في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(18)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4651 - 2014 / 12 / 3 - 17:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يقول النمري في فقرة من مقاله:"أعتقد أن تروتسكي كان قد قرأ الرسالة "الوصية" بمثل قراءتي وأثارت إمتعاضه الشديد مما جعله يصوّت لصالح ستالين أميناً عاماً للحزب . وفي مؤتمر صحفي عقده تروتسكي في مطالع عام 1925 سأله أحد الصحفيين عن وصيّة لينين فأجابه تروتسكي محتداً .. " إن ما تسمونه وصية ليس إلا رسالة عادية من لينين إلى مؤتمر الحزب الذي درس الرسالة واتخذ المقتضى بشأنها وأن حزبنا لا يتسلّم وصايا من أحد " .
مثل هذا التصريح لتروتسكي في العام 25 يشي "رضاه" عن قيادة الحزب ودفاعه عنها وفق الظروف السائدة ".
-هوراه..للنمري ومرحى!فها هو يبدو تروتسكيا في قراءته لرسالة لينين،او بالاحرى يبدو تروتسكي نمريا في تلك القراءة!.فما دام السيد النمري يقول:"ان قراءة تروتسكي هي مطابقة لقراءته هو!.هل هذا نوع من التلباثي العابر للزمان والمكان؟!.يبدو ان النمري يعتبر نفسه ندا،وقامته تطاول قامة تروتسكي الفكرية في الفهم والتحليل والقراءة ايضا!.فهو يزعم انهما متطابقا ومتفقان في القراءة هو وتروتسكي!.ولكن لماذا اثارت قراءة تروتسكي للرسالة امتعاضه؟!.وهل حقا دفعه ذلك الامتعاض للتصويت لصالح ستالين امينا عاما؟!.ان النمري يعرض صورة كاريكاتيرية تافهة ومبتذلة لموقف تروتسكي!.فتروتسكي اولا:لم يصوت لصالح ستالين،بل امتنع عن التصويت!.وثانيا:لم يقرأ رسالة لينين ممتعضا كما يتخيل النمري!بل الامر على العكس من ذلك،فهو لم يكتف بأصراره على نشرها،بل دافع عن مضامينها،والافكار الاساسية التي وردت فيها.ولكنه التزم الصمت انصياعا لقرار المؤتمر الثالث عشر للحزب الشيوعي الروسي:بحجب الرسالة وعدم نشرها!.لنعد قليلا لتلك الفترة التاريخية العصيبة:كان لينين قد قرر ارجاع ستالين ودزرجنسكي الى القاعدة،وطرد اورجونيكيدزه-احد تلاميذه المفضلين،م.ا-من الحزب لعامين عقابا له على فظاظته في تفليس،وكان قد طلب ايضا من تروتسكي ان لايظهر ضعفا او ترددا،وان لايقبل بأي "مساومة عفنه" يقترحها ستالين قبل المؤتمر.فهو-لينين-قد اعد قنبلة سيفجرها في المؤتمر الثاني عشر!.وقد اخبرت كروبسكايا ،كامينيف،بأن لينين قرر:"تحطيم ستالين سياسيا".ولكن تروتسكي تصرف بحمق لامعقول،وطمأن كامينيف،بأنه لن يقترح عقوبات قاسية ضد ستالين،قائلا:"انا ضد نزع يد ستالين،ضد طرد اورجينكيدزه،وضد ازاحة دزرجنسكي،ولكني متفق مع لينين من حيث الجوهر".فما كان تروتسكي يطلبه من جهته،هو:ان يبدل ستالين اساليبه،وان يتصرف بأستقامة مع رفاقه،وان يعتذر لكروبسكايا،ويتوقف عن اساءة معاملة الجيورجيين،وطلب منه ان يضمن تقريره كمقرر للجنة المركزية:ادانة الشوفينية الكبرى لروسيا"الواحدة غير المنقسمة"،وان يضمن للجيورجيين والاوكرانيين حقوقهم،ولم يطلب منه سوى ذلك:مثل نقده الذاتي،او ادانة ممارساته،فاذا التزم بتلك الشروط،فتروتسكي لن يعارض تركه في الامانة العامة.-هذه هي الصورة التي كان عليها الامر ياسيد نمري،وليس كما تتصوره!!-...ستالين وطبعا بأخلاقيته الميكيافلية!كان مستعدا للرضوخ وجاهزا للاستسلام في ظرف مثل هذا ليس في صالحه قطعا،حتى تمر العاصفة!.فعدوه اللدود هو من مد له يد المساعدة!.
وافق ستالين على كل شروط تروتسكي،ولكن اتفاق (الجنتلمان )لم يحترم فيمابعد،لامن قبل ستالين ولا من مثالثه:زينوفييف،وكامينيف!-وسيجازيه ستالين جزاء سنمار لاحقا!!-.
سقط لينين بنوبته الاخيرة،وطيلة الشهور العشرة الاخيرة من حياته،قضاها مشلولا وعاجزا.اثلج ذلك صدور الثالوث المتكتل:ستالين،زينوفييف،وكامينيف،ومدهم بالقوة،فلم تمضي ايام على قبوله الخضوع حتى كشر ستالين عن انيابه!منقلبا لاستئناف تآمره مع مثالثيه لتصفية وعزل تروتسكي قياديا،بنشاط متكتم وبالغ الحذر!.وهذا مااعترف به الثالوث فيما بعد وفي حمى صراعهم بعد مااختلفوا،فقد تراشقوا بفضائحهم!فقد كشف ستالين:زينوفييف،وكامينيف،وما قالاه عن تروتسكي،وما دبراه ضده!وفضح المذكوران ايضا ستالين،وما كان يدسه،ويفتريه على تروتسكي!!.
كان تروتسكي يأمل بشفاء لينين من مرضه ليعودا معا كقوة لاتقاوم،وكان لديه رسائل وكتابات لينين،ولو كان حملها للمؤتمر،وخاصة المتعلقة بالقضية الجيورجية،لما كان هناك ادنى شك لمعرفة المؤتمر بموقف لينين السلبي من ستالين!.ولكن تروتسكي ابى غباءا لايحسد عليه في اعتقاده بأن المثالثون سيحترمون الاتفاق على الاقل خشية كشف الحقيقة،كان اهتما ستالين الاول منصبا على دفع تروتسكي للاخلال بوعده للينين!.الم يفعل ماطلبه تروتسكي؟!.الم يخضع؟!..لذا وافق تروتسكي كمعتوه ساذج!على عرض ملاحظات لينين على المكتب السياسي،وتركه ليقرر ما يفعل بشأنها:ابلاغ المؤتمر،ام لا.وقد قرر المكتب السياسي عدم نشر تلك الرسالة سوى لبعض المندوبين،وفي اقصى درجات السرية!.لم يكن سلوك تروتسكي السلبي في برودته منتظرا من لينين!.فقد طلب منه ان يكون حازما جدا لايلين،وان يتكلم بصراحة،ويفضح ستالين،وان لا يقبل ب"مساومة عفنة".ولكن تروتسكي خيب ظن لينين بتراجعه المشين،وسلوكه الغريب المجاني،ولا يمكن هضمه،فقد صمت كأبي الهول اخرسا!.ربما لغلبة مزاجه وطبيعته المتسامحة والساذجة معا!.كم بدا سلوكه نبيلا،وكم سيكون موقف ستالين مترعا بالنذالة في مابعد!!.
لاحظ تروتسكي وبعد فوات الاوان،وهو في منفاه،بأسف ومرارة:لو كان تكلم في المؤتمر لهزم ستالين حتما.-ولكن هيهات فالتاريخ لايعود للوراء ابدا!-...كان مضمون رسالة لينين يصب في مصلحته،فقد قيمه ومدحه لينين،وبين مميزاته،وكفاءته كقائد-فعلام امتعاض تروتسكي الشديد من الرسالة ياسيد نمري؟!-.اما بخصوص تصريحه عن الرسالة للصحافة،والذي نشرته"بلشفيك"في ايلول1925،فقد كان استجابة وليس خيارا،لألحاح من المكتب السياسي،ومن ستالين بالذات،وكان تعبيرا عن انضباطه الحزبي لقرارات المؤتمر الثالث عشر للحزب الشيوعي الروسي،وتضامنا مع المكتب السياسي،واللجنة المركزية،وله دوافعه في ابقاء الرسالة طي الكتمان،رغم احتجاجات كروبسكايا!.وقد قال في ذلك التصريح:"كل الاقاويل المتعلقة ب"وصية لينين"جرى ادعاء طمسها او انتهاكها،هي اختلاقات شريرة،موجهة كلها ضد ارادة لينين الحقيقية ومصالح الحزب الذي اسسه"!!
ليس هذا فقط،ففي18تشرين الاول1926 نشر ماكس ايستما ن في النيويورك تايمس وصية لينين،ولكن تروتسكي اضطر ايضا لجحد ذلك انصياعا وانضباطا لامر المكتب السياسي،وانكر الوصية،وكذب استمان،بعد ان تعرض لتهديد،بأتخاذ اجراءات تأديبية بحقه في حالة رفضه،-كان تروتسكي مجبرا على ان يقرأ الرسالة كقراءتك العوراء ياسيد نمري!!-في الفترة التي كان فيها عرضة للهجوم ويخشى ان يكون هدفا للانتقام والتلويح بالطرد،فقد كتب قائلا:"ان لينين-بعد اصابته بالمرض-يوجه مرارا لاجهزة الحزب العليا للمؤتمر بأقتراحات ورسائل،الخ..ومما لاشك فيه ان جميع تلك الاقتراحات والرسائل كانت تسلم دائما برسم المرسل اليه يحاط بها اعضاء المؤتمر الثالث عشر وبالطبع كان لها التأثير اللازم على قرارات الحزب لم يترك لينين اية "وصية"..وكل هذه الاحاديث حول"وصية"سرية او منقوضة ليس سوى اقاويل شريرة تهدف -اولا واخيرا-لتزوير مشيئة فلاديمير اليتش الحقيقية".-وكما يبدو ليس في هذا التصريح نبرة واسلوب وروح تروتسكي،فالرسمية والسطحية واضحتان في كلامه كله!-.
كان تروتسكي يقاتل وظهره للجدار،خاضعا لهجوم متواصل،بالتلويح بالطرد بعد ادانته بالانحراف البرجوازي الصغير!!...سيستخدم ستالين هذا التصريح ضد تروتسكي لاحقا!.فقد شهد تروتسكي ضد نفسه زورا ولصالح ستالين انصياعا لامر الحزب لااكثر.منذ ادانته ب"الانحراف البرجوازي الصغير"في المؤتمر التداولي الثالث عشر في ايار1924..فقد هدد بطرده من الحزب من قبل اللجنة المركزية،اذا ما انخرط في مساجلات او مواقف معارضة جديدة،وفعلا تم فصله من المكتب السياسي في تشرين الاول1926 فقد كان الثالوث:ستالين،زينوفييف،كامينيف،يسيطر على المكتب السياسي،فهم الاغلبية،ومن خلاله على اللجنة المركزية،وكانوايضا يشرفون على لجنة الرقابة المركزية الجديدة،والتي انتخبت لتلعب دور المحكمة التأديبية للحزب،وهي التي قررت طره،ومن كان رئيسها؟!انه كوبيشيف المنشفي الحقير الذي تبلشف،وبات سفاح ستالين ومطرقته الرهيبة لسحق المعارضة داخل الحزب.كانت محاولات تروتسكي العقيمة للحد من الاشاعات التي كان ستالين يروجها،وتتهمه ب"تهريب "وثائق سرية للينين الى الغرب،تضعه في الزاوية الضيقة في حمى صراعه مع ستالين"حفار قبر الثورة"،وقد استغل ستالين ذلك بخسة،ففي اجتماع اللجنة المركزية في تشرين الاول1927 قال ستالين:"ان من كتب ذلك-يقصد تصريحه بتكذيب ايستمان وجحد الوصية،م.أ-هو تروتسكي لااحد غيره،فعلى اي اساس يدعي تروتسكي،وزينوفييف،وكامينيف اليوم ان الحزب ولجنته المركزية"يخفيان""وصية لينين"...
لقد اجبروا تروتسكي على التصريح المنفر المذكور اعلاه،وجحد الوصية بأملر من الحزب،ثم عادوا واستغلوا تصريحه ضده،بعد ان امروه بذلك،كدليل ضده ولاخراسه!-فيالتلك المعايير الثورية السامية!!-.كان لينين بين مطرقة الانضباط والصمت،وسندان منعه من الخوض في اي مناقشة للسياسة الاقتصادي،والنظام الداخلي للحزب،واللذان تم اعلانهما كمقدسات!.واستغل ستالين سلطته ليصفي من المراكز المهمة كل من كان يميل او يؤيد تروتسكي واستبدلهم بأنصاره!!.-وبعد كل هذه الحيثيات والملابسات،يأتينا النمري،ليقول،بمجانية متعسفة:بأن قراءة تروتسكي للرسالة تتماهى مع قراءته هو..هوراه للعته والسفه!!-..............
في المقال القادم نقرأ مقطعا اخر من مقال النمري :في بيتنا تروتسكي!!!....
......................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات