|
جسدي بين صبرا وبسمة . قصة
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 20:40
المحور:
الادب والفن
جسدي بين صبرا وبسمة ستأتي بسمة ، وجسدي الذي أراه دائما مسجى في تابوت ، أو محمولا على نعش ، أو مطروحا على رصيف مهجور ـ متآكل كرمة نهشتها الكلاب ، متصدع كجدار قديم ، مشروخ كجذع نخره السوس ... شروخ كثيرة تغرز براثنها في كل أنحاء جسدي ، تنيخ بكل كلكلها على كاهلي فأنوء تحت وطأتها ، وعبثا أحاول أن أعدل كتفي ، أرفع ظهري . .. ثمة شرخ يمتد في جسدي من عام 1948وحتى عام 1986. عام 1948 هو العام الذي جئت فيه إلى هذا العالم ، وهو العام الذي احتل فيه موطني ، أما عام 1986 فالجميع يعرفونه جيدا ، فقد بات فيه معظم زعماء قومي أصدقاء لمن احتلوا موطني .. !! وثمة شرخ يمتد في جسدي من المحيط إلى الخليج ، فقد تحطمت طموحاتي كلها : في الحرية ، الإشتراكية ، الوحدة ، التحرير ، التحرر ، الإنعتاق ، الديمقراطية ، تحطمت كلها ، ولم يعد هناك ولو شمعة واحدة تنوس أو تخبو في حلكة ظلامي ، شمعة واحدة فقط ، وإنني أتحدى كل صادق أن يثبت العكس ! أية شروخ هذه بحق الكائنات ؟ هل هناك قوة يمكنها أن ترمم هذه الشروخ الفظيعة في جسدي ؟! لا لا ! لأهرب من شروخي كلها ، ولأنتظر بسمة ، بسمة الباسمة ، بسمة الإبتسامة ، فرح يقف في مواجهة كل شروخي ، شمعة منيرة دائما في ظلام ليلي ، أمل يطل دوما من خلف أسوار حزني .. الصمت داخل الغرفة قاتل ، والضجيج في الخارج قاتل ، رسومات الملصقات على الجدران تحدق إلي وأحدق إليها : رسم لحمامة مصلوبة ، جسدها قنبلة وجناحاها أطفال صبرا ، رسم لدبابة يقطعها حرف X وإلى جانبها طفل قتيل من أطفال صبرا . رسومات كثيرة قوامها دماء صبرا . صبرا اختصار قتلي ، صبرا دمي المسفوك دوما بالرصاص الأخوي ، وباسم العدالة والإرهاب والفوضى ، باسم جراحات الوطن المستلب ـ باسم صمودي وباسم استسلامي ، باسم حياتي وباسم مماتي ، وباسم الحرص علي ! والحرص مني علي !! لم يبق شيء إلا وسفك من أجله أو بسببه دمي ، ولم تبق بلاد دون أن تشردني ـ ولم تبق أرض دون أن تبددني ، أي جنازة لم ألبس كفنها ؟ وأي عباءات لم أحمل عفنها ؟ وكم من( بطولات) لم أدفع ثمنها ؟ الكهرباء مقطوعة .. وجسدي يتصبب عرقا .. مع أن الوقت ما يزال صباحا .. في الخارج تضج أصوات المنادين على الخضار وابواق باعة المازوت التي تضرب على أعصابي ، تشل تفكيري ، أدفع السدادتين عميقا داخل أذني ، وأتبعهما بسدادتين أخريين . أنجح في الهروب من الضجيج والصخب ـ لأغرق في الوحشة والصمت . الضجيج يقتلني والوحشة تقتلني .. في الحادية عشرة ستأتي بسمة ، لتنقذني من وحدتي وشروخي .. من الصمت القاتل .. من ملصقات صبرا وشاتيلا ويوم الأرض وتل الزعتر ، و(الأياليل ) السود التي تعج بها جدران بيتي ، كل جدران بيتي ,..ذات يوم هربت فتاة من بيتي بعد أن أبدت رغبتها في مشاركتي سريري طوال الليل ، كان حلمها كما قالت أن تمص قضيبي وتولجه إلى أعماق حلقها ، غير أنها وما أن دخلت البيت لأول مرة وراحت تتأمل الجدران ، حتى هتفت بهلع ( يا ألله كم أنت مليء بالموت ، كيف تنام وكل هذه الدماء تحيط بسريرك ) ؟ همست لها : ( إنها نصف حقيقتي يا عزيزتي ، إن لم تكن حقيقتي كلها ، ويبدو أنني أصر على عدم الهروب منها أو نسيانها ، فأجعلها تشاركني حياتي ، أغمض عيني عليها ، وأفتحهما عليها ـ ولقد اعتدت الأمر ـ ولا أظن أنني قادر على مبارحته ) وزفرت صديقتي نفسا عميقا ( آسفة أنا لا أستطيع أن أشاركك سريرك ضمن هذه الأجواء ، بيوت قياداتكم ليست هكذا ، ألا يوجد مكان آخر لديك ؟ ! ) ( لا للأسف لا يوجد ، حتى لو و جد ـ فلن أستطيع أن أعيش فرحي خارج هذا الحزن ، فالحزن أصبح حقيقتي ، وعندما أعيش فرحي في ظله ، أتمتع بالفرح إلى حد لا يمكن أن يبلغه إلا من هو مثلي ) ( لا يا إلهي ! هل أنت بكامل عقلك ؟ ) ( أدعي ذلك ! فالفناء والبقاء ، الحزن والفرح ، الشقاء والسعادة ، الألم واللذة ، الكره والحب ، القهر والحرية ، التشاؤم والتفاؤل ، الدم والورد ، أمران متعددا الوجوه ، ملازمان لي ـ ولا يمكن أن أشعر بأحدهما دون أن أشعر بالآخر ، ثم إن أحدهما لا ينتفي إلا بالإحلال المطلق للطرف الآخر ، إنها معادلة معقدة جدا يا عزيزتي ) !! ( ربما تكون مريضا يا محمود ـ يجب أن تراجع طبيبا مختصا بالأمراض النفسية ، أستودعك ) وهربت .. هربت إلى غير رجعة . لتذهب هي وأيري وقيادتنا إلى الجحيم !!! بسمة ليست من هذا النوع من الفتيات .. بسمة تشاركني فرحي وحزني .. أمامي ساعة ، سأغتسل وأتعطرقبل أن تأتي .أنا دائما أغتسل وأتعطر قبل أن تأتي .. لا أريدها أن تنفر مني .. لأظل ذكرى جميلة في حياتها ـ بل أجمل ذكرى في حياتها إن استطعت . اغتسلت . تعطرت . احتسيت القهوة . الزمن يسير بطيئا جدا .. يقتلني الإنتظار . يقتلني العد التنازلي نحو الحادية عشرة .. بقي عشر دقائق وتصبح الحادية ...الرسومات التي رسمها لي رسامون أصدقاء تمثل أمام عيني : هذا أطال شاربي أكثر مما هما عليه ، وذاك بالغ إلى حد كبير في طول أنفي وانحنائه ، وهذا بالغ في مساحة الصلع التي تتوسط رأسي ، وذاك في تمثاله الصغير الذي فارق الحياة جعلني أقرب إلى الإنسان الميت مني إلى الإنسان الحي . رسام واحد لم يبالغ في طول ذقني ، غير أنه جملها أكثر مما هي عليه . خمس دقائق وتأتي بسمة . خمس دقائق فقط . هي في الغالب تأتي في الحادية عشرة . إذا لم تأت ستتصل . يجب أن تتصل . هي تعرف انني أنتظرها ، لكنها لا تعرف أنها لم تغب عن بالي طوال اسبوع . منذ آخر مرة التقيتها ، وكان لقاء فاترا للغاية ، جاءت بصحبة موله بها ، في الوقت الذي أمضيت الليل في انتظارها ، واغتسلت وتعطرت في الصباح ، وهيأت نفسي للقاء ممتع مع الحياة .ومنذ ذلك اليوم لم تغب من مخيلتي . هي في الحقيقة نادرا ما تغيب من ... وكلما انقلبت على السرير خلتها بين ذراعي ، ورحت أضمها وأشد الغطاء إلى جسدها لأقيها نسمة برد قد تأتي على حين غرة . .. ثلاث دقائق وتأتي . هي لا بد في الطريق الآن . سأطل من النافذة ، ولأنزع هذه السدادات من أذني : تلك فتاة قادمة من أول الشارع . إنها هي حتما . يتبدد كل الصمت المحيط بي ، لن أعود إلى الوحدة الموحشة إلى الأبد . يقترب شبح الفتاة .. رباه!يا يسوع المعذب ، إنها ليست هي . لا بأس ، ثمة سيارة قادمة ستكون فيها . إذا توقفت السيارة تحت نافذتي فهي فيها حتما . المح طرف رداء امرأة ترتدي ثوبا أصفر ، تجلس في المقعد الخلفي ، ( إنه أحد أثوابها ) . أرى رأس الفتاة . شعر أسود كحلكة الليل . إنه شعرها . ثم إن الفتاة سمراء مثلها تماما . يهبط قلبي فرحا . تقترب السيارة وتمر من تحت النافذة وتنعطف متابعة طريقها . ( أف أف أف ) وأبتعد عن النافذة لأغرق في صمت البيت . دقيقة واحدة وتصبح الحادية عشرة . ستأتي الآن أو يرن جرس الهاتف على الأقل . لأعود إلى النافذة ولأنتظرها . أريد أن أرى إطلالتها ، هي في العادة تلقي نظرة نحو النافذة ، قبل أن تنعطف إلى البناية ، وتشرع في صعود الدرج المتعب . ، وعندما تنظر ألمح طيف ابتسامتها . هي لا تستطيع أن تفعل أكثر من هذا ، نظرا للعيون الكثيرة التي ترقبها . ثمة فتاتان قادمتان ، لا بد أن تكون إحداهما هي . ربما أتت مع صديقة لها . لالا ، الفتاتان ممتلئتان ، وهي ليست ممتلئة إلى هذا الحد . تمر الفتاتان من تحت النافذة وتنعطفان ، أرقبهما وهما تبتعدان ، إلى أن يلفهما زقاق فرعي . أوه .. إنها الحادية عشرة ودقيقتان .. إذن بدأ العد التصاعدي .. سيقتلني العد التصا.. والصمت الثقيل يطبق على الغرفة كوحش كاسر . يرن جرس الهاتف . أهرع ، إنها هي حتما : - ( هلو استاذ محمود أتريد لحمة هذا اليوم ) اوه يا رب ! أيوه أبو رياض ابعث لي كيلوين شرحه . وأقفلت الخط . لكن لمذا كيلوين بحق السماء ؟ لنأكل انا وبسمة اليوم وغدا .. لنأكل كثيرا ولنشبع لحمة طازجة طرية ، فلن أجد في المستقبل لحاما مثل هذا اللحام . شاهدته بالأمس خلال تشييع جنازة جارنا ، ترك محله وجاء يشارك في تشييع جنازة ... جارنا الذي دهمته سيارة وهو يسير على الرصيف ، نعم على الرصيف ! فقد كان اثنان يتسابقان بسيارتيهما ، وجنح أحدهما نحو الآخر إلى أن ضيق عليه ، فلم يكن أمام الآخر إلا الهروب إلى الرصيف ليدهم جارنا .. جارنا الطيب البسيط الهادىء . جارنا الكردي ذو الأطفال الثمانية فقط !! مرت عشر دقائق .. عشرون دقيقة .. نصف ساعة .. لم تمر دقيقة دون أن أقف على النافذة ، ودون أن أعود إلى الصمت . وكلما شاهدت شبح امرأة ( وأنا على النافذة ) خيل إلي أنها بسمة ، وكلما شاهدت سيارة قادمة، انتابني إحساس أن بسمة فيها ، وكلما رن جرس الهاتف أيقنت أن بسمة هي الهاتفة . .. إلى أن أصبحت الساعة الواحدة بعد الظهر ، فقررت ( وتبين أنني لم ألتزم بقراري ) أن ألقي نظرة أخيرة عبر النافذة . شاهدت فتاة ترتدي لباس الفتوة تقدم عبر الشارع ، كنت مقتنعا تماما أنها ليست هي ، فهي إذا شاءت أن تأتي إلي بلباس رسمي ، فستأتي بزي الجامعة . ، ومع ذلك لم أقطع الأمل ، ورحت ألتمس عذرا مقنعا لها ، لتردي لباس ... لم أجد عذرا .. .. . .. غير أنني لم أقطع الشك في أنها قد تكون هي . مرت الفتاة من تحت نافذتي وهي تجمح كمهرة ، وضفيرة شعرها تلوح على ظهرها كلما نقلت خطاها . أرهقت.. تعبت .. لا أستطيع أن أقرأ أو أكتب ، أو حتى أستمع إلى الموسيقى ، وليس في مقدوري مغادرة البيت ، فربما لديها محاضرة مهمة في الجامعة ، لماذا ألح عليها أن تأتي في أوقات محددة ، ثم إنها لم تقل لي أنها ستأتي في الحادية عشرة . ذات مرة جاءت في الواحدة والنصف ، ومرات كثيرة بين الثانية عشرة والواحدة . وبعض المرات بين الرابعة والسادسة .. إذن ستأتي .. عدت إلى النافذة . لم استطع إلا أن أعود إلى .... . ثمة ساقان يلفهما بنطلون جينز ، تقدمان تحت أشجار الرصيف . لم أميز النصف العلوي للقادم ، ومع ذلك قد تكون هي ، سأنتظر إلى أن يبزغ من تحت الشجيرات .. يا للجحيم إنه شاب . عدت إلى الداخل . ليس لدي إلا ثلاث زجاجات ممتلئة من البيرة ، سأذهب لاستبدال الزجاجات الفارغة . لكن ربما تأتي خلال غيابي ، سأترك الباب مفتوحا ، لا سأترك لها ورقة على الباب , لكن ماذا لو اتصلت هاتفيا . أوه ! لتتصل ولتعرف أنني لا أنتظرها ! ماذا تظن نفسها هي ؟ نزلت .. لم أستطع إلا أن أنظر إلى الإتجاه الذي ستأتي منه .. وظللت أنظر إلى أن طواني الزقاق المؤدي إلى حانة الخمور . لم أجد بيرة كالعادة . أبقيت الزجاجات في الحانة وعدت . ألقيت نظرة نحو الطابق العلوي في البناية . ربما جاءت ووجدت الملاحظة على الباب ، ووقفت تنتظر على نافذة الدرج . لم أر أحدا . إذن لأذهب إلى البقال وأبتاع بعض الخضار ، ولأمر على اللحام . هذا اللحام يقتلني ببطئه وبرودة دمه ومحاولته اليائسة في أن يدخلني الإسلام منذ أن قلت له كاذبا ذات يوم أنني مسيحي !! لا بد من استراق بعض النظرات نحو الشارع بين شراء حاجة وأخرى . لا أريدها أن تمر دون أن تراني ، فربما تفهم الملاحظة التي على الباب حسب التوقيت العربي ، حيث لا يحس أحد بالزمن على الإطلاق . فتغدو اللحظات ساعات والساعات لحظات ! إلقاء نظرة نحو الشارع يضطرني إلى الخروج من البقالة والسير لبضعة أمتار كي أشرف .. ألقيت النظرة الأولى بعد شراء كيلو خيار ، والثانية بعد شراء كيلو بصل ، والثالثة .. بعد كيلو بندورة .. والرابعة .. جرزة بقدونس ، وفي الخامسة كنت قد حاسبت البقال وحملت الخضار وعدت بسرعة إلى الشارع . رأيتها في كل الفتيات اللواتي كن يجبن الشارع .. لماذا أراها في كل الفتيات ...... .. ؟! وتنبهت إلى أنني نسيت أن أمر على اللحام .. عدت. لم يرسل اللحمة بعد . دفعت ثمنها وهرعت نحو البيت .. لا بد أنها جاءت دون أن أراها . لقد امضيت من الوقت في انتقاء الخضار أكثر مما أمضيته في ترقب الشارع . إذن سأجدها تنتظرني أمام الباب ، طالما لم أرها تطل من نافذة الدرج ، بقي أمامي الطابق الأخير لأراها واقفة ،سأرى الآن إطلالة عينيها ـ إشراقتهما ، والإبتسامة العذبة تطوف على شفتيها . ... لم تكن أمام الباب ..لكن ثمة جدار إلى جانب ... ربما اختبأت خلفه لتباغتني .. ( أه يا عكروته عرفت ألاعيبك ) وينتصب الباب أمامي كجدار سجن ، والملاحظة تصفعني على وجهي ( سأعود بعد لحظات ) أللعنة يجب أن أنسى هذه البسمة . لكن كيف أنساها ، إنها تأسرني ؟ دفعت الباب وأنا أهز رأسي بشدة في محاولة يائسة لطرد بسمة منه . ألقيت أكياس الخضار على أرضية المطبخ وطرحت جثتي المشروخة على الأريكة . أحجار الشطرنج تنتصب أمامي على رقعتها كتماثيل صماء ، لو أن أحدهم يأتي لأغلبه ، فأنا لا أتصور نفسي إلا غالبا دائما ـ، والحق إنني نادرا ما غلبت ، وأنجح دائما في الإجهاز على خصومي . الشطرنج يسلب مخيلتي ، يستولي علي ، ينسيني الدم ، الصمت ، الموت، الضجيج ، العطالة، حتى بسمة . لكن لا أظن انني قادر على اللعب الآن ، فدماغي معطل ، معطل تماما ، ولا يشغله إلا الموت وبسمه ، بل بسمة وحدها ، ما يعنيني الآن هو... . بسمة ترمم شروخي ، تعيد إلي توازني ، توقف نزيف الدم الهاطل من شراييني . إنها الثانية والنصف . لم تأت بسمة ، ومع ذلك تركت الباب مفتوحا ، لا أحتمل إلى أن أفتح لها ، ثم إنني أريدها أن تجد بابي وصدري مشرعين لها . بابي المغبر القذر العتيق المسويس ـ، وصدري المنخور المشروخ المتصدع . طز ! ماذا يعنيان أمام صدرها المتدفق بخصب الحياة ؟ سألتني ذات يوم بهمس ( لماذا تتأوه إلى هذا الحد وأنت تلقي رأسك على صدري ؟) فهمست ( كلما ألقيت رأسي على صدرك أحسست بالحياة تدب في جسدي الميت ، إنني أتلذذ بطعم الحياة ونعمة الله ) !!فكت ما بقي مشبوكا من أزرار قميصها وألقمتني نهدها وطوقت رأسي بذراعيها وراحت تضمني إليها ، فرحت أغرق أغرق ... ، أو لأقل رحت أحيا أحيا بعد موتي . سمعت وقع خطوات تصعد الدرج . أرهفت السمع . هي حتما ! اقتربت الخطوات من مدخل البيت ، توقفت أنفاسي وعيناي تحملقان نحو الباب . امتدت يد سمراء لتجتاز العتبة وتطرق الباب المفتوح . ( تفضلي ) !! وشاهدت طبقا من اللحم يسبق حامله . ( اللعنة ، إنه ابن اللحام ) ! ( يقول لك بابا إنه لم يستطع تأمين أكثر من كيلو لحمه هذا اليوم ، غدا سيبعث لك بالكيلو الآخر . ) ( طيب عمو طيب. شكرا ) ثمة خطوات أخرى تصعد الدرج . تحفزت ثانية . تجاوزت الخطوات المدخل نحو السطوح . لا شك أنها إحدى الجارات ، وقد صعدت لتنشر غسيلها . غرقت في حالة من الهذيان الصامت . ما أسميه ( هاجس فنائي ) يدفعني نحو صبرا ، وما أسميه ( هاجس بقائي ) يدفعني نحو بسمة ، ولم أشعر إلا ويد تمتد لتطرق الباب .. هزم هاجس فنائي شر هزيمة . فقد غابت صبرا تماما من مخيلتي وحلت بسمة بكل عنفوان شبابها وخصب الحياة فيها . ( أدخل ) !! وشاهدت طبقا ثانيا من اللحم يجتاز الباب ( يا رب هل سأجن هذا اليوم ) ؟ ( يقول لك أبي أنه دبر لك كيلو من لحمة البيت ) ( طيب طيب طيب عمو شكرا ) كم هو حقير هاجس فنائي هذا .. أحس بنشوة النصر فراح يطبق على روحي ويضغط على جسدي .. لم يكن امامي إلا أن أسترخي وأستحث هاجس بقائي على المقاومة ... تجاوزت الساعة الثالثة وأنا أحدق إلى كومتي اللحم أمامي ، وعبثا أحاول أن أعيد إلى جسدي شيئا من توازنه ، وإلى روحي الميته دفقة من حياة ، وإلى أعصابي المتلفة قليلا من التماسك . لا بد لي من تناول الطعام ..لأنهض .. أوقفت جسدي المتهالك .. دخلت المطبخ وأنا مشتت الذهن .. لم أعد أعرف مكان الأشياء . ولم اعد قادرا على جمع أفكاري للتمييز بينها .. أفتح البراد ولا أعرف لماذا فتحته . أمد يدي إلى رف المطبخ وأنسى لماذا مددتها ، فتظل معلقة في الهواء . ارتكبت حماقات كثيرة .. وضعت سكرا على الشرحات بدلا من الملح .. بينما وضعت كمية هائلة من الملح على السلطة والبطاطا .. أضفت إلى السلطة تشكيلة من البهارات لم أضفها إليها في حياتي . شطة ، فلفل أسود ، بهارات مشكلة ، نعنع ناشف ، قرفة مطحونة ، كمون ، سماك ، كاري !! كانت سلطة فانتازية . غسلت الشرحات بالماء وأعدت تمليحها . تنبهت إلى أنني حضرت طعاما لي ولبسمة . ولماذا لا .؟ ستأتي حتما ! حضرت لها صحنا وشوكة ، وملأت كأسها بالبيرة ، وخلتها تجلس معي ، حتى أنني قرعت كأسي بكأسها !! لأنتظر قليلا . لا . لآكل على مهل . ( بصحتك ) نسيت أن أملا صحنك . أللعنة على أبي ـ، أبي الذي كان يمتص الذبابة عندما تقع في صحن اللبن أو كأس الشاي ، حتى لا يذهب ما علق بها سدى . أبي الذي قتل أحد إخوتي ، أبي الذي حاول قتلي أكثر من مرة ، لكن غريزة بقائي كانت تدفعني دائما إلى الإفلات من هراوة فأسه المشرعة ، أو تجعلها تقع على كتفي ، أو اي موضع آخر في جسدي .. أبي الذي جعلني أنزح من الضفة قبل أن ينزح منها أي فلسطيني آخر !! ( كلي يا بسمة ، كلي يا حياتي ، آسف لكمية الملح المرعبة ، للسلطة الفانتازية العجيبة ) يبدو أنني شبعت . تنبهت إلى أن صحن بسمة ما يزال على حاله .، وكأسها تطفح بالبيرة . أللعنة ! إذن هي لم تأت ، والساعة تجاوزت الخامسة ، رباه لقد بات الأمل في قدومها ضئيلا جدا . آه يا أمي التي كان ابي يضربها أربع مرات في اليوم ! آه يا أمي التي لم أرها منذ ستة عشر عاما ، يا أمي التي ماتت دون أن أراها ، ودون أن تراني .. آه يا قطيعنا الذي كنت أرعاك .. آه يا جبال القدس التي عشت على بطاحك أول فرحي وشقائي .. آه يا حياة يا أول حب في الكبر !!يا أول بسمة في حياتي !! لماذا تقفزين إلى مخيلتي الآن وفي هذه اللحظات التعسة بالذات ؟! أين أنت الآن ؟ في القدس ؟ آه يا حياة ، هل ثمة ما هو أجمل من أن يكون الإنسان في القدس ؟ لا بد انك احببت غيري .. شيء طبيعي أن تحبي غيري .. وحتما تزوجت وأنجبت أطفالا كثيرين ، مثلما أحببت وتزوجت ، لكنني لم أنجب إلا طفلين لقصر يدي ، أو لعوزي ، أنت لا تعرفين ما معنى أن يعيل المرء طفلين وأمهما في الشتات ، يعتقد في كل لحظة أنهما سيموتان جوعا ذات يوم ، أو يتحولان إلىى متسكعين ، أو يقتلان في صبرا ، وما أكثر صبرا في حياتنا يا حياة . حياة ؟!لن أنساك ما حييت ، سأتذكرك وأنا ألفظ أنفاسي الأخيرة . أعرف أنك غاضبة مني ، وأعرف انك انتظرتني لأيام وشهور وسنين .. لكن لم يكن الأمر بيدي .. والله لم يكن ... وهذا البيت الذي كنت أقذف لك بقبلاتي من شرفته ، كان مخبأ أو بيت أمن كما نسميه في التنظيم . لقد كنت فدائيا يا حياة ، لا أحمل هوية الكيان ، عدا أنني مطارد من عسكر الإحتلال ، وعسس الإحتلال ومخابرات وجواسيس ... فكيف أقول لك ذلك ، ثم كيف القاك ، وإلى أين سأتبعك ؟! أعرف أنك سئمت قذف القبل عبر الشرفات ، وأنت تحتارين في أمري ، لا تدرين ماذا أعمل ، وتظنين أنني تخليت عن كل شيء في حياتي ، إلا عن الجلوس في الشرفة ، لأرقبك ، وأختلس إليك قذف القبل ... وجن جنونك .. أذكر عندما جن جنو... فارتديت ملابسك وحملت حقيبة يدك ، وأومأت لي من الشرفة أن أتبعك ، فأومأت لك بكل خلجة في جسدي أن لا تنزلي ، لأنني لا أستطيع أن أتبعك ، ليس في مقدوري النزول إلى القدس حتى من جبل الزيتون ! لكنك لم تصدقيني ، ونزلت لتقفي أمام البناية وتحدجيني بنظرات كلها إصرار ، وتومئي لي أن أتبعك ، وأنه ينبغي علي أن أتبع... فتبعتك !! قلت لعلني أستطيع الإقتراب منها لأقول لها شيئا من الحقيقة ، لكني لم أستطع الإقتراب منك ، فكل عيون أبناء جبل الزيتون كانت ترقب سواد عينيك الواسعتين ، جمال قوامك الصاخب بالعنفوان ، وأنت تحثين خطاك نحو موقف الباص ، دون أن تلتفتي خلفك . تبعتك إلى موقف البا... وشاهدتك تصعدين إلى الباص من الباب الأمامي ، وعندما أيقنت أنني لم اصعد ، هرعت نحو الزجاج الخلفي ، شاهدت وجهك وهو ينضغط خلف الزجاج ، انكسار أنفك ، جحوظ عينيك ، ومئات التساؤلات الحائرة .. وأنا أحتضن رأسي براحتي يدي وأحاول أن أعبر لك ، أن أفهمك ، بعيني، بشفتي ، باختلاجات وجهي ، أنني لا أستطيع أن أتبعك إلى القدس ، لنضيع في زحمة الناس ، ونهرب من أعين الفضوليين والعسكر المدججين بالسلاح ، ونختلي بنفسينا في زاوية ما ، ركن ما .. أعرف أنك لم تفهمي التعابير التي كانت منطبعة على وجهي .. وانطلق الباص يا حياة ، ووجهك ما يزال منضغطا خلف الزجاج ، وعيناك تحدقان بدهشة وحيرة ورجاء . وظللت أرقب انضغاط وجهك ... إلى أن ابتعد الباص ، ولم أعد قادرا على رؤية وجهك .. وانعطف الباص واختفى لينحدر إلى القدس ... غادرت المخبأ ذلك المساء لأسباب أمنية يا حياة ، وبعد قرابة شهرين غادرت الأرض المحتلة كلها .. وظل انضغاط وجهك خلف الزجاج ، انكسار أنفك ، آخر ذكرى لي فيها ـ، أجمل ذكرى لي فيها .. سامحيني يا حياة . يا من شاءت الظروف أن يظل حبها عذريا ـ، مع أنني أكره الحب العذري .. سامحيني ، ربما انتظرتني طويلا ، لستة عشر عاما .. لا غير معقول أن تفعليها ..جنون أن تفع ... آه أين كنت ؟ أين أنا؟ أين بسمة ؟ كم الساعة الآن ؟ جرس الهاتف يرن .. آن لها أن تتصل .. غير ممكن أن لا ....!! .. ( هلو نعم ... رباه ! إنها كلير ... كل... القادمة من بلاد بلفور ! قاتلي بل.. ! المتخرجة حديثا من كامبريدج .. كلير التي ما زالت بلادها بكرا أمامي ، وأرضها صخرية، عصية ، عذراء، يباس ... نعم ! تحدثي إلي بالعربية لأنني في حال لا تسمح لي باستيعاب كل ما ستتفوهين به بالإنكليزية ) - أنا مشتاقة لك .. متى سأراك ؟ - تشتاق لك العافية ! الآن إذا تشائين . - لا الآن لا أستطيع ، فيما بعد ، أردت أن أطمئن عليك وأشكرك على العشاء الجميل ! - كلير إنني أشعر بوحدة قاتلة ، ألا تأتين لتنقذيني منها ، لن أطلب إليك سوى أن نجلس ونتحدث . - آسفة يا محمود ، أنا مشغولة الآن ولدي موعد ، ربما في المساء إذا تمكنت ، باي ! - كما تشائين يا كلير ، باي . تركت المائدة كما هي ونهضت أجرجر جسدي التالف ... التالف إلى حد لم يبلغه من قبل إلا ما ندر . دخلت غرفة النوم . طرحت نفسي بطنا على السرير . لم أكن قادرا على أن استلقي بالعكس ، فقد كان هاجس فنائي يستفحل بي ، يضيق على روحي الهشة الخناق ، ويصرخ في دخيلتي بصوت مرعب : ( ليس في حياتك إلا حقيقة واحدة ثابتة لا تتغير ، إنها صبرا ، وكل ما تبقى عابر ، كذب ضلال هروب ، صبرا اختصار زمانك ، صبرا اختصار حياتك ، صبرا اختصار شقائك ، فاركن إليها ، اغرق في خضم حمئها الدموي ، كل الأشياء تجيء وتروح ، وتروح وتجيء إلا حقيقتك الثابته صبرا ! صبرا التي ترزح في أعماقك ، صبرا المعلقة في شرايين قلبك ، السارية في دماء جسدك ، الجاثمة في صلب دماغك .. صبرا اختصار موتك ، رمز مسافات العذابات فيك ، ليالي الحزن الطويلة في عينيك ، تكثيف لحجم القتل في روحك المتعبة ، فاركن إليها ، وانشر حزنك على الملأ ، واجعل دماءك تخضب حمأ البوادي ، وافقأ باصبعيك عيون القيادات القميئة ، واهتك بجرحك أستار التقدم الزائف ، والنضال الكاذب ، واشهر موتك راية للعصر الزنيم ، عصر البساطير السراويل العباءلت ، عصر القمامات ، عصر التيجان الملكية والجمهورية ، عصر الحماقات الشعبية ، والأحزاب الخنفسائية ، الثورات المتخمة ، ثورات الخيبة ، عصر ادعاء الإنتصارات البطولات الفروسية ، عصر الهزائم ، عصر الشعوب الذبيحة والأرواح القتيلة ... ) ( لا لا !! ) كان هذا هاجس بقائي وقد راح يصارع خصمه صارخا ، وأنا أعتصر بقبضتي يدي المخدة التي ألقيت رأسي عليها في محاولة لمساعدة جسدي على تحمل آثار الصراع بين هذين النقيضين اللدودين اللذين راحا يتقاذفان الشتائم والصراخ في دخيلتي المتصدعة : ( لا بسمة ليست عابرة أيها الوغد القاتل ، وليست أكذوبة ، بسمة فيض الينابيع التي لا تنضب ، خصب دائم التدفق في مواجهة موتك ، بلسم الجراح التي تثخننا بها ، بسمة اختصار فرحنا ، سر بقائنا ، أمل المستقبل فينا ، النور الذي يضيء متاهات دروبنا ، أعماق نفوسنا ، بسمة نبض الحياة فينا ، ربيع أرواحنا الوردي ، غيث دائم الهطول ، ندى يحط على روابينا ، بسمة الحقيقة الأزلية الراسخة وليس موتك ، لكنها مكبلة بحظر التجول خارج البيت ، بالقوانين بالمحرمات ، محكومة بالإقامة الجبرية ، مشدودة إلى عذريتها وفارس الأوهام !! بألف قيد وقيد كبلوها ، بألف حجر حجروها ، لكنها ستجد منفذا عبر حجورها وتأتي ، ستحطم كل قيودها يوما وتأتي ، ستهدم كل أسوار سجونها يوما وتأتي .. ستاتي في ظل السحاب ، مع المطر ، ستاتي في الندى ، مع الصدى ، من المدى ، مع أسراب اليمامات ، برفقة الطالبات ، في الإبتسامات ، في أريج الزهور ، مع الطيور ، من الحقول ، على أجنحة النسور ، مع الصباحات ، في المساءات ، عند قيلولة الجميلات ، في فرح العشاق ، ، ستأتي ستأتي ستأتي في كل الكائنات ) ( لا لا !! إنني أصرخ بكل هزيم الرعود ، ليست المسألة في أن تأتي بسمة أو لا تأتي ، المسألة في حقيقتك ، حقيقتي ، حقيقتنا الوحيدة الراسخة : صبرا !! صبرا صبرا !!وليس أمامك ولا مفر لك إلا أن تركن إليها !!) ( لا ! لا ! ! جسدي لم يعد يحتمل . أنت أيها الفناء القاتل ، لو ان في مقدوري أن أنتزعك من أعماقي، لأقذف بك إلى الجحيم ، لو أستطيع أن أحطم سكاكينك التي تطعن في أحشائي .. ابتعد عني ، ابتعد ، اخرج من بطينتي ، إنك تقتلني أيها القاتل . .. رباه يا يسوع ، يا ابن مريم ، إنني أموت ، وجسدي المتصدع المشروخ عاجز عن المقاومة .. أين الحبوب المنومة ؟ أحتاج إلى كمية كبيرة من الحبوب.... ثم اين سدادات الأذن ؟ أحتاج إلى ثلاث سدادات لكل أذن ! لا أريد أن أسمع شيئا من خارجي ، ولا أريد أن أسمع شيئا من داخلي ، ولأدفن جسدي في السرير ، لأدفن نفسي ، لأدفن .. لأدفن ... ) *************************
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكلب الجميل ! قصة قصيرة حقيقية .
-
صلاة الفذاذة العظمى ! قصة
-
السلام على محمود. أشعار في ديوان محمود درويش (لماذا تركت الح
...
-
الجنرال الزعيم . قصة قصيرة
-
السلام على محمود. أشعار في ديوان محمود درويش (لماذا تركت الح
...
-
أبناء الله . قصة
-
السلام على محمود. أشعار في ديوان محمود درويش (لماذا تركت الح
...
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 22) - ( 883) الشباب ب
...
-
السلام على محمود. (1) فاتحة ! أشعار في ديوان محمود درويش (لم
...
-
ألخطار. قصة طويلة
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 22) - ( 882) حوار الح
...
-
العبد سعيد. قصة.
-
نار البراءة . قصة في خمسة فصول !
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 21) - ( 881) حوار الح
...
-
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة ( 20) في الدين والأخلاق
...
-
يوم مولدي .. يوم لدمشق
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (الجزء
...
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (الجزء
...
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (11) ا
...
-
غوايات شيطانية . سهرة مع ابليس. ( ملحمة نثرية شعرية ) (10) ا
...
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|