أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الف جني وجنية _ قصة مجنونة














المزيد.....


الف جني وجنية _ قصة مجنونة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4655 - 2014 / 12 / 7 - 05:27
المحور: الادب والفن
    


ألف جني وجنية

تعثر في عتبة الباب وهو يحمل كل خطاياه القديمة والجديدة ليخزنها في قبو بيتهم القديم الذي تهدم منذ الف عام , لم يبقى منه سوى ظل جدار ومئذنة صغير كانوا يلعبون بها الكبار عندما تمتلئ البطون وتنشغل الأفئدة في تذكر أحلام الشياطين , وجده جده الذي يولد بعد جاسا بين الركن والركن يعد الأيام الباقية لولادته ميتا فهو مثل كل المجانين في عالمنا المفقود لا يسير منحنيا فقط بل مقوس الظهر كأنه سلحفاة في رمل حارق .
سلم على كل الحاضرين لم يرد عليه أحد من الموجدين لأنهم رحلوا باكرا ولم يتركوا سوى دخان سجائرهم المحرمة شرعا , تناول حبة جوز لينة ولاكها كعلكة بدل معجون الأسنان الذي أعتاد أن يشتريه ليلقي به في صناديق القمامة التي تمتلئ دوما قبل أوانها , تذكر أنه على موعد مع عشيقته التي أصابها داء العقل منذ فترة فصارت تتكلم كالأحصنة ,الجو داخل الفراغ لا يوحي بالتشجيع كما أن ذاكرته اليوم أصابها شيء من الرجفان ,قالوا عن هذه الظاهرة في نشرات الأخبار أنها من أعراض العولمة , لا شيء يستدع أن نخاف فقد أباحت الأمم المتحدة للخوف أن يغادر الأرض بسلام بعد أن صفق العبيد لأسياد في أستعراض مهيب جرى غدا في مسبح الحرية في الربع الخالي .
خرج للشارع الذي يجري عرضا وكأننا في مجرة بعيدة يحسب الأقدام المار فلم يجد إلا خطوتين إحداهما يتيمة لفتاة ضاع أبوها في مهده والأخرى خرساء لا تتكلم فعلم أن من بادلته الحلم في ليالي الأرق هي التي لا تتكلم , نادى على ظلها الذي يتمشرق في زاوية بعيدة وأخبرها بقراره الأخير:.
قال : سأطلق أحلامي لأنها تشبه أحلام أبي.
قالت : وأنا ؟.
قال : ستكونين سيدة الذكريات البعيدة.
قالت :وهذا الذي أحمله في قلبي جنين لم يكتمل.
قال : دعيه هكذا لا يكبر فيقتلني ولا يندمل فيقتلك .
قالت : هو الآن يهددني بالأنتحار.
قال : أذن سأحمل له روحي في كل مرة كي يدس لها الموت .
قالت : وكم تحمل من روح ؟.
قال : منحني الرب كثيرا منها .
قالت : أذن الطلاق سيد الأحكام , نموت معا ونطلق الرب .
ذهب الأثنان إلى سوق المدينة ليشتريا لعبة جميلة بمناسبة الذكرى الأولى لموتهما معا على حافة القبر ثم قررا أن يقيما مراسيم زواجهم الأبدي على قمة جبل الهملايا لكن المشكلة التي كانت تؤرقمها على مدى التاريخ أنهما كانا لا يلتقيان في يوم واحد فهي زوجية الطباع والمزاج وهو فردي الهوى والعشق لذا كان من المحال أن يتزوجا لأن مملكة الجن أصدرت تعليماتها لكل سفاراتها في المقابر الجماعية والمطاحن القديمة أن عصر الأختلاط لا ثقة به ولا مجال لقبول مجانين جدد في مدرسة العقل الحكومية .
كان ما ينقص في الحقيقة ليس الحصول على شهادة ميلاد فهي مبذولة بكثرة في سوق الجزارين والاكثر في سوق الخضرة , المشكل الحقيقي كان في معضلة الحصول على ورق تصلح عليه الكتابة التي يسطرها قلم أخترعه زعيم القبائل الزرق حينما أراد أن يرسم للقمر وجه أخر خالي من التفاصيل المعتمة أهدته السيدة التي سافرت وحدها للمريخ ببلم نوع من الأقلام مداده رغبة وشكله يشبه وجه سلطان مدينتها , هنا لا يمكن أن نجد ما نكتب عليه حتى جدران منازلنا عندما نشهر أقلامنا تخترع وتهرب منا نحو المجهول خشية التقارير السرية التي يرسلها جهاز البلوتوث في عقولنا وعقول الشوارع الفارغة.
_ أه ما زال ذلك الحلم جميل يبعث في روحي حلاوة تشبه الملح فيوقظني في كل مرة قبل أن يبتدأ عقلي في أستعراض مشاهد العري .
_ أو ما زلت تتذكر كم مرة أخبرتك أن نجوم السماء لا تنكشف على الأقمار إلا من وراء حجاب , أو من خلال فتحات شبك الصيادين .
_ نعم تذكرت أن أخر شيء أعترضني وأنا أرحل إلى نفسي حماوة تدب في عروقي فأخرجتها بسكين كان معي , كان ذلك غبيا نصلها لا يعرف كيف يمزق الجلد قبل اللحم , كرهت المحاولة حينها وأرجعت الحرارة لكن ليس لمواقعها الأولى .
_ جميل أن حين تكون عاقلا أكثر , لا أفعلها مرة أخرة وأوصيك أنت كذلك التعقل الزائد يجلب لك الوساوس نم متأخرا وبلا أغطية دع البرد يأكل أصابعك الزرقاء, ما أجمل الأضاحي حين تكون بلا ثمن .
_ أعدك أن سأجمع نقودي وأرمي بها على وجه الماء لأشوه بها وجه القمر ,أمقت غروره وهو في كل مرة يسرق هدوئي فيتهمني بالسكون .
عادت السيدة الأم في أخر النهار تبحث عن دواء للشيخوخة التي أصابتها عندما حلمت أن تهجر أمومتها وتمارس لعبة الصبيان والصبايا في باحة الدار الطينية والسماء ما انفكت ترسل حرارتها لتحيل الظهيرة هنا إلى فصل من فصول الجحيم , تيقنت أن الهجرة إلى أحد القطبين في هذا الوقت نوع من الخبل السياسي لأن كل المطارات في العالم محجوزة لنقل السراق لمهرجان التوبة العالمي وبحضور سيد الشياطين والملائكة في مشهد سوريالي ,ينم عن جنون حقيقي لذا قررت أن تلبس ثوب زوجها الذي نزعه الآن ولبس الخاكي ليحارب دبابير العريشة التي تمنع الأطفال من اللعب بحبات العنب التي تشبه حلم باكرة لم تداعبها أنامل .
رن جرس الساعة والمصباح الذي كان من المعتاد أن يتوهج لمجرد سماع صوت صهيل فرس الجيران تثاقل عن عمله ,ليرسل نصف طاقته فهو محروم من الكهرباء منذ أيام كل ما فيه هو من خزين البركة المتبقي بالأسلاك الميته ,في لوحة معلقة في سقف الأرض مكتوب عليها العيش في ظل ثقافة الجنون نعمة , فحافظوا على نعمة مدينتكم , التدخين ممنوع والعتب مرفوع , والرزق صار زرق في الوريد , تهجأ أخر كلمة وسأل الجني الذي يجلس بقربه على مقاعد الحافلة المتجهة صوب الظلام , من أنا ؟.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكل التدخل الإنساني في هيكلية النص الديني
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح2
- عناوين كبرى وعناوين صغرى
- مفاهيم القيادة والعمل التنظيمي في فكر الرسالة
- العراق التأريخي وصناعة التمدن
- العبادي وواضعي العصي بالدواليب
- محاولات لكبح الجنون
- العقل والنتاج المعرفي
- نحن والربيع الأوربي , نسخ تجربة أم تقليد لظاهرة
- البصمة الأولى
- التحولات الكبرى في الصراع بين الأعراب والإسلام من محمد ص إلى ...
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح2
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح1
- أنا والسبعين
- مهمة الفكر في تحرير الإنسان
- التراث العراقي المنهوب أمريكيا
- الفكر وقضية المستقبل
- قصائد مجنونه لكنها نبيلة 1
- قصائد مجنونه لكنها نبيلة 2


المزيد.....




- دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
- مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك ...
- مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
- مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب ...
- انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني- ...
- الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج ...
- -شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
- مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا ...
- هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الف جني وجنية _ قصة مجنونة