أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد احمد ابو شمعه - مهمة المثقف المقدسة ودوره الطليعي الشديد الندرة















المزيد.....

مهمة المثقف المقدسة ودوره الطليعي الشديد الندرة


فهد احمد ابو شمعه

الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 22:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما هي مهمة المثقف ؟ يمكن اختزال الاجابة بثلاث كلمات وحتى يمكن اختزال المقال كله بهذه الكلمات الثلاث : ( صياغة الوعي العام )
من هو المثقف ؟
المثقف في قواميس اللغة هو الحاذق ، الفطن , الذكي , سريع الفهم , اما اصطلاحا فإن اختزال المثقف في تعريف محدد هو امر في غاية الصعوبة والتعقيد ,وقد تعددت تعريفات المثقف الاصطلاحية وخضعت ايضا للكثير من المعاني التي نشأت في الادبيات الفكرية الحديثة .. المثقف الذي اريد ان اتحدث عنه هو نمط من البشر من الندرة بحيث يُخشى انقراضه هذه الايام فالمثقف الذي اتحدث عنه هو الحامل لمعوله دائما ومحطما به كل القيود التي من شأنها تكبيل الفكر الانساني الحر , هو صاحب الموقف , وصاحب المبدأ , وهو ذلك المقاوم العنيد والعصي على الاستقطاب والمدمن للحقيقة , والمعادي للركود والتقوقع والمؤمن بالحركة والنهوض المستمر , هو الثائر الكوني , وضمير العالم, وهو الثائر الابدي الذي لا يقف عند حدود معينة آنية او فئوية في سعيه نحو الحقيقة , وهو صاحب الوعي الحيادي الحر الرافض للتأطير , والمتحرر من كل الارباب , هو نازع الاقنعه , ومزيل الصدأ عن العقول , وعدو الجهل , ومحطم اصنام الخرافة والسياسة , وهو الرافض لكل اشكال التسلط والقهر والظلم وكل اشكال الفساد والاستبداد وكل اشكال الازدواجية , وحامي قيم الحرية والعدالة والمساواه , هو الانساني الذي يعيش آمال وآلام الانسانية ويتفاعل معها , وهو الطاهر النقي الخالي من الانتهازية والانانية .
ليس المثقف بالضروره هو من انجز مرحلة تعليمية او حصل على شهادة او درجة اكاديمية ما لم يكن لديه شوقا استثنائيا للعلم والمعرفة والاطلاع والالمام بابعاد دنياه والاهم من ذلك ان يمتلك مايمكن ان نطلق عليه (الوعي النقدي) الذي يمكنه من تشريح الواقع , وبالتالي المشاركة في صياغة وعي وثقافة الجماهير والمجتمع وهي المهمة الاسمى المنوطة بالمثقف . فالمثقف بالتالي هو صاحب رسالة يؤديها بشجاعة وصدق وضمير , لايخشى في طرح افكاره لومة لائم , ولا يجبن ولا ينكص او يتراجع عن تأديتها مهما كانت مهمته محفوفه بالمخاطر , خاصة عندما يمس بنقده وافكاره جوانب حساسة في المجتمع كالتراث الثقافي من فكري واجتماعي وسياسي وغيره , فقيام المثقف بوضع ثقافة مجتمعه على محك النقد الموضوعي وتفكيكها والكشف عن مكامن الخلل فيها هي واجب مقدس يقع على كاهله ومهمة صعبة تحتاج الى جرأة عالية وايمان عميق ومطلق بوجاهة منطقه ومرتكزه الفكري الذي يرتكز عليه حين يقوم بذلك , ويكون دافعه شعوره الخاص كمثقف طليعي بانه ضمير ذلك المجتمع النابض , وان المسؤولية عن حل مشاكله واشكالياته هي امانة في عنقه , وهي بالقطع مسؤولية ضخمه تحتم على المثقف الطليعي ان يعمل طوال الوقت كبوصلة موجهه للمجتمع نحو الاكمل والافضل .
والمثقف كفاعل اساسي في صياغة الوعي العام لعب دورا محوريا عبر التاريخ في قيادة وتوجيه الفكر الانساني , فكل التغييرات والثورات التطويرية والحداثية على مر العصور قادها مثقفون.
المثقف الذي اتحدث عنه هو اممي بكل ماتحمله الكلمة من معنى , عالمي , منحاز للانسانية ولا يرتبط عضويا بفئة او بكيان يكبل افقه الانساني الرحب ويعمل على ادلجة ثقافته وفكره فيستنزف جهوده في الدفاع عن مصالحه ويتحول الى بوق ومروج لفكره , والكارثة تكون ساحقة وماحقة في حال استطاعت السلطة اي سلطة تدجين المثقف وتحويله الى بوق يبرر سياساتها وايديولوجياتها مستغلا في ذلك تاريخه ومكانته وخط تواصله السابق مع الجماهير .
كذلك فمن موقعه كضمير للامة على المثقف الاستعداد لمواجهة الكثير من الخصوم من اعداء الضمير واصحاب المصلحة في ابقاء الوضع كما هو عليه , وعليه تحمل ردات الفعل التي قد تكون عنيفة والتي ستطاله كلما اقترب او حاول نبش الركام وكشف حقائق امور قد يكون وقع كشفها صادما لبعض الفئآت او حتى لشريحه واسعه من المجتمع او حتى للمجتمع باسره في بعض الحالات التي تتعلق بالمبادىء والمعتقدات العامة .
والمثقف هو المعارض لكافة اشكال السلطات وهو ليس المعارض الدائم بقدر ماهو المعارض الاصيل ,الذي يمارس دوره الحيوي في توجيه المجتمع نحو الكمال , ولا تغيره او تغريه وظيفة او مركز , ولا يخضع لكافة اشكال الاحتواء , فأمثال هذا المثقف يكون كالشوكة في حلق السلطات , وقد سعت الانظمة الشمولية والاستبدادية طوال الوقت الى احتوائه بكافة الاشكال , ونجحت في ذلك في كثير من الاحيان , ومن لم تنجح في احتوائه مارست عليه شتى الضغوط لكسر شوكته وكسر قلمه من منع وحجب وتهميش ومصادرة واعتقال وسجن وتعذيب وحتى اغتيال في بعض الحالات والتقت في ذلك وتعاونت في بعض الاحيان مع المؤسسة الدينة والحديث عن هذا الجانب يطول .
وقد عرفت نماذج من المثقفين عندما تبوءوا مناصب معينة وحتى متواضعة تغيروا وفقدوا ذواتهم وفقدوا الجرأه وفقدوا الوضوح واستعاضوا عن التصريح بالتلميح الباهت الخجول المتردد , وثبت ان بريقهم كان انعكاسيا وهميا , كما عرفت نماذج اخرى منهم تم تدجينهم بطرق عديدة كاستيعابهم في مؤسسات شكلية مرتبطة وتابعة بشكل او بآخر للسلطة او تسير في فلكها من بعيد , او تم استيعابهم في مؤسسات ذات اسماء رنانة او في مايسمى بالمؤسسات الحقوقية وغيرها مدعومة ومرتبطة بمنظمات عالمية او بالامم المتحدة والتي بالتالي تخضع المثقف وتقيده ببروتوكولاتها مما يفقده الكثير من بريقه واشعاعه .
اننا في مجتمعنا الراهن في امس الحاجه الى نموذج المثقف الطليعي , حيث المجتمع يعاني افلاسا فكريا مثيرا للغثيان وانتشارا واسعا وكارثيا للخرافة , وللوقوف على هذه الحقيقة ما عليك الا مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت لترى ان ثقافة الخرافة هي الاكثر تداولا , ففي مجتمع يعاني افتقارا لنموذج المثقف الطليعي وتهيمن عليه مثل هذه الثقافة يبدو الخلاص بعيدا .
مثال للمثقف العالمي :
ان ارقى مثال - للمثقف الطليعي الانساني العالمي - يمكن جلبه هو الناقد والكاتب والمفكر الفلسطيني الفذ ادوارد سعيد والذي يعتبر بحق احد اكبر واهم مثقفي العالم بشهادة الكثير من المثقفين والنقاد والمفكريين العالميين , كما وُصف ادوارد سعيد بانه كان الصوت الاكثر فعالية في الدفاع عن القضية الفلسطينية على الساحة العالمية , وعكس ارقى صورة حضارية للشعب الفلسطيني . ولادوارد سعيد الكثير من الاعمال واهمها الاعمال النقدية وعلى رأسها كتاب ( الاستشراق ) كذلك كتابه الهام جدا ( المثقف والسلطة) وهو عمل ابداعي ,ادعو الجميع لقرائته , يشتمل الكتاب على توصيف للمثقف والدور المنوط به ورسالته , ويعد من ابرز الكتب التي تناولت صورة المثقف باسلوب قمة في الابداع , ولاشك ان كل من يقرأ هذا الكتاب ويقرأ ادوارد سعيد بشكل عام , ويريد الكتابة عن المثقف سيكون متاثرا به .



#فهد_احمد_ابو_شمعه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الثالث
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الثاني
- نحو فهم افضل لاسباب تخلفنا - الجزء الاول
- الثقافة العربية وواقعها المأزوم
- ازدواجية الاخلاق والمعايير في المجتمع العربي
- في تعريف الحداثة وموقعنا منها
- نسبية الاخلاق وفلسفتها وعلاقتها بالدين
- نجيب محفوظ
- مأزق الاسطورة
- العلمانيه كحتميه لتطور الوعي


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد احمد ابو شمعه - مهمة المثقف المقدسة ودوره الطليعي الشديد الندرة