|
قصة: وديدة
محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 10:29
المحور:
الادب والفن
وديدة تنهض الآن من نومها الأبدي، ترتدي فستانها الوردي، تمشط الشعر الذي ينسدل على الكتفين، وتمضي في طرقات بيت لحم الوديعة، تلقي تحية المساء على مجموعة من الشباب التابعين للجان الحراسة العزلاء، تحدثهم عن شهداء اليوم الذي مضى، وتقول إنها لم تعد تذكر العدد الكلي للشهداء، لكنها تعرفهم واحداً واحداً، وتمضي فيما شباب الحراسة يرمقونها بمودة وإعجاب. تسمع من بيت مجاور بكاء طفل، يكبر الشوق في صدرها، تعتب على الأم التي تترك الطفل في أسر البكاء، تودّ لو أنها تدخل البيت لكي تهدهده حتى يكف عن البكاء، غير أنه يهدأ في اللحظة التالية، فيطمئن بالها، وتمضي. وديدة تقترب من بيت الشهيد الذي قضى هذا المساء، تجتاز ساحة البيت حيث يحتشد الرجال الذين يضمرون الحزن في القلوب، غير أن أصواتهم تلعلع بالحديث في السياسة وعن الدولة القادمة، فكأنهم في مهرجان. وديدة تدخل إلى حجرة النساء، تقبل أم الشهيد ثم تبكي حيناً مع الباكيات، وترقص حيناً آخر مع الراقصات اللواتي يتفجعن على الحبيب الذي مضى قبل أن يحرث الحقل، قبل أن يُحظى بقبلة من صبية، قبل أن يتعلم عادة التدخين واحتساء الخمرة في ليالي السهاد. وديدة تمضي إلى بيت أهلها الذي يقع على الطريق بين المدينة والمخيم، وديدة اعتادت منذ أشهر أن تزور أهلها كل مساء، تتفقد سريرها الصغير، ألعاب طفولتها، والفساتين التي ظلت محفوظة في البيت منذ كان الفراق، تساعد أمها في المطبخ، تقشر البطاطا، تنظف المجلى، تخرج بسطل القمامة إلى الفناء، تطمئن على أبيها الذي يعود مرهقاً من يومه الطويل، ثم تغادر البيت قبل أن تطفر الدموع من العيون. هذا المساء، وديدة الصبية عادت إلى بيت أهلها كالمعتاد، غير أنها لم تجدهم ولم تعثر عليهم حتى الآن، فقد كان البيت مغلقاً بالشمع الأحمر، ومن حوله يتحلق الجنود بأسلحة وعتاد.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة: التمثال
-
قصة: حالة
-
قصة: العلم
-
سطوح الأشياء
-
قصة: الراقصات
-
قصة: إقليم الحليب
-
قصة: منال
-
قصة: خروج
-
مروان
-
قصة: انتحار
-
عرض أزياء
-
قصة: مرايا
-
قصة: بيان
-
قصة: كلاب
-
قصة قصيرة جدًّا: أرغفة
-
قطط
-
الاحتفال
-
مطر
-
زمن آخر
-
الطفل ينام
المزيد.....
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|