أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - الطبيعة الإلحادية للإله














المزيد.....

الطبيعة الإلحادية للإله


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 18:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل إله ملحد.. فقبل أن يعلن أي إله عن نفسه، فإنه ينفي الآلهة التي قبله. طبعا يُعرّف الإلحاد، بنفي الألوهية من مبادئ أي ديانة : بمعنى أن نصوصها وطقوسها تفقد علاقتها بماهية الإله، كأنسنة (نسبتها للإنسان بدل الإله). انطلاقا من ذلك يرتكز حضور أي إله كإله، على نفي الآلهة الأخرى، هذا ما تجلى في الأديان الإبراهيمية بأوضح صورها، طالما أن الإله نفى بقية الآلهة، كإعلان عن وحدانية ألوهيته، بما هي (ألوهيته) إلحاد بالآلهة المتواجدة نظريا.

إن الإشكالية تطرح نفسها وبقوة ـ يتم تعتيمها غالبا ـ حينما يجرم الإله إرادة الإلحاد في أتباعه، وهو طبعا يرتكز معتمدا على الإلحاد كتبرير لوجوده، فوجوده/ظهوره/تجليه تم عن طريقه إلحاده بالإله أو الآلهة الأخرى التي تجرم من جهتها إرادة الإلحاد : التي تبنّاها هذا الإله نفسه !

حتى النبي الذي يُعرّف بإلهه أو يتكلم عنه، يعتمد مبدأ الإلحاد بما هو متوفر من نصوص ومبادئ الديانة المتوفرة، فيلحد بالإله هذه الديانة، كشرط لإبراز إلهه، ثم يضع قانون تجريم كل من يتّبع ممارسته الفكرية المنطلقة من الإلحاد، على اعتبار أن الإلحاد جُرم : وكأن لا اعتبار لإلحاد يأتي بعد إلحاد النبي ـ هنا يتمظهر صراع الإلحاد، أي أن إلحادي يجب أن يتغلب على إلحادك ويحتويه، يقوم النبي بخوصصة الإلحاد في ديانته في رمز إله ملحد (بمن سبقه). يصبح إلحاد من يأتي بعد ذلك ممنوعا، لأنه سيبرز تغلبه على إلحاد النبي الذي أسس منطق الديانة وتجلي الإله، فهنا يجب أن يظل إلحاد النبي وإلهه أقوى من إلحاد الأتباع، فالإلحاد كقوة تهدم سابقاتها (من الممارسات الإلحادية) كتشكك وحذر وإعادة إنتاج لممارسات أخلاقية تلائم الواقع، تكسب المدافع عن هذا التغيير (كإلحاد بالمتوفر والقديم) الأولوية والتصدر، سواء من جانب اجتماعي أو اقتصادي، أو حتى روحي. بما يعنيه من تدمير لمؤسسة النبي، بالعودة لتدمير قاعدتها، بالعودة للإحاد بشكل أقوى، انطلاقا من القاعدة كتغيير/هدم للقاعدة الإلحادية السابقة للنبي.

تاريخ الإلحاد، لم يكن تاريخ نفي لألوهية العالم أو نفي الخطة البديلة التي تحرك مجريات التاريخ والنجوم. بل كان في مجمله تاريخ نفي الإله السابق أو بعض مبادئه، فالإلحاد هو تلك المسافة بين كل ديانتين، طبعا تاريخ الإلحاد الحديث هو الذي أبرز فكرة الإلحاد العمومية كنفي لألوهية العالم والتخطيط السماوي المدوّن (قبل الخلق)، هذا التاريخ الذي برز مع التطور الصناعي والتكنولوجي، أما الإلحاد كتاريخ، فهو المسافة فاصلة بين ديانتين، أو مدة الإنشاء/التأسيس بالنسبة للديانة الجديدة. خد مثلا المسافة بين الإسلام والمسيحية، لقد كان لزاما على الإسلام حتى يتأسس، أن يلحد بألوهية المسيح (الإنسان الذي يحتوي داخله الرب)، بما في ذلك إلحاده بآلهات المنطقة العربية التي ترسم أقدار الناس. تطلّب الأمر إلحادا لوضع أسس الديانة ومبادئها المستقاة من التراث التاريخي السابق ـ فلا وجود لديانة تأتي بأشياء من عندها، فالأمر هنا لا يخرج عن طفرات اجتماعية نصوصية تدفعها نزعات إلحادية/شكوكية نافية، تعيد هيكلة التراث وتصحيحه (من زوايتها/منظورها).

أفلم يتم اعتبار "أخناتون" بنظر الديانة الفرعونية ملحداً، حينما حاول نفي الآلهة الفرعونية وتجاوزها، حد تحنيط ابنه "توت عنخ أمون" لدى موته منتصب القضيب ـ احتجاجا على إلحاد أبيه بما يرمز له انتصاب القضيب من تأكيد للإله أوزوريس، كمقاومة ضد الأب بما هو ملحد/عدو نافٍ لسلطة الآلهة القائمة ؟!

الإلحاد ليس في الناس وليس في الإنسان، الإلحاد في الإله، الإلحاد ثقافة يعاد إنتاجها كصيرورة للتاريخ السياسي/الاجتماعي.. كل إيمان أسس إيمانه على الإلحاد، فمبارَكون هم من يدركون إلحادهم في ثقافتهم، في أنفسهم ـ بما أن الثقافة تشكل نفسية الأفراد. الإلحاد هو الدافع للتاريخ، عرفت ذلك أم لم تعرف، فإنه الذي حرك ثقافتك لتجعلك أنت كما أنت : مؤمنا بما تؤمن، ومكذبا لما تكذب.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهلاوس، الجنون، وألاعيب العقل البشري
- الكذب والنفاق هما أكثر السلوكات ممارسة في العالم
- حظ الجميلة وحظ القبيحة
- تقديس المغاربة للغة الفرنسية ونقد المهدي المنجرة للموقف كرفض ...
- هل طعن الإسلام نفسه بعد الربيع العربي ؟
- ما الذي تقدّمه الرسوم المتحركة (الكرتون) للأطفال ؟
- كل أنثى عاهرة
- إشكالية الثقافة العربية : أزمة دينية أدّت لتخريف سياسي
- تلاعب المسلمين على أنفسهم : بين الآيات الشيطانية والداعشية
- تاريخ الداعشية : أو قولبة الإسلام إجراميا
- التشرذم النفسي : أو حين يصبح الشخص عدة أشخاص دون وعي
- حقيقة : يخلق من الشبه أربعين
- التفسير المنطقي للضيق النفسي
- مصائب سوريا عند المتأسلمين فوائدُ
- عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين
- منطقة الشرق الأوسط.. من مهبط الأنبياء لمهبط الصواريخ
- البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر
- نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
- نقد العقل العربي : ليس هناك عقل أساساً حتى يتم نقده !
- الانكباب المرضي للفنانين المشارقة على الأغاني والألحان المغر ...


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - الطبيعة الإلحادية للإله