إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 09:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن المجتمعات العربية مازالت تشكو من معضلة كبيرة جدا و هي معضلة عدم التمكن من بلوغ سن الرشد على غرلر باقي مجتمعات العالم المتقدم، و ذلك الكي يتمكن العرب من الاختيار عن علم و بينة و فناعة و أن يتحملوا مسؤولية اختيارهم مهما كان، كاختيارهم هم و ليس كتوجيه أو كتوصية من هذه الجهة أو تلك.
و من رشد المجتمعات، كما يفيدنا تاريخ البشرية إلى حد الآن، تدل عنه ، أولا وقبل كل شيء، القدرة على الاختيار و تفعيل هده القدرة على الدوام و تحمل مسؤولية هذا الاختيار، و ليس اعتماد، كما هو الحال اليوم، اختيار رعديدا يخاف من هذه الجهة أو تلك.
بكلمة، إن رشد المجتمعات يتنافى مع عدم القدرة على المبادرة و انتظار دائما توجيهات أو توصيات من جهة ما.
و سن الرشد هذا هو مشكلة المجتمعات العربية قاطبة، إلى حد أضحى من الممكن القول دون مجانبة الصواب، إنها لم ترد أن تمارس قدرؤتها على الاختيار و تحمل مسؤولية اختيارها... لكن مع الأسف الشديد الثقافة السائدة إلى حد الآن في المجتمعات العربية، أراد من أراد و كره من كره، تمنع عمليا و فعليا تفعيل هذه القدرة عن الاختيار و تحمل مسؤوليته.
فالشعوب العربية تلوم حكامها على ما ما هم فيه من تخلف و فقر و قهر و مذلة، و الحكام يلومون شعوبهم لكونها غير مستعدة لتحمل تبعات الديمقراطية و أخطارها و غير ذلك من التخريجات الهلامية.
و حتى الأكثر موضوعية نسبيا يسقطون اللوم على الخارج و الامبريالية و الصهيونية كأن العرب، كل العرب، هم ضحية فقط للعوامل الخارجية التي تآمرت عليهم دون سواهم من الشعوب حتى يظلوا كتخلفين سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و حضاريا و فقراء و مقهورين و مهانين... و بالرغم من ذلك ظلوا يصرخون بأعلى أصواتهم و لازالوا : نحن خير أمة أخرجت للناس...لكن دون القدرة على تقديم ولو دليل واحد على هذا الادعاء على أرض الواقع المعيش و بالمملموس.
و لتقريب الصورة أكثر نقول إن المجتمعات التي بلغت سن الرشد لكل إنسان فيها له حق الاختيار و لا يفرض اختياره على الآخرين و يرفض في ذات الوقت أن يفرض عليه الآخرون اختيارهم إلا باحترام القواعد الديمقراطية... فهل هذا هو حال مجتمعاتنا العربية اليوم؟
و خلاصة القول، لو كانت المجتمعات العربية قد بلغت فعلا سن الرشد لما استطاعت قوة خارجية أن تفرض عليها مفهومها للديمقراطية.
و لكم الله يا شعوب العرب في انتظار بلوغ مجتمعاتكم سن رشد المجتمعات...
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟