استقل يا بنكيران .. فاستقالتك هي المفاجاة التي تسر المغاربة !

محمد السلايلي

الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 08:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

على مدى ثلاثة أيام، وهي الايام التي وصلت فيها التعبئة النقابية والشعبية للاضراب العام يوم الاربعاء 29 اكتوبر الجاري، الى دروتها بمختلف مدن المملكة ، لم تتوقف عدة مواقع الكترونية وصحف مكتوبة عن تبشير المغاربة بمفاجاة سارة سيقدمها لهم عبد الاله بن كيران رئيس الحكومة في يوم الاضراب.

كان البعض يعتقد بسخرية ان زعيم العدالة والتنمية، سيقدم استقالته للحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه لحزبه الاسلامي الذي ظهر بثوب أخضر طهراني، وقدم نفسه على انه يملك العصا السحرية لحل مشاكل المغرب المتفسخة من فساد وفقر وفوارق طبقية وتقسيم الثروات وتحسين الخدمات الاجتماعية، وتجنيب البلاد عواقب الهزات والقلاقل التي تضرب المنطقة.

بعد ثلاثة أيام، تطلع علينا ذات المنابر الاعلامية لتتحدث عن تعديل طفيف في مشروع المالية المقبل يهم تقديم دعم للنساء الحوامل من ذوي الدخل المحدود او تتسم وضعيتهن الاجتماعية بالهشاشة.

لم يطل بن كيران على المغاربة ليزف لهم بنفسه هذه الهدية السارة، وهو الوزير الاول الذي سدت في عهده مستشفيات ومستوصفات البلاد أبوابها أمام نساء في حالة مخاض ما جعلهن يضعن مواليدهن بالشارع واضحة النهار وامام عدسات كاميرات الهواتف المحمولة.

وذهب احد كتاب الاعمدة المشهورين بعيدا في تشويق المواطنين، وهو بالمناسبة ناشر ومدير ورئيس تحرير يومية ورقية وموقعها الالكتروني، بعد ثلاثة ايام متواصلة في ضرب الكف والتنجيم حول ماهية المفاجأة السارة، يكشف عنها مؤخرا كما لو انه يسرد شفويا وبالتفصيل الممل، احداث فيلم هيتشكوكي، معتبرا ان التنصيص على دعم الحوامل في قانون المالي للسنة المقبلة، جاء بعد معركة حامية الوطيس خاضتها الحكومة ضد اعدائها وهم بطبيعة الحال ما ظل بنكيران يسميهم بالاشباح والعفاريت.

في 2012 قدم بن كيران العديد من المفاجات السارة صوتا وصورة، بعضها كتب له التنزيل و بعضها الاخر بقي حبر على ورقن لكن في كلتا الحالتين معا، تلك المفاجئات السارة لم تكن في واقع الامر الا بمثابة فطرة الكحول التي تذهن على فخد المريض حتى لايشعر بالم الابرة.

فبطاقة الرميد، التي وزعتها مصالح السلطات المحلية، لم تمكن المستضعفون من ولوج المستشفيات التي هي بدورها تحتضر، والاهم من ذلك، ان اعضاء من الحكومة نفسها اقروا بعد ان استنفدت بطائق الرميد مهمتها وقررت الحكومة توقيفها انها كانت مبادرة غير مدروسة.

لقد نزل رئيس الحكومة مشروع الرميد، كمقدمة لتهييء الحكومة لمخطط تفويت المستشفيات الجامعية والمصحات للقطاع الخاص ضمن برنامج يمليه صندوق النقد الدولي على المغرب، ويقضي برفع دعم الدولة لقطاعي الصحة والتعليم.

اما المفاجاة الاخرى السارة التي اطلقها عبد الاله بن كيران في وقت متقدم من تراسه الحكومة، وهي شبيهة بمفاجأة يوم الاضراب العام، فهي تخصيص منح مالية لاكثر من مليونين ونصف اسرة مغربية معوزة. لقد ظلت كلاما للاستهلاك فقط، لتمرير العملية الاستئصالية لصندوق المقاصة، وفق ما تمليه نفس الدوائر المالية العالمية.

اللذين يوهمون فقراء المغرب ابن نساءهم ستستفيد من الدعم الحكومي لوضع مواليدهن، عليهم أن يراجعوا جيدا وعود هذه الحكومة ويقرؤون ما تحت سطورها: محاربة الفساد، القضاء على الفقر، تحسين الخدمات الاجتماعية والمرافق العمومية، توفير الشغل للعاطلين والمساكن اللائقة لسكان الصفيح ..

المفاجأة السارة التي اعتقد المغاربة ان بنكيران سيزفها لهم يوم الاضراب العام هي الاعلان عن استقالته، فمختلف ارجاء البلاد مشتعلة غليانا بسبب الزيادات في الكهرباء وفي غالبيية المواد الاستهلاكية ..استقل يا بن كيران وريح نفسك وريحنا معك اذن، فهذه هي المفاجأة التي تسر المغاربة؟

#محمد_السلايلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات