محمد الشوفاني
الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 12:43
المحور:
الادب والفن
إذا داهَمَتْني خَيْبَةٌ في عُزْلَتي
وَلَمْ أسْتطِعْ مِنْ ضَيْقِ الصندوقِ فَكَاكْ
وَأدْمَنْتُ الإغترابَ عن ذاتيّهْ
وَفَشِلَتُ فِي الخُلْوَةِ بِرُؤَايَ،
يَلْبَسُني يَأسٌ بِأنّي فِي أدْغالٍ عَجْفاءْ
لا يَسْقُطُ فيها مَطَرْ ،
وَلا تَنْبِتُ سامِقاتُ أشْجارْ.
وأنّ الشمسَ فوق رَأسي
باردةٌ،
داجِيَّةٌ،
لا طاقَةَ لَها،
وَراءَ حِجابْ
صُلِبَتْ مُدَانَةً على الأخْشابْ
باللّوْلَبِ والمِسْمارْ.
وأنّ أمواجَ البحرِ أصابَها الشّلَلْ
وأنّي لا أستلطِفُ إنْساً أو طَيْراً
ولا حتّى بَعْضاً مِنّي
وأنّي
على بِساطٍ يَميدُ أسيرْ
كطليقٍ يَرْبِطُ كَاحِلَهُ
سِوارُ الأسيرْ.
وأنّ الطريقَ أنْكَرَتْ قَدَمِيّهْ
غافلةً عن خَبْطي هَيْماناً كَضَريرْ،
مَكْرُهَا يُفْرِشُ المِلْحَ للجِراحْ
وأنا أجُرّ صَخْرةً
إلى مُسْتودعِ الوَجَعِ؛
إلى دِهْليزٍ للعَنْكبوتِ
إلى ضريحٍ للأشباحْ
ومَزارْ.
إذا أحْبَطتْني دُنْيايَ
فلا سَلاَمَ لِروحي ولا قرارْ
وأغلَى رجاءٍ لخلاصِ وُجودي
إخْراسُ النّقْرِ بالمَطارِقِ على النُّحاسِ
تُنَكّلُ سَمْعي، في زَقْزَقَة الكَنارْ.
وأتضَرّعُ لَوْ نملةً كُنتُ
لَما أشقاني خَطٍّ للحياة أختارْ.
أو كنتُ نَحْلةً
للقّحْتُ صُفوفَ الأزْهارْ.
تُغازِلني فلا أحْتارْ.
وملأتُ ليْلي نوماً وأحلاماً
بِغَدي،
فَوّاحةً تُغَطّيهِ
رُبَىً من حَبَقٍ ونوارْ.
أو بَهيمَةً لو كُنتُ
لَسَكَنَتْ طواحينُ اللّجاجَةِ
كَصَريرٍ في رأسي
واستراحَ الصمتُ منَ النِّقارْ.
كَيْفَ ومتى أتكلّمْ
متى أُهرُبُ خارجَ جِلدي للنورِ وَثْباً،
خارجَ الحِصارْ؟
كيف أنْتَصِبُ صَافِياً مِنَ التّعاسَةِ،
أتقدّمْ،
كيف أخْترِقُ حَاجِزَ الليلِ الأبْكمْ؟
ومن كُوّةٍ في بَطْنِ الصندوقْ
سَقَطَتْ حبَّةٌ ماسِيّهْ،
حَسَمَتْ بَصيرَتُها هُبوبَ الدُّوَارْ:
إنّ الدّنيا هِيّ الدنيا كَمَا تَعْلَمْ
تَجْتَرُّ نفسَها،
لاَ تَعْتَريها إلاّ في هَذَياني
حَالَةُ احْتِضارْ.
ففي أيّ كَوْنٍ تَقِفُ السّاعاتُ مَكْتوفَةً
ليعودَ كائنٌ مِن غُرْبتهِ؟
أو يُبْطِئُ لِأوْبَتِهِ ضَوْءُ النّهارْ.؟
محمد الشوفاني ـ مراكش
#محمد_الشوفاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟