أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات – 8 – نباتيون، متعصبونَ، وحشيونَ و متحضرون.














المزيد.....

بوح في جدليات – 8 – نباتيون، متعصبونَ، وحشيونَ و متحضرون.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 16:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بوح في جدليات – 8 – نباتيون، متعصبونَ، وحشيونَ و متحضرون.

من لا يأكلون الحيوانات يمتنعون رحمة بها لانها تستطيع التعبير بصراخها و أنينها، و يضيف الدم السائل و تقلصات العضلات و انتفاضات النهاية في جسد الذبيح بعداً إنسانياً يعزز الموقف النافر الهارب من صورة الموت الشنيعة.

فإذا ما فهمنا ووعينا هذا الأمر عرفنا لم لا يشعرون بذات الجُرم و هم يتناولون النباتات و يصرحون بفخر يكاد يكون استعلاء الواعي بأنهم نباتيون، على الرغم من كون النبات حياة تم اجتثاثها من تراب الاستمرارية و النمو إلى ذبول الاقتلاع و فناء الهضم.

إذاً نحن أمام حكم بشري محض و أخلاقية تطورية وضعت درجات لنوع الحياة التي يُسمح بإنهائها و يُقبل و يبُارك فعل الإنهاء فيها مقابل تلك التي يُجرم و يُدان و يُوصم بالبشاعة ذات الفعل فيها، مع أن النتيجة في الحالتين هي الموت للحيوان و النبات، و الاستمرارية للآكل البشري.

و هذا ليس ببعيد عن أخلاق التعصب ضد إثنية أو لون أو جندر أو دين أو طائفة أو مذهب أو طبقة أو تاريخ أو حقبة زمنية أو فكر مخالف. فإذا ما قسنا الكبير على هدي الصغير عرفنا بشرية ما نملك من خلفيات تصوغ حياتنا اليومية و ردور أفعالنا و نظرتنا إلى المستقبل و موقفنا من الآخر.

و قد يبدو لنا للوهلة الأولى أن بعض المجتمعات أو الشعوب أدنى منزلة و قيمة ً من الناحية الأخلاقية فيما تمتلكه من أيدولوجيات من مجتمعات و شعوب أخرى، غير أننا إذا ما تعاملنا معهم وجدنا ذات الدوافع البشرية تحركهم جميعاً، إنما الفرق في مُخرجات ِ و نتائج أيدولوجياتهم الحضارية، و سنعرفُ أيضا ً أن المجتمعات التي ترى في نفسها السمو تـتَّبِع في "تحضير" المجتمعات التي تعُدُّها أدنى منها ممارسات ٍ وحشية لا تقل عن وحشية ِ ما تقول أنها تُحاربه.

و هنا لا بدَّ أن نعترف َ أننا أمام مفارقة ٍ عجيبة يكونُ فيها المُتحضِّرُ وحشيا ً في سبيل ِ حضارته، كي يتخلصَ بالوحشية التي قبلها لنفسها من وحشية ِ الآخر التي أنكرها عليه. و بذلك نعترفُ بقوِّة ِ الفعل أننا وحشيون لكننا نمتلك ُ الوعي الكافي لاستحضار ِ المبررات و التبريرات و الحُجج لنجعل بعض الوحشي ضربا ً من اللازم و الذي لا يمكن الاستغناءُ عنه في سبيل التخلص من الوحشية.

و ستكون النتيجة أن الوحشي يبقى قابعا ً في النفوس ِ لدى الحضاري بينما يظهر في أفعال غير الحضاري واضحا ً غير مُختبئ، و قد تكون خطيئة ُ العربِ الأولى أنهم وحشيونَ فعلا ً و حضاريونَ قولا ً، بينما تبقى الصورة المُزهرة للغربي بأنه مُتحضر بينما تقبعُ الوحشية ُ في داخله.

و نحنُ مُصيبون كلَّ الصواب إذا ما اعترفنا أن الوحش الحضاري الغربي قد نجح في بناء ِ مُجتمعات ٍ دستورية و مُؤسَّسية تجعل من الإنسان ِو حقوقه ِ المقدَّس الوحيد، في حين تراجعات مجتمعاتنا العربية ليكون الإنسانُ هو آخر ما -و لا أقولُ من- يتم الإلتفاتُ إليه، فكان حقَّا ً على المجتمعات ِ العربية النظر ُ بعين الشكِّ و الريبة و الخوف من الغربي الذي يأتيها بأساليبه، لكنها ترتكبُ خطيئة ً شنيعة ً جدَّا ً بعدم قدرتها على النفاذِ ببصيرتها إلى نتائج أساليبه و مُخرجاتها الحضارية فتفشلُ تماما ً في أن تُحضِّر َ من نفسها و تستغرقُ في حروب الدفاع بينما تزدادُ وحشية ً و تخلُّفا ً و همجية ً.

و حينما يفشل ُ الغربيُّ في أن يجد أساليب َ حضارية ً ناقلة ً لتحضُّره، تبقى الحربُ قائمة ً بين الوحشي الحضاري، و الحضاري الوحشي، فيلتقيان و يتساويان ِ في الوحشية، و يفترقان عن الحضارة.

هل نحنُ مختلفونَ كثيرا ً من الداخل، أشكُّ جدَّا ً!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط كوباني الوشيك.
- بيريفان ساسون
- قراءة في اللادينية – 4 – الإحيائية، الطوطم و التابو كمدخلٍ ج ...
- قراءة في اللادينية – 3 – الإحيائية، الطوطم و التابو كمدخلٍ ج ...
- أين التحالف من كوباني؟
- قراءة في اللادينية – 2 - ما قبل َ مأسسة الدين.
- قراءة في الشر -7 - المقدس التعويضي و الشر الخلاصي.
- وباء السلفية التكفيرية –6 – لامركزية المرجعية و استتباعاتُها ...
- بوح في جدليات – 7 – أبي أنا ذاهب.
- في الموت – قراءة رابعة، بوابة الانتقال.
- قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع- 2 – المقدس ...
- بوح في جدليات – 6 – ارتدي ثيابك َ لقد تأخرنا.
- وباء السلفية التكفيرية – 5- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 4
- الضربات الأمريكية لداعش.
- وباء السلفية التكفيرية – 4- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 3
- وباء السلفية التكفيرية – 3- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 2
- وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1
- بوح ٌ في جدليات – 5 – جارنا و الأفعى.
- في الموت – قراءة ثالثة، من العبثية حتى الحتمية.
- من وحي قصة حقيقية - يا سادن الحبِّ.


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات – 8 – نباتيون، متعصبونَ، وحشيونَ و متحضرون.