|
قراءة في الإنتخابات التونسية و التحول الديمقراطي ............
يعقوب القصاصفة
الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 15:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة في الإنتخابات التونسية و التحول الديمقراطي ............ أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس، يوم الثلاثاء في 25 من نوفمبر 2014، أن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية أظهرت تقدم الباجي قائد السبسي بـ.39.46 بالمئة من الأصوات، على أقرب منافسيه المنصف المرزوقي الذي حصل على 33.43 بالمئة. على الرغم من تقدم السبسي، زعيم حزب نداء تونس، إلا أنه لم ينجح في الحصول على الأكثرية المطلقة من الأصوات المتمثلة بأكثر من 50 بالمئة، وعليه فإنه سيخوض الدورة الثانية بمواجهة المرزوقي الذي حل ثانياً. والسؤال هنا ماذا يمكن ان يحدث في حال نجاح السبسي وحزب نداء تونس ؟ وهل سيقبل السبسي ضم حزب النهضة الى الحكومة الجديدة ؟ أم هل ستعود تونس بن علي ولكن بحلة جديدة ؟ ؟ وما موقف المؤسسة العسكرية من ذلك؟؟؟؟ لقد تميزت الثورة التونسية عن غيرها من الثورات العربية في كونها الأكثر نضجاً في تعاملها مع الخلافات والاختلافات السياسية ، ومايميز تونس عن غيرها من الثورات العربية هو ابتعاد المؤسسة العسكرية عن التدخل في الشأن السياسي تاركة للاحزاب السياسية الدور، وبكل تاكيد ذلك يعود الى السياسة التي اتبعها كل من بورقيبة وبن علي وهي التهميش والاقصاء التام للجيش وابعاده عن الساحة السياسية، ولقد استفاد الشعب التونسي من سيناريو واستراتجية بن علي، وكذلك فعلت المؤسسة العسكرية. فالجيش لم يَعًد يطمع بالسلطة السياسية لأنه يفتقد إلى التجربة والتاريخ السياسي والإيديولوجيا. صحيح أن الشعب نادى، قبل 14 كانون الثاني/يناير وبعده، بتدخّل المؤسسة العسكرية في السلطة، خاصة وأن الفريق أول رشيد عمار قال لبن علي أنه لم ولن يطلق النار على المتظاهرين. لكن الجيش في الواقع لم يطمح إلى استلام السلطة السياسية. بل ساعد الجيش في الحفاظ على مؤسسات الدولة حين سقط النظام. وقد تمّ ذلك على أثر التصريح الذي أدلى به رشيد عمّار (والذي بات يُعرَف بـ"تصريح القصبة اثنين") حين وعد بحماية الثورة والبلاد. ثم أن وزارة الدفاع تؤكّد مراراً وتكراراً بأن هدفها هو تأمين المسار الديمقراطي والمدني وليس فرض سلطة العسكر. لقد كانت الفترة الانتقالية والانتخابات التونسية بعد الثورة عملية صعبة وهذا ليس سوى أمر طبيعي وضريبة للتحول الديمقراطي واستطاع من خلالها حزب النهضة أن يحصل على النصيب الأوفر من مقاعد المجلس التاسيسي . وفي هذا الوقت يشارك التونسيون في الانتخابات الرئاسية لمعرفة رئيس جمهوريتهم القادم، كما يترقبون في نفس الوقت معرفة اسم رئيس الوزراء القادم، حيث اتفقت كل الأطراف السياسية في البلاد على أن يتم تأجيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعتبر جزءا من تقدم تونس بعناية نحو الديمقراطية، وفي هذا الوقت، يشتد النقاش داخل حزب نداء تونس، الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية، ففي حال فوز رئيس الحزب، الباجي قائد السبسي (هو الأوفر حظا بالفوز)، هل سيكون عليه أن يعين رئيسا للوزراء ويدعو النهضة، الحزب الإسلامي الذي تراجع إلى المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الشهر الماضي، إلى المشاركة في حكومة وحدة وطنية، أم أنه سيدفع الإسلاميين إلى البقاء في المعارضة؟ يتكون حزب نداء تونس من رجال الأعمال وشخصيات من فلول النظام القديم ومن بعض العلمانيين والحداثيين ، لذلك فان قادة الحزب يكنون العداء والضغينة للتيارات الاسلامية وبالأخص لحزب النهضة والتي يتكون بالأساس من الفلاحين والطبقة الوسطى في حين يعتبر حزب نداء تونس نفسهم النخبة، والآن وفي ظل تراجع حركة النهضة في الانتخابات التشريعية وحصولها على 69 مقعدا مقابل 85 مقعدا لنداء تونس، لا يرى الكثير من قادة نداء تونس أي سبب للسماح للنهضة بالعودة من جديد لسدة الحكم. ويعود سبب هذا التراجع الى فشل حزب النهضة في حل الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكن وبالرغم من ذلك ممكن ان يسمح السبسي للنهضة في الدخول في الائتلاف وذلك لتجنب مهاجمته من قبلهم في حال الفشل في المستقبل. بغض النظر عن التضارب القائم حول شكل الحكومة المقبلة، توجد قضية أثارة القلق لدى الناس الذين انحازوا للثورة ضد ديكتاتورية بن علي وهي ان السبسي تولى عدة مناصب في حكومة المخلوع بن علي وهذا مايعتبره الكثير من التونسيين عودة لنظام بن علي ولكن بحلة جديدة وهذا ما يستغله منافسي السبسي وبخاصة المرزوقي . أما الأمر الثاني الذي يقلق التونسيين هو مكان حزب النهضة والإسلاميين في الحكومة الجديدة وهل سيتم اخراجهم من الملعب السياسي وحظرهم كما الاخوان في مصر او سيتم التعامل معهم كحزب معارض أم أن السبسي لديه نظرة اخرى وهي التعاون معهم لتحميلهم جزء من المسؤولية في حال الفشل كل هذه الأمور لازالت غير واضحة المعالم ومازل مبكراً البت فيها . يمكن القول أن المشهد السياسي للحكومة التونسية الجديدة سيتضح اكثر واكثر وذلك بعد الجولة الثانية . وبالرغم من ذلك كله الا ان النموذج التونسي والثورة التونسية سوف تسطر وجهاً آخر مشرق للتحول الديمقراطي ليس في الوطن العربي فحسب بل بالعالم واتمنى ان تسير دول المنطقة العربية على نهج الثورة التونسية في سبيل تحقيق الديمقراطية والارتقاء . وفي الختام لابد الدعاء بالتوفيق للشعب التونسي وان تكون هذه الانتخابات بادرة خير عليهم وبداية لحقبة جديدة ومشرقة........
#يعقوب_القصاصفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
داعش والرجل الشبح ...... حكاية العراق والشام
-
أين أخطا محمد مرسي والأخوان المسلمين .......
-
فلاديمير بوتين -رئيس قاهر لقوى خارقة متآكلة ولكنها لا تزال ج
...
-
الإسلام السياسي وسيسيولوجيا الشعوب العربية
-
التدخل الروسي في الشرق الاوسط سببه وتداعياته على المشهد السي
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|