محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 00:25
المحور:
الادب والفن
لقاء الحبيب________________________________________
نهضت مبكرا لتذهب للقائه .. استحمت . سرحت تسريحة الشعر التي كان يحبها بأن أطلقت شعرها لينسدل على ظهرها وكتفيها .. وضعت القليل من أحمر الشفاه ، على شفتيها .. كحلت عينيها .. وردت خديها بلمسات من الحمرة .. طلت أظافر يديها وقدميها بالقليل من البنفسجي الذي يعشقه . ارتدت ثيابا محتشمة حسبما يحب أن يراها ، الفستان البنفسجي ( الكلوش ) الذي يعانق قدميها .تركت طوق الفستان مفتوحا ليبدو عنقها وبعض صدرها حسب رغبته ، وارتدت الطوق الذهبي الذي ابتاعه لها في حفل الزفاف والذي يسترسل على صدرها إلى أن يلامس منبع نهديها .وضعت في أصابعها ذبلة الخطوبة وخاتمي الزفاف .. ارتدت الحذاء البنفسجي.. مدت يدها إلى الحقيبة البنفسجية أيضا .أخرجت زجاجة العطر المضوع بروح الياسمين .. رشت على شعرها وعنقها وصدرها وكتفيها .
خرجت من البيت .. كانت تمطر رهاما .. لم تكترث ، بل أحست أن الرذاذ فأل حسن . قصدت بائع الزهور . ابتاعت باقة من البنفسج والفل والجوري الأحمر . وسارت بخطوات متئدة إلى حيث ستلتقيه وهي تسترجع بعض لقاءاتهما وهو يضم رأسها إلى عنقه ويملس بيده على شعرها ، ويغمرها بحب مفعم بالحنان ، ويهمس إليها : أنت روحي التي تمدني بعشق الحياة يا أمل . فتهمس إليه : حبيبي ، هذه سلطات لا ترحم وأنت تصر على التصدي العنيد لها ، أنا خائفة عليك يا ثائر . فيهمس :لا تخافي يا حبيبتي ! حولونا إلى أرقام ، مجردة من المشاعر والعقول والحقوق ، لا تهتف إلا للقائد الإله ، ولا تفكر إلا حسبما يريد القائد الإله ، فإلى متى سنصبر على كل هذا الذل والهوان ؟!
توقف الرهام .اجتازت بوابة السور الذي يلف المكان . أحست برهبة هائلة اجتاحت جسدها من رأسها حتى أخمصي قدميها ، حاولت تجاوز الحالة بأن رسمت ابتسامة طفيفة على شفتيها لتبدد السكون الذي راح يلف وجهها ، والذي قد لا يبهج ثائر .
أبطأت من خطوها وهي تقترب من جدثه . كانوا قد اعتقلوه ليلة الزفاف ، وسلموه جثة هامدة بعد قرابة شهر مدعين أنه مات بالسكتة القلبية ، لكن آثار التعذيب على جسده كشفت كذبهم وساديتهم .
وقفت إلى جانب الجدث . جثت على ركبتيها عند رأسه ، وضعت باقة الورد بهدوء . ملست بيديها على التراب الرطب . أبت دمعتان إلا أن تنزلقا على وجنتيها لتعانقا ابتسامتها الطفيفة ، فيما كان عطرها الياسميني يتضوع في أرجاء المقبرة . .
***********************
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟