أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى الهلالي - فصيلة الخنساء














المزيد.....


فصيلة الخنساء


بشرى الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 4620 - 2014 / 10 / 31 - 20:44
المحور: الادب والفن
    



الكثير منا يعرف مافعلته الشاعرة العربية الخنساء بعد مقتل أخيرها صخر، والذي كانت تحب بجنون.. فقد عافت نفسها كل ملذات الحياة.. تقلدت نعليها وظلت تسير حافية حاسرة الرأس تتنقل في الصحراء بين القبائل لترثي صخرا بابيات من الشعر هو من أجمل ماقالت. وبالرغم من مقتل أخيها الآخر معاوية واستشهاد اولادها الاربعة في معركة القادسية، الا انها ظلت تبكي صخرا فقد كان حزنها الأوحد والأكبر. فهل شعرت الخنساء لحظة بالجزع الى الحد الذي قررت فيه انهاء حياتها؟ ربما نعم، وربما لا..
لكل منا حزنه.. وعادة مايكون الحزن كبيرا في بدايته لدى البعض ثم يقل تدريجيا عندما تتدحرج أيامنا في مطحنة الحياة والمشاغل والظروف.. ويختلف حجم الحزن من قضية الى أخرى ومن ظرف الى آخر، فقد يكون موت عزيز أحيانا أخف وقعا من جرح أو ألم نفسي لن يندمل مدى الحياة. كما تختلف مشاعر الحزن والقدرة على تحمله من شخص الى آخر، فهناك من يتمتع بقوة تحمل الحزن وتجاوزه بسهولة، وهناك من يأخذ وقتا أطول، هناك من يعبر عن حزنه بالبكاء أو الحديث عن مصدر الحزن فيكون بذلك قد تخلص من حالة الكبت من خلال تفريغ الشحنات التي قد يتسبب تراكمها داخل الانسان باحداث ألم وربما تقود الى الكآبة. وفي المقابل هناك من يصمت إذا انتابه حزن ويفضل البقاء وحيدا أو يجتر أحزانه بعيدا عن الآخرين، وربما لن يذرف دمعة لكنه ينزف ألما، وهذا النوع من الحزن هو الاصعب وهو ماقد يصيب مقتلا، فهو يحفر عميقا في قلب صاحبه وعقله حتى يكون انتزاعه أمرا عصيا يستغرق وقتا طويلا.
لماذا نختلف حتى في طبيعة أحزاننا؟
سؤال كان موضوع حديثي مع إحدى الصديقات بالأمس، والتي فقدت أخاها في انفجار الكاظمية قبل أربعة أشهر، ومع ان الشاب كان متزوجا ويسكن في بيت منفصل منذ سنوات، الا ان صديقتي تشعر إنه كان يعيش معها لكثرة تعلقها به، بالرغم من كونها أيضا متزوجة منذ عشرين عاما تقريبا ولها بيتها المستقل وعائلتها وفي أغلب الأحيان يضعف تعلق المرأ ة بأهلها عندما تصبح لها عائلة. تساءلت هذه الصديقة عن نوع الحزن الذي يتملكنا حتى نفقد لذة الحياة والأشياء كما فعلت الخنساء ونتحول الى دمى متحركة تنفذ ماعليها من واجبات بطريقة آلية بينما ينتهي حزن البعض من المقربين جدا من المتوفي بعد نهاية مراسيم العزاء أو أكثر بأيام؟؟
لاأملك جوابا سوى إن هنالك فصيلة تعيش كل الاشياء بتفاصيلها الدقيقة، فصيلة الخنساء، تتنفس الآخر وتمتزج روحها بروحه حتى يغدو الفصل مستحيلا، أفراد هذه الفصيلة يتعلقون بكل شئ حتى العظم، الأصدقاء، ملابسهم، الوسادة التي تتحمل رؤوسهم، نوع الطعام، البيت، المدرسة، اصدقاء الطفولة والصبا، الجيران، الشوارع، يعشقون كل مايحبونه بطريقة تجعل فقدانه جارحا ومؤلما، وهؤلاء يشعرون بطعم الحياة رغم الألم لأن فيهم من الانسانية ماقد تفتقر اليه الفصيلة الأخرى. وأفراد الفصيلة الأخرى هم أيضا بشرا، لكنهم يمرون على كل شئ في حياتهم مرور الكرام، فأعز صديق لك منهم قد يودعك بعد انتهاء تواجده معك وينسى حتى أن يتصل بك وربما يمسح رقم الهاتف بعد إنتهاء صلاحية الصداقة، وتجد لديهم القدرة على التخلص من الاشياء المادية والمعنوية بنفس المستوى فلا شئ يعلق في الذاكرة. هذه الفصيلة عادة ماتكون مرتاحة وأكثر هدوءا من فصيلة المحزونين، أو فصيلة الخنساء، وقادرة على انجاز اعمالها والتعايش مع علاقاتها بشكل روتيني وبقدرة عالية على المجاملة، لكنهم في حقيقة الامر يعيشون ولا يحيون، لانهم لايتفاعلون مع الاشياء ولايسمحون لمشاعرهم ان تلمس كل التفاصيل.
أنا شخصيا، أحيانا أحسد أفراد الفصيلة الثانية، الغريب اني كلما حاولت ان انتمي اليهم، رفضتني قطرات دمي التي تعودت ان تنز مع الدمع في حالات الفرح أوالحزن.
عندما يكون التعايش مع الحزن أشبه بإنتحار بطئ، لايتبقى لنا الا اللجوء الى جرعات مخدرة من شعر الخنساء الذي منحها القدرة على الاحتمال حين بررت صبرها على الحزن
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي



#بشرى_الهلالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء مع آخر
- رحال
- دمك (أميمة) فضح صبغ شواربهم
- كاتم فرح
- الاغلبية الصامتة.. السكوت علامة الرضا.. وصمتكم هو مايريدونه
- لاتبيعونا
- تقويم
- عيدية
- الكبرياء تليق برجل
- يوم .. هو أنت
- بعد انتهاء الزفة.. من هو العريس المخدوع؟
- فضحنا الفيس بوك
- فضيحة دستور مصر.. و القادم من فضائحنا
- ويل لنا ان كان ماقاله محمد (حقيقة)
- يافشلتنا
- (حيّ على الجهاد).. على طريقة غاندي
- تعلموا من اوباما
- قمة (قمة ام حسين)


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى الهلالي - فصيلة الخنساء