|
صناعة الأصنام في العراق !!!
خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4655 - 2014 / 12 / 7 - 19:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ ان حطّ آدم قدميه على الأرض لأول مرّة ، حتى بدأ الصراع عنيفا و قاسيا بين نقيضين ؛ الحق و الباطل ، و غالبا ما كان الباطل هو المنتصر ؛ بدأ من قابيل و هابيل ، ابني آدم ، حين قتل الأول الثاني ؛ لأن الله تقبلّ قربانا من هابيل ولم يتقبله من قابيل . و عصيان ابن نوح لأبيه حين رفض الركوب معه في السفينة لينجو مع الناجين من الغرق ، مرورا بحادثة الجبّ حين أراد اخوة يوسف قتله و التخلص منه ليخلو لهم وجه ابيهم و يكونوا من بعده قوما صالحين .،كذلك ثورة عبيد روما ضدّ العبودية و الرقّ و الطغيان بقيادة سبارتاكوس وما انتهت اليه من فواجع شكّلت موقفا تراجيديا يصرخ بوجه الحياة الاّ تتعامل بمثل هذه الدموية و القسوة مع الساعين نحو فجر فيه للأنسان كائنا من كان موضع قدم على الأرض . ويستمر الصراع ليذهب بالأمام عليّ عليه السلام غيلة و غدرا بسيف الخارجي عبد الرحمن بن ملجم . على ان لا يفوتنا الحديث عن ثورة ابن الأشعث في واسط التي استمرت لعقد و نصف من السنوات ، ولم تنته الاّ بشراء ذمم و ضمائر قواده ، وثورتي القرامطة والزنج التي أوشكتا أن تطيح بدولة بني العباس . على ان لا ننسى تراجيديا الأمام الحسين عليه السلام و صموده البطولي بوجه الطغيان الآموي و شهادته في معركة غير متكافئة وسبي عياله ، حين تخلّى العراقيون عن نصرته وقد بايعوه أول الأمر على ان يكون خليفتهم ، وما كان للذي حدث أن يحدث لولا تدفّق المال و شراء الذمم و الضمائر فباع أشباه الرجال نفوسهم و جيّروا للباطل مواقفهم ، و أداروا للحق ظهورهم . تلك كانت سابقة ظلّت تتكرر في كل العهود و الأزمنة و المناسبات ، بل أصبحت هي المشهد المألوف عبر التاريخ . ان تلوّن نفسيّة الفرد العراقي – ليس فيما أقوله تعميما – و تذبذب مواقفه كان له امتداد في التاريخ شكّل منعطفا حادا في تفكير الكثيرين و نزعة تدفع بصاحبها للفوز بالغنيمة و اصطياد الفرصة قبل ان تفلت ، ولا يهم ما ستؤول اليه حال الجميع في غد . من هنا ساير الكثيرون الباطل و اختلفوا مع الحق وهم يعلمون انهم انما يكذبون على انفسهم وعلى غيرهم . ان التاريخ يحفظ لنا الكثير من العجب العجاب ، كأن يعصى الأمام علي و يطاع معاوية وهو على باطل . و يقتل الحسين و ينتصر القوم ليزيد .نعم يعصى عليّ لأنه على دين ، و يطاع معاوية لأنه على دنيا ؛ فكما تكونوا يولّ عليكم .فقد كان القوم أقرب الى معاوية منهم الى عليّ ، ولم يكن لهم ان يصبروا عليه وهو يحاول ادارة العجلة الى الخلف ، فليس لها ان تدور الا حيث ترى الرعية ان تدور .من هنا يتبين لنا ان المال مفسدة ، يعمي بريقه عيون ضعاف النفوس و لآكلي السحت ؛ والآ هل يصدق أحد وهويقرأ رسالة صاحب بيت مال البصرة ( أبو الأسود الدؤلي )الى الأمام عليّ يخبره فيها قائلا : انّ عاملك و ابن عمك عبد الله بن عباس قد أكل ما تحت يده بغير علمك .وحين يطالبه الأمام بكشف حساب بيت المال ، يجمع أبن عباس ما تبقّى من أموال في بيت المال و قدره نحو ستة ملايين درهم ، وبعد مساجلات يكتب الى الأمام يقول : لئن لم تدعني من اساطيرك ، لأحملن هذا المال الى معاوية يقاتلك به . لا بأس ان نترك الأمام عليّ لأحزانه وهو يرى كما يقول أنّ أمانة الناس قد خرجت و الأمة قد فتنت . لذا فنحن اليوم أمام نفس النموذج الذي أشرنا اليه ، نموذج عبد الله بن عباس وهم يجلسون في البرلمان لا للدفاع عن المسحوقين وانما لسحقهم حدّ النخاع ، و ليس لتحسين مستوى عيشهم و رفع غائلة الجوع و العوز عنهم و انما لدفعهم نحو الموت أقساطا . ان هذه النماذج التي صفّقت للطاغية صدام و جعلت منه ربّا آخر و ألها يعبد ، حتى مشوا بنسبه الوضيع الى النبي محمد عليه السلام ، ونافقوا و زيّفوا كل شيئ من اجل ان ينالوا رضاه ، جعلوا منه صنما يتمثلونه حتى في نومهم ، يخافون ظلّه و سطوته . دبّجوا القصائد الطوال بحقه ، و كتبوا الكتب في عبقريته وهوخلو منها ، و سوّدوا أعمدة الصحف و المجلات باطلا بالحديث عن الهامه و عبقريته و شجاعته وهم يعرفون ان ذلك محض كذب و افتراء على الحقيقة ، وحين سقط الصنم راحوا بأرجلهم و مداسهم يدوسون رأسه . وحين بزغ نجم المالكي قبل أن يأفل ، كانوا قد التفوا كفراخ البطّ حول امهم ، به يتباركون ، لابل يدافعون عن كل عيوبه و أطائه و سياسته الرعناء التي أوصلت العراق الى الضياع و التشظّي و كادت بالمواطنين الى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر . ان هذا النموذج من النعاج مازال يتمسح بأذيال المالكي بعد ان افتضح كل شيئ ، و أخرها الجنود الفضائيون و القائمة ستطول . انّ هذا النفر الذي يكرر المشهد السابق ، مشهد تأليه و عبادة صدام ينسى ان التاريخ لا يرحم ، وان مزبلة التاريخ هي مكان العتاة و ان اي حكم في التاريخ لابدّ له من مهابة . و ان هيبة الحكم محصلة للتفاعل بين الحاكم و المحكوم ، وهي في النهاية ضرورة ليس لصلاح الحكم ، فهذا امر آخر ، بل لتوطيد دعائمه ، و استمراره ، و استقراره . فهل كان هذا الذي ذكرناه موجودا أبّان حكم المالكي ، الذي لم يكن حكما و انما كان فوضى و فشل و امعان في الدكتاتورية .
الناصريه – خليل الفخري
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكم الطائفة البغيض ؛ هو المسؤول عن الدم العراقي المراق !!!.
-
البطاقة التموينية هي الدّاء و العلّة . !!!
-
قصّة قصيره - في ىحم الليل يولد تاريخ البشرية
-
في رحم الليل يكتب الشجعان تاريخ أوطانهم
-
هل يقتفي العراقيون خطى الشعب التونسي ؟ !!!
-
حكايات من التراث
-
ماذا سيقول الأجداد في الأحفاد لو عادوا إإإ
-
لن يبقى من العراق سوى الحجارة ، ان استمرّ الحال !!!
-
فيروز !!! تداعيات أعياد الميلاد 2013 و العراق ينأى !!!
-
حريق العراق ؛ سوف يلتهم الجميع . !!!
-
سيندم الجميع و لات ساعة مندم !!!
-
فيروز ليل الترقب و الصمت بين الرغبة و التشهي
-
العراقيون أمام خيارين ، انتظار المهدي المنتظر أو العمل من أج
...
-
العراق ، خطوتان الى الوراء و خطوة ثالثة الى الوراء كذلك !!!
-
ابو سميه ، عينه على الدالنوب و قلبه في العراق .
-
أمّي
-
حتى لا ننفخ في رماد ... !!!
-
حتى لا ننفخ في رماد
-
قيسُ بن سعد بن عبادةَ الانصاري !!!
-
فيروز ، مع الرعاة جئتُ أغنيك !!!
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|