ياسين لمقدم
الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 21 - 22:39
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
قضى مستشارو الحاكم ووزراءه لياليهم ونهاراتهم في التفكير، فأَمْرُ خروج زعيمهم من عاصمته يحتاج إلى أكثر من تدبير. كانوا يجتمعون في ديوان آمر الجُندِ لأنه أكثرهم معرفة بأحوال الرَّعية في الهوامش والأقاصي، وفي كلِّ وهْدَةٍ وجبلٍ، وقد يفيدهم فيما قد يحُدُّ من بؤس تلكم البلاد أمام ناظرَيّ حاكمهم المبجَّل. وقد اتفقوا على أن يكدُّوا لكي يدفعوا عنهم ما قد يحيق بهم من غوائل إن لمس الحاكم فيهم زعمهم في اتخاذهم خدمة الناس شغلهم الشاغل.
بعد القيلِ والقال، واحتدام السِّجال، اتفقوا على اختيار فرُقٍ من أخلصِ الرِّجال، وحمَّلوهم بالزاد والأموال. وأمروهم بالخروج عن بكرة أبيهم ولا يتخلَّف عنهم إلا ختَّال. وسلموا لرئيس كل فرقة خططهم العاجلة، لتزيين الأرصفة وترميم الدُّور وتقويم كلِّ مائلة.
ومرَّت الأيام والليالي، وكل المسؤولين في العاصمة يقفون من فجرهم إلى غَبشِهم على قدم وساق. ولا يخلدون إلى أفرشتهم إلا بعد تقديمهم تقاريرهم لكي تتقدم أشغالهم في توازن مع بعضها واتساق. وتوزَّعتْ مهامُّ المبعوثين بين مراقبٍ لسير الأعمال، وحاشدٍ لأعيان القبائل لإرغامهم على التبرع بالأموال.
في مساءٍ ما، وبينما الأشغال في أوجها، هبت على ربوع البلاد عواصف قوية، أرعبتِ البشر وزلزلت الحجر. فتهدَّمت المنازل في الضواحي واجتُثَّ الشجر. وعند عودته من جولانه المعتاد إلى مجلس الحكامة، تحدَّثَ آمر الجند عن هولِ الكوارث حتى ظن الناس من حوله أنه أسهب في وصفِ حشر يوم القيامة.
شعر أعضاء المجلس وكأنهم في بحرٍ ذي موجٍ متلاطم، فتوزَّعوا بين محزونٍ وواجمٍ وعلى وجهه في التيه هائم. فإن خرج الحاكم لتعزية سائس الخيل سيُصدَم لحال الأرجاء، ويشك أن من بين معاونيه من لا يزال يكنُّ له الولاء، فيمعنُ فيهم قَسْرًا إلى اختفاء بالنَّفيِ والفناء...
يتبع...
#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟