محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 08:51
المحور:
الادب والفن
يوم مولدي .. يوم لدمشق .
بدأ العد التنازلي للدقائق الأخيرة من عامي الثامن والستين .وأنا وحدي والكأس والكومبيوتر وهسهسة ريح تداعب الجدران والنوافذ عبرالظلام المحيط بالبيت .
عندي رغبة لأن أسمع أغنية لنجاة . ربما عيون الألب . وأتذكر آخر حفل عيد ميلاد لي . أقامته الدكتورة بيرجت زيكامب زوجتي الألمانية حينذاك ( الله يسهل عليها ويسعد أيامها ) .. عجيب ارتباط الإحتفال بهذا العيد البائس بوجود زوجة أو حبيبة أو عشيقة ،أو أصدقاء .. وهؤلاء جميعا غير موجودين في عالمي الحالي الذي لم يعد فيه إلا العقل والقلم والريشه واللون.. الأصدقاء شتتهم الواقع السوري.. والنساء والحبيبات شتتهم أنا .. أنا انسان عصي على الترويض .. أكره الحياة التقليدية ،والعقل التقليدي والحياة الزوجية ، بعد أن خضت غمارها مرتين . .. المرأة إن لم تكن حبيبة أو عشيقة أو صديقة يشكل وجودها عبئا علي .
تمر في خيالي لحظات من عمرمليئ بكافة أنواع الحياة ، الشقاء والفرح ، البهجة والألم ، السرور والحزن . الراحة والتعب . الإبداع والفشل ..
حين استيقظت بعيد الأصيل من قيلولة أعقبت الغداء . أخبرتني بيرجت قائلة " فتاة أجنبيه من طرف مترجمتك كلود كرول تريد أن تقابلك في حدود السابعة في فندق الشام ".
ذهبت .. جلست في صالون الفندق وأبقيت عيني على المدخل ،وحين شاهدت فتاة جميلة ترتدي بنطال جينزتجتاز الباب، رفعت لها يدي ! حضرت الفتاة وهي في دهشة .تحدثت بعربية مكسرة متسائلة عما إذا كنت محمود شاهين . وحين أجبتها أنني هو بشحمه ولحمه . تساءلت كيف عرفتها بمجرد دخولها من الباب . أجبتها بأن حدسي ،لا يخطىء مع الحلوات ، وإذا أخطأ أكون قد كسبت التعرف إلى فتاة حلوة ، فهي بالتأكيد ستأتي إلي وتسألني لماذا أشرت لها ..
بعد قرابة ساعة دعوت الفتاة ( ماجدة )على عيد ميلادي الذي لا شك أن بيرغت لم تهمله . قالت : لكن أريد أن أشتري لك هدية . قلت أنت أجمل هدية . وأخبرتها بمسؤول فلسطيني أرسل شابا إلى باريس ذات يوم ليكون هدية لصديقته الباريسية في عيد ميلادها على أن يضع نفسه في صندوق زينة مغلف بالورد ! كما أخبرتها بجنرال عربي أرسل شابة هدية لابنته ! ولا أعرف إن كانت بصندوق أو دونه !
راحت تضحك وتضحك وهي تشكرني كوني قبلت بها دون أن تضع نفسها في صندوق !
حين فتحت بيرجت باب البيت كانت جميع الأنوار مطفأة .. أرغمتنا بيرغت على الدخول في الظلام . دفعت الفتاة أمامي برفق ودخلنا . توقفنا في منتصف الممر المواجه للصالون كما توقعت .. وفجأة أشعلت الأنوار مرة واحدة . ورددت أصوات
من كافة أرجاء البيت Happy birth day….... لأفاجأ بوجود عشرات الأصدقاء
والصديقات : كتاب ، مخرجون ، ممثلون .. ممثلات . رسامون . صحفيون .. أطباء. وأصدقاء مختلفون .. كانوا جميعا يهتفون بعيد ميلاد سعيد لي ..
وعيد ميلاد سعيد في دمشق .. في ليل دمشق الذي سيعود إلى بهجة أنواره المتلألئة ,عذرا يا دمشق ، عذرا يا حبيبتي إن لم أجد غير دموعي الآن أهطلها على وجنتيك الحزينتين .. ستعود أيامنا يا دمشق . ستعود يا حبيبتي . وكل عام وأنت بألف خير. وياسمينك بخير . وأطفالك بخير . ونساؤك ورجالك وبناتك وأهلك بخير .
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟