أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - الطائر المقدس - قصة قصيرة - للكبار فقط














المزيد.....


الطائر المقدس - قصة قصيرة - للكبار فقط


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4645 - 2014 / 11 / 27 - 08:51
المحور: الادب والفن
    


يُحكى أنه حصل في الماضي القريب إجتماع هام في مملكة الطيور حول الرعب الذي سببته لهم مملكة العرب , قال حكيم مملكة الطيور : نحن لم نعد نستطيع النوم بعد غروب الشمس مطمئنين , ولم نعد نأكل غير فُتاة المزابل , فقد يبُس الزرع عندهم وإختفت الحبوب , وأصبح ريشنا عفناً لقلة الماء , إنهم يقتلوننا لجوعهم ويكرهون طيراننا لقلة حيلتهم , ولا تشرق شمس إلا ونحن نسمع صراخ الأمهات وعويلهن . قال أحد الطيور الذي عُرف بتغريده الجميل والذي سحر الجميع , لو هاجرنا فسنجد في كل بلد من بلاد الأرض حرب في شكل مختلف , فهناك أرض يتقاتل فيها البشر السود مع البشر البيض وأرض تعمل فيها المصانع ليل نهار ويسممنا دخانها , وأرض أخرى فيها كل ما نشتهيه وتنتشر فيها الغابات والأحراش لكن الأمراض تنتشر بين سكانها ونصاب ببعض منها . نفذ صبر حكيم الطيور وقال : ما الحل إذاً ؟ , قال الطائر المُغرد , الحل أن نعود إلى الماضي , ضحك الجميع وقالوا : عن أي ماضي تتحدث , أنت تعلم إن عجلة الزمن لا تعود إلى الوراء , قال : سأدعو الله أن يعيدني إليه عسى أن يُستجاب دعائي , قالو مستهزئين سنرى .
قضى الطائر المغرد ليلته قلقاً يدعو الله أن يعيده إلى الماضي لأن قبائل الطيور قد كرهت الحاضر . حين أصبح الصباح أخذ التعب من هذا الطير مأخذا كبيراً ونام نوماً عميقاً وحينما فتح عينيه بعد وقت غير طويل رأى أنه يطير بين شوارع غير مرصوفة ورؤوس غير محلوقة وسلال الباعة المتجولين التي تعرض الطعام هنا وهناك , قال الطائر : إستجاب الله دعائي ثم توقف على غصن شجرة فوجد طائراً سميناً ولا يستطيع الحركة قال له من أين أنت قال طائرنا : أنا من الحاضر فضحك الآخر وقال أتحب العودة الى الماضي , قال طائرنا نعم , قال الآخر لن تجد هنا مبتغاك , فالقوم هنا قد ضعفت قوتهم , وهناك قوم أشد قوة يقال لهم المغول جاءوا من بعيد لإحتلالنا وسنغرق بدمائنا . فزع طائرنا المغرد وهرب إلى شجرة عالية إستقر عليها وإنتظر الغروب , وما أن حل الظلام حتى أخذ الطائر المُغرد بالدعاء إلى الله للعودة إلى الماضي الأبعد , ثم نام الطائر عميقاً حتى الصباح و وحينما فتح عينيه وجد نفسه في مدينة غريبة ومنظمة بشكل غريب , وجوه البشر فيها تمتلأ إتزان وحكمة , يسيرون أسراباً وكأنهم مجندون لا يدفع أحدهم الآخر ولا يزاحمه . هبط طائرنا على شجرة صغيرة فقابله طائر فتي , فقال له طائرنا أين أمك ولماذا أنت وحيد , قال الصغير : هنا الكل يعمل والعمل هو شرفنا , ومنذ أن وضع حمورابي مسلته وقوانينه ونحن نسير عليها لا نحيد يميناً أو يساراً , لكل منا واجب وعمل ومن يخالف هذه القوانين يعاقب بشدة , إمتعض طائرنا وهز جناحيه وقال : أنا طائر حر وأُحب حريتي ولا أريد قيوداً ولا سدوداً , الفضاء هو مملكتي ولا يطوعني أحد . هرب الطائر إلى شجرة تقع في أطراف المدينة وقبل أن ينام دعا الله قائلاً أطلب منك ربي وللمرة الأخيرة أن تعيدني إلى الماضي السحيق حيث الزرع وفير والأرض تفوح منها رائحة الأزهار , لا دماء فيها ولا قتال , ولا ظلم فيها ولا قوانين , ولا سيد فيها ولا عبيد , بل أرض فسيحة وفضاء أوسع . وحين أصبح الصباح وجد نفسه في غابة كبيرة يُسمع فيها خرير الأنهار من كل جانب تتمشى الناس فيها عُراة يلتقطون الثمر ويقطعون الحب من سنابله ويأكلون , ليس لديهم سلال لجمع الثمار والحبوب بل يأكلون القليل ويتركون الباقي على أغصانه أو سنابله . رفع الطائر عينيه إلى السماء فوجدها صافية لا دخان فيها ووجد على النهر صغار السمك تتقافز سعيدة من فوق الأمواج , تلفت طائرنا يميناً ويساراً وهو يتساءل أين قوارب الصيد وأين شباك الصيادين , وأين بقايا علب الدخان والطعام الفاسد , ثم تجول مستغرباً وقائلاً لا أثر لرجال الشرطة الذين يتصيدون المجرمين والأبرياء , ولا أثر ايضاَ لمواقد شواء الطيور المدجنة , وتبسم الطائر ضاحكاً وقال : لا أجد هنا فتياناً يتمايلون وبأيديهم قناني الكحول بل أجد أُناس متحابين لا يحتاجون إلى الكحول لينسيهم أحزانهم , ولا أدري لمَ الكل يطير بفرح وكأن لهم أجنحة مثلنا . توقف طائر مُسن قرب طائرنا وقال : نحن مجمع الطيور لا نخشى هنا شيئا و أنظر إلى الأعلى تجد أسرابنا في الأفق تدور في السماء وحين يحل المساء يغرد الجميع ويقص حكاياته . تبسم طائرنا وقال : أود البقاء هنا وتوسل الطائر إلى لله أن يبقيه في الماضي السحيق , قال فيه حريتي وطعامي وسكينتي وأماني , لا أريد الرجوع إلى حيث رائحة البارود بدل رائحة السنابل وأطلق الطائر تغريدة سحرت الجميع .
حين يئست قبائل الطيور من عودة طائرها المغرد أدركوا أنه قد فضل الماضي السحيق وأصبح جزءاً من ذلك الماضي , فقرروا أن يبحثوا عن هذا الماضي لعيشو فيه .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنحب أمواتنا أكثر من أحيائنا
- الورود السوداء - قصة قصيرة
- أخاك أخاك أن من لا أخاً له .. كساع إلى الهيجا بغير سلاح
- نحن من يزرع الشوك
- البيت العراقي
- من يُعدِل الميزان .
- من يبقى للعراق الجريح !!
- الإرهاب من أين والى أين .
- هل يتبادل الإنسان الأدوار مع الحيوان .
- الطلاق الحر بين الجماعات والأفراد .
- إن كنت تريد غزالاً فخذ أرنباً , وإن أردت أرنباً فخذ أرنباً . ...
- المادة 4 إرهاب ويوم المرأة العالمي وقانون الأحوال الشخصية ال ...
- الشراسة طبع متوارث أم مكتسب لدى العرب .
- ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا )
- كل يوم يُقتل الحسين فينا .
- أفقر العالم أشد أم فقر العراقيين .
- الإنسان إبن بيئته والمرأة تتبع هذا .
- إحساس الغيرة هل هو مرض أم دافع .
- فلسفة إلغاء الآخر أو فلسفة القتل .
- المغتربات العراقيات والسومريات


المزيد.....




- أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21 ...
- السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني ...
- مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع ...
- -طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري ...
- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - الطائر المقدس - قصة قصيرة - للكبار فقط