حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 4639 - 2014 / 11 / 20 - 10:03
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
"زوّار" الصّباح
1989
الطقس بارد في شهر كانون الثاني"يناير"، والسماء ملبدة بالغيوم، الامطار غزيرة، وحملة اعتقالات تجوب البلدة... كل ليلة تفتيش وتكسير، وترويع أطفال ونساء في منتصف الليل، الساعة الثالثة صباحا، سمعت دبيب بساطيرهم يقترب من منزلي، نهضت من مكاني وتوجهت الى والدتي، ايقظتها حتى لا تخاف، ولأخفف من هول الصدمة، وقلت لها ها هم قد جاءوا، سوف يأخذون أحدا منا، كنت في تلك الليلة مستعدة...ارتديت ملابس ثقيلة ونمت بها، كانت مخاوفي تنبع من حملة اعتقالات واسعة على موظفي جريدة الفجر المقدسية، كل يوم يداهمون ويعتقلون، بدأوا يدقون الباب ببساطيرهم الثقيلة، افتخ باب، افتخ الباب، تقدمت نحو الباب، وقلت ماذا تريدون، قال افتخ، قلت لهم لا افتح اذهبوا وعودوا في الصباح، لا يوجد أحد في البيت غيري، وأنا لن افتح لكم، عادوا يخبطون الباب ببساطيرهم، ويرددون أقول لك افتخ باب، فقلت لا نستقبل أحدا في هذا الوقت...عودوا من حيث أتيتم، وانا لا اعرف من تكونون، لا يأتي في هذا الوقت غير اللصوص، ازداد غضبهم وهم يرددون افتخ وإلا سنكسر الباب، نهض شقيقي الصحفي محمد زحايكة الذي يعمل معي أيضا في نفس الصحيفة، من فراشه وفتح الباب، انقض البعض عليه يكيلونه ضربا، وانقض البعض عليّ يدفعني بقوة بأعقاب البنادق، صحت بصوت عال، اخرجوا ماذا تريدون، اقتادوا شقيقي... وضعوا الكلبشات في يديه وهم ينهالون عليه بأعقاب البنادق ويركلونه ببساطيرهم، استيقظ الجيران ومنهم شقيقاتي المتزوجات، وأبناء عمومتي، والكل تجمهر، وبدأنا نهجم على الجنود بأيدينا، ونرجمهم بالحجارة، سلاحنا الوحيد، لم يتوقعوا ان يكون هناك مقاومة في تلك الساعة، فقذفونا بقنابل الغاز، ثم اخذوا شقيقي وغادروا، عدت الى داخل البيت، وجدت أمي لا تقوى على الوقوف والكلام، لقد تجمدت في مكانها، لم تستوعب فكرة اعتقال شقيقي، فقد ضحت بشبابها من أجلنا بعد استشهاد أبي في حرب حزيران عام 1967، وخافت أن تفقده مثل ما فقدت أبي، في الصباح اتصلت على الصحيفة أخبرهم بالأمر، وبأنني سوف أتغيب عن العمل بسبب تدهور حالة والدتي الصحية.
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟