخ، هم مفسرون، مانحا نفسه صفة "المغيّر" الحديث بامتياز اوربا الناهضة، الامر الذي تم قبوله من قبل متبني الغرب والراضخين لمفاهيمه، من دون الانتباه لاحتمالات ان تدخل نظرية ماركس، ضمن غيرها من وجوه تكريس الهيمنه المفهومية الغربية على العالم.
ونحن نعرف بان تخريجات، " نظرية" اجريت فيما بعد، افضت للتملص من سطوة المفهومية تلك، فاللينينية، والماوية، وحتى الاشكال اللاحقة من تنظيرات يسار امريكا اللاتينيه، وممارسات ثوارها، اعادت للخصوصيات المناطقية حضورها داخل الفضاء الماركسي، مع انها لم تتمكن من معارضة الطابع التسلطي المفهومي للماركسية الاوربية علنا، ولم تكن قد اكتشفته ادراكا، وبالاساس لم يظهر في حينه مايبرر التساؤل، فيما اذا كانت الشيوعية الحالية، هي شيوعية اوربا التي وضع نظريتها ماركس، ام ان الشيوعية نموذج، وحالة، ومثال اخر. ولماذا لاتكون الشيوعية مثلا هي القرمطية، او مجتمعات اللادولة في امريكا اللاتينية، او استراليا، او مناطق اخرى، منها امريكا الشمالية قبل الغزو الاوربي.
بالنسبه لماركس، تندرج الامثلة المذكورة ضمن عالم وتجليات الشيوعية البدائية، وهو لم يكلف نفسه مشقة البحث في كونها نمطا للدولة والتكوين الاجتماعي، مكتف بذاته، ذلك لانه مهتم بفرض شكل متعال و "استعماري"، على المستوى المفهومي، لصالح نظريته التي هي ليست الشيوعية حصرا. فشيوعية ماركس شيوعية اوربية وغربية حداثية فقط، وماركس ليس شيوعيا بقدر ماهو ماركسي. واذا كان شيوعيا اوربيا، فليس من المؤكد ان شيوعيته هي الحقة، بمقابل الشيوعية التكوينية.
لقد رهنت الماركسية التاريخ ب"الصراع الطبقي" كمحرك، وفي المخطط الذي اعتمدته "المادية التاريخية" ترد الشيوعية على مرحلتين، "بدائية" اولا، و " شيوعية علمية" عند نهاية المطاف، وفي المخطط المذكور، يكره العالم على قبول اليات لاتتوفر في اغلب التواريخ والبنى الاجتماعية الانسانية، فالملكية الخاصة وصراع الطبقات، ليس حالة حتمية بشريا وحضاريا، والشيوعية البدائية التي يفترضها ماركس وانجلزكمفتتح للمراحل، لم يدقق فيها، وهي صورة قدمت ايديلوجيا، فالمشاعية البدائية الاوربية، هي حالة ماقبل "الإجتماع"، وليست مرحلة، فاوربا تقفز تاريخيا، من ماقبل التشكل الاجتماعي، الى المجتمع التمايزي بفعل طبيعة العملية الانتاجية هناك، في حين تكررت المشاعية في تاريخ العراق خلال دورتين حضاريتين، الدورة الاولى السومرية البابلية، وتمثلت بثورة كوراجينا 2355 قبل الميلاد، وفي الدورة الثانية العباسية، بظهور القرمطية، وقيام دولة تشاركية في ارض السواد، استمرت ل105 اعوام، وفي الحالتين كان ظهورهما تكوينيا بنيويا مجتمعيا، وليس طبقيا، اي انه ينتمي لعالم "اللادولة"، الذي هو نموذج حضاري شائع، جرى الاصرار على طمسه على مر التاريخ، لمصلحة نموذج الدول القاهرة التمايزية، الغالبة.
يرهن المخطط الماركسي حركة التاريخ، لتتابعات تفضي لانتهاء الصراع الطبقي، ومايعتبره هدفا نهائيا للوجود الاجتماعي الانساني، سبق ان تحقق واقعيا في اكثر من مكان على وجه الارض، وهو يمكن ان يوحي بسردية اخرى حول المآل الاجتماعي البشري، قد لاتطابق، او انها لاتطابق بالمرة، المخطط الماركسي، ذلك لان الرؤية الاوربية المحتكمه لاليات "علمية" و"ديالكتيكية"مفترضة، اسبغت على التصورات المستقبلية، طابعا حتميا ضيقا، مع انه لاشيء يؤكد صوابيتها، او كونها بالفعل قابله للتحقق كما هو مرسوم لها.
وتبدو التحولات الوجودية الانسانية، اكثر غنى وثراء بما لايقاس، مقارنه بمنظور ماركس الذي يمكن معاملته على انه وصفة مسبقة، لعالم في حالة تغير وتشكل مستمر، لايمكن حصره بصيغة نهائية، مايجعل مسالة الشيوعية في العالم، اوسع مدى بكثير من تصور ماركس الضيق، والاوربي العلموي، كما يجعل من مسالة موقع الشيوعية واحتمالاتها، او وظيفتها التاريخية، بحاجة الى اعادة نظر تشمل المسارات التاريخية الكوكبية، مع نزع صفة الكمالية الاوربية، او تلك النزعة المؤسسة على افترض بلوغ البنية الاوربية القمة تشريحيا، مايترافق مع افتراض صوابيتها المطلقة، او كونها الحكم الاعلى لكل مايتعلق بالتاريخ والوجود الحضاري.
لم يكن ماركس "شيوعيا"، بقدر ماهو ماركسي، ومؤسس حداثي لنظرية الشيوعية في المرحلة البرجوازية الراسمالية من تاريخ اوربا، مع ان هذا الموضع تحديدا، يمكن ان يكون الاقل صلة بالشيوعية عالميا، كما انه الاكثر بعدا عن احتمالاتها، وهو ماشهدناه واقعيا، فماركس ظل يعتقد بان اوربا الاكثر كمالا من حيث النمو والتكامل الطبقي الاجتماعي والانتاجي، وانها الاكثر اهلية للانتقال للاشتراكية، مع انها لم تعرف مثل هذا الانتقال اطلاقا، وسارت باتجاهات لاتوحي باي اقتراب من تصوراته بهذا الحصوص، بينما اتخذت بعض البلدان الاقل تطورا بما لايقاس، المخططات الماركسية، وطوعتها لاغراض بدت "اشتراكية" ارادوية قسرية، انتهت الى راسمالية، مافتح الباب خصوصا بعد زوال الوهم، وانهيار الاتحاد السوفياتي، على الحقيقة الاصلية، او الخديعة المتمثلة ب " شيوعية" اوربا الحداثية الماركسية. واعاد فتح الباب امام الافق الشيوعي الاشمل، وبالاخص العودة الى الشيوعية التكوينية وتجلياتها الراهنة، ك "مجتمعات لادولة".
لكي يصبح ماركس "شيوعيا"، يتعين عليه ان ينزع عنه طابع نظريته الحتمية البرجوازية، وان يغير كليا تصوره للاليات الشمولية الكامنة في قلب التاريخ، من دون التمسك بالمركزية الاوربية، او افتراض استحالة تجاوزها، وعبورها مستقبليا، ناهيك عن عدم استبعاد احتمال ظهور مراكز توليد لمسارات تشاركية لايكون مكانها اوربا، فالاحتمالات المستقبلية العالمية، قد تكون مذهلة من حيث ماتوحي به، او تستدعيه من مسارات وتحولات، بما في ذلك فرضية الموقع المحرك او القيادي، كذلك يجب التخلص من تقديسية مفاهيم "الصراع الطبقي"، و"المادية التاريخية"، او "عولمتها"، بما يشبه تسلطية استعمارية، نافية لغيرها من الاحتمالات.
من هنا ينبع التساؤل اليوم وفي ظل ازمة الشيوعية الحتمية الاوربية، ومدرستها، او صيغتها الماركسية، حول الفرق، بين "الشيوعية" و" الماركسية" باعتبارهما مفهومان متمايزان، فماركس بالاحرى ماركسي،اما كونه شيوعيا، او لا، فذلك امر خاضع للبحث، ويحيط به شك مبرربقوة.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركسية عربية لمابعد ماركس
- في طريق اعادة بناء الحركة التشاركية - الشيوعية - العراقية / ...
- في طريق اعاد بناء الحركة التشاركية - الشيوعية - العراقية/( 1 ...
- في طريق اعادة بناء الحركة التشاركية -الشيوعية- العراقية 2م2 ...
- على طريق اعادة بناء الحركة التشاركية - الشيوعية- العراقية 1/ ...
- كتابنا يجبر الحزب الشيوعي العراقي على الاحتفال ب- انتفاضة ال ...
- مابعد العثمانية ومابعد الغرب
- هل من صراع تاريخي داخل-الوطنية العراقية- اليوم؟: الهزائم الك ...
- هل من صراع تاريخي داخل -الوطنية العراقية-اليوم ؟1/2
- انشقاق 1967 في الحزب الشيوعي العراقي: التكرار ام الانتظار
- لمناسبة قرب صدوركتابي عن - انتفاضة الاهوار المسلحة في جنوب ا ...
- من يتحمّل مسؤولية فشل وهزيمة المشروع الوطني العراقي الحديث؟
- التساؤلات التي لاتطرحها قوى العلمانية العراقية على نفسها؟
- صراع مجتمعي بدل الطبقي.. ابراهيمية جديدة بدل الماركسية
- في مفهوم- الراسمالية الزراعية- والكيان المركب ؟؟؟؟؟
- مابعد المحمدية: الابراهيمية تنقلب وتتجدد
- الماركسية ماتت لكنها لم تدفن
- العربية والإسلامية: مقاومتان بمنطقين متعارضين
- معركة الشرعية والمؤتمر التأسيسي العراقي
- حرب المتغيرات الكبرى: أميركا ومعضلة تدمير الدولة العراقية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - هل كان ماركس شيوعيا؟