أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء الدين الاسدي - الاتجاه النفسي في بناء الشخصية المسرحية ..















المزيد.....

الاتجاه النفسي في بناء الشخصية المسرحية ..


صفاء الدين الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4630 - 2014 / 11 / 11 - 10:20
المحور: الادب والفن
    


ان صلة علم النفس بالادب والنقد صلة ممتدة الجذور في التراث الانساني، ويمكن استشفاف تلك الصلة عند (افلاطون) في موقفه من الفن والادب وعند (ارسطو) في نظرية التطهير وعند علماء النفس مثل: (فرويد) و(يونغ) و(ادلر) و(شارل بودان) و(شارل مورون).
غير ان البداية الحقيقية لنضج علم النفس وتطور علاقته بالادب والنقد، كانت في النصف الاول من القرن التاسع عشر.
ان المدخل الى اتجاه النقد النفسي تكون على اقطاب مدرسة التحليل النفسي وعلى راسها "فرويد" وتلامذته كـ"يونغ" و "ادلر" وكذا بعض من افاد من اراء هذه المدرسة دون غلوٍ كـ"شارل بودان" و "شارل مورون" و"سلكنار سانت بيف"، في عداد الفرويديين لا لانتمائه الى مدرستهم بل لقيام معظم اعماله في رسم صور الشخصيات على بعض حقائق اتجاه التحليل النفسي. ولقد اتسعت دائرة الممارسة والتنظيرات النفسية تنظر الى الانتاج الابداعي، يقلب بطونه العميقة وكان الداخل في ذلك النتاج هو المهم بل انه الاهم على الاطلاق، وبدا الركض واللهاث لمعرفة اسرار ذلك العمق غير المتناه.
من هنا يبدو النظر الى الخارج غير النظر في الداخل وان الخارج الذي تتلمسه الحواس بعجالة سيبدو ضئيلا محاطا بمدارات ضيقة وان الباطن الذي لا نهاية له كما يوصف ذلك (فرويد) في مثاله (الجبل الجليدي) هو المجهول الابداعي الذي يجب ان نعمل على استكشافه ومعرفة كنه تمفصلاته والولوج الى حفر طبقاته. وهذا بدوره حصر النظر الى المجهول بوصفه اللامحدود وهمش على القشور الظاهرة كونها محدودة "حيث اعترف (فرويد) بان الذين الهموا نظريته في التحليل النفسي هم الفلاسفة والشعراء والفنانون" لان الابداع على اختلاف اشكاله وانواعه، هو الرحم الذي يحتضن النفس الانسانية بحالاتها ومتناقضاتها لقد افاد (فرويد) من تجارب سابقيه، فكان زعيم مدرسة التحليل النفسي والرائد في هذا المجال وان كانت الريادة لا تخلو احيانا من مزالق ونقائض اذ استطاع ان يرسم للجهاز النفسي الباطني خريطة اشبه ما تكون بالخرائط"الطبوغرافية"، فقسمه الى ثلاثة مستويات تتمثل الثالوث الدينامي للحياة الباطنية الانسانية.
1. المستوى الشعوري conscient.
2. ما قبل الشعور pre conscient.
3. اللاشعور incnonscience"
وهذا المستوى الاخير هو الفرضية الاساسية التي تقوم عليها نظرية التحليل النفسي وينقسم بدوره الى ثلاث قوى متصارعة :
‌أ. الهو ويمثله الجانب الغرائزي.
‌ب. الانا ويمثل الجانب الواقعي .
‌ج. الانا الاعلى ويمثله الجانب الاجتماعي الاخلاقي (المثالي).
ولقد توصل فرويد الى غريزتين اساسيتين توجهان هذا الجهاز النفسي او السلوك الانساني عموما هما:
اولا : غريزة الحب او الحياة الايروس Iros وتمثل للحاجات البيولوجية التي تتيح للفرد الاستمرار في حياته والمحافظة على بقاء نوعه.
ثانيا : غريزة الموت او الفناء التناتوس Tanatos: وتمثل مختلف الرغبات التي تدفع الفرد الى العدوان او التدمير.
ولقد انتهى (فرويد) الى هاتين النظريتين بعد ان عدل من نظريته اذ كان يعتقد ان الغرائز الجنسية "Libido" هي الطاقة التي توجه سلوك الانسان. ولكنه اكتشف ان "اللبيدو" قد لا يتجه دوما نحو الاخر بل قد يرتد الى الذات فيغرق الفرد في حب نفسه، وهذا ما يسمى بالنرجسية "Narcissism" او يوقع الاذى والالم بنفسه للحصول على الاشباع الجنسي وهذا ما يسمى بالمازوشية masochisme وقد يحصل على الاشباع بايذاء الناس وايلامهم وهذا ما يسمى بالسادية sadisme".
أن الانسان الضحية للمحيط او لعلم الاحياء يشكل سؤالاً هو الحافز للكشف عن هوية الارتباطات العالقة بها وخاصة "ارتباط الانسان بدوافعه الذاتية الملزمة"، وبنظرة عاطفة يكون الانسان مريضا اكثر منه نذلا والحكم على المريض غير الحكم على النذل. كذلك الادب الذي حاور صراعات الانسان مع محيطه وخارجه، لجا الى مادة اوفر حظا في الصراع. وجدها غامضة وعنيفة وغير مؤطرة فاهتم بكشف الجديد, يحاور عبر الصراع محيط الانسان الداخلي, ذلك الاضطراب العميق الذي ما ان تستجلي منطقة ظلماء منه بشيء من الافاضة والنور حتى يتسع او يتوالد عند المجهول ويتكاثف الظلام اكثر وتتعقد الطرق فيه وهذا يكون ابدا في عطش للكشوفات وبحث سرياته محاولة منه لطمرها بالمعرفة وطمرها بالكشف.
وفي ضوء نظرية التحليل النفسي وما يتصل بها من لا شعور وغرائز جنسية واحلام ومكبوتات ولج (فرويد) عالم الفن والفنانين يعرض عليه بضاعته السايكولوجية فكان من الاوائل الذين رسخوا بالنظرية والتطبيق علاقة علم النفس بالادب والفن والنقد اذ تناول بالتحليل النفسي شخصيات الفنانين واعمالهم الفنية وعملية الخلق الفني والتلقي.
فالفنان عنده انسان "عصابي" هو اقرب الى الجنون في لحظة العملية الابداعية حتى انَّ "فرويد" يرى ان الاحلام وسيلة من وسائل اشباع الرغبات التي قد تكون عصية التحقيق في الواقع ولكنه عدل عن هذه الفكرة حيث اكتشف ما يسمى بحالات "عصاب الصدمة" وهي الحالات المؤلمة التي تصيب المريض فيعود في احلامه الى تذكر الموقف المؤلم الذي حدث له في الواقع ومن ثم يصبح هذا الحلم صعب التفسير، لانه ينافي "مبدا اللذة"، ولعل الغلو الباديء في نظرية (فرويد) هو اعتباره الغريزة الجنسية الباعث الاول على الفن وليس المحاكاة كما كان يرى الفلاسفة الاغريق ومن تبعهم من فلاسفة ونقاد القرنين السابع والثامن عشر ولم ينس (فرويد) المتلقي في تحليله النفسي فالمبدع حين يضع عالمه الخيالي ويقدمه في قالب فني فكأنه يقدم الى القاريء (المتلقي) اغراءً محفزاً على الاستزادة من قراءة اعماله والاستمرار فيها.
وللكشف والنقد انطلق الفاتحون من داخل النفس البشرية لبلورة نظرتهم ومن ثم نظرياتهم :" فرويد" انطلق من الكبت و "يونغ" من الوعي "وادلر" من مركب النقص.
ومثلما كان الادب حقل استقصاء لعلم النفس انطرح الفن بوصفه مجالا وحقلا من الممكن ان يستثمر الناقد النفسي ليكون بالنسبة له ارضا خصبة وبكراً وممتلئة تستحق الاهتمام والمعاينة والحفر في طبقاتها وصولا الى الاعماق الغائرة، وكذلك تبيان كشوفاتها. انه بشكل من الاشكال "قراءة ما يكمن تحت السطح. ما يكمن خلف القناع" وهذا ما يجعل الناقد في شوق لخوض تلك التجربة وابداء طموحاته في معرفة ما يتغلغل داخل الانسان، وايضاح دواخله غير المرئية وكل ذلك ليؤكد مسارات جديدة في النقد.
لقد اضاف ادلر (1870-1937) الى افكاره شيئا من اجتهاداته واكتشافاته فلقد خالف استاذه "فرويد في ان تكون الغريزة السبب الوحيد لظهور الامراض العصابية والباعث الاول للفن. ويرى ان الشعور بالنقص هو السبب الرئيسي في نشاة العصاب وان الباعث الحقيقي على الفن هو "غريزة حب الظهور وحب السيطرة والتملك"، ولعل ما يميز (ادلر) هو اهتمامه بالجانب الاجتماعي فالدوافع اللاشعورية في تصوره لا يمكن ان تقدم بمفردها فهما مكتملا للطبيعة البشرية اذ لابد من تفاعل عالم الشخصية الباطني بالعلاقات الشيئية الموضوعية وبخاصة العلاقات الاجتماعية وبقي )ادلر( محصورا في غريزة حب الظهور والسيطرة والتعويض والرغبات اللاشعورية والطابع البايلوجي الوراثي. ومن هنا لم يحدث اهتمامه بالجانب الاجتماعي انقلابا في حركة التحليل النفسي.
اما "يونغ" فهو يؤيد نظرة (ادلر) الى استاذه (فرويد) على اعطائه الاهمية الكبيرة للغريزة الجنسية وان "يونغ" يوافق استاذه فرويد على مبدا اللاشعور بوصفه مظهرا من مظاهر الفن ويسميه اللاشعور الفردي او الشخصي او "الخافية الخاصة" ولكنه يضيف اليه نوعا اخر يسميه اللاشعور الجمعي او الخافية العامة ويعده المنبع الاساسي للاعمال الادبية والفنية والبوتقة التي تنصهر فيها كل النماذج البدائية والرواسب القديمة، والتراكمات الموروثة والافكار الاولى.
فاللاشعور الجمعي بهذا المعنى يمثل خبرات الماضي وتجارب الاسلاف، وهو منطلق "يونغ" في تحليل عملية الابداع بصورة عامة.
ومما لاشك فيه ان مدرسة التحليل النفسي قدمت للادب والفن خدمات جليلة وحققت للنقد مكسبا منهجيا جديدا اذ فتحت امامه افاقا واسعة في تعمق الصور الفنية وزودته بمفاتيح سيكولوجية لتحليل شخصيات الادباء والفنانين فهي من هذه الناحية ذات فضل كبير لا ينكر في ارساء قواعد نظرية النقد النفسي.
اما (شارل بودان) فقد حاول الافادة من اخطاء الفرويديين في دراسته فذهب اتجاها يختلف قليلا عن اتجاههم في المعالجة. فالفرويديين يرون العمل الادبي او الفني وثيقة نفسية صالحة لسبر اغوار الاديب النفسية وتحليل امراضه العصائبية أي ان هدفهم من هذا العمل اثبات صدق النظرية السايكولوجية وليس التحليل الادبي او النقدي، وعلى العكس من ذلك فان التحليل النفسي عند "بودان" تحليل نفسي ادبي وشرح وتقويم من خلال الحقائق النفسية والمتابعة الدقيقة لمكونات العمل الادبي والمعطيات البيوغرافية للاديب او الفنان وهو بهذه الطريقة يريد ان يعيد بناء التراكيب الاساسية الكامنة وراء النص الادبي".
اما (شارل مورون) (1899-1966) فلقد استبعد ان يكون التحليل النفسي للادب والفن مجرد تحليل "كلينكي" تحكمه قواعد التشخيص الطبي كما استبعد ان يكون الاديب او الفنان انسانا عصابيا او ان يكون ادبه كشفا عن امراضه علما انه لم يهمل فرضيات التحليل النفسي في تناوله شخصية الاديب وعمله الادبي.
وان (مورون) لم يقف عند فرضيات التحليل النفسي ذاتها بل تجاوزها الى تنوير الاثار الادبية وخلق قراءة جديدة لها. وفن القراءة هو الدعامة الاساسية التي يقوم عليها اتجاه النقد الفني عنده. فالابداع الفني يتكون عنده من ثلاثة مكونات :
1. الوسط الاجتماعي وتاريخه.
2. شخصية الاديب وتاريخها.
3. اللغة وتاريخها.
وشخصية الاديب وتاريخها هي موضوع النقد النفسي في المقام الاول ان ما يثيره النقد الفنسي هو ذلك البحث المتواصل لاجل كشف طبقات بل اقنعة ايسرها ذلك الظاهر المعلن جامدا ساكتا ابلغها تلك الطامسة في الانسان والتي يراد لها ابدا ان تمر بمشارح البحث او مشارح الاستقصاء. من هنا "ما كان لشخص ان يرتدي القناع دون ان يمر هو نفسه بسلسلة من التحولات والتغيرات التي يشعر بها في اعماق روحه والتي تعمل على تاهيله او تكريسه لاداء دوره حاملا للقناع ولما يحمله القناع نفسه من رموز وعلامات سحرية معقدة".



#صفاء_الدين_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلامة في المسرح
- سيكولوجية اللعب ونظرياته عند الاطفال
- المستويات اللغوية للطفل
- مسرح الطفل نشأتهٌ وأهدافهٌ
- مسرح الطفل .. اللعب الإيهامي الدرامي
- الكوميديا عند الإغريق القدماء
- مفهوم الأداء المسرحي عند ديدرو
- المسرح الطليعي


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء الدين الاسدي - الاتجاه النفسي في بناء الشخصية المسرحية ..