|
لغتنا العربية.... إلى أين.....؟!
عطاالله جبر
الحوار المتمدن-العدد: 4638 - 2014 / 11 / 19 - 12:30
المحور:
الادب والفن
لغتنا العربية.... إلى أين.....؟! عطاالله جبر- الناصرة
تحت شعار تحديث اللغة العربية ومنهجتها بالجديد والعصريّ لتواكب العصر- وهو شعار هامّ وتقدميّ ومعتبر- يجري ذبح هذه اللغة وسحقها ومسخها. أكتب هذا المفتتح وأنا بصدد الحديث عن كتاب «البديع في الفهم واللغة والتعبير» لأحمد الصيفي، وإصدار مكتبة كل شيء، وبمصادقة من وزارة التربية والتعليم. أبدأ بملاحظة شكلية، ولكنها على جانب من الأهمية، ظهر على غلاف الكتاب اسم أحمد الصيفي، وعليه يعتقد من يرى الكتاب حسب الغلاف أن أحمد هو مؤلف الكتاب، ولكننا عندما نترك الغلاف نقرأ على الصفحة الداخلية الأولى أن الكتاب من إعداد أحمد الصيفي وليس من تأليفه. والفرق بين الإعداد والتأليف كبير، فالتأليف يستدعي مسؤولية كبيرة تفوق مسؤولية جامع الكتاب الذي يجمع موادّ حسب المطلوب ويصنّفها. ويُلاحظ من الصفحة الأولى أنّ الكتاب، لم تراجعه لجنة فلا توجد أسماء مراجعين وما شاكل ذلك، فكان الكتاب ثمرة مجهود فرديّ وبرعاية من وزارة المعارف والتعليم التي لا يمكن أن توافق عليه إلا بعد دراسته ومراجعته. أسأل مُعِدَّ الكتاب أو مؤلفه، إذا كنتَ قد جمعتَ نصوصا للفهم فمن وضع أسئلتها؟ فإذا كنتَ قد جمعتها متضمنة أسئلتها، فهذا جمع، وإذا كنت أنت من قام بصياغة الأسئلة فهذا تأليف. ومن ثمّ كيف يكون اسم الكتاب «البديع» وهو قريب من مادة «الإبداع» إذا كان مجرد جمع وإعداد بلا تأليف؟ اتّخذ الكتاب لنفسه منهجا يسير في ثلاثة محاور مترافقة: الفهم، التعبير واللغة. اشتمل الكتاب في محوره الأول على عشرة نصوص معدة للفهم، يلاحظ أنها طويلة نوعا ما في معظمها، وكان مفضلا أن تكون قصيرة رشيقة (38 صفحة من 116 صفحة)، جاء هذا الطول على حساب التعبير واللغة. أتناول هنا النصين: الأول والثاني لضيق المجال، وهناك ما يقال عن النصوص الأخرى وهو كثير. يرصد النص الأول ظواهر الإنترنيت المستعملة بكثرة كالفيس بوك وغيره كوسائل حديثة للترويج للأفكار والأشخاص، وعندما رجعت إلى المقالة الأصلية المنشورة في مجلة «العربي» الكويتية، وجدت ما يلي: أن أحمد الصيفي أعمل مِقصَّه فيها فحذف أكثر من ثلثها، وأنا لست ضدّ الحذف، ولكنّ الحذف هنا أضرّ بهدف المقالة ومقصد كاتبها، وهو إبراز كيفية توظيف وسائل الإنترنيت وتأثيرها في ثورة 25 يناير في مصر، فقد حذف الصيفي معظم ما يتعلق بالثورة أو بأمور أخرى دون أن يكتب حتى كلمة ( بتصرف). والسؤال: هل يحقّ له الاعتداء على مقالة لغيره؟ لو كان كاتب المقالة عارفا بما جرى لحقَّ له أن يرفع دعوى ضد الفاعل. أما الأسئلة عن النص فلا تتجاوز الدرجات الأولى في "سلم بلوم" المشهور، اذ تكتفي باستخراج المعلومات وتوضيحها وتفسيرها. وأحيانا مقارنتها بغيرها، وتبتعد عن التذوق أو الاستمتاع أو إبداء الرأي والموقف أو التساؤل حول بنية النصّ وفنيّته كمقالة، وأساليبه اللغوية ...الخ.، ورأى أحمد الصيفي أنه من الأفضل أن يشكّل النص بدلا من أن يترك ذلك للطالب ومعلمه، فوقع بالخطأ أكثر من مرة. ففي جملة «أسهمت في زيادة شهرة بعض الأفراد أو الفنانين أو البرامج» شكّل حرف «أو» مرتين بالسكون والصحيح بالكسر منعا للالتقاء الساكنين في الحالتين وشكل كلمة «البرامج» بالفتحة والصحيح بالكسرة لأنها معطوفة على كلمة «الأفراد» المجرورة بالإضافة (يبدو أنه لا يعرف أن الممنوع من الصرف عند تعريفه يصرف؟؟) في جملة « ولا يمكن التكهن بدقة بما كان يمكن له أو لغيره من أساطير الزمن القديم أن يفعلوا». شكل «يمكن» الأولى بضمّ الكاف بينما الكسر أحسن، وفي «أن يفعلوا» وهذا غير جائز لأن "واو الجماعة" للعاقل والصحيح «أن تفعل». وفي جملة « بما في ذلك مفهوم الشهرة والنجاح ومعناها» والصحيح و"معناهما". كل هذه الأخطاء حصلت في (صفحة 7)، وأتساءل: لماذا لم يصحّح الصيفي ما أخطأ به كاتب المقالة وسمح لنفسه أن يحذف منها ما شاء؟ في (صفحة 13) يكتب كلمة «انستجرام» مرة بالجيم ومرة بحرف الغين فلماذا؟ أيهما يعتمد المعلم أو الطالب ولماذا؟!. النص الثاني مأخوذ من كتاب «البخلاء» للجاحظ، وقد جاز عليه من مِقصّ أحمد الصيفي ما جاز على النص الأول، فغيّر المعنى وربما لم يتضح مقصد النص النهائيّ نتيجة هذا الحذف، فالمريض الذي يعاني من آلام صدره في النص قال: "اشتكيت......، وإشارة الاقتباس - كما وضعتها- من المفروض أن تكون بعد النقطتين وقبل الفعل «اشتيكت»، ولكنها في النص الوارد في كتاب «البديع» جاءت قبل الفعل قال. ولم تثبت بعد النقطتين وقبل الفعل اشتكيت فما معنى ذلك؟ إذا كان أحمد الصيفي يعتقد أنه يقتبس عن الجاحظ مجمل النص فالامر ممكن، ولكن ما ليس ممكنا أنه إذا جاء الفعل "قال" وأشباهه، وتلا ذلك جملة مقولة القول، فيجب اعتبار هذه الجملة اقتباسا أيضا، ووجب أن توضع علامات الاقتباس أول الجملة وعند نهايتها... أي بعد «وعرفت قصدي»، وهنالك اقتباس آخر داخل النص المقتبس نفسه حيث جاء: وقال لي بعض الموفقين: "عليك ماء النخالة فاحْسُهُ" وهنا أهمل الصيفي بعض الكلمات، ففي النص الأصلي ورد بدلا من كلمة «ماء» «بماء» وكذلك حذف كلمة حارٍّا بعد احْسُهُ، وكذلك أهمل علامة الاقتباس في جملة: ثم قلت للعجوز:" لم لا تطبخين....". إن عدم وضع علامات الاقتباس شوّه فهم النص، وأعرف أن وظيفة محقّق المخطوطات القديمة أن يظهر علامات الترقيم واضحة، لأن المخطوطات خلت منها (ومحقق هذا النص الأصليّ الذي أخذ عنه أحمد وضعها) ولكن وظيفة جامع النصوص، وفي كتابنا الذي نحن بصدده، أن يحذفها! بعد الفعل «أصابني» في السطر الأول يضع ثلاث نقاط، ومعنى ذلك، وبالمقارنة مع النص الأصلي أنه قد حذف سطرين يتحدث فيهما الرجل المريض عما اقترح عليه من مأكولات وحلويات بأنواعها المختلفة لكي تساعده على الشفاء، ولكنها غالية الثمن، وبعد هذا الحذف تأتي جملة "... وكرهت الكلفة" وتبدأ بالواو، فلا يدري القارىء أين تعود هذه الجملة وأيّة كلفة يتحدث الرجل عنها، مما استدعى العودة للنص الأصلي، وكذلك في أسئلة الفهم يسأل الصيفي عن هذه الجملة «المغلقة» لحذف ما سبقها فلا يفهم السؤال. وهو يحذف أيضا الأسطر الثلاثة الأخيرة من النص الأصلي حيث يطلب المريض من العجوز أن تبيع النخالة بعد تجفيفها من جديد فيربح بها، وهي تهنّئه بهذه النخالة التي ملأت بطنه ووفرت عليه وشفته من مرضه وسوف تجلب له المال الكثير حين تُباع مجددا بعد تجفيفها!! وأتساءل : هل اعتمد الصيفي على نص مختلف عن النص الذي بين يديّ حذف منه ما حذف؟ لا أدري ولكن النص بشكله الموجود إساءة إلى الجاحظ ما بعدها إساءة. أما عن الأخطاء في التشكيل فأشير إلى "في ذلك اليوم" فقد شكّل كلمة "اليوم" بالفتحة والصحيح بالكسرة لأنها بدل مما هو في محلّ جر. في الصفحات (28-31) يتحدث الصيفي عن أدب النادرة وعن الجاحظ، فيتحول درسه إلى درس أدب تقليديّ، يحتوي على جمل عامة لا تتطرق من قريب أو بعيد إلى نادرة "ماء النخالة" التي اقترحها كمادة للفهم، وكان مطلوبا منه أن يطبق مفهوم النادرة وميزاتها على النص الذي اختاره: لماذا لم يقل كيف ظهر بخل الرجل المريض؟ ولماذا لم يوضح أين برز عنصر الهزل والسخرية ؟ وقد حذف النهاية التي تتمحور فيها قمة السخرية! نحن لسنا بحاجة إلى نصوص عن الموضوع بل نحتاج إلى نصوص تعالج الموضوع؟! أما الأسئلة الواردة بعد النص فتبقى في إطار المعلومات واستخراجها وفهمهما دون تحليلها وإبداء الموقف منها كما قلت عن النص السابق. أشير إلى أحد الأسئلة الواردة بعد النص، يقول السؤال: «لمن تعود ال «هـا» في الجملة "إذ يستخدم البخيل أسلوبا في التفكير يعكس ثقافة العصر وتوظيفه إياها»، اسم الاستفهام «مَن» في رأس الجملة، وهو يدلّ على العاقل استعمله الصيفي ليس في موضعه لأنه يسأل عن غير العاقل، وهذا الخطأ متكرر في الكتاب(خمس مرات على الأقل). وفي نفس السؤال رفع كلمة «توظيفه» والصحيح النصب لأنها معطوفة على «ثقافة» المنصوبة على المفعولية(صفحة أما المحور الثاني الذي يحويه الكتاب فهو «التعبير»، ولا أعتقد أنّ ما جاء في هذا الإطار يمكن أن يعلم «التعبير»، إذ أنه يطلب من الطالب أن يكتب الإنشاء من خلال توجيهات إنشائية لا نقاش حولها أو تمثيل لها من باب «افعل ولا تفعل». وأتساءل: لماذا تعمّد الصيفي أن يحمل ثلاث بطيخات بيد واحدة وهو عاجز عن حمل واحدة باليدين؟! جاء باب «التعبير» على طريقة الأغاني الحديثة التي تُكتب كلماتها صباحا وتُلحّن ظهرا وتُغنى في المساء فتكشف عن مفاتنها المخادعة. بالمقابل فكتاب «الجديد في التعبير والفهم» خاصة للعاشر حتى الثاني عشر- في اعتقادي- أفضل كثيرا من «بديع» الصيفي، وكان الأفضل له أن يُسقط هذا القسم. المحور الثالث هو محور اللغة أو القواعد، يأتي هزيلا جدا، تُعطى القواعد فيه بشكل جاف وكأنها قوانين سير يجب اتباعها، مع أننا نعرف أنها يجب أن تُعرَض من خلال الأمثلة والتوضيح، وسأعطي مثالا: يتساءل الصيفي:«هل يجوز أن يكون اسم (كان/ أصبح) مصدرا مؤوّلا؟- نعم يجوز، لأنه يمكن تأويله بالمفرد، أصبح إنشاء مدونة بإمكان.... » (ص 19). نلاحظ أن درس النواسخ بمجمله قد احتوى على جملة يتيمة يمثل فيها على ما يقصد، ولماذا اكتفى ب(كان /أصبح) دون غيرهما من الأفعال الناقصة الأخرى، في الوقت الذي تحتوي لغتنا على جمل كثيرة من نوع ما ذكر؟ أثبت إحداها هنا «ليس البرَّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب»،ثم إن ذكر المصدر المؤول يستدعي محلّه الإعرابيّ، وها هو الصيفي يُعرب المفردات المكونة للمصدر دون الالتفات إلى محلّ إعرابه (أنَّ الفنان استطاع) وهذا فهم محدود للغة (ص 22). أما «لم» في نفس الصفحة فيعربها: «حرف نفي وجزم وقلب مبنيّ على السكون» ونحن لا نحتاج إلى كل هذه المصطلحات عند إعراب لم وتقريبها إلى الطلاب. في نهاية درس «كان وأخواتها» يطلب الصيفي إعراب الجملة التالية إعرابا تاما: «لأنهم لم يستوعبوا قواعد الدعاية والإعلام» (23)، كيف يمكن أن تكون هذه جملة؟! هذا مصدر مؤول ولا يمكنه إلا أن يكون مسندا أو مسندا إليه، ولا يقوم الواحد دون الآخر! وعندما يتحدث الصيفي عن دخول «ما الكافة» (وهو يسميها «ما الزائدة») (ص 24) على "إن وأخواتها" يسأل: «أين اسم إنّ وخبرها؟ هل ما زالت عاملة؟ مَنْ أبطل عملها؟» ، استعمل "من الاستفهامية" استعمالا خاطئا- أشرت إليه سابقا-، أما تسمية ما «بالزائدة» فهو خلط كبير، ما «الزائدة» يمكن حذفها دون أدنى تأثير نحويّ على الجملة، ففي حالة دخولها على "إنّ وأخواتها" هي «كافة» لأنها تُبطل عمل هذه الأحرف، ما عدا مع "ليت"، فهي إما كافة إذا أبطلت عملها وإما «زائدة» إذا بقيت "ليت" عاملة، وهذه «الزائدة» كثيرا ما تأتي بعد الظروف مثل «بعد- بعدما، عند- عندما، إذا- إذا ما». درس العدد والمعدود احتوى على تمارين قليلة: (هنالك قطعة فيها أعداد ومعدوداتها، يطلب كتابتها بالكلمات مع تشكيلها، ولا يوجد بينها أيّ عدد ترتيبيّ)، فما هي أهمية القواعد إذا لم يتمرّن الطالب ويتعلم من أخطائه؟! درس «الإضافة»(ص 70 وما بعدها): لم يذكر الصيفي وظائف الإضافة في اللغة مثل توضيح المعنى وتحسين اللفظ بل اكتفى بالقول:«إنها علاقة بين أسماء»(ص 70)، والصحيح أنها علاقة بين أسماء مع بعضها وبين أسماء وجمل أو مصادر مؤولة بعدها. في «الإضاءة» الأولى يقول: "هناك أسماء لا تضاف مثل الضمائر، أسماء الإشارة، الأسماء الموصولة، أسماء الشرط عدا أيّ، أسماء الاستفهام». وأتساءل ماذا عن "أيّ الاستفهامية؟": «بأيّ مشيئة عمرو بن هند تطيع بنا الوشاة وتزدرينا». تقول "الإضاءة" الثانية: "هناك ظروف واجبة الإضافة إلى جملة مثل (إذ، إذا، حيث، لما)، (ص 72). هنالك تناقض واضح بين "الإضاءتين"، إذ اعتبرت الأولى أسماء الشرط غير قابلة للإضافة بينما جعلت الثانية (إذا ولما) وهما اسما شرط قابلين للإضافة؟وأضيف لهما «كلما» وأسماء الشرط الجازمة الظرفية و«أيّ» الشرطية. وبالتالي الصيفي لم يذكر المصدر المؤول بالمرة ويمكن أن يُعرب مضافا إليه. يطلب في أحد التمارين ما يلي: أعرب الجمل التالية إعرابا تامّا، وفي الجملة الثالثة يعطي الجملة التالية: «3- في أدمع الشتاء حين يبكي وفي عطاء الديمة السكوب(ص 74) بربكم أين الجملة؟ إن بيت الشعر هذا لا يشكل جملة لأنه يرتبط على طريقة «التضمين» ببيتين قبله أولهما يبدأ بالفعل «ترونه في ضحكة السواقي» ويستمرّ الجار والمجرور إلى البيت الوارد، ومعنى ذلك أنه لا وجود لجملة، دون ذكر الفعل «ترونه.....». وأشير إلى خطأ لغويّ متكرر داخل النص المقتبس في الصفحتين (76-77)، لأن الفعل «بدأ» يحتاج بعده إلى حرف جر «الباء» وليس «في» وتكرّر الخطأ ستّ مرات، ولكن الصيفي عندما استعمله في السؤال وضع «الباء» ( سؤال 3-4 ص 78)، فلماذا لم يصحّح ما جاء في النص وقد تجرأ مِقصُّهُ على غيره؟ عند حديثه عن الفعل والجملة الفعلية يورد قطعة للتمثيل من خلالها، ثمّ يطلب أن يستخرج منها الطالب الأفعال «ويعيّن زمنها» (ص 80)، نعلم أن المضارع ليس زمنا وكذلك الأمر. وكان مفضلا أن يسمي الأفعال بأسمائها (الماضي، المضارع والأمر). ثمّ يضع، وبشكل بارز في مربع، «نتذكر ! الجملة العربية تبدأ بفعل» (ص 81) وأقول: الجملة العربية تبدأ باسم أيضا، كان الأولى به أن يقول الجملة الفعلية تبدأ بفعل». عندما يوضح نصب المضارع يُعدّد أحرف النصب ولكنه يسقط واحدا وهو «أو» بمعنى «حتى» (ص 83) كقول الشاعر: إذا ما غضبنا غضبة مضرية هتكنا حجاب الشمس أو تقطرَ الدما ثم يطلب تشكيل قطعة (ص 84) والمفاجأة الكبرى أنها تخلو من أي مضارع منصوب أو مجزوم. عند تناوله للمفعول المطلق يقرّر ما يلي:« نتذكر أنه حتى يكون في الجملة مفعول مطلق يجب أن يكون فيها فعل» (ص 93)، وكتب النحو تقول إنه يمكن للمصدر أن ينوب عن لفظ فعله كأن نقول: «بالوالدين إحسانا» « وقوفا بها صحبي» «فصبرا في مجال الموت صبرا»، ومن جهة أخرى لا يقيم أي ذكر لنائب المفعول المطلق، واستعماله كثير، ويكتفي بتمرين واحد احتوى على ستّ جمل مصنوعة (ص 93). صفحة 97 جاء ما يلي:« لماذا وُضِعَتِ الكلمتين؟....؟» ويشكل وضعت على حالة المبني للمجهول، فكيف نصب ما بعدها والصحيح «الكلمتان» بالرفع على أنه نائب فاعل. صفحة 98 جاء ما يلي: «نراعي اللغة والتعابير المجازية، ومبنى الرسالة، وترتيبها ، تفقيرها، وعلامات ترقيمها»، الكلمتان «ترتيبها وتفقيرها» شكلهما الصيفي بالجر والصحيح النصب أي بدل الكسرة في الحالتين فتحة، لانهما معطوفتان على «اللغة» المنصوبة على المفعولية. يقول في درس التمييز الملفوظ : « الكلمات المشددة بالاحمر أزالت الغموض عن وزن، كيل، مساحة،عدد، »( ص 104). وحين حدّقتُ في الجمل الواردة، لم أجد ما يدلّ على كيل أو وزن!! يقرر أيضا أن التمييز منصوب (ص 103) ونعلم أن التمييز الملفوظ قد يأتي مجرورا أيضا، وكان من المفروض إيضاح ذلك!! في صفحة 106 (نص الفيل يا ملك الزمان) نقرأ:« زكريا- ( متجرءا، صوته راجف)»، الهمزة في كلمة «متجرئا» يجب أن تكتب على كرسيّ الياء وليس فالتة كما جاءت لأنه سبقها كسر (عندما عدت للنص الأصلي وجدتها مكتوبة بالشكل الصحيح). في صفحة 114 وردت جملتان :« مَن درس؟ - ما ترى؟» ويعقب الصيفي عليهما: الأفعال الواردة بعد أدوات الاستفهام لم تستوفِ مفعولها، لذا تُعرب أداة استفهام مبنية في محلّ نصب مفعول به». إعراب « من » خطأ، فهي في محل رفع مبتدأ وليس مفعولا به على الرغم من أن الفعل متعدٍّ ولم يأخذ مفعوله، وإذا اردنا المفعول به فيجب أن نقول ماذا درس!! في صفحة 115 يضع الصيفي عنوانا هو: «إعراب كم» فيستعمل «كم الاستفهامية» في خمس جمل ويعربها كلّ مرة بحسب معنى الجملة. ثمّ تأتي القاعدة: «إعراب كم يتعلق بما يليها، الكلمة التي تلي كم الاستفهامية هي تمييز منصوب». هذا كلام غير دقيق ونتحقق من ذلك عندما نلاحظ أن الاسم الوارد بعد «كم» في الجملة الثانية من جمل الصيفي جاء مرفوعا ولا يمكن أن يكون تمييزا بل هو مبتدأ، والمبتدأ أساس في الجملة بينما التمييز زيادة عليها. وبعد فإن الجدلية مع «البديع» قد تستمرّ طويلا بسبب كثرة ما وقع فيه صاحبه من أخطاء تحتاج إلى التنبيه، والسؤال: بأيّ وجه نقف أمام طلابنا لندرسهم بمثل هذا الكتاب الذي سيصبح مادة هامة «للبجروت» ونتداوله جيلا بعد جيل وهو غنيّ بالأخطاء وفقير بالإثراء؟ هنالك ملاحظتان ثقافيتان: في الصفحة التاسعة والخمسين السطرالأخير ورد ما يلي:« أما إدجار ألان بو الأديب الفرنسي...» وتكرّر ذلك ( ص 65) سؤال 3 ، وإدجر ألان بو حتما ليس أديبا فرنسيا بل هو مبدع أمريكيّ... في الصفحة الواحدة والستين ورد:« نمت الملاحم القديمة مثل «جلجاميش» في الأدب السوري». هل «جلجاميش» من الأدب السوريّ أم السومريّ؟! هل حصلت مراجعة للكتاب؟! الملاحظة الثانية حول «المصطلح»: في (صفحة 67) جاء في السؤال الرابع: " تعتمد القصة أسلوب «الإغراب» اشرح!"، وفي (صفحة 69) استعمل «الوجودية»، وفي (ص 12) «التناص». وأقول إنني لست ضدّ السؤال عن المصطلح، ولكن يجب ألا نفرض المصطلح على النص، فإذا ما تيقنا من أن ميزات النص الذي نتعامل معه تستدعي مصطلحا معينا، عندها وعندها فقط نستحضره ونشرحه وليس العكس، لا أن نبدأ به. في نهاية هذا العرض أقول: إن عدوّك ينتصر عليك حين يجعلك تنسى تاريخك ولغتك.. فأين التاريخ، بل أين اللغة؟! أن لا تعرف لغتك وأن تجهل تاريخك أفضل ألف مرة من أن تتعلمهما مشوّهين، لأن من يجهل لا بدّ له أن يتعلم في يوم من الأيام، ومن يتعلم بشكل ملتوٍ ومغلوط فلا يمكنه أن يتعلم أبدا. ومثلما روّجوا للكتاب وحثوا على التدريس من خلاله فأنا أطلب إيقاف استعماله والإبقاء على «الجديد في التعبير والفهم» للصفوف العاشر حتى الثاني عشر، وإصدار كتاب للفهم يحوي نصوصا عصرية، ويشارك فيه عدد من المؤلفين وليس واحدا على أن تكون قطعه قصيرة وأسئلتها متنوعة، متدرجة. أما بالنسبة للقواعد فأدعو إلى العودة إلى استعمال كتاب «النحو الواضح» إلى أن يمنّ الله علينا بكتاب يُشار إليه بالبنان، ولن أوافق على المقولة التي ترى أن كل قديم مرفوض مردود وكل جديد معبود منشود. والله وليّ التوفيق.
#عطاالله_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|