أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - كيف ينام الإمام الأكبر؟!















المزيد.....

كيف ينام الإمام الأكبر؟!


هبة عبده حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 13:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخبار الانتحار التي يأتيني بها الفيسبوك، بعضها مصوراً وقت حدوثه كواقعة غرق الصبية ذات الثمانية عشر عاماً والتي كانت (كما ذكرت الأنباء) تحاول الهرب من شاب كان يلاحقها متحرشاً بها، أصبحت عادية كعادية أنباء القبض على رواد حمّام شعبي بزعم ممارسة رذيلة مفترضة، والقبض على الطفل ذو العشرة أعوام الذي امتدت يده يوماً لتسرق خبز ذلك اليوم، وكعادية مشاهد قطع رأس الصحفي جيمس فولي في لقطات جودتها الإنتاجية عالية، وكعادية مشاهد العذاب الذي عاناه ذلك "الكافر" الذي كانت يده تقطع بسكين ثلم، ومشاهد رؤوس بنات الأكراد المقاتلات مشدودة من ضفائرهن تسبح وجوههن المبتسمة في الهواء بدون أجساد. فلا جلال للموت والأكثر فظاعة أن لا بهجة للحياة.

منذ بداية شهر سبتمبر – عندما جاءت أنباء الانتحار من مصر بتواتر مفزع – أشعر بحزن من نوع لم يعرفه قلبي من قبل، رغم أنني مبتلاة – كمعظم الكتبة القارئين الباحثين – بعلاقة جدلية سرمدية مع الحزن... أرانا الآن وكأننا في قبضة كائن خرافي بشع له أذرع كثيرة العدد لا نهائية الطول تنتهي بفتحات ماصة، تمتد الأذرع في كل الاتجاهات بغرض ابتلاعنا فرادى وجماعات لداخله المظلم المقبض الكئيب، البعض القليل منّا يراه ويعرف كيف الخلاص منه ولكن أكثرنا لا يرى ولا يعي... والمؤسف ان أكثرنا – ذلك الذي لا يرى ولا يعي – هم على استعداد لسحق البعض القليل الذي يرى لمجرد تجرأهم بالاختلاف على الاختلاف أو المخالفة. منبع الحزن هذا هو اكتشافي المتأخر لمدى عظم هذا الكائن الخرافي ويقيني المتزايد بأن الدائرة مغلقة وبأن الخلاص فردي وبأن الطريق طويل بقدر ما هو موجع شائك.

أتت صبيحة يوم الأربعاء 26 نوفمبر 2014 بخطاب "من القلب" للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قال فيه للوعاظ ومدرسى الأزهر وأئمة الأوقاف، أنه يجب عليهم "تثقيف" أنفسهم، قائلا: "على الواعظ أن يتفقه فى الدين، وأن يكون ملما بما يجرى على الساحة السياسية والحركات المجرمة الإرهابية، التى تريد العبث بعقول الشباب ومقدرات الوطن، ويجب التصدى للحركات الصهيونية، التى تريد الخراب لنا، وعليكم تثقيف أنفسكم". وأضاف خلال كلمته بمؤتمر مجمع البحوث الإسلامية، الذى يضم وعاظ الأزهر الشريف، على مستوى الجمهورية، أن الخطأ يعود إلى الروتين الذى كان يسيطر على مفاصل الدولة فى العقود السابقة، مشيرا إلى أن أسوأ ما فيهم هى اللامبالاة التى سيطرت على الوعاظ، مما جعله ينفصل عن العلم، موضحا إلى أن الواعظ هو خليفة النبى صلى الله عليه وسلم. وأكد أن الاجتماع بوعاظ الأزهر جاء لبحث النهوض بالوعظ والإرشاد، لافتا إلى أن عدد الوعاظ يقترب على الثلاثة آلاف واعظ بالجمهورية، ويعد قوة ضاربة لمواجهة الفكر المتطرف، مطالبهم بقيادة الشعب المصرى إلى الطريق الصحيح، وتبصيرهم بالمخاطر التى تحاك بالوطن.

لم يفوت الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الفرصة للتعريض بمن لا يسير وفق المرسوم فقال كلاماً قديماً قدم الدهر يتقنه محتكري الحقيقة: "إن الولد الذى يهاجم البخارى على بعض القنوات الفضائية يمثل أحد مخططات ضرب الاستقرار بالبلاد" ... أتانا شيخ الأزهر بحديث المؤامرة متوشحة بسطوة الدين متوعداً المارقين وراسماً الصراط فقال: "كان هناك مخطط لقوى كبرى لضرب الاستقرار فى مصر والله نجاها من تلك الفتنة الهالكة، وهناك قنوات فضائية تساهم فى ذلك" وقرر شيخ الأزهر إنشاء مكتبة لكل واعظ تحتوى على كتب تساعدهم فى التصدى لما يستجد على الساحة من أمور، مضيفا أن الواعظ أو الإمام الذى يستعين باللاب توب اعتبره " فاضى من العلم". كما وجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، برفع بدل انتقالات الوعاظ حتى يتمكنوا من أداء مهامهم، بينما عبر وعاظ الأزهر عن غضبهم من بعض أئمة المساجد التابعين لوزارة الأوقاف الذين يمنعونهم من تأدية مهامهم، راجين وزير الأوقاف من السماح لهم، وعقب شيخ الأزهر قائلاً: "ليس رجاء بل تنبيه لوزير الأوقاف فنحن متكرمون عليهم واللى يمسكم يمسنى."...

انتهى لقاء الإمام الأكبر مع أبنائه الوعاظ والمشايخ ليتبدى للمجتمع فزع نعرف مصدره ومؤداه... الدائرة الجهنمية التي وقودها الكلمات الجوفاء والصلف العاتي اللذان سيأخذانا إلى هوة سحيقة فلا أمل ولا تقدم ولا استقرار.

الأسبوعان اللذان تليا هذا الخطاب "القلبي" المتعجرف الخالي من أي اعتبار لواقع الحال المرير، والمتجاهل لليأس الذي يدفع صغاراً للانتحار، والمتحدي بالإقصاء للدمار الإنساني والمادي الشامل المتمثل في اجتياح الدولة الإسلامية منطقة الهلال الذي كان خصيباً (العراق، سوريا، شمال لبنان) مشكلاً بهذا تهديداً لمصر من ناحية الشرق ومثله ذلك الذي محى عن الوجود الدولة الليبية التي نعرفها، مهدداً مصر من ناحية الغرب - ولن أتجرأ بالحديث عن الجنوب حيث كان هناك سوداناً ذات تاريخ – شهد هذان الأسبوعان وقائع قتل معلن لصبية وصبايا ورجال، انتحر من انتحر ونحر من نحر وضاعت كرامة من ضاعت كرامتهم. رافقت الوقائع تعليقات وتساؤلات حائرة متألمة ومؤلمة ملأت فضاء الواقع الافتراضي. من هذه التساؤلات كانت الصورة التالية التي رسمها ذلك الشاب الحائر الذي قال: "أننا تربينا كمسلمين على أن الاسلام يعني الخلافة ويعني أن نحب الخلفاء الأربعة. تتربى الاجيال الجديدة على ذات النهج ليصبحوا تماماً مثلنا... قالوا لنا أنه ذات يوم سيتجمع المسلمون في دولة واحدة وسوف نحرر القدس. نحن إما سلفي أو إخواني وكلنا يحلم بالكونفدرالية الإسلامية أو الكومونويلث الاسلامي وبدستور الخلافة، ومنّا من يؤمن بإن الظلم الواقع على المسلمين بالسلاح لا بديل عن مقاومته سوى السلاح فصار يؤمن بأفكار "شيخ الإسلام" بن لادن وخطاب الشيشاني والزرقاوي والظواهري حيث أنهم يستشهدون بآيات القرآن وبالأحاديث، عدا عن الظلم الحقيقي الواقع علينا من بعض زعماء الغرب ومن كل زعماء العرب .. فما الحل؟"...

أتوجه بالسؤال الذي طرحه هذا الشاب للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الذي أعتقد أنه سمعه فأنكره حيث كانت آخر وأخطر تصريحاته يوم الخميس 11 ديسمبر 2014 حين قال في معرض حديثه عن خطأ تكفير تنظيم داعش أنه "لا تكفير لمؤمن مهما بلغت ذنوبه". هكذا؟ الدواعش مؤمنون إذن وفرج فودة وسيد القمني ونصر حامد أبو زيد كافرون آثمون إذن... والولد الذي يهاجم البخاري على الفضائيات يقوّش الأمن الاجتماعي ويجدّف فيما هو معلوم من الدين... المهم عندك فضيلتكم يا مولانا ألا يمس البخاري بكل ما فيه من تراث لا يمت للإنسانية بصلة، ناهيك عن كونه ديناً... نحن نقرأ يا مولانا وعقولنا ترفض هذا الهراء البخاري كما ترفض موقفكم الذي يدعو للريبة من تنظيم قطع الرؤوس. خطابكم مربك ملتبس يا فضيلة الإمام الأكبر وأنا وغيري نرفضه... ولكن دعني أتوجه لإنسانيتك وأمانتك العلمية بسؤال: ألا تؤلمك حيرة هذا الشاب المتسائل عن الحل؟ أتتحمل ذنبه وغيره ممن وثقوا فيكم فضللتموهم؟ هو يدعو أسامة بن لادن الإرهابي الأعظم بشيخ الإسلام يا فضيلة الإمام الأكبر، ألا يخيفك هذا؟ هل أجروء على الزعم بأنه لا يخيفك لأنك تعتبر خلفاؤه قاطعي الرؤوس مؤمنون لا يجب تكفيرهم؟

وأخيراًُ أتوجه لفضيلتكم بسؤال آخر أتمنى أن يكون موجعاً لكم بقدر وجعنا وجزعنا وألمنا ورعبنا من القادم: قل لي بربك، كيف تنام يا فضيلة الإمام الأكبر؟



#هبة_عبده_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميراث النساء، قبض الريح...
- كُسير وعُوير وثالثٌٌ مافيه خير (عن أهوال الأحوال!)
- سيّدة الغروب (قصة قصيرة)
- العلمانية – لا تجديد الخطاب الديني – هي الحل!
- هل يرضى الله؟!
- فقه فاسد أم فكر شرير (... ولا الضالين!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (واوجعاه...)
- فقه فاسد أم فكر شرير (حاملة الفيل!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (أهل الذمة!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (اقرأ...)
- فقه فاسد أم فكر شرير (كأنهم لؤلؤ منثور!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (الطاعة أولى!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (اسألوا أهل الذكر!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (المنصورون بالرعب!)
- نكاح العقل!
- في ملكوتك
- نون
- مفتاح الفرج
- ماتقتلنيش
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - كيف ينام الإمام الأكبر؟!