أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي التماهي مع المواقف الرسمية














المزيد.....

على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي التماهي مع المواقف الرسمية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صدر عن وزير الداخلية المغربي تصريح خطير يعتبر بموجبه أن السلطة لا يمكن لها أن تترك القاعات العمومية لمن يعارض التوجهات الرسمية، وهو تصريح يأتي بعد سلسلة قرارات المنع الممنهج التي انتهجتها السلطة ضدّ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبعد أنواع العرقلة والتحرش بفاعلين حقوقيين من تنظيمات أخرى مختلفة. وقد برر الوزير هذه الحملة القمعية غير المسبوقة بكشف هؤلاء الحقوقيين عن خروقات السلطة في الأقاليم الصحراوية وفي ملف مكافحة الإرهاب.
تريد السلطة إذن حقوق الإنسان بمنظورها، وتريد فاعلين حقوقيين على مقاسها، وفي حدود خطابها الرسمي، والحقيقة أن الحقوقيين لو ظلّوا في بلدان العالم يخضعون للمواقف الرسمية لدولهم لما حدث أي تقدم في حقوق الإنسان عالميا، ولما خطت البشرية خطواتها المظفرة نحو مزيد من الكرامة.
وإذا كان ما حدث غير مستغرب من السلطة في بلد مثل المغرب، فإنّ المستغرب حقا أن تسعى إلى تلميع وجهها للظهور بغير صورتها الحقيقية.
تصريح الوزير (الذي يتظاهر بأنه الآمر الناهي في هذا الأمر وهو غير ذلك) هو إعلان لنهج فاشستي لا غبار عليه، مع سبق الإصرار والترصد، في عالم انتقل بعد تضحيات جسيمة من هيمنة الأنظمة الشمولية التحكمية على ثلثي الكرة الأرضية، إلى انفراج ديمقراطي عبّرت فيه العديد من الشعوب عن آمال عريضة في التحرر.
ما يصدم في تصريحات الوزير هو تجاهله للطرق اللاقانونية المعتمدة من طرف وزارته في الاعتداء على الحقوقيين، وهي الطرق التي تجعل كل حديث عن "الدولة" وعما هو "رسمي" حديثا بدون معنى، ما دام مفترضا أن كل دولة قائمة على القانون، وكل ما هو رسمي يتمّ في إطار القانون.
وما تجاهله وزير الداخلية في تصريحه هو أن القاعات العمومية ملك للدولة وليس للسلطة، وأنها رهن إشارة جميع مكونات المجتمع التي هي من المواطنين دافعي الضرائب، ومهما كانت مواقف هذه التيارات المختلفة مع أو ضدّ المواقف الرسمية، فإن حقها في استغلال القاعات والفضاءات العمومية مثل غيرها أمر غير قابل للمساومة أو إعادة النظر، كما ينبغي أن نذكر بأن المعارضة بجميع تجلياتها مؤسساتية أو خارج المؤسسات هي أساس دينامية الدولة والمجتمع وقوتهما، وأن محاولة جعل المعارضة محصورة في دائرة "إجماع" سياسي حول السلطة مضبوط ومراقب لا بد أن تبوء بالفشل، لأنها تسير في اتجاه معاكس للمنطق الديمقراطي.
وقد صرح الوزير للمجتمعين معه كما نشر في الصحافة بأن المنع الذي تقترفه وزارته لا يشمل الجميع، بل لا يخصّ إلا حالة جمعية بعينها هي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ورغم أن هذا الأمر غير صحيح لأن تنظيمات أخرى تعاني من التضييق والحظر، إلا أنه يظهر أن السلطة تسعى إلى عزل جمعية عن المنتظم الحقوقي المغربي والتطبيع مع حالة اضطهادها اليومي، مع العلم أن ما يحدث ضد الجمعية المذكورة أمر مدان وغير مقبول بجميع المقاييس.
وإذ لا نملك إلا أن نعبر عن شعورنا بالشفقة على وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، بسبب تصريحاته التي تعكس المحنة التي يعيشها في منصبه الذي يشغله، فإننا نذكره بأن الأولى أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها تجاه وزير موجود بين ظهرانيها، أو على الأقل أن تخجل من نفسها أمام ما يجري، عوض دعوة المتضررين من القمع إلى اللجوء إلى القضاء.
هل نحن بحاجة إلى التذكير بأنّ الحقوقيين ليسوا معارضين سياسيين ولكنهم ضمير الدولة، وواجبهم هو القيام بما تخشاه السلطة بالذات، أي فضح الخروقات والأخطاء والانحرافات بغرض وضع حدّ لها وتحقيق مزيد من الكرامة للمواطنين المغاربة. وعندما نقول الخروقات والأخطاء فإننا نقصد في الصحراء كما في أية بقعة أخرى ، وفي موضوع مكافحة الإرهاب كما في غيره من الملفات، وعلى السلطة الرشيدة أن تقبل بدور الحقوقيين وترضاه لأنه أساس التطور وضمان الاستقرار الطبيعي القائم على دوام العدل والمساواة ورفع الظلم.
وعلى المواطنين الذين ينخرطون في دعم السلطة ضد أمثالهم من المقهورين بهدف الحفاظ على بعض المصالح الصغيرة والمؤقتة، أن يعلموا بأنهم بوقوفهم ضد مسار التغيير إنما يعاكسون حقوقهم ويساهمون في صنع قيودهم بأنفسهم.
إننا نسير في اتجاه فبركة مفهوم جديد للوطنية يتمثل في تسييج النقاش العمومي والعمل الحقوقي والمدني وإلزام الجميع بالانخراط القسري في "إجماع" حول السلطة في هذا الملف أو ذاك، دون أن تلزم السلطة نفسها بالمقابل بتغيير أي شيء من عاداتها السيئة .
إن "حب الوطن" لا يمكن أن يتجسّد في التماهي مع السلطة ومسايرتها في كل اختياراتها بما فيها تلك التي تعدّ أخطاء كبيرة في حق المجتمع، بل هو في الجهر بالحق كلما اقتضى الأمر ذلك، وعلى الذين يقترفون الأخطاء وهم في مواقع القرار أن يكونوا أكثر غيرة على "صورة البلد" في الخارج، لأنهم وحدهم من يمسّ بها من الداخل.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يقوم بتنفيذ -أجندة أجنبية- بالمغرب ؟
- المغاربة والعلمانية: قراءة في نتائج دراسة ميدانية
- الديمقراطية ومنطق -أخف الضررين-
- هل يعرف العرب معنى النصر ومعنى الهزيمة ؟
- حقيقة ما يحدث في -غرداية- بالجزائر
- عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية
- إلى المقامرين بالوطن
- لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين
- مأزق طارق رمضان
- لماذا نحن ضد إعدام 529 إخوانيا مصريا
- من أين تأتي جاذبية خطاب العنف والتطرف ؟
- حقوق المرأة في الدستور المغربي، مكتسبات معطلة
- جذور الإسلاموفوبيا من أجل نظرة واقعية
- من المسئول عن جعل الفنانين المصريين سفراء للعسكر ؟
- لماذا تظل الحقائق صادمة في بلدان المسلمين ؟
- ثورة القبل
- مأزق المسلمين حضاري وليس سياسيا
- لماذا لم يزهر ربيع الإسلاميين ؟
- -صامدون- ضد من ؟
- أحمد عصيد - كاتب وشاعر وباحث أمازيغي مغربي، وناشط حقوقي وعلم ...


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي التماهي مع المواقف الرسمية