محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4630 - 2014 / 11 / 11 - 01:31
المحور:
الادب والفن
ثلاث قصص قصيرة جدًّا
محمود شقير
حرمان
الطفل الذي صحا من نومه في الصباح المغبش، لم يشأ أن يوقظ أمه من نومها الثقيل. ها هو ذا يجلس قربها في السرير، يتأمل وجهها الساكن مثل صفحة الماء.
الطفل الذي صحا من نومه مبكراً جاع، مال نحو صدر الأم كي يخرج الثدي من تحت الرداء، غير أن يديه الطفلتين خابتا.
الطفل الرضيع ارتمى في حضن البكاء. تجمهر في البيت أناس جاءوا من كل الأنحاء. بكوا في البيت وقتاً، ثم حملوا أم الطفل إلى حيث لا يدري حتى الآن.
عاصفة
كل الذي يدريه أنه في لحظة غامضة مال على خدها، فاندلعت في الجو عاصفة. المساء الشاحب يطبق بأهدابه على شجر الطريق، والكون يتلفع بأغنية من هواء بارد وغيوم، وهو لا يدري لماذا حينما مال على خدها ليقطف وردة، انفجرت في الجو عاصفة، وأجفلت امرأة القلب، كأنها غزالة تخاف غموض الكلام وثرثرة المدن.
جنازة
الكهل النحيف ذو العنق الطويلة المضحكة، مات وهو يعتقد أنه عاش حياة صاخبة، لأنه منذ اشتغل ضارباً على الدف في الملهى الليلي، هزت أردافها على الدف تضربه يداه، سبع وأربعون راقصة، لكل واحدة منهن قصة لا يعلم أسرارها أحد سواه.
الكهل النحيف أيقن وهو يموت وحيداً في كوخه، أن راقصات الملهى لن يتخلفن عن حضور جنازته، وقد يلطمن خدودهن _ المليئة بالأصباغ_ وجداً عليه.
الكهل النحيف مات والراقصات مستغرقات في قيلولة ما بعد الظهر، تأهباً لليلة طويلة من الرقص المحموم، فلم يشارك في جنازته سوى حارس المقبرة، واثنين من عابري السبيل، وأربعة من أهل البر، وكلب الحي البائس ذي الذنب المقطوع.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟