أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هديب هايكو - لميعة عباس عمارة جنوبي وادي الرافدين














المزيد.....

لميعة عباس عمارة جنوبي وادي الرافدين


هديب هايكو

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 5 - 19:38
المحور: الادب والفن
    


شمالي وادي النيل تعلم بنات وأبناء المسلمين في القاهرة بالمدرسة الألمانية رخيصة التكاليف، أمثال الممثلتين: مريم فخرالدين، أوبوها مصري وأمها مجرية (ليس مجر جنوبي العراق)، ومجايلتها ناديا واسمها الحقيقي Paula محمد لطفي شفيق (ناديا لطفي) أبوها مصري وأمها بولونية. مجايلتهما من جنوبي وادي الرافدين: لميعة عباس عمارة تقول: في عام 1964 وكنتُ مفصولة من الوظيفة أجاور المدفأة النفطية (علاء الدين) بدشداشة وغترة مشدودة على عنقي من البرد والضجر. قالت أختي شافية… لماذا لا تسجلين في معهد كوته وتتعلمين اللغة الألمانية؟ لقد قرأت اعلاناً في الجريدة عنه …. تلفنت على الرقم الموجود في الجريدة، فقال المسؤول بالعربية تفضلي. ركبت التاكسي (بربع دينار) الى شارع الرشيد حيث المعهد الالماني (غوته) على اسم أكبر شاعر الماني.
قابلني المسؤول، عراقي يجيد اللغة الألمانية اسمه (منعم الشبوط) قال: لكن الدراسة بدأت قبل شهرين ولم يبق غير شهر واحد وينتهي السمستر، فكيف نقبلك؟ قلت: أنا تلفنت لكم وصرفت ربع دينار للتكسي ولا يمكن أن أتراجع. ضحك الاستاذ الشبوط من تأكيدي على الربع دينار ولا يدري أنه ثروة بالنسبة لي وقال: لكن الدراسة صعبة جداً من عشرين طالب ينجح واحد أو اثنان وهم يداومون ثلاثة أشهر… قلت له: أقبلني… وأعدك أنني سأكون هذا الواحد الناجح. وقُبلـــت في المعهـد.
الرجوع للبيت ليس كالخروج منه، ليست معي أجرة تاكسي أو باص… مشياً على الاقدام أعود، تلك رياضة ممتعة سأعبر الجسر الى بيتنا في كرادة مريم (الخضراء حالياً). هناك مدرسة التقدمة للراهبات على يساري وأنا امشي… لأول مرة يدفعني الفضول لأن أقف على باب هذا البناء الذي يحمل أسم القديسة فاطمة، وكنت ارى طالباتها بصداريهن السوداء وياقاتهن البيضاء وهن في سيارات المدرسة… وجوه الطالبات التي تنطق عن النعمة وأتمنى لو درست ابنتي الوحيدة (طيب) في هذه المدرسة التي تعلم الفرنسية والانكليزية والاخلاق والاصول والتربية الراقية… الخ، أمٌّ ليس في جيبها ربع دينار وتشتهي لأبنتها أن تدرس في مدرسة راقية غالية التكاليف… أُم مفصولة من الوظيفة لمدة أربع سنوات مهجّرة من دارها في الأعظمية، تعيش مع أمها وأخواتها واخوانها لضيق العيش. وأنا في أحلامي وسرحاني وبدون أي تفكير أو تخطيط وجدتني أقف عند باب مدرسة الراهبات، الباب يبدو مفتوحاً وهناك جدار مبني أمامه يمنع نظرات الفضول، وبدون أن أخطط لأي فكرة وجدتني أدخل متخطية هذا الساتر ولم أخط خطوة واحدة حتى تسمرت فقد سدت طريقي راهبة تبدو عليها الصرامة. سمينة قصيرة متجهمة الوجه صفعتني بسؤال خشن: ماذا تريدين؟.
وفي تلك اللحظة أسعفتني طبيعتي كالعادة بهدوء الواثق قلت لها: أنا مدرّسة عربي أريد أن اشتغل هنا. تغير وجه الراهبة من العبوس الى الفرح وكأنني نزلتُ عليها من السماء قالت: أنا ماسير جان. كنت الآن أُصلّي وأدعو العذراء لتسعفني. فقد أخذت مدرسة اللغة العربية إجازة ولادة، ولم يبق على امتحان البكلوريا للصف الثالث المتوسط غير شهر واحد… أمسكت ماسير جان بيدي وأخذتني الى غرفة الإدارة، وأكملت: أنا أعطي كل مدرسة راتب 40 ديناراً بالشهر. أما أنتِ فأعطيك 50 دينارا وأدفع لكِ مرتبات ثلاثة أشهر العطلة. قلت لها: وأنا أعطيك وعداً ألا تأخذ احدى الطالبات 60 درجة بالبكلوريا … ووفى كل منا بوعده.
أما وعدي لمعهد غوته بأني سأنجح…. فهو أيضاً قد تحقق. علّق الاستاذ الشـبوط بعد أن هنأني بالنجاح وكنت أحد اثنين: لازم نعمل لك تمثال بمعهد غوته. والحقيقة أن الدينارين التي دفعتهما رسم الدراسة قد تعلمت بهما معي أسرتي كلها لكثرة ما كنت أردد وأنا أحفظ اللغة الألمانية وأجاهد لكي أكون من الناجحين.
بعد الصيف غيرت سياسة الحكومة رأيها بمعهد غوته وبألمانيا الاتحادية GDR ، صرنا أصدقاء المانيا الشرقية DDR، ولكن الجميل فيها ان المعهد الالماني الجديد ـ بعد إغلاق معهد غوته صار مجاوراً لبيتنا في كرادة مريم. واستمرت دراستي.




#هديب_هايكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتفال المغرب بعاشوراء
- حفريات شاعرة تقابل حفر شوفينية
- صورة جانبية للأديب James Joyce
- العاهلُ الرّيال
- مَيِّت يَرتزق ليَلتحقَ بمَيْتٍ تمامَاً
- أطرف أطراف حديث السامرائي
- إعادة قراءة وتفسير تعليق كوليت خوري
- حفريات المفردات الفاتحة
- Colette
- عَرَبِيٌّ وَعْجَمِيٌّ
- إطلالة الزّاهد الثري داعش
- .. وكأنك يا «أبا زيد» ما غزيت!
- للنَّخل والنَّهرينْ
- ثغبٌ ينقع الصدى
- شعر وموسيقى للتغير
- هايكو سوري!
- ورطة الكلب بالجامع!
- شاعر عراقي آخر مازال مغترباً في إسرائيل!
- الْجَمَلُ وَالْجِبَالُ
- أدَبٌ جَمُّ !


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هديب هايكو - لميعة عباس عمارة جنوبي وادي الرافدين