|
زقنموت (رواية) 12
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 21:58
المحور:
الادب والفن
واقفاً على ضفة جدول مائي. شق أخدودي متعرج ينحدر من شط يحمل هويتين،أسمين متخاصمين،جهة(تعربها)،جهة(تفرسها)،رهط أتخذ حلاً وسطياً من باب إخماد حقن الضغائن،قام بـ(أسلمته)،الأخدود المائي مثل ثعبان يتلوى شاقاً أحشاء البساتين،واصلاً إلى أطرافها،قرب الشارع العام الذي يصل مدينة(البصرة)ببلدة(الفاو) . الشط ذات زمان كان هادراً،يوماً أثر يوم بدأ يحتبس ماءه،تتقلص مساحته،وتغادره سفن الشرق والغرب. يصعد الماء ويهبط،عبر تراجيديا أزليّة،مد وجزر،على ومضات النور المنسكب من قرص قمر يسبح خجلاً في سماء مغبرة. بوقفته الشرودية،يراقب(ماهر)من كثب بعينين متعبتين،أسماك صغيرة تكافح،مشهد ممتع،أن تفاجئ بصور حياتية متواصلة قربك،كل كائن يمتلك حياته الخاصة،يمتلك أخلاقه،منبوذ من يخرج من فلك كائنيته. مشهد أسماك صغيرة تمرح في ماء وديع،أنزل بندقيته من كتفه،جلس يتمعن حياة متعبة،حياة أسماك تهرب ليل نهار،حولها وحوش لا ترحم،من بني جلدتها،من كائنات أخر،الكل يعشق التهام السمك،القطط والكلاب والأفاعي والبشر والطيور والدببة والسلاحف والتماسيح،سمك يعيش على سمك،حياتها تشبه حياة البشر، البشر أيضاً ينقسمون إلى قسمين متعادلين،مفترسون وضحايا،ليس بالضرورة أن يأكل بعضهم بعضاً،توجد وسائل تتساوى في موازين الحسابات العقابية،الغيبة،النميمة،لوك معلن للحم البعض،مضغ حي،سلب حقوق واستغلال تام لتعساء الأرض. الحياة قتال متواصل،في الماء،في البر،في الفضاء،في العلن،في الخفاء.(قال لسانه) أسماك صغير تتراقص،تبحث عن غذائها،رفرفت أجنحة،كان ظل الجناحين مستقيماً يرتسم على الأرض، طائر مائي منقاره طويل،واقفاً يطير،يسلط عينين خارقتين في سرب أسماك تكافح،على مسافة عشرين متر من وقفته،الجوع منحه شجاعة كاملة لاقتناص غذائه،طائر مذعور راقبه بحماس،حط منقضاً كصاروخ(جوـ أرض)،أخترق الماء،خرج طائراً،وجد صيده ينفلت من منقاره،لاح مدى خوفه من تواجد جندي بيده سلاح،متلهفاً ركض(ماهر)نحو الكائن المائي المتراقص،حمله،تأمله وأعاده إلى عالمه المائي،الطائر ظلّ يرمقه من الفضاء غاضباً،يشتمه بصوت حزين،يتمنى لو كان هذا الجندي قطّاع الرزق سمكة مهما كانت حجمها لأنقض عليها ومزقها بمنقاره المدبب عقاباً. حمل بندقيته،ألقى نظرة،وجد ساعته متوقفة،نسى أن يبدل بطاريتها ليلة أمس،في تلك اللحظة سمع صوت نائب العريف(رسول)يناديه: ((ماهر..انتهى وقت حراستنا.)) مشى إليه،معاً واصلا السير نحو الملجأ،تمدد على فراشه،جسد مرهق،ضجيج دمه يتفاقم،بدأ يبث عزفاً صاخباً،نشيد يفرض سطوته كلّما يتواجد في الفراش. قال(رسول): ((ماذا دهاك.؟)) ((أشعر بتعب غير طبيعي.)) ((ربما اشتقت إليها.)) ((لم أعد أشعر بتلك الرغبة العارمة.)) ((بعد غد ستشبع منها ـ عجناً ـ وتقبيلاً.)) ((لم أعد أرغب بمغادرة الجبهة.)) ((أنت مجنون.!)) ((ربما تكون على حق.)) ((نم.؟يجب أن تغط في نوم طويل،كي تنهض قربة منفوخة برغبات عاطفية عارمة.)) غط(رسول)في نوم شخيري. بدأ بسياحة ذهنية،غربل حياته العسكرية القصيرة،لم يهتد لمشهد يؤرقه كي ينام،طال تحديقه في شاشة الفراغ ،فئران تخشخش بين الشقوق،هدوء نسبي يعم الجبهة،عادته الدائمة قد تنجيه من حمّى الإحباط،سحب دفتره،سحب قلم الجاف،طريقة مجربة تقتل حيرته بـ قيء قيح مشاعره،كلمات حب تطفأ نيران شهواته،جمل غزلية،يحشرها في مضيق أوزان عاطفية،نساها(الفراهيدي)،وهذا يدل على أنه كان بلا قلب،أو مجرد من العاطفة،لا خيار وجد ليضعه تفسيراً أنجع منه. كل ما يكتب،يقرأه بذهن منفوخ،بكبرياء شاعر جاهلي،قبل حشرها في مظروف مهيأ،وعبر بريده اليدوي،يدي تلك الطفلة الوديعة،ساعي بريده المجاني،يرسلها إلى(مها)،ضوء القلب،مصباح أضاء ظلمات حياته،تتلقفها، تقرأها،تعيد القراءة،تسهر الليل،كتابها بين يديها. كل عاشقة مفضوحة،هكذا يقول دليل المحبين،المواقف والمشاهد لكل العصور السالفة،كل حبيبة تتصرف بشيء من خفّة الروح،بمرح وسعادة تتطاير من مقلتيها،يكتشف النبيه هذا التبدل الفاضح في تصرفات البنت،في تعايش الولد داخل كل البيت. (مها)ستضبطها أمها ذات ليلة: ((كفاك قراءة،ستطفئين نور عينيك)) لا يخشى(ماهر)على(مها)،تمتلك خيارات دفاعية متينة..ستقول لأمّها: ((لدي امتحان كبير غداً يا أمّي.!)) ((وهل هناك امتحان أكبر من حياتنا البائسة.؟)) ستنسحب أمها بينما(مها)ستهمس جواب سؤال الخلود في نفسها: ((نعم يا أمي أنه امتحان الحب.!)) تجهل الكثير من الأمهات قراءة سحنات بناتهن،يجهلن فضيحة القلب مرتسماً في عيون الأبناء،في كلماتهم،في تصرفاتهم،في طبيعة تناول الطعام. الحب جرثومة شاملة التأثير،تجاربهن لم يعلمهن درس الحياة الكبير،أم هي لعبة الحياة المعقدة،كل كائن عاشق يغدو رماد محض حين يتركه الدهر في حفر الحياة. تغادر أمها،تنام،تبقى(مها)لتؤكد عبر كل رسالة،المشهد،لتعلمه بمدى قوة حبها له،تقرأ كلماته من بين دفتي كتاب مدرستها،تعيد قراءتها،تحفظها عن ظهر قلب،تبدأ بالكتابة،تكتب مشاعرها المحترقة بنيران اللهفة، بحرائق الانتظار،بنت مراهقة وجدت نفسها ذات صباح في حديقة مسرات كونية،حديقة مراهق يانعة. لا تركن الأم للهدوء،قلبها دليلها،ثمة عزف مزعج،يسلب من العين النوم،أمها ستباغتها مرة أخرى: ((الصباح سيطلع،كيف تقاومين في المدرسة.؟!)) ((انتهيت من تحضير دروسي،سأنام حالاً يا أمي.)) مسكينة أمها،حتماً ستصدقها. تضع(مها)كلمات حياتها داخل مظروف،تنتظر عودته،ساعي البريد،فتاة المراسلة اليدوية،واقفة،توزع مناشير لهفتها على همسات صباح بلدة تتناهض بكسل تام،تترصد الدرب،تجلس مع بنات صغيرات،هن يلعبن،هي عينها على الدرب،تنتظر عاشقاً لم يمت بعد،أخطأته رصاصات الحرب،لم تكتشفه صواريخ الحقد البشري،يأتي دائماً مع الغروب،الجبهة بعيدة،ست مركبات يكملن الخط الممتد ما بين بيته وموضع قتاله،متعباً،يتنكب حقيبته،يمشي بعينين مرتجفتين،فتاة البريد تقتنصه من مسافات قصية،تحفظ مشيته، تركض إلى(مها)،تلهث،تستقبلها بفرح غامر،تعرف من لسانها المتوقف،من عينيها الدامعتين،حبيب القلب عاد،من غير عوق،ماشياً على قدميه،غير مرفوعاً على الأكتاف،لا نعش يقتحم الزقاق،جاء غير ملفوفاً بعلم صار وظيفته الوطنية لفّافاً للموتى،بعدما كان مروحة هوائية الحركة،تهش وتبش من غير سبب،لتنعش عروق البلاد بنسمات حرية مزعومة،وسيادة وهمية على رقاب رعية غذائهم الدائم أوهام الوطنية. تقبلها(مها)،تعيش ليلة حالمة،لا تنام،((ليس الوقت وقت نوم))،دائماً تكرر الجملة بيقين لا يتزعزع،تقولها بشيء من الحساسية المفرطة،من خلال الكلمات المضغوطة،من خلال صرير القلم،يعرف(ماهر)لكم كانت تكتب الجملة بعصبية متشنجة،تكتبها بطريقة متعرجة،في كل رسائلها الملتهبة. لم تعد الجبهة تهمه،مكان لا يليق بعشاق الحياة،(مقبرة أحياء)على حد زعم نائب العريف(رسول)،كل شيء يلوح أمامه(مها). في الليل،توفر له(مها) فرص تبادل الرسائل،تقف تلك الصغيرة على الدرب،يخرج،تجده بعينين لا تخطآن ،تركض،قلبه يقشعر،جسده يرتجف،يخاف(ماهر)من المتلصصين،قد يراهما متلصص،قد راقب كثيراً،منتظراً ـ على جمر الغيرة والحقد ـ عودته،يريد دليلاً ملموساً ضدّه،ربما ضدّها،لغاية قد لا يعلمها،قلبه دليله،دائماً يحسسه بهذا الظن المتواصل،ثمة كلب يترقب مشهد الإثم. آه..دائماً(مها)تميت أحراش الخوف في مهدها،رائحتها،زقاقها،طلعتها،طفلة بريدها..تطمئنه: ((لا..ليس في الزقاق من يستطيع كشف أسرارنا.)) يرتمي القلم مزوبعاً بتسويد الورق. أصابعه متشنجة،فكره مشغول،أصيل محموم بهدوء منسوب لتعب العدو،أعداء لا يتعبون في الاعتداء،فلسفة حربية تليدة،التحرش نشيد حربي خالد،العدو قد يرتكن لهدوء نسبي،يراجع فيها أوراق الاعتداء القادم،وتهيئة المستلزمات الضرورية لتحقيق اعتداء كامل التدمير،غير منقوص الغنيمة،الحرب أم الغنائم،خالتها وعمتها، من يسحق ندّه يلتهم ما عنده،يحرق ويسرق،تلك هي لغة الحرب في الغابات،في المدن،بين الحيوان،بين الإنسان،من عصر(النياندرتال)إلى عصر(أطفال الأنابيب). هدوء العدو وراءه عاصفة،أنّه يخطط لفعل كبير،أقسى اعتداءً،كل شيء ممكن ووارد في خط النار،هجومات موسمية تتواصل،لا أحد يقرأ أفكار غريمه،كل طرف يمتلك كمية مؤهلة لإبادة غريمه. في الحرب تنام الأخلاق،وتسبت فكرة الإنسانية،يغدو البشر حمر مستنفرة يجب إخلاء البسيطة من صخبها المتنامي،كل طرف عند غريمه حمير فائضة عن اللزوم،معتبراً نفسه الأسود الكاسرة،تمتلك الحق الكامل من تنظيف الغابات من نهيقها. داخل قاعتين قيادتين متباعدتين تنسج الملاحم الدموية بغاية في الكتمان،وكثير من الوحشية والغباء. دائماً يتم إعدام قادة فشلوا في وقف زحف العدو،أو تعذر عليهم تطهير ثلمة أرض غير مؤهلة للعيش محتلة،أو أعطوا ضحايا فوق الحد المسموح به. فكر(ماهر)يشتغل،شعرياً يصافح الموجودات من حوله،من غير راديكالية،من غير تدقيق حرفي في حفرياتها الغائية،أو فلسفة هيرمونطيقيتها،الجمال الشكلي والمشهدي ديدنه،التكعيبية لم تعد تنفع هلوسات الحرب، السريالية وباء لوّث الجمال الفطري لكل المخلوقات،لن تشفع لـ خربطات مزاجه،الرمزية ثوب مفتوق،مشقق الغايات،ميزان الذهب لم تعد ضيزى،ترتب أوراق جنونه،فن التقطيع والتلميع والتسريع باطل الأباطيل من يهندس عليه هذياناته. الجمال سر خالد يطيل من سعادة المرء،في كل موجودات الحياة حفنة جمال،في الحجر والشجر،ألم تتحول الأحجار والأشجار إلى منحوتات ذات قيمة فكرية ومادية.؟ تأتيه أفكار متنوعة،تصفع ذهنه وتمضي،(رسول)يشخر،جيوبه الأنفية فشل في أيجاد العلاج الخامد لنشيدها،أمام عينيه تسبح كلمات تعذبه،تمزق على وتيرة متصاعدة أعصابه،تحاول بالتقسيط المريح خداعه،تتراقص على مهل،لا ترغب الهبوط إلى قلم شبه خائف،يرتجف بين أنامل فقدت معنوياتها، يحاول،يفشل،همومه جثة غير طائعة،تقاوم بضراوة نمرة محاصرة،يرغب صيدها،لا سلاح يمتلك في قتالها،لا عزيمة تشحنه بطاقة قتال كي يتناولها ضرباً بقلمه،كي يحيلها إلى قوالب أحلام تتعتع خلجان قلب(مها). علي أن اقتنص ما هو مناسب.(قال لسانه) كلمات غير طبيعية،تهز أغوار(مها)من قراءة أولى،ليس بالأمر اليسير،باتت الكلمات لا تشبع ثورتها العاطفية،رغباتها بلشفية نوعاً ما،تريد شعراً متمرداً،عنيفة القوافي،مثل طلقات مسدس ـ غوبلز ـ الثقافية، كلمات نارية تغربل أغوارها الجاهلية. (مها)أدمنت لعبة الكلام،صارت تكتب أكثر مما يكتب،كلماتها فوق مستوى كلماته،متحررة،تحيره أكثر مما يحيرها،ليس لأن قلبه مقفول على وتيرة رتيبة،أو غير نابض،قلب الفتاة حين تعشق تغدو فردوساً يسع أحلام الدنيا،قلب الفتاة عالم صادق،قلب الشاب مستودع خادع،تكتفي الفتاة بمحب واحد،والشاب يرغب بامتلاك فتيات العالم دفعة واحدة. مزاج(مها)غير طبيعي،خبر عواطفها من لقاءات متفاوتة في المتعة. (مها)صغير عمرها،عقلها أكبر مما يتصور عقله،عمرها لا يؤهل غيرها لمغامرة وجودية في غابة بشرية موحشة. (مها)جريئة،لا ترف لها جفن،لا تخجل من كلام الحب،عجزت ذاكرته،لم يعد يصطد جمل يسكر بها قلبها المتمرد. قلمه أبى الانسحاب من ساحة الحب،بعد فشل واضح لتدوين الأرق،وتعذر مشلول لتسطير لواعج وخلجات الذات،رفض قلمه أن ينسحب من غير قذف رصاص ذائب.
أنااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا لم أعد أناااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا فمن أناااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا.؟! *** مظروف رسالته تهيأ. لم يعد يتذكر ما الذي هيأ،بقى متيقظاً،لم يعد كما كان،قارئ كتب،دنيا تنغلق،قلبه يضيق،شيء ما يستصرخه: ((لم أنت بالذات.؟))ترجيع صدى. لم أنا بالذات.؟(قال لسانه) تسحبه الصرخة.
متأملاً الفراغ المترب لا عدو يرصدني لا قدر يأخذني بضغطة زناد لا رصاصة تريحني من ضجيج يستفحل ويسكت فيّ هذا العناد ضجيج يمزقني يكاد يبتلعني على مهل يكاد يلقيني جملة مهملة من غير فعل.! *** (رسول))قام لم يجده،وجد أوراق مبعثرة،وجد رسالة مختومة،شتمه،دائماً يقول له: ((أذا تركتني وحيداً في الملجأ،سأصب عليك لعنات الدنيا.)) يكتفي(ماهر)بهزة رأس وابتسامة شبه مخادعة. (ماهر)كل ما يكتب يقرأه،رسائل وقصائد،يستطلع أقرب رفاقه(موحان و رسول)من غير خوف على مجمل أسراره. (رسول)لحظة قام من غفوته،لحظة لم يجده،تبعه،يعرف دائماً أين يجده،أمسكه من معصمه. صاح بوجهه: ((أجننت.!)) جرجره إلى الملجأ. صاح أخرى: ((أتريد أن تموت.)) ((نعم،أنا لم أعد أنا.)) ((أنت تهذي يا ـ ماهر ـ )) ((لا أجاملك..)) حدجه بنظرة ملؤها توسل..قال: ((ماهر..لم تخبئ عني أسرارك.؟)) ((ليس لدي جديد.)) ((المظروف مغلق.)) ((لا شيء يستحق الاهتمام.)) تمدد(رسول)على فراشه،أمطره بنظرات شبه جارحة،تكاد تكون غريبة. (ماهر)تعلم فن الهروب،فن الكذب. العشق أكذوبة،كل ما يقال في حضرة المحب كلام فارغ،أحلام رملية،هاجس بدأ ينمو،ذهنه بدأ يفسر الأشياء كيفما أتفق،كل ضفة تمطر الضفة المقابلة بما تمتلك من غبار معسل،أملاح لابد منها لترطيب الجو،لتمتين الآصرة. قال: ((الرسالة لأمّي.)) ((تكذب.)) خطوة أولى متعثرة،ليس كل إنسان يستطيع تمرير أكاذيبه،هناك بشر أكاذيبهم تداوي هموم العباد،تسكن آلامهم،تقبر جوعهم،تريح أعصابهم،ألسنتهم غير الصريحة،تقودهم ليصبحوا رؤساء بلدانهم،يذيبوا الحجر بخطبهم الرنّانة،يميتون أحلام الناس الكبيرة،يمتلكون وقود سحرية يحيلون الغضب إلى ولاء. حقاً(أنّ من البيانِ لسحرا). لسان(ماهر)غير مهيأ للكذب،لسان عادي،غير مهيأ لوميض السحر،محاولة أولى فاشلة،طالب رسب في امتحانه الأوّل. قال: ((وددت أن أمازحك.)) (رسول)أسمر،مربوع الجسم،حاد النظر،كل هادئ يقرأ أفكار الآخرين بتمحيص،يمكنه تمييز الأشياء ما هو نافع وما هو ضار. قال: ((لم تمارس هذا الأمر من قبل.)) ((دعه جانباً.)) ((أنت مريض يا ـ ماهر ـ )) ((ربما الخوف بدأ يعتريني من هذا الصمت الملغوم.)) ((جبهتنا دائماً صامتة كصمتك.)) ((لم تلح يا أخي.)) ((كي لا تكذب علي مرة أخرى.)) ((حسناً كما تريد.)) ساد صمت طويل..حل الغروب. عدّوا عشاءهم،مع غروب شمس كل يوم،توقد نار صغيرة،يشويان اللحم،يأكلان كريات لحم مشوي،يحتسيان الشاي قبل أن يتهيأ لواجب ليلي ممل من أجل اصطياد الفراغ.
في حفرة على الساتر. سأله(موحان): ((كيف أحببتها.؟)) ((لا أعرف.!)) ((لا تتغابى..أريد أن أعرف كيف تعلقت بك،كيف حصل التغير الاستراتيجي في معركتها الفاصلة مع الحب.؟!)) ((صدقني قبل وميض الحب كانت تلعب بالتراب.)) ((ألم تصارحك عن كيفية تأثيرك العاطفي عليها.!)) ((في الصباح كانت تلعب بالتراب،في الليل تحرشت بي،وصرنا حبايب.)) ((ربما لعبها بالتراب كان تعبيراً فسلجياً عن نمو ساخن لعواطفها،كون التراب أصل البشر.)) ((عدت منتصف الليل من المقهى،لا أعرف كيف لمحتني في ظلام الزقاق،كانت برفقة شقيقتها،حاذتني وضرب كفها كفي.!)) ((مصادفة..)) ((لم تكن مصادفة،كانت مقصودة.)) ((كيف.؟)) ((كانت في الطرف الآخر من الدرب،ما أن لمحتني غيرت مسارها وانتقلت إلى جهتي.)) ((رب صدفة خير من ألف حرشة.)) ((لا تتفلسف برأسي،أحكي لي عن حبك.)) ((أنا لا أحب.!)) ((من لا يحب مكروه.)) ((فتاة وضعتها في بالي،ما زالت رغبتي تصطدم بصخرة عاثرة.)) ((أمّا أن تكون ـ جبان ـ عاطفي،أو أنها لا تستسيغ هذه السحنة المحروقة.)) ((لا هذا ولا ذاك.)) ((أم أنك بندول متأرجح.!)) صمت.
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زقنموت (رواية) 11
-
زقنموت (رواية) 10
-
زقنموت (رواية) 9
-
زقنموت (رواية) 8
-
زقنموت (رواية) 7
-
زقنموت (رواية) 6
-
زقنموت (رواية) 5
-
زقنموت (رواية) 4
-
زقنموت (رواية) 3
-
زقنموت (رواية) 2
-
زقنموت (رواية) 1
-
ليالي المنسية(رواية)جزء38الأخير
-
ليالي المنسية (رواية) جزء 37
-
ليالي المنسية (رواية) جزء 36
-
ليالي المنسية (رواية) جزء 35
-
ليالي المنسية (رواية) جزء 34
-
ليالي المنسية ( رواية) الجزء 33
-
ليالي المنسية (رواية) الجزء 32
-
ليالي المنسية (رواية) الجزء 31
-
ليالي المنسية (رواية) الجزء 30
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|