أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الحلبي - اللاشيء














المزيد.....

اللاشيء


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 6 - 16:43
المحور: الادب والفن
    



سقط جسده بقوة على الأرض، لكنه لم يشعر بأي ألم،، استند على كفيه وحملق في الأرض، فرأى صورته واضحة فيها،، لم يفرك عينيه لأنه نسي أن له عينين،، حملق جيداً، فرأى أن صورة جسده من جهة الصدر والظهر تتكرر عشرات المرات إلى أن تغيب في اللانهاية،، نظر إلى الأعلى فرأى وجهه، وخلفه امتدت صورة جسده من جهة الظهر والصدر تتكرر عشرات المرات إلى أن تغيب في اللانهاية،، أدرك الآن أنه يجلس على مرآة، وأن السقف هو مرآة أيضاً،،أدار وجهه في جميع الجهات فأدرك أنه قد سقط في فخ من المرايا،، فالجدران مرايا كذلك،، مرايا تحاصره من جميع الجهات، وصورته من الأمام والخلف تتكرر عشرات، بل ومئات المرات وفي جميع الجهات،، حاول أن ينهض فتبعته عشرات، بل مئات صوره في كل المرايا،، أراد الهروب من صوره،، لمح ثقباً في الزاوية العلوية لإحدى المرايا،، تسلق المرآة الهائلة بصعوبة بالغة، ومعه تسلقت عشرات، بل ومئات صوره في جميع المرايا،، وصل إلى الثقب معتزماً الخروج منه،، نظر من خلاله فلم يشاهد سوى وجهه،، كان الثقب مرآة صغيرة على شكل ثقب،، جفل، فانفلتت كفّاه على السطح الأملس وهوت معه صوره في جميع المرايا،، تشبثت أظافره بسطح الجدار، المرآة، فخلفت وراءها لدى انزلاقه عشرة أخاديد على السطح الأملس، وظهرت الأخاديد على أسطح جميع المرايا التي تحاصره، فظن أنه ربما سيستطيع الإفلات من هذا المأزق من خلال أحد هذه الأخاديد، لكن لم تكد قدماه تصلان الأرض حتى التأمت تلك الأخاديد، وعادت المرآة – وكذلك باقي المرايا– إلى حالتها الأصلية، سليمة من الخدوش.
لم يعد يعرف الاتجاهات، فقد امحى من ذاكرته كل ما كان فيها من معلومات، وفقد جميع مهاراته باستثناء القدرة على التحرك في جميع الجهات، نسي تماماً كيف وصل إلى هذا المكان، وأيقن أن جميع خيالاته التي تنعكس على أسطح المرايا تتهامس وهي تنظر إليه بريبة،، حاول أن يراوغ الجميع بإغماض عينيه حتى لا يراها، لكنه فشل في ذلك،، لقد نسي تماماً كل شيء، حتى نسي كيف يغمض عينيه، ولم يتبق لديه سوى صورته التي تحاصره من جميع الجهات،، وقف في وسط المكان ثم اتجه إلى المرآة المواجهة له، فتبعته جميع خيالاته وجاءته من كل الجهات،، أراد أن يركض لكنه أدرك أنهم سيفعلون نفس الشيء، فجمد في مكانه،، ابتأس وشعر بالرغبة في البكاء، لكن الدموع خانته فلم تنفر من عينيه، ولم تسل على خديه كما كان يأمل،، لقد نسي البكاء ،، أراد أن يصرخ متوسلاً خيالاته أن ترحمه وترحل بسلام عن المكان، لكنه فشل في تحريك لسانه،، لقد نسي الكلام،، ما زال يحاول أن يتذكر كيف وصل إلى هنا، فلم يفلح.
دقات على سطح المرايا قادمة من جهة ما تدك رأسه، فيعتصره بين كفيه، لكن صوتاً يتسلل من بين أصابعه: (سيدي، يا من بالداخل، هل أنت بخير؟،لقد دخلتَ منذ ساعة إلى غرفة قياس الملابس لكي تتأكد من أن البذلة التي اشتريتها تناسبك،،هل من مشكلة؟). أرتج عليه الأمر، فهو لا يعلم شيئاً عما يقوله ذلك الرجل،، أية غرفة؟، وأية ملابس؟، وأية بذلة؟، بل وعن أي مكان يتحدث ذلك الرجل؟، فتش المكان، فلم يجد أي مكان،، حاول أن يتلمس شيئاً، فلم يجد أية ملابس،، حاول أن يرى غرفة القياس، فلم يجد سوى جدران من المرايا،، هنا افتر ثغره عن ابتسامة، فوجدها تغطي أسطح جميع المرايا، وغمرت المكان آلاف الابتسامات قادمة فرحة من جميع الجهات،، فرح بما شاهد، وأدرك أنه قد نسي كل شيء سوى الابتسامة، فشعر بنشوة لم يكن يتوقعها،، هي الابتسامة: طوقه الوحيد للنجاة من بئر المرايا. اقتربت روحه من أسطح المرايا حد الالتصاق،، تحولت الابتسامة إلى ضحكة امتصتها جميع المرايا بفرح غامر دفعه إلى القهقهة بصوت عالٍ رددت صداه كل المرايا الضاحكة،، الآن، ولأول مرة منذ دخل هذه المصيدة، يدرك تماماً ما يريد، فعوضاً عن أن يسير باتجاه الصوت القادم من الخارج، وجد نفسه يدخل في إحدى المرايا، كي يغيب فيها ولا يخرج منها إلى الأبد.



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة
- جاري صاحب الكيف يتاجر بالمسؤولين العرب
- جاري صاحب الكيف، طائفي ماكر
- جاري صاحب الكيف يكشف سر داعش
- -روديو أنغولا-
- جاري صاحب الكيف ينضم إلى مشاة البحرية
- أبو السبع
- حبل إسرائيلي، وعشماوي عربي
- هزيمة ساحقة، أم انتصار مبين
- أخطاء شائعة واجبة التصحيح
- قادم من زمن السقوط
- قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت
- أشراف، ومرتزقة
- العيش،،، والجبن
- في مصر: هل يمكن تفادي الكارثة قبل وقوعها؟
- هل كذب من قال (الدين لله والوطن للجميع)؟
- ف ، ح ، و (فلسطينيون، حملة، وثائق)
- من المسؤول، مرسي أم السيسي
- (شرم الجنيف)
- ثواب وعذاب


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الحلبي - اللاشيء