|
ليت المقال ينفع .. دعما للرفيق المعتقل اوزو
محمود ابوحديد
الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 18:10
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
تحاصر حكومة السيسي اغلب الجامعات المصرية منذ اكتوبر 2013، وفي سبتمبر 2014 اقتحمت (قوات حماية المواطنين) المشكلة من تحالف البوليس والجيش، كلية الهندسة بجامعة الاسكندرية واخلوها من الطلبة بعد ان قتلوا "عمر الشريف" الطالب بجامعة الاسكندرية، واعتقلوا واصابوا العشرات عشوائيا وكان الرفيق "اوزو" ضمن المعتقلين. يهدف هذا المقال للتعريف بواحد من آلاف المعتقلين، الرفيق الطالب بهندسة اسكندرية "اوزو"
تتكون جمهورية رجال الاعمال من مؤسسات قمع ثلاثة مضادة للثورات (البوليس- الجيش- القضاء) والبجاحة هي طريقهم الاقصر للقضاء على تفاؤل ومنطق الثوار والشعب. فمن ضمن التهم الموجهة لمعتقلين هذا الاقتحام هي قتل الطالب "عمر الشريف" الذي توجه الى كلية الهندسة في ذلك اليوم للتظاهر ضد السيسي وحكومته. هذا العبث هو القاعدة وليس الاستثناء في طرائق حكومات الثورة المضادة لسجن الثوار، فاغلب المعتقلين اتهموا بقضايا قتل المتظاهرين عقب تبرئة ضباط الداخلية والجيش من دمائهم. هكذا تُخرج مؤسسات القمع السنتها لامهات الشهداء الثكلى ولمجتمع مسجون يتصنع جهله بفساد الحكومة وهو يغوص في دماء الشهداء. واذا صاح انسان القرن الواحد والعشرين باعلى صوته : اين المنطق والعقل؟ ينبذ ويُسمى عابثا مجنونا لا يفهم مصلحته!! هكذا يمكن ان نفهم منطق وايدلوجية وافكار الراسمالية التي نجبر على فهمها : الابيض هو الاسود والخير هو الشر، وكل شيء من تدبير الإله، ويجب ان نصبر ونرفض الثورة والفوضى لنجازى جنات الخلود!! لكن العزاء الاول الذي اقدمه للرفيق "اوزو" : من الثوار من لن يصالح على دماء وحرية رفاقه ابدا، وستولد النار من السنة هؤلاء لتحرق كل من حرض او نفذ او دعم سحق واستعباد وافناء الانسانية.
نتشابه في الاسم الرباعي، لكن قدرنا والاحداث التي مررنا بها تتشابه اكثر رغم عدم سماح الظروف بان نتقابل على فترات متقاربة. دراساتنا وافكارنا وبرغم تشابهها الذي لا يسمح بان يقول احدنا الكثير للآخر، الا انها جعلت مننا اصدقاءا ورفاقا مقربين نتحدث ونشرح ما يجول بخاطرنا بكل صراحة دون اي حسابات. يتمتع بقدرة وموهبة عملاقة على تقليد الشخصيات والسخرية من حقراء ومسؤولين البرجوازية ما جعل مجالسته محببة كثيرا لقلبي والاحداث المتسارعة لم تسمح ان اعبر له عن مدى استمتاعي بمجالسته. ان عزائي الثاني : مازلت في مقتبل عمرك، واطمح ان تتطود معرفتنا في العقود القادمة. برغم تنكيلات الثورة المضادة، ساقابلك. ان اخلي سبيلك او ان اعتقلت لتنفيذ حكم سجني عشر سنوات.
ناضلت بجانب اوزو لاكثر من سنتين، ولن انسى نضاليته وعزيمته وكفاحيته الصلبة. اتذكره مرتديا الشال الفلسطيني في احتجاجات خريجي الثانوية العامة ضد اغتراب التعليم العالي. وبرغم اني حضرت اغلب مظاهرات مغتربين الثانوية العامة، الا اني وللاسف لم اكن معه يوم انتزع حقه في الالتحاق بهندسة اسكندرية بدلا من هندسة اسيوط التي وزع اليها طبقا للتنسيق العام للثانوية العامة. قابلته بعدها وهنئته على انتزاع حقه، شد بدوره علي يدي واخبرني ان القدر يسوقنا لنناضل سويا في كلية واحدة. ان لحظات التفائل والسعادة قليلة في ظل العبودية. ولما فُصلت من كلية الهندسة كان من اوائل المعزيين لي، اتصل بي ليؤكد ان ظلمهم لن يدوم وسخر من القرار قائلا "3 سنين وهترجع تكمل معانا، متقلقش، هستناك ومش هتخرج غير معاك" قبل ان يعتقله السيسي، حولته ادارة الاخوان لمجلس تاديب وحرمته من دخول امتحان احد مواد السنة الاولى. والان يمكنني ان اقدم لك نفس تعزيتك : عن قريب، وفي المدى المنظور، سيخلى سبيلك. وعاجلا ام آجلا سيسقط السيسي، وسيحل محله حكومة رجال اعمال جديدة قديمة، وسنناضل من جديد جنبا الى جنب ضدهم لحين نتخلص من رجال الاعمال لصالح حكومات وسلطة العمال، ولانني مفصول من الكلية لستة فصول لم يمر منهم سوى فصلين، فلاشك انتظر عودتك لندرس ونتخرج معا.
ادرك اوزو ان النشاط والتحريض اليومي يحتاجان الى عزيمة وعشق التجربة، لذا لم يكن يتردد في انجاز اي مهمة. بعد عزل مرسي الاخواني العميل، ومع بداية الدراسة في هندسة اسكندرية، كانت مظاهرات "الاسلاميين" قليلة العدد لكن شبه يومية، وكان نشاطنا الاساسي نحن بلاشفة الكلية(*) نحو هذه المظاهرات يرتكز على محورين اساسيين: الاول، توزيع البيانات المنددة بالسيسي والاخوان. والثاني، هو الاندساس وسط المتظاهرين ومحاولة قيادة الهتاف بشعارات عن عمالة (الاخوان والسيسي ومبارك) لحين يطردنا المتظاهرين فنهتف بخطبة قصيرة عن استمرارية الثورة ومعرفتها لاعداءها جيدا وان الانتفاضة الظافرة ستعدم مبارك وطنطاوي ومرسي والسيسي. نفذ جميع بلاشفة الكلية التكتيك الاول ولم يروا ضرورة للثاني، فقط انا واوزو تمرسنا على التكتيك الثاني حتى حٌفظت وجوهنا واصبحنا نطرد قبل ان نبدا الهتاف او الخطبة اصلا. ليقاطعهم طلبة الكلية، هدفنا لفضح ان المظاهرة طاردة لمعادين الاخوان والعسكر. كنا مخلصين لضرورة اقناع قواعد الاسلاميين بنبذ قادتهم وتبني طريقا ثوريا راديكاليا رافضا لجميع القادة السياسيين الداعمين للنظام الراسمالي. لن انسى ابتسامة اوزو وهو يُطرد من مظاهرات الاسلاميين، كان يرى في هذا العمل كفاحية حقيقية وكان يُطرد ليعود في اليوم التالي لينفذ نفس التكتيك بعقل واعي وبعين مفتوحة وبارادة متماسكة.
طُردت ايضا الى جانبه مرات عديدة من مظاهرات انتفاضة 30 يونيو 2013. طوال اربع ايام متواصلة، ومنذ اول ساعات الصباح وحتى الليل، كنا نجوب شوارع وميادين الاسكندرية لحشد الجماهير ضد حكومة مرسي، ولما كانت تحريضاتنا ودعواتنا نحن الشيوعيين تشمل الهتاف والتحريض ضد البوليس والجيش والقضاء كانت الجماهير تلتف حولنا لحين يظهر عملاء الامن والاحزاب البرجوازية ويستخدموا القوة ليطردونا من الميدان ومن المظاهرات وسط اندهاش وصمت الجماهير كعادتهم التاريخية.
قابلنا الطرد المتكرر من المظاهرات بسخرية لاذعة. اتفقنا اننا سنطرد من جميع المظاهرات عدا مظاهرات وانتفاضات الثورة المنتصرة، عندها لن نُطرد من وسط الجماهير.
ليت مقالي ينفع، اتذكر آخر لقاء لنا قبل اعتقاله. تقابلنا في احد مقاهي الاسكندرية وكان هو المتحدث الرئيسي في جلسة لم تنقطع فيها فكاهته وسخريته الغير عادية من الاحداث والمسئولين. قضى اوزو الان ما يقرب من 100 يوم في السجن، واتسائل مرعوبا، هل يغير السجن شخصيته ويفقده سخريته ومرحه الغير عاديين؟ الثابت ان تجربة السجن مريرة وحقيرة. وافهم عبر تجربة اعتقال قصيرة لم تتجاوز اربعة ايام، ان السجن هو اسوأ مكان يمكن ان يسكنه الادمي. يخرج منه الانسان اما مليئا بالاصرار على الانتقام من جلاديه، او فاقدا لعزيمة النضال السياسي الحزبي الثوري جراء الاذى والتعذيب (قد يتمسك بالنضال الحقوقي او اي شكل آخر يحفظ ماضيه لكن يفقد العزيمة على العمل الحزبي المنظم) اوزو الذي لم اقابله ضعيفا قط لن يخذل حلم تغيير العالم والغاء عبودية العمل المأجور واسقاط جمهورية رجال الاعمال. سيظل امميا ثوريا على خطا ماركس، هذا هو عزائي الاخير دائما.
القضاة سلطة مستقلة عن البوليس والقوات المسلحة، لكنهم بالنهاية يشكلون سلطة برجوازية تنحاز دائما لرجال الاعمال، على الاقل بفعل تكوينهم الطبقي - فاغلبهم ابناء او اقارب او هم انفسهم رجال اعمال. منذ عدة اسابيع، جرى نقاش مع الرفاق حول احتمالية اخلاء سبيل زملاءنا المعتقلين (محمود نصر – محمود اوزو) وتشائمي حيال الحاضر وتفائلي بالمستقبل، دفعني لاعتقاد ان ايا من القضاة لن يخلي سبيل الرفاق المعتقلين الا بحكم مع ايقاف التنفيذ "حرصا على مصلحتهم الدراسية" كما حدث مع اغلب المعتقلين بالذات الطلبة - ما يعني امكانية اعتقالهم مرة اخرى في اي وقت - حتى باستدعاء ان الرفيق الطالب "نصر" صحفي يعمل في المصري اليوم وكان موجودا لتغطية الاحتجاجات التي يُتهم بالمشاركة فيها، رفضت امكانية اخلاء سبيله واستحضرت صحفيي الجزيرة المعتقلين منذ فض اعتصام رابعة ولم يخلى سيلهم الى الان رغم الادانات الحقوقية الواسعة لاعتقالهم. كذب الواقع طرحي، واخُلى سبيل "محمود نصر" لحين حكم الاستئناف الذي يصدر في يناير القادم. كم آمل ان يخطئ تحليلي مع اوزو ويُخلى سبيله في الايام المقبلة. لكن هل يكفيني الأمل؟
لن تخلي الثورة المضادة سراح المعتقلين الحاليين الا لاعتقال اضعاف اضعافهم في المستقبل. وافهم جيدا ان انتصارا نهائيا للثورة المصرية على يد حكومة وسلطة عمالية خالية من رجال الاعمال هو فقط ما يمكن ان يحقق جميع مطالبنا ويبني المجتمع الانساني ويحرر جميع رفاقنا واصدقاءنا والمواطنين المعتقلين دفعة ومرة واحدة للابد. ونحو هذا : نحو بناء تنظيمات وحزب عمالي ثوري ينشر افكار انتصار الثورة ويقودها نحو الحكومة والانتفاضة العمالية، نحو طريق الثورة الاشتراكية، نحو هذا اكرس كل مجهوداتي وطاقاتي التحريضية.
المعتقلين الاسلاميين المخلى سبيلهم ينشرون اشاعات عن استحواذهم فكريا على جميع المعتقلين. ويدعوا تحول الرفيق اوزو في محبسه عن دعم سلسلة الثورات الاشتراكية كحل لانقاذ الكوكب من ماساة ومستنقع الراسمالية لصالح دعم عودة مرسي!! حتى ان لم استطع ان انفذ طلبك يارفيق في ان نقرأ ونتناقش حول الاقتصاد والازمة الراسمالية، فلا حدود لثقتي بثباتك ونضاليتك ودعمك لمجتمع جديد يقوم على انقاض الراسمالية ومؤسسات القمع الثلاثة (البوليس والقضاء والجيش). انا على ثقة اننا سنتناقش حول الاقتصاد الراسمالي.
(*) المقصود مجموعة بمنظمة الاشتراكيين الثوريين تستلهم تجربة البلاشفة الروس في الثورة الاشتراكية الكبرى 1917 والتي هُزمت عبر خيانة كبرى من داخل الحزب الثوري نفسه بحيث تطور البلاشفة الروس عبر طورين اساسيين، الصعود البطولي عندما مثلوا القيادة والمطالب العمالية وقادوا الثورة الروسية نحو الانتصار عبر انتفاضة اكتوبر الاشتراكية، والطور الثاني هو الانحدار المضاد للثورة ولمطالب العمال، عندما مثل الحزب بقيادة ستالين وبوخارين منبع التيرمادور الذي قضى على الثورة الروسية.
#محمود_ابوحديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرطة تحتل هندسة اسكندرية والانتفاضة الظافرة ستقتص لنا
-
رفع الاسعار .. هل سيسقط السيسي؟ هل سيسقط النظام الراسمالي؟
-
اشتعال الحرب في جامعة الاسكندرية.. انتفاضات ضد الاخوان وضد ا
...
-
`رسالة مفتوحة لعميد هندسة اسكندرية الحالي.. فسادك هو طريقك ن
...
المزيد.....
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|