|
مهزلة سورة فُصّلِت أو فُصِّلتْ فهزُلت
عاد بن ثمود
الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 20:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مهزلة سورة فُصِّلت أو فُصِّلت فهزُلت محاولة لفهم القرآن دون الإستعانة بدهاقنة التفسير
ما يثير الإنتباه أولاً هو عنوان السورة: فُصِّلَتْ، فعل مبني للمجهول، و هذا يدعو للإستغراب لأن العنوان يفتقد للمعنى و المغزى. السورة تبتدئ بطلسم الحروف المتقطعة حم (رغم أنها متصلة)، التي لا يعلم تفسيرها إلاّ الله.
في البداية يقوم الله بتعريف موجز للقرآن الذي فصلت آياته، و برسوله الذي ما هو إلاّ بشر مثلنا يوحى إليه: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ. لكن في حقيقة الأمر، أول الآية كفر، فمحمد ليس مجرد بشر مثلنا، فنحن مثلاً، لا نستطيع القيام بنزهة سماوية على متن بغل مجنّح، و لا أن تكون لنا قوة أربعين فحلاً بفضل ساندويتش الرب الكفّيت، أو نظلّ القرفصاء في أرحام أمهاتنا لمدة أربع سنين دون أن نشعر بالضجر لطول مدة الإقامة. لكن يمكن لبعض المجرمين من البشر أن يكونوا مثل محمد، كمقترفي جرائم البيدوفيليا و قطاع الطرق سلباً و نهباً و سبياً، و قاطعي الرؤوس و الأيادي و الأرجل من خلاف و المتاجرين بمخلوقات الله في أسواق النخاسة.
بعد ذلك، يدخل الله في صلب الموضوع ليعلن لنا عن المقام الذي سيلحن عليه السورة: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ . فمن هم المشركون إذن حسب تعريف رب محمد في هذه السورة، و الذين يتوعّدهم بالويل؟
المشركون: هم الذين لا يؤتون الزكاة و يكفرون بالآخرة، و هذا تعريف غريب لمعنى الشرك. من الإستغفار ينتقل بنا للزكاة، و الزكاة هنا ليست بمعنى زكاة الفطر، بل بمعنى الضريبة التي يؤديها المؤمنون لبيت مال المسلمين. و كل من لا يُؤَدِّ الزكاة فهو مشرك، و من يؤدِّها فهو موحّد... فلسفة إلاهية غريبة، تخلط ما بين أخناتون و جابي الضرائب. توحيد و إقتصاد، كله على بعض.
ثم يسترسل الله في كلامه ليُعْلِمنا بأنه خلق الأرض في يومين و قدّر فيها أقواتها في أربعة أيام: المجموع ستة أيام، فكم إستغرق من الوقت في خلق مجرة درب اللبانة ياترى؟ ستة أيام و لايزال الله مشغولاً بالأمور الأرضية، و لم يتبقّ له سوى يوم واحد لخلق باقي الكون. شوية تأخير في إنجاز البرنامج الكوني، ما علينا. الله يستدعي السماء و الأرض، و يستفزهما بدون داعٍ لذلك، مخيّراً كِلتيْهِما أن تأتيان طوعاً أو كرهاً (إله عنيد و متعجرف بدون أي سبب و يُمْعِن في إذلال ما صنعت يداه) : قالتا أتينا طائعين فقضاهنّ ( فقضاهما لأنهما مثنى يا صاحب البيان) سبع سماوات في يومين، ثم زيّن السماء الدنيا بمصابيح. هل فهمتم شيئاً؟ إحتفال رأس السنة يعني؟
ثم يذكّر المعرضين بصاعقة قوم عاد و ثمود الذين حوصروا برتل من الرسل من بين أيديهم و من خلفهم (و لم يذكر عددهم و لا أسماءهم)، و رغم ذلك إستكبروا و أصرّوا على نزول الملائكة لو شاء الله ذلك . لكن الله مصرّ على أن لا يشاء، و لو طارت معزة. ثم يدخل الله في مبارزة شرسة مع قوم عاد ليُريَهم أنه أشد منهم قوة (شغل عيال يعني)، فيرسل عليهم ريحاً صرصراً عاتية. الله لا يشاء أن يقنع قوم عاد بإرسال الملائكة إليهم، و يشاء أن يذيقهم عذاب الخزي في الدنيا... إله مريض و الله.
أمّا ثمود، فأخذتهم صاعقة العذاب الهون ( العذاب بالصعق الكهربائي كان يستعمله الرب قبل أبو غريب لعلكم تعقلون).
تنقلنا السورة المبنية للمجهول بعد ذلك لسيناريو أفلام الرعب: الجلود تنطق لتشهد على الكفار يوم القيامة في "ديالوغ أبوكاليبتيكي" منفّر: وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّـهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
ثم يخبرنا الله بأنه إله ماكر قائلاً: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مهلاً يا إله المتناقضات مهلاً، ألم تقل قبل قليل " إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ". حاول أن تحافظ على وحدة الموضوع، فهل القرناء (الشياطين) زينوا لهم أفعال الرسل الذين جاءوا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ؟ أمّا أنت صحيح إله عبيط يارب و الله العظيم.
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـذَا الْقُرْآنِ: معهم حق و الله.
يستمر الرحمان الرحيم في وعيده و تهديده للكفار بالعذاب الأليم، و لست أدري لماذا لم يُطلِق كاتب القرآن عنوان "الوعيد" مثلاً على هذا الفيلم اللي زي الزفت حتى تصبح السورة مبنية للمعلوم.
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ: لماذا يا رب يا حكيم لم تشأ أن تتنزل الملائكة على قوم عاد و ثمود فيقولوا ربنا الله و يستقيموا. و تريحنا و تستريح من كل هذا التخبط المرهق ؟
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ: كن لنا مثالاً و قدوة يا رب، فقد كانت بينك و بين قوم عاد و ثمود عداوة و لم تدفع بالتي هي أحسن و أنت سيد الأكوان، بل دخلت معهم في صراع الند للند حتى تبرهن لنا عن بطشك و مكرك.
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ: هل تحتاج يا عليم أن أذكرك بأنك قلت مُعترِفاً وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ... فهل نستعيذ بك منك يا مُهرّج؟
لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ: خلقهما، سأعيدها عليك لآخر مرة، لا تخلط بين المثنى و الجمع يا صاحب الإعجاز البلاغي في القرآن.
فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ: ألا تشبع من التسبيح حتى تصرصر و تصعق الأقوام لتبيدهم؟ ألا يكفيك من يسبحون لك بالليل و النهار و هم لا يسأمون؟ آه ، تذكّرت أن القَنوع ليست من أسمائك الحسنى.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴿-;---;-----;---41﴾-;---;-----;--- لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ: أين هو خبر إنّ يا بليغ ؟ أين هو خبر إن الذين كفروا بالذكر لمّا جاءهم... أين هو الخبر بالله عليك يا عالم الأسرار؟ لقد بحثت حتى أخر السورة و لم أعثر على خبر إن يا مُراوِغ يا نصّاب. لقد بالغت في ارتكاب الأخطاء النحوية، و هذه الآية المبتورة أفاضت كأسك، فرسَبتَ و فُصِلْتَ عن الدراسة.
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ: هل فهمتم شيئاً؟
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ: لماذا لم يُشفِِ محمد نفسَه من مفعول السم إذن؟ أم أن الدواء كان منتهي الصلاحية؟
ثم يتذكر الله موسى و الكتاب بدون مقدمات و لا مؤخرات، و بدون مراعاة لسياق السورة، إن كان هنالك فعلاً سياق.
لم يشبع الله بعد من الوعيد و لو أن السورة توشك على الإنتهاء فيتكرم علينا بقوله: فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴿-;---;-----;---50﴾-;---;-----;--- عذاب أليم، عذاب غليظ، عذاب شديد، عذاب الخزي...للتذوق فقط.
و في الآية ما قبل الأخيرة، لا يسع الله و هو الواسع المحيط إلاّ أن يعطي لعباده وعداً، مستعمِلاً فيه حرف التنفيس السين:
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
و هو الوعد الذي لم و لن يتحقق أبداً، سواء تنفّس الله أم لم يتنفّس.
#عاد_بن_ثمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معتقداتٌ تحريضية و إلهٌ عاجزٌ لا يَشاء
-
ليس باستطاعة الله أن يقول للشيء كن فيكون
-
لماذا يلتحقون بداعش؟
-
آدم و حواء و المفاهيم المغلوطة
-
تساوت حرية فكر راشد الغنوشي مع حرية فكر الحوار المتمدن
-
رب العالمين أم رب المسلمين؟
-
)) نعم، أنا كافر و يشرفني ذلك ((
-
صدَقت نبوءة محمد
-
))) رزمة منقحة من صفات الله في القرآن (((
-
حكايتي مع الله
-
الكفّ عن خطيئة الأكل و الشرب يغفر الذنوب
-
)) رمضان و أكذوبة تصفيد الشياطين ((
-
)) السنة و الشيعة: صراع معتنِقي دين التسامح و الإخاء ((
-
))) حكاية الطائر زرياب القصيرة (((
-
معجزات الرسل تستخف بعقولنا
-
هل بقي الشيطان في الجنة التي طُرِد منها آدم و حواء؟
-
الشمس، إلهنا القديم. رؤية مغايرة لفهم الكون
-
حوار قصير مع الله
-
الإسلام، برنامج دمار شامل لتقتيل البشرية بالتقسيط
-
الله يستخف بعقولنا
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|