أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غادا فؤاد السمان - فساد المواطن في إصلاح التغيير















المزيد.....

فساد المواطن في إصلاح التغيير


غادا فؤاد السمان

الحوار المتمدن-العدد: 1304 - 2005 / 9 / 1 - 12:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثلاثون عاما هو وقت مديد لقيصر وليس لوريث فحسب!
ثلاثون عاما لم يعد فيها الوطن وطنا بل صار حاضنة عصيّة على الفهم!
ثلاثون عاما وأكداس التقارير المتعلقة بكل شاردة وواردة تفوق التوقعات، والتصوّر، والترتيب الديموغرافي للتنفسّ السكاني على امتداد الوطن.
ثلاثون عاما والأقنعة على الوجوه والأفئدة والضمائر والنفوس والأرواح والبصائر والكلمات والألسنة.
ثلاثون عاما وطوابير القصائد والقوافي والقوانين والممنوعات والمحظورات والوعود أطول من كل الأوتوسترادات الممتدّة عبر التاريخ والجغرافيا!
ثلاثون عاما، وليس في جعبتي ثلاثون أخرى لأفرح في يوم من الأيام التي ستباغتنا فيها مصداقية الأمل والأمنيات والشعارات المستديمة والمستظلّة والمستتبّة والمتكلّسة داخل الأحداق والأعناق والحناجر والمفاصل والأرواح.
ثلاثون عاما اتسعت فيها شرايين دمشق لتضخّ بلا هوادة المناصب والمراكز والقيادات والمجالس والتشريعات والغنائم، حتى شلّ الياسمين وأُرهِق النارنج وتطاول فيها كل شيء إلا الكرامة والكبرياء.
طبعا الحكاية طويلة لمن يهوى اجترارها، والحقيقة عصيّة على من ينوي اغتيالها، وثمّة مفهوم واحد لا بدّ من تكريسه شاء من شاء وأبى من تأبّى!
والويل كل الويل لمن لا يتقن فنّ التدليس والمُداهنة والرياء والمزاحمة والتبعيّة والنفاق وميزة تفوق هذا كلّه اسمها الانتهازية مفتاح الوصول، وبوصلة الطريق وكشّاف الأمان، تبدأ بطلب انتساب، وتستمرّ في حسّ التنصّت والتتبّع والمحاصرة والتدوين، وسرعان ما تكون المُكافأة على أكمل مسعى ومبتغى، منصباً، وجاهةً، وأرصدةً لا يمكن أن يطولها قانون "من أين لك هذا؟" طالما أنّ المحظيّ صار في عهدة النظام والحزب والدولة!
وكنت أظنني لا أعلم، وتماديت في إطلاق حسن النيّة وعملت بمقولة نبينا محمد (ص): "التمس عذرا لأخيك " والتمست كل المبررات الممكنة، بما فيها اللوم الفادح لكل من يمتلك نزعة الشكوى من وضع ما، حتى باغتتني التجربة في أكثر من مناسبة، أمقتها إلى نفسي وذاكرتي، تلك التي نغّصت مشاركتي لمهرجان البجراوية للشاعرات العربيات الذي انعقد في الخرطوم منذ عام ونيّف ورغم سخاء الجهة الداعية وكرمها الواسع غير أنّ تلك الشاعرة المتباهية في "بعثيّتها " علناً، والخفرة من "بعثيتها" حتى العظم أمام مراياها المعشوشبة بالمساحيق، وبعيدا عمّا يعتريها في سريرتها المريضة، والمصطنعة، والمبرمجة، والمفبركة، لإرضاء أرباب نعمتها، وأولياء ألقها، وانتشارها المُرتَهن، لم تستطع أن تتخطّى حريتي في التعبير والتفكير والحضور، فما كان منها إلا أن جعلت الخرطوم منصّة لمشاهداتها تراقب صحوي ونومي وهواجسي وكوابيسي ولغتي وحواراتي وأنفاسي، ولست وحدي من ضجّ منها، وليست الخرطوم وحدها من ضاق بها، بل حملت قراءاتها المغرضة إلى دمشق، وقدّمت كامل افتراءاتها بسبع صفحات وبضعة أسطر، تُمارس بكل أمانةٍ دورها الأساس في تصدير التقارير وفبركتها، دوّنت فيها كل ما تلفّظتُ به لكن على "طريقتها، وأسلوبها الغثّ المشين"، ولا أظّنني وحدي التي وقعت في براثن سطورها وربما كان هناك سواي، فالمكافأة كانت تتناسب طردا مع تحركاتها "المستجدية " على الدوام، إلى أن دخلتْ مقصورة أحلامها، بعد أن خرجت مظفّرة من مخيم التلطّي، ونالت رضى شهريارات المرحلة، وتدرّجت على إيقاع خلاخيلها، وأوهامها، وأقلامها المشبوهة، والمنتحلة، وهاهي واحدة من مثقّفي النظام الذين يمتلكون صلاحيات الإدانة العشوائية من دون قيد أو شرط لمن لا تروقهم "استقلاليته "و"حرّيته" و"جرأته" في الإفصاح والإيضاح والتعبير.
وما زلت أذكر المساءلة الطويلة التي تعرّضت لها في إحدى زياراتي الدمشقية عما كان ينبغي أن أقوله في الخرطوم وما كان لا ينبغي أن أقوله في الخرطوم، وكثر هم الذين فجعوا إلى جانبي مما بدر منها، ومما حصل، وقصّرت المسافة بيني وبين الواقع، حتى ضاقت السُبل وبدأتُ أرى دمشق مدينتي لم تعد مدينتي، وأكاد أسمع أنين غربتها داخل شراييني، فليست الأولى ممن تسببوا في المساءلة وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، ورحت أواصل استعارة مدينة اسمها بيروت تشبهها ولا تشبهها، وائتَمنتُها على غربتي، لعلني استعدت فيها بعض أنفاسي، لكن عبثا أحاول التقاطها، إذ تخذلني نفسا تلو الآخر، فأستسلمُ لثلاجة الوقت والانتظار، لكن سرعان ما تخرجني منها بعض قضايا الساعة الساخنة، وكلّما هممت بالكتابة عنها احترقت أناملي، وأداويها بالتي كانت هي الداء، وأكتب.. فلا حول ولا قوّة إلا بالحبر، وعزائي أنّه لا من يقرأ ولا من هم يستقرئون، ونجانا الله من بقايا كتّاب التقارير وما أكثرهم.
وألهب القضايا التي تشغل الرأي العام حاليّا ذيول مؤتمر حزب البعث العاشر المنعقد منذ أيام في سورية، وكمواطنة لم يكن ليشغلني الأمر على الإطلاق، لكّن الاكتراث الإعلامي العربي عموما واللبناني خصوصا أتاح لي كما لغيري، فرصة الالتفات والانتباه والتأمّل، نظير الاهتمام الإعلامي المقروء والمرئي والمسموع، ومحور هذا الاهتمام تلك المقرّرات التي أسفرت عن مؤتمر الحزب العاشر والمُتعلقة في شؤون الدولة السورية قيادة وشعبا وحكومة على الصعيدين الداخلي والدولي.
ورغم غموض التصريحات، ورغم تعويم القضايا، وتهويم المستجدات، ورغم طلاقة لسان الناطقة باسم المؤتمر في اللغة الإنكليزية ، ورغم عدم توفّر مترجمين عنها كمترجمة سابقة، ربما وضعت في عين الاعتبار عدم إبراز أي مترجم ينقل عنها فيصيبه مثلا حظاّ وافرا، أو قد تكون من نصيبه وزارة طارئة في المستقبل البعيد، بعد ظهوره الميمون في التلفزيون كوسيلة إعلامية حكوميّة بلا منازع وبلا مترجمين.
وعلى أثر هذا وذاك سطت عناوين بارزة نسمعها منذ حين، بل منذ أحايين عديدة، أولها محاربة الفساد، والإصلاح، والتغيير، ودون مبالغة يُمكن لكل عنوان من هذه العناوين أن يحتل صفحات يُمكن أن تبدأ ويصعب أن تنتهي, ولكن هل الغاية تبرر اللهاث، اللهاث في مطاردة وهم التفاؤل، حتى مشارف الهلاك؟ على مقربة من مقبرة الحلم؟
كثيرة هي القراءات التي تمّت ما قبل المؤتمر وأكثر هي التي تصدّرت الصحف الاْلكترونية، والمطبوعات العربية هنا وهناك بعد المؤتمر، منها ما يجيز المضي قدما لتقفيّ أثر الإصلاح المستوجب حدوثه بشرعية وعلنية ووضوح، ومنها ما يشيع التقهقر عن قبول الفكرة أساسا.
وهكذا يُمكن للمواطن السوري الغارق في الترقّب أن يراوح في حيرة مزمنة لا يقطع دابرها إلا مصداقيّة القول والفعل معا، أولها إحالة أبواق السلطة إلى التقاعد المُبكّر، وخاصّة هؤلاء الذين يتصدرون ويتشدقون بإيجابيات
النظام على اختلاف عواهنه عبر الشاشات والفضائيات بلغة فضفاضة لا تقارب الموضوعية والواقعيّة بأي شكل من الأشكال، وذلك لإتاحة الفرصة مليّا أمام المواطن الذي يكتم همومه على مضض، ويبتلعها على ضيم، لأن يقول رأيه وأوجاعه من دون تحفّظ وتحسّب واتّعاظ . إذ لطالما استوقفتني عبارة كانت تتصدّر كامل الصحف السورية "لا أريد لأحد أن يتستّر على الخطأ " ما دفعني لاعتناق العبارة والتسليم لقضائها وقدرها، وما إن كان لأحد أن يتنفّس ببنت شفة ليقول رأيه بأي خطأ حتى يدفع جلّ الأثمان، ويُعامل معاملة "المجزومين " ، إلى أنّ انفضّ الجميع عن مجرد التفكير في المحاولة.
وتوالت الأخطاء وتعاقبت الأخطاء و تراكمت الأخطاء إلى الحد الذي أعمى أبصار المترقّبين، وهاهي الدعوة تتجدّد لاسترجاع الدور، دور الإصلاح لمحاربة الفساد، ومن يعلم أي فساد سيتمّ إصلاحه، ربما فساد المواطن الذي يؤمن بحقوقه، وكرامته، وصونهما!
ثمّة تحركات ميدانية مستجدّة على الحالة المذكورة تدعو لاستنهاض المجتمع المدني لتخطّي حاجز الخرس وإيجاد هامش يتّسع للنقد والتعبير عن الرأي بحريّة غير منقوصة، لعلّها دخلت اللعبة من باب الرهان مع الذات إذا لم يكن مع السلطة، ومن المبكّر جدا التكهن بأيّ احتمالات، طالما أنّ قانون الطوارئ يعمل عمله من دون هوادة حتى هذا التاريخ!



#غادا_فؤاد_السمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضامن مع مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي
- قلم قاصر


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غادا فؤاد السمان - فساد المواطن في إصلاح التغيير