|
بهذه الأخلاق ستكون أشقر الرأس في أوربا
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 19:01
المحور:
الادب والفن
أغرب موقف حصل لي بالمغرب هو أن يفاخرك امرء بالوهم، عادة كنت أسافر المغرب بتبديلة أو اثنتين فقط، لا أحمل حقائب ولا امور تثقل كاهلي في الطريق، فأنا أكره السفر في حافلات المغرب أصلا لأنها متعبة بطرقة شغل الناس فيها فما بالك أن تحمل معك حقائب أشياء أخرى.. في حافة نقل بين الناظور والرباط (أنا كنت سانزل بمكناس) كان شخصان يتحدثان فيما بينهما، الأول من الرباط تاجر سلع مهربة من مليلية، كانت أغلب شحونة الحافلة هي لهذه السلع المليلية، وأغلب المسافرين هم تجار هذه السلع.. والثاني مواطن ناظوري، ومع أن السلع المهربة تذر على الرباطي ربحا زائدا و"الحمد لله" التي كان يرددها في كل جملة يقولها، إلى انه لم يقنعه الأمر، كان يحدث الناظوري في شكل تساؤلات حول طريقة للهجرة إلى إسبانيا، ولأنه موفرة و"الحمد لله"، كان يريد أحدا أن يساعده على هجرة قانونية (مع انها لا قانونية من زاوية أخرى) كان يريد شراء عقدة شغل بإسبانيا، الناظوري لا أدري لماذا، كان يحمل للرباطي كل مفاتيح الهجرة ويجب فقط على الرباطي أن يدفع، له عائلة بفالينسيا، أخوه على ما أعتقد، (يخبرالرباطي) ساعد الكثير في الهجرة إلى إسبانيا بطرق شرعية، كان الناظوري يتقن خطاب الإغراء، كل شيء سهل ورهين فقط بالدفع والمعقول (يقصد بعض الصرامة في المواقف)، لكل شيء ثمنه كما يقول مع إضافات حازمة حول معقولية الشخصية المهمة بفالينسيا، أحيانا يتحدث عن وزن الشخصية بمعايير مغربية: مثلا يعرف عامل الإقليم، له علاقات برجال طاعنين في الأمن بإسبانيا، يحترمه الجميع، له "ركائز" في مدريد..وهلم جرا من أمور الفساد الذي لا توجد في أي مكان بهذه المقاييس إلا في المغرب .. فأنا مثلا، لا أدري مالذي يحمل مغربي بالناظور أن يتصور بأن عامل فالينسيا بنفس مواصفات عامل الناظور، (بالطبع عامل الناظور سيقول هو أحسن منه نظرا لأنه معتصم بحبل الله في شخص ملكه)وأن مدريد مثلا لها سلطة سياسية بنفس القدرة التي للرباط على عمالات باقي الوطن، لتكون للفالينسي علاقة زبونية مع شخصيات القرار في مدريد..؟ كان هذا باختصار الجانب المحكي المتصور حول إسبانيا من الداخل، صورة طبق للأصل لما هو المغرب في مخيلة الناس عندنا. أتذكر أيضا شخصا من المغرب يخبرني عبر الهاتف بأن ابنه سيصل بعد يومين إلى ألميريا التي أتواجد بها ويطلب مني مساعدته، ثم منحني صورة من مخيلة صاحب العملية(الذي سيقوم بترحيلهم) أخبرهم فيها زيادة منه لاطمئنانهم بالمكان الذي سيبيتون فيه، عند النقطة الكيلومترية رقم(..) في المشتل الوحيد على اليمين خروجا من ألميريا، طبعا يمكن للمرا أن يتخيل هذه المعطيات في نفسه، لكن الأمر هو أشبه بفيلم مغربي حول الهجرة لمخرج لم يرى قط نقط وصول المهاجرين كشرط أساسي لإنعاش مخيلته.. لكن عندما أجبته بأن النقطة الكيلومترية تلك وبدءا من نقطة قبلها وصولا إلى مدينة إلخيدو كلها مشاتل ولا يوجد مشتل معزول أصلا بالمنطقة عندها ألغى ثقته بالمهرب.. في الجانب المحكي الآخر، أي الشق الثاني من الإغراء اكتشفت بفضل عملي في موضوع الهجرة، أن الأمور التي كان يمليها غير صحيحة، مع أني بالتجربة أيضا وعند هجرتي أنا شخصيا، مرت فكرة الهجرة من طابع إغرائي متدحرجة إلى واقعيتها المشؤومة التي قد تصل إلى التنكيل بك في عرض البحر أحيانا.. بعض الغرور المحبط في تساؤلات الرباطي، فهو ربما ليست له أصلا نية في الهجرة، لكن لو قدر أن صارت، كان يريدها أن تكون هجرة مترفعة عن جيش الذين هاجروا عن طريق المغامرة في أفلاك صغيرة وبجموع كبيرة، كأن تكون هجرة سادة، هجرة قانونية بمعنى ما، لكن الغرور تجاوز بعده السوريالي عندما، وفي لحظة من شعوري بدبر ركبته في ظهري، فهو كان الأطول في الحافلة، وطبعا المقعد لم يكن يكفيه لوضع مريح، كما أن مقاعد الحافلة لا تتوفر على مصفحات تمنع وصول ضغط ركبته إلى ظهري، وأنا بدوري تحملته كثيرا، فهو كل مرة يتحرك في اتجاه مخاطبه الناظوري، وفي كل مرة يتحرك يزداد ضغطه حتى فاتحته في الآمر: « من فضلك، ركبتك أوجعتني، هل تسمح بتخفيضها وساكون شاكرا لك؟» لم يتوانى قليلا حتى بدأ يشتمني، وأكثر بذلك كان يشتمني شتما سورياليا، فهو ضمن من حوار الناظوري هجرة مريحة ومضمونة، وهو أيضالم تعد المسالة بالنسبة له سوى مسافة شهر أو شهرين، وهو بذلك ضمن التخلص من كحل الراس على حد تعبيره، وبالطبع كان ردي يلخص الأمر برمته: بهذه الأخلاق ستكون أشقر الرأس في أوربا، أن يطلب منك رخف ركبتك، وترد الطلب شتما
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نمط الإنتاج الهمجي
-
أعرور 3 : تاعبوت
-
أعرور 2
-
أعرور
-
صلاة عيد الكبش
-
عودة إلى أبرهامي
-
في لاس بيدرونيراس
-
حول القضية الفلسطينية
-
إيلينا مالينو وأحداث طنجة العنصرية
-
الإجتهاد في تبرير اعتداءات عنصرية مهزلة مضحكة
-
جبل عوام: صورة كاريكاتورية تتكرر
-
إسرائيل أم جحافل الوهابية هي من يحاول الدخول إلى شمال إفريقي
...
-
أنا أيضا منعني الطبيب من تناول السكر
-
الإسلام السياسي عندما يدخل طرفا في صراع سياسي
-
أزمة اليسار (2)
-
أزمة اليسار
-
الزحف إلى مدريد (2)
-
الزحف إلى مدريد (1)
-
رويشة والفن الأمازيغي
-
-هارون- المغربي
المزيد.....
-
مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا
...
-
مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر
...
-
عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا
...
-
بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
-
وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
-
فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..إما أن نَنتَصر أو ن
...
-
مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
-
خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و(
...
-
-من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا
...
-
إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص
...
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|