|
حسن دريعي في ذكرى رحيله الأولى
منيرخلف
الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 15:20
المحور:
الادب والفن
ربطتني والصديق الكاتب والفنان والمحامي الراحل حسن دريعي، على امتداد ربع قرن، صداقة من الطراز الفريد، باتت تتطور،على نحو تصاعدي، لاسيما في السنوات الأخيرة عندما عاد إلى مهده العامودي فقد التقينا معاً، ضمن فضاء الحزب الشيوعي السوري، ووجدنا بعضنا متقاربين، روحياً، حتى وإن ظهرت بيننا التباينات، والاختلافات، في وجهات النظر، هنا، وهناك، وصلت إلى مرحلة المواجهة ذات مرة، عندما حاول بعض بهلوانات الخلافات، حسب بوصلة المصالح، أو ما بعدها، التفريق مابيننا، وقد تمثل ذلك في الأيام التي سبقت المؤتمر التاسع للحزب، عبر محطة المؤتمر المنطقي في الجزيرة، وتأزم الأمر ضمن المؤتمر الذي أدى إلى الانشقاق الجديد في الحزب، وقدمت فيه مرافعة خاصة، في افتتاحية المؤتمر، وفي حضور الضيوف عندما رفعت يدي لأنادي بصوت عال:المؤتمر غير شرعي، ورحت في ما بعد أقدم وثائق عن خروقات و تكتلات بعضهم، تنظيمياً، ورغم ذلك، فقد تم ما تم، وهو ما أتمنى الكتابة عنه ذات يوم، عبر مراجعة نقدية، تتناول كل شيء، بمافيه تصوراتي الشخصية، رغم أنني أعتز بتاريخي ضمن هذا الحزب، وأعده حزب المناضلين، منطلقاً من تقويمي لأكثرية قواعده، وبعض نظيفي الأيادي من قياداته، وقد أكلنا وشربنا معاً، بل ونشأت بيننا وحدة حال، مائزة، وإن كان لي-الآن-شرطي، في ثورية أي فرد، أو مؤسسة، من خلال موقفهما، من الثورة السورية، في انطلاقتها، وبعيداً عن سفسطات بعضهم، ممن يقومونها في فترة ما بعد عسكرتها، وأسلمتها، وبروز خط الإرهاب بأعلى وتائره، نتيجة مواقف المتواطئين مع النظام، إقليمياً، وعربياً، وإسلامياً، ودولياً، مقابل اعتبارنا من قبل بعض هؤلاء ضالين، وقصيري النظر، وربما غير ذلك، على خلفية تقويمهم لكل من ناصر الثورة السورية، وهو من حقهم، لأن محكمة التاريخ هي التي ستفصل، في كل شيء، على ضوء عمل كل طرف، أو فرد، خلال ما يقارب أربع السنوات من عمل هذه الثورة العظيمة التي يتم التآمر على وأدها. أتذكر، أنني كنت في موقف الناقد لخطأ تنظيمي، وبنبرة عالية، وكان الطرف المنتقد قد لجأ من خلال أفانينه إلى استيعاب الصديق حسن في المقابل، بعد أن واصلت نقودي، في أكثر من جلسة، وبحماس عال، التقاني الصديق حسنعلى هامش المؤتمر، وكان بعضهم يعتبره قطب الرهان مقابلي، وصديق كاتب آخر، عزيز، أيضاً، تم استيعابه، تدريجياً، من قبل الطرف الآخر، وقال لي:" رغم أنني"أنا" أي هو.. أحد أسباب الخلاف إلا أنني أعرف أن موقفك صحيح"، العبارة التي قالها لي الصديق أبو ديما، وراح ينبهني إلى أمور كثيرة، من بينها عدم راحته من بعض الذين استوعبوه، وراح يسميهم، وهم من انقلبوا على الرجل في ما بعد، بل وراح يحذرني من أبعاضهم، لاسيما من عاشرهم، عن قرب، من دون أن أسمعه، آنذاك، إلى أن أكد لي الزمن صواب تقويمه لهذا الضرب النهاز..!.
طوال الفترة التي تلت مرحلة الخلاف الذي تم بيني ومن وقف معهم حسن، من الرفاق، فقد ظل يتردد علي، باستمرار، بل ويدعوني إلى بيته، بحضور بعض الأصدقاء المشتركين، رغم إسناد مهمة إدارة منظمة عامودا للحزب الشيوعي إليه،أي التنظيم: الرسمي..، وكنت مشرفاً من قبل تنظيم"قاسيون" حتى العام2003، على مناطق عامودا، الدرباسية، سري كانيي، وكان هناك الكثير مما نتفق عليه،أنا وهوحين نلتقي، لاسيما أنه بات يعود و-بقوة- إلى عالم الكتابة، وصار يكتب وبتشجيع ممن حوله، وأنا من بينه، لإنجاز بعض أعماله، ومن بينها كتابه"عامودا تحترق" الذي استفاد خلاله من الصور التي نشرتها في كتاب ملا أحمدي نامي عن سينما عامودا الذي كنا قد طبعناه، وكانت صوره موجودة في مكتبة والدي. ومادمت قد تحدثت عن صنف من العلاقات الحزبية، المتفردة، فإنني، وفي هذا المقام، أؤكد أن كثيرين ممن تعارفنا في عالم الحزب الشيوعي السوري، لم تفرق بيننا الاختلافات في وجهات النظر، و إن عمل كل منا-آنذاك- في جناح مختلف، وإن كان هناك من كنت أتوهم أن أي خلاف حزبي، تنظيمي، لن يفلح في التفريق بيننا، بيد أن توقعاتي هذه خابت، وهو أمر يمكن استقراؤه، ضمن إطار درجة الاحتكام إلى العقل، والمنطق، في تقويم المختلفين، في الرأي، وإن كان يحتاج إلى حوار موضوعي،مطول، عبر مبحث خاص. ثمة قضايا عائلية، واجتماعية، شديدة الحساسية، كانت تخص الصديق حسن وأسرته، فلم يتردد عن مشاركتي فيها على نحو شخصي، انطلاقاً من العلاقة الوثيقة التي بيننا، وظل التواصل بيننا مستمراً، في مرحلة ما بعد الثورة السورية، وإن كنت أعترف بتقصيري في التواصل مع أحبة لي، كثيرين، وذلك نتيجة غرقي في ما هو يومي، ولقد عاتبني قبل رحيله بسنة، ربما، وبشدة، وتقبلت نقده لي برحابة صدر، إذ قال لي ما فحواه"عليك ألا تنسى أصدقاءك"، بل راح يؤكد لي، وعبر صديقنا المشترك-آنذاك-أحمد حيدر انضمامه إلى رابطة الكتاب والصحفيين، ومن هنا، فإننا لنعده من بين زملائنا الأعضاء الراحلين، آملين أن يؤازرنا الزمن في تنفيذ خططنا، ومشروعاتنا. حياة أبي ديما، حياة مناضل وثائر من جهة، كما أنها حياة بوهيمي، وفنان ، من جهة أخرى، وهو الكاتب، والعواد، والرسام، والناجي من محرقة سينما عامودا، وكانت علامته على أحد ساعديه، كأثرحريق قديم، كما علامة يدي على ساعدي الأيمن،كأثرحريق بيتي، أنا الذي ولدت بعد حريق سينما عامودا بستة أشهر. ولقد كان بيته بيت مناضل حقيقي، مفتوحاً للجميع، لا ينغلق في وجه أحد، بل لقد لعب دوراً لافتاً في محاولة تنشيط الحياة الثقافية، في بلدته، بعد أن غادرها الكثيرون من أصحاب الحضور الثقافي، وهي مدينة فيها بعض المبدعين الحقيقيين. ولقد قلت له، من بين ما قلت:اكتب مذكراتك، لا سيما أن هناك قصصاً له، هو بطلها، تكاد تصل إلى درجة الأسطورة، ومن بينها عيشه أسابيع عديدة في قلب البحر، معزولاً عن محيطه الاجتماعي، في مدينته الثانية"اللاذقية" التي صاهرها، وعاش فيها، وصار فرداً من أبنائها، ولقد روى لي طلبة جامعيون، وعمال، وزوار، درجة احتفائه بهم، وهو يستقبلهم هناك، إلى الدرجة التي أصبح من عداد الذين تركوا بصماتهم، في مدينة البحر تلك، كما هو من عداد الذين تركوا بصماتهم في مدينته عامودا، ومنطقته، وفي وسطه الاجتماعي، بل وفي المشهد السياسي. أتمنى، أن يقيض لي، أن أكتب، ذات يوم، عن خصال هذا الصديق، ونبله، وشهامته، وكرمه، وسخائه، وصدى صورته في مراياي الروحية، والتي كونتها، من خلال علاقتي الشخصية به، بل وأن أكتب عن تلك الروح النقدية الجريئة لديه، في نقد الذات، أونقد المؤسسة التي ينتمي إليها، بل ورؤيته للقضية الكردية، من خلال الموقف الأممي الصحيح، بعيداً عن تفسيرات بعض الذين كانوا يرون أن نظرية "حق الأمم في تقرير مصيرها صائبة مئة بالمئة إلا في ما يتعلق ب"كردستان سوريا"، وهوبدوره موضوع يستحق التوقف عنده.
#منيرخلف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رياض الصالح الحسين إعادة اعتبار
-
كوباني
المزيد.....
-
-آثارها الجانبية الرقص-.. شركة تستخدم الموسيقى لعلاج الخرف
-
سوريا.. نقابة الفنانين تعيد 100 نجم فصلوا إبان حكم الأسد (صو
...
-
من برونر النازي معلم حافظ الأسد فنون القمع والتعذيب؟
-
حماس تدعو لترجمة القرارات الأممية إلى خطوات تنهي الاحتلال وت
...
-
محكمة برازيلية تتهم المغنية البريطانية أديل بسرقة أغنية
-
نور الدين هواري: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي باللغة العربية
...
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|