وئام الشاهر
الحوار المتمدن-العدد: 4621 - 2014 / 11 / 1 - 18:48
المحور:
الادب والفن
الساعةُ تقترب من العاشرة , لا يختلف الصباح والمساءُ في أعين الشّريد ..
عليه أن يجد متكأً يضع عليه بقايا الجسد المتهالك الذي مضى به بين الأزقة الرطبة , لم تبخل السماءُ بغيمةٍ تلف النظر وتهدي ما في جوفها من ثقلٍ نحو الأرض ..
بقايا الجسد السائر تحت الأضواء المتراقصة وبين أكوام الطين المتطاير بالكاد تقف , بالكاد تبعث الوميضَ من بين جفنين مسودّين متراخيين , حين نغمض العين على نحو الإغفائة ونحن نسير على حوافّ الطرق فذاك يبعث على روح للتو عادت من موتٍ لا إغماض فيه , الطرقات تطول دوماً حين نحتاج سنداً نتوكأه ونحمي بصلابته ضعفنا , ضعفنا الذي نتبادله من كتف لكتف في الزحام ونَلوكه وحيدين في اللّيالي الماطرة ..
على حافة الرصيف , قبل العبور , لم تعد تقوى على حِملها الأقدام , أو ما يشابهها , جلس , تمدد , وتمدد التعب في خلاياه , خيوط الكطر تعبث فوق وجهه وتغسل الحمرة المختلطة بالسواد ثم تهدهد جراحاً امتلأت بالملح والعفونة ..
يكاد يفقد آخر نفسٍ في جوفه , يكاد يلقي بدموعه للسماء , لتعلم من حرارتها أنه أتى من حيث قبر الأحياء ..
يمد أصابعه عالياً أمام وجهه , يفرقها , يلقي نظرته قبل الأخيرة جيداً , يهمس في أذن الرصيف البارد المبلل :
" خرجَ منْ قبره , ليشهَدَ موتَهْ "
..
#وئام_الشاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟