مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 4615 - 2014 / 10 / 26 - 21:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يسيطر على الماء يسيطر على اليالسة - الصراع الدولي في المحيط الهندي – 10
الصراع الدولي في العصور القديمة
يسرني اليوم أن أكمل سلسلة المقالات السابقة التي كنت قد بدأتها منذ أعوام سابقة للثورات والإنتفاضات العربية , نتيجة قراءة الأحداث السياسية والعسكرية التي كانت تجري على أرضنا من دول المنطقة والعالم , وقد مرت بها أوطاننا ومنطقتنا منذ بدابة القرن 21 الجديد ,, كتبتها حول هذا الموضوع : من يسيطر على الماء يسيطر على اليابسة - البحث القديم الجديد , بعد انقطاع طويل لأحداث ساخنة عشناها وثورات وحروب هي وليدة الإستبداد والسيطرة والإستغلال للقوى الكبرى المتنفذة على منطقتنا والعالم – السيطرة على المياه والبحار والخلجان والموانئ وووو وذلك للسيطرة على اليابسة ومواردها – البترول والغاز في مقدمتها ..... , تعمل جاهدة لمنع شعوبها من التحرر من أنظمة الإستبداد والقمع والظلم والفساد والتبعية للرأسمال الأجنبي والهيمنة الدولية لمقدرات الشعوب ومنع تحررها ونهوضها لبناء دولة المواطنة الحرة والعدالة والقانون والمؤسسات الدستورية ..
_____
لا بدّ من لمحة مختصرة عن هذا الصراع المُبّكِر في حقب التاريخ المتعاقبة على البشرية , لنرى ان الصراع لا ينته طالما أن هناك يتجدد الإستغلال والنظام الطبقي غير العادل , والتفاوت المذهل والكبير بين الطبقة الفوق والطبقات التحت - الفقيرة المعدمة المستغلة المضطهدة عبيد القرن 21 المحكومة بالقوانين الجائرة والأحكام التعسفية , وبأبشع أنواع الإضطهاد وأقساها عنفاً ووحشية وإذلالاً , , فالقوي يأكل الضعيف والكبير الصغير , مهما توصلنا إلى أعلى درجات التطور التكنولوجي والعلمي فما زالت الطبقات الرأسمالية خاصة المالية والتجارية تتوسع وتجتاح العالم .
---
شعوب الجزيرة العربية
ثبتت الدراسات أن عرب اليمن كان لهم الريادة في اكتشاف أسرار السفر في البحار والمحيط وهم أول من انطلقوا في عرض البحر للوصول إلى الشواطئ القريبة منهم , فقد قامت أقدم الحضارات الإنسانية على الشواطئ الجنوبية للجزيرة العربية ,, وقد سكن الاّموريون الكنعانيين والفينيقيون الجزيرة العربية قبل هجرتهم إلى فلسطين والساحل الغربي لأسيا , وقد اشتهرت عُمان بصناعة السفن المصنوعة من الألواح المشدودة بالألياف وحملت الإسم العربي ( المدرعات) , وكانت تصدّر من عُمان إلى مدينة ( بريجازا ) الهندية . و لهذا لعب العُمانيون دوراً بارزاً في تنشيط الملاحة والتجارة في الخليج العربي والمحيط الهندي .
وقد تدفّق الساميون المتواجدون في اليمن وحضرموت وعمان إلى سواحل أفريقيا وخاصىة أثيوبيا في القرن الرابع قبل الميلاد , وحين وصلوها شرعوا في نشر ثقافتهم وامتزجوا بالحضارة الأفريقية , وقد احتفظ العرب بالسيادة على أكثر البحار الجنوبية منذ ألف سنة قبل الميلاد حين كانوا ينقلوا المنتجات الهندية إلى الصومال وبالعكس .
المصريون القدماء ( الفراعنة ) -
لقد كان لهؤلاء نصيب في الإكتشافات البحرية واستغلالها في التبادل التجاري والعلمي , لقد حاول المصريون اكتشاف السواحل الشرقية لأفريقيا وغرب المحيط الهندي والدوران حول أفريقيا في عهد الملك الفرعوني ( نكاو ) . وقد شقّ قناة بين النيل والبحيرات المرّة للوصول إلى البحر الأحمر , وقد استعان بالملاحين الفينيقيين للوصول للبحر الأحمر والمحيط الهندي وتمكن من اكتشاف السواحل الشرقية والغربية الأفريقية والدوران حول القارة - وعاد إلى مصر من جبل طارق الذي كان يعرف بإسم ( أعمدة هرقل ) .
الأغريق واليونانيون ... وحملة الإسكندر الكبير المقدوني للشرق العربي والشرق الأدنى والأقصى – إكتشافه ودراسته
وقد ذكر أن الأغريق قد ساهموا في رسم صورة واضحة وخرائط لأبعاد البحار والمحيطات ومن أشهر تلك الخرائط , خريطة بحار العالم وأراضيها اليابسة التي قام برسمها الإسكندر عام ( 611 – 547 ق . م )
وفي عهد الإسكندر الكبير حقق الأخمينيون بعض الإنتصارات في منطقة الخليج العربي مما دفعهم للوصول إلى الهند عبر الخليج العربي في القرن الثالث قبل الميلاد .
الرومان
أما في عهد الرومان فقد حاول أباطرتهم العمل على حماية طرقهم التجارية مع الشرق من خلال منع عرب الجنوب من التعرض لسفنهم التجارية في المحيط الهندي , وقد نجحوا في احتلال ميناء عدن عام 342 ميلادية .
ومن خلال سيطرتهم على هذا الطريق أصبح لديهم عدد من الطرق التجارية تصلهم بالشرق يمر أحدها ببلاد ( سمرقند , بخارى ) والثاني يخترق المحيط الهندي .
وأما الثالث وهو الأكثر صعوبة , ويمتد وسط اّسيا وحتى بحر الخزر حيث كان ينقل عن طريقه الحرير الخالص من الشرق , والذي كان يعتبر من الهدايا الثمينة التي كانت تقدم إلى الكنيسة والملوك , وقد ذكر الكاتب : كوزماس أنديكو بليوستس في كتابه عن سيلان , " إن سيلان كانت في القرن السادس ملتقى تجارة الشرقين الأقصى والأدنى . فهناك كان تجار من الهند واّخرون من الحبشة يستبدلون الحرير وخشب الصندل الوارد من الصين , بالزجاج والأقمشة من سوريا , وفي سيلان كان أيضاً يحصل تبادل خشب السيسم والنحاس الاّتي من كلكتا " .
بعد تدهور الإمبراطورية الرومانية , استعاد العرب سيطرتهم على المحيط الهندي حتى القرن السادس عشر . وقد أنشأوا وكالات تجارية على السواحل الأفريقية مثل ( مقديشو , ماليندي , ممبسة , بمباز , زنجبار ) حتى وصلوا إلى موزامبيق وكلوة وسفالة – ودخلوا جزر القمر ومدغشقر وبعد الفتح الإسلامي ووصولهم إلى السند وصلوا ميناء المنصورة والهامان ؟ وفي العصر العباسي ازدهرت التجارة بين الخليج العربي والهند , واهتموا بخشب الساج من بومباي وبالحرير والتوابل والكافور , , وزار ابن بطوطة الصين في , وقد وضع المرشد أحمد ابن ماجد الدليل البحري , وحتى القرن 14 فقد ظل العرب سادة البحار في المحيط الهندي بلا منازع حتى ذلك الوقت .
وقد سمي البحر الأبيض المتوسط قديماً : " البحيرة العربية " ..
إن تدشين كل صراع بين الشرق والغرب قديماً وحديثاً كان ينتج عنه شيئاً جديداً وعصراً جديداً , حتى يومنا هذا ...
اليونا ن الرومان الفرس البرتغال ألأسبان الهولنديين الفرنجة الانكليز العثمانيين الفرنسيين الأميركيين الروس الخ ...
******
الصراع الدولي في العصور الحديثة
الدوافع والأسباب
انهيار الدولة الأموية ( الإمبراطورية ) في الأندلس
ظهور نواة تكوّن الإمبراطورية العثمانية
حين اغتنت دول أوربا بالإكتشافات والعلم والمعرفة أخذت تغزو العالم , العالم الجديد والقديم الشرق والغرب , وتؤسّس إمبراطوريات بالتوسع والإحتلال .
هذه هي القواعد ما تزال سارية المفعول إلى يومنا هذا بقوة المال والعسكرة والسيطرة على الشعوب الأخرى ,,,, إلى متى لا أدري ؟
لا بد لنا من الرجوع قليلاً إلى بدايات التدخل الأجنبي تبعاً للإمبراطوريات الصاعدة إبتداء من البرتغال فاسبانيا فهولندا فأنكلترا وفرنسا حتى يومنا هذا الإتحاد السوفياتي سابقاً – وروسيا حالياً , وأميركا -
..... نهايات القرن الخامس عشر تعتبر البدايات الأولى لدخول الاوربيين إلى المحيط الهندي , والذي دعّم وشجّع هذا الإتجاه العديد من العوامل الداخلية والخارجية , فعلى الصعيد الداخلي , أن اوربا كانت قد شهدت تغيراً في أنماط الإنتاج , من نمط الإنتاج الإقطاعي الحِرفي إلى الطور " المركنتيلي " ونمط إنتاج " المانيفاكتورة " وما تطلبه ذلك من المواد الأولية والأسواق وكذلك المعادن الثمينة كالذهب والفضة من أجل تحقيق التراكم الدولي , أو البدائي لرأس المال , كبداية لدخول مرحلة الثورة الصناعية , وقد ظهرت بدايتها في أوربا , ساعدتها حركة الإكتشافات الجغرافية , والتطور العلمي الذي حدث في تلك الفترة ..
لا شئ على الأرض ثابت في هذا الكون ولا أبدي ...
الرأسمال المتراكم وحش , خاصة إذا أتى نتيجة نهب واستغلال وسرقات محلية داخلية من طبقة على حساب الطبقات الشعبية الأخرى , أو من الدول والشعوب الأخرى البعيدة ..,, إذا لم يكن بأيدي إشتراكية عادلة وفكر ثوري وطني أممي سيبلع العالم ...!
كل قرن أو قرنين ... وأكثر , هناك تغيرات جذرية في المجتمعات البشرية تحدث وتغير السائد وتفرز مرحلة جديدة بكل مكوناتها البشرية والفكرية والإقتصادية ونظام الحكم ونمط المعيشة وقوى الإنتاج ورأس المال الجديد .. والطبقة الجديدة المُسيطرة ( بحريا عسكريا علمياً تكنولوجياص ... الى غير ما هنالك ...) تحاول التوسع إلى أبعد من مركزها ومحيطها تبعاً للأوضاع السائدة في المنطقة والقارة , والكرة الأرضية , من هشاشة وانحلال , أو قوة ونفوذ ,, فإذا وصل الصراع بين دولتين وأكثر , حول النفوذ والمصالح حد التأزم ولم يحل بالسياسة والتهديد والترضية فالحرب استمرار للسياسة وهي اللغة الوحيدة والأخيرة بين القوتين المتصارعتين ( الرأسماليتين ) حول الأسواق والنفوذ والسيادة على العالم ..
أما على النطاق الخارجي , فيمكن أن نقول بأن أحداث كبرى جذرية جرت وغيّرت من الخارطة السياسية في منطقتنا :
– 1 - الإحتكاك والتفاعل والتعارف والتصادم بين الدول الأوربية والشرق العربي , خاصة أثناء وبعد حروب الفرنجة الإقتصادية على الشرق , , 2 - انهيار الدولة الأموية في الأندلس 1492 ,,, 3 - ظهور السلطة العثمانية كدولة قارية , وتأليفها الإمبراطورية العثمانية واستيلائها على الدول العربية وتوطيد سيطرتها وأملاكها في الشرق –
هذه العوامل مجتمعة أسهمت بشكل او باّخر , في انتعاش أوربا الإقتصادي بشكل دفعها إلى التطلع نحو العالم الاّخر , سواء في الشرق القديم ( اّسيا أفريقيا ) , أم الأراضي الجديدة عبر الأطلسي واكتشاف العالم الجديد ( أميركا الشمالية والجنوبية والوسطى ) .
-;- البرتغال
لقد كان البرتغاليون ... أول من اهتم باكتشاف المحيط الهندي . فقد أرسل ملك البرتغال يوحنا الثاني بين عامي ( 1480 – 14 65 ) القائد ( كوخلهام ) عبر مصر إلى البحر الأحمر , لجمع المعلومات عن الشرق العربي وعن القواعد التي من الممكن إحتلالها للوصول إلى الهند . وتعد هذه المرحلة كتمهيد للمرحلة التي قام بها ( فاسكودي غاما ) عام 1497 . والتي تم بها اكتشاف رأس الرجاء الصالح . سعياً وراء الوصول إلى الهند . وإلى إكتشاف سواحل أفريقيا الشرقية لهدف الحصول على أسواق جديدة لتجارتهم .
يعتبر القائد البرتغالي ( البوكرك ) من أوائل مؤسسي الإستعمار الأوربي في الشرق – كلنا يعلم ذلك عند دراستنا لتاريخ الجزيرة العربية والخليج العربي وأولى الرِجل " الإستكشافية – الإستعمارية " التي حطت على سواحلنا في العصور الحديثة – فقد سعى لاحتلال المراكز التجارية الهامة لحماية نقاط مرور التجارة البرتغالية . إضافة إلى دعم سيطرتهم في المنطقة , وقد كان يتحتم على البريغاليين أن يقيموا المراكز الحربية داخل هذه المناطق لدعم مركزهم بقوة هناك , ومن أجل انتزاع التجارة الشرقية التي تشكل مصدر قوة هذه البلاد , ولغرض تحويلها إلى الطريق الجديد الذي تم استكشافه وهو رأس الرجاء الصالح .
لقدحاول العرب في شبه الجزيرة والخليج العربي والبحر الاحمر وشرق افريقيا مواجهة الغزو البرتغالي بكل قوة عندما قام السلطان عامر عبد الرهاب في الوقوف بوجه البرتغاليين في البحر الاحمر عام 1507 الا انه لم يتمكن من حسم المعركة لصالحهم وما لم يستطع السلطان عامر بن عبد الوهاب قام بتحقيقه عرب ارتيريا من شرق افريقيا عام 1542 يقيادة السلطان احمد بن ابراهيم –
في بداية القرن السابع عشر تمكن عرب الخليج بقيادة الامام – ناصر بن مرشد – من تحسين قوتهم البحرية وطرد البرتغاليين عام 1621 وفي عام 1650 تم طردهم بشكل نهائي من مضيق هرمز وعمان بقيادة حاكمخا السلطان سيف الدين – واضمحل دور البرتغاليين على اثر ضم البرتغال الى اسبانيا عام 1580 ولم تحتفظ البرتغال باي معقل لها في المحيط الهندي عدا مستعمرة – كوا – الهندية التي تقع على الساحل الغربي للهند وانسحبت منها خلال ستينات القرن الماضي –
من الطبيعي هناك مخططون لهذه الحملات ووو... , فنلاحظ ان القائد البرتغالي البوكيرك قد أكد بأن ضمان السيطرة على شبه القارة الهندية والمناطق المجاورة تأتي من السيطرة على المنافذ الاستراتيجية ,, وهي سينغافورة وعدن ومضيق هرمز , ولذلك تأتي محاولات البرتغاليين الجاهدة من أجل السيطرة على المداخل من خلال السيطرة على ذراعيه البحر الاحمر والخليج العربي ..
-;-
أما الإستعمار الهولندي ..
فهو لم يختلف في أهدافه كثيراً عن سابقه البرتغالي من حيث السيطرة على المحيط الهندي واستخدامه من أجل تعزيز وتقوية المصالح الهولندية . وقد بدأت المحاولات في أوائل القرن ( 17 ) , حيث تم تأسيس – شركة الهند الشرقية الهولندية – الشهيرة , وفتحت لها فروع عديدة في كل من هرمز والبحرين ومسقط , ومن ثم مدّوا نفذهم الى اليمن وابوابه المؤدية للمحيط , لأجل الحصول على البنّ اليمني , وقاموا بدورهم بنقل زراعة البنّ من اليمن الى أميركا الجنوبية وجزر الهند الشرقية .
وعلى أثر امتداد نفوذ الهولنديين الى البحر الأحمر والخليج العربي , بدا التنافس بينهم وبين البريطانيين , حيث تغلبت المصالح التجارية على الأخوة البروتستنتية , التي كانت تربط الطرفين ,, وكنتيجة للضغط العربي ومنافسة الإنكليز الشديد لهم اضطروا إلى الإنسحاب من المنطقة .
-;-
فرنسا
اما دور الفرنسيين في الإستعمار والتوسع والإحتلال خارج أوربا فدورهم ياتي بعد الهولنديين , وبشكل ضعيف نوعاً ما بالمقارنة بينهم وبين الإمبراطوريات الكبرى كبريطانيا وأمريكا فيما بعد ..
لقد ظهر الفرنسيون على مسرح المحيط الهندي , أثر أفول نجم البرتغاليين والهولنديين فيها , وكان ذلك بمناسبة تأسيس شركة الهند الشرقية حيث اقاموا عدداً من المراكز , إلا أن ردود الفعل والمنافسة البريطانية القوية للوجود الفرنسي للتجارة في الهند والصين وفي بعض المناطق العربية وفي هذه المنطقة , لم يسمح للفرنسيين بالإستمرار في أعلى المحيط الهندي ,, وستغادر إلى بعض الجزر البعيدة في المحيط الهندي لحيثما تقوى اميركا واسطولها فتطردها الواحدة بعد الأخرى ! – المال الأقوى والاسطول والتجارة والأسواق هي التي طردت وتغلبت على التواجد الفرنسي – لكنها سترجع 2014 تبيع السلاح والطائرات لهذه المنطقة الشرق أوسطية والعربية لبشكل خاص لأنها أصبحت متفوقة بصناعة السلاح والطائرات المدنية والعسكرية , والمنطقة أصبحت أضخم مستودع للأسلحة ومركز مالي وتجاري واستهلاكي الأكبر في العالم -------
**
بريطانيا العظمى
لقد بدات بوادر الطموحات البريطانية في السيطرة على المحيط الهندي في أوائل القرن 16 - وذلك لأجل ربط المستعمرات البريطانية مع بعضها , وكانت بداية التدخل عندما وافقت الملكة أليزابيت الأولى عام 1600 م على الترخيص لشركة الهند الشرقية في العمل وممارسة نشاطها في منطقة المحيد الهندي ----
لقد أصبح الوصول والسيطرة على المحيط الهندي قبلة الجميع وهدف التجارة العالمية .. ومن يسيطر عليه يسيطر على العالم ,,,,, المحيط مُغري للجميع... !! السباق على الأسواق والطرق البحرية كان في مباراة دولية انّذاك .... فروائح الشاي والقرفة والقرنفل تشدهم إلى البعيد والمغامرة .. والعاج والحرير والبخور والزعفران إلى جانب العبيد - كان بمثابة الذهب والبترول اليوم , وهم ملوك القارة كيف لا يترأسوا ويتباهوا بامتلاك هذه المواد ؟؟
---
كنتيجة للثورة الصناعية في انكلترا قبل غيرها من الدول الأوربية , قد حتّم عليها الخوض في سلسلة من الحروب المتواصلة من أجل إرضاء الإحتكارات والشركات ,, وهذا شئ طبيعي بالنسبة للرأسمالية التي تحتاج إلى مزيد من الأسواق لتصريف بضاعتها المتزايدة والمتراكمة , والإستفادة من المواد الأولية الرخيصة , واستثمار رؤوس الأموال . فقد ظهر التنافس واضحاً بين بريطانيا وفرنسا في أوائل القرن الثامن عشر . ففي الفترة الواقعة بين 1689 – 1815 وقعت سبعة حروب بين أنكلترا وفرنسا – تماماً كما يحصل اليوم بين أميركا وروسيا بطرق مختلفة وليس مباشرة ..
كانت تهدف من ورائها تحطيم فرنسا الخصم العنيد , والمناهض لسياستها التوسعية التي تعدّ من أحد نتائج حروب عام 1763 -إنتهاء النفوذ الفرنسي في الهند . وبموجب قرارات ( مؤتمر فيينا ) سنة 1814 , حصلت بريطانيا على مقاطعة الكاب في جنوب أفريقيا وسيلان ومورشيوس , كما شا ركت إنكلترا في حرب القرم ضد روسيا مع الدولة العثمانية بين عامي 1853 – 1856 – وذلك من أجل تأمين حدودها مع روسيا القيصرية , حتى امتدادها إلى افغنستان وايران , وقد تمكنت من فر ض سيادتها على تلك المنطقة عام 1879 ... وقد صرح وزرائلي في وقتها : ( الاّن أصبح للهند حدود مدروسة ) .
أما النفوذ البريطاني في منطقة الخليج العربي وإيران فإنه يرجع إلى عهد الشاه عباس الأول , عندما تعهدت الحكومة الفارسية بعدم السماح للشركات الفرنسية بالعمل في بلاد فارس , وثم في عام 1841 توقيع معاهدة تجارية بين إيران والحكومة البريطانية , كما أجبرت الحكومة البريطانية سلطان مسقط على توقيع معاهدة عام 1798 تضمنت منع الفرنسيين والهولنديين من إقامة المراكز التجارية في مسقط ,, كما وأجبر السلطان بن صقر عام 1803 على توقيع اتفاقية تعهد بإرجاع البضائع المصادرة من السفن التابعة لشركة الهند الشرقية وعدم التعرض لأية سفينة تحمل العلم البريطاني ..
أما الإستعمار الأوربي في غرب المحيط الهندي أو ما يطلق عليه السواحل الشرقية للقارة الأفريقية . فالبرتغاليون هم من أوائل الذين وصلوا الى القارة الافريقية ودخلوها بواسطة مكتشفهم فاسكوديغاما عام 1495 – ثم امتد سلطانهم حتى موزامبيق عام 1498 , واستطاعوا أن يفرضوا سلطانهم على كل موزامبيق خلال القرن 17 ,, ومارسوا تجارة الماس والعاج وتجارة العبيد ونهب الثروات , واستمرت سيطرتهم حتى 1975 ,, اما سيطرتهم على جنوب أفريقيا فلم تستمر طويلاً فقد طردهم الهولنديين وأسسوا شركة الهند الهولندية الشرقية -
أما عن وصول الإستعمار الانكليزي الجديد , فقد بدا في أواخر القرن 18 , عند احتلالهم لمدينة كب نتاون عام 1795 بعد ساسلة من المعارك استمرت عقدين من الزمن مع الهولنديين , وسيطروا على رأس الرجاء الصالح عام 1815 الذي يعتبر مفتاح الدخول الأوربي نحو المحيط الهندي .
لا يسلم الإستعمار القديم للجديد بسهولة كما ييتراءى لنا صراع المال والنفوذ قضية حياة او موت بالنسبة لدول الكبرى والإمبراطوريات هكذا علمنا التاريخ ودراسة الحروب والأحداث الكبرى والحرربين الكونية
لقد استمر الإمتداد الإستعماري الأوربي من الجنوب ومن الشمال الأفريقي في تنزانيا . فلقد دخل الإسعمار البرتغالي في أراضي زنجبار 1503 واستولى فاسكو دي غاما مدينة كيلو عام 1505 -
وبعد سقوط البرتغال بيد الأسبان , عادت السيطرة العربية على سواحل تنجانيقا .. لحين دخول الألمان عام 1889 واستطاعوا السيطرة على تلك السواحل بعد سلسلة معارك ,, ثم أسست الشركة الألمانية لشرق أفريقيا واستمرت حتى الحرب العالمية الأولى حيث وضعت تنجنيقا تحت الإنتداب البريطاني , وبهذا أصبح لبريطانيا موطن قدم في تنجنيقا –
كيف دخل الإستعمارالبريطاني الى كينيا ؟
فقد بدأت حين حصلت بريطانيا من سلطان زنجبار على إمتياز باستعمال الموانئ الممتدة حتى مومباسا شمالا , مقابل وضع نفسه تحت حماية القوات البريطانية مقابل 10 الاف جنيه – وفي عام 1895 مدت بريطانيا سيطرتها الى الداخل من بحيرة فيكتوريا ولغرض تعزيز السيطرة على السواحل الكينية قامت الحكومة البريطانية عام 1905 بمد خط سكة حديد من المدينة الساحلية مومباسا حتى كوزومر –
بهذه الطرق والوسائل والضغوط السياسية والعسكرية والحروب مع الدول التي سبقتها إلى المنطقة , ودول المنطقة العربية والأفريقية , استطاعت إنكلترا أن تهيمن في أواخر القرن 19 على منطقة المحيط الهندي , وبذلك قد أصبحت أحد أهم وأول المستعمِرة لهذه المنطقة عن طريق المعاهدات والإتفاقيات الثقافية ,, من ثم مارست الإحتلال المباشر لدول المحيط الهندي للسيطرة على المضائق والطرق الاستراتيجية من , والى الهند .. بالإضافة الى العمل على احتكار مواردها الإقتصادية ..
وقد اتبّعت بريطانيا عدة أساليب فاشية من أجل إبقاء سيطرتها على المنطقة , ومنع الدول الأخرى من الحصول على أي منفذ للتغلغل في المنطقة , والعمل على إنهاء أية مقاومة من دول منطقة المحيط الهندي .
وكانت قد احتلت مصر وعدن واليمن بين 1880 – 81 – 1898 --
ولم ياتِ ( القرن 19 ) إلا وقد فرضت هيمنتها وسيطرتها على المحيط الهندي وطرقه الدولية دون منازع و " كوّشت " وضمّت المناطق كلها تحت إمبراطوريتها الجديدة ,,
هكذا إذاً .. , نجد أن الصراع الدولي في , وعلى , المحيط الهندي قديماً وليس وليد اليوم , فهو امتداد للهيمنة الإستعمارية والإحتكار والنهب والسيطرة , سيطرة الدول الكبرى الرأسمالية , المتنفذة عسكرياً واقتصادياً , بحراً وبرًا , على اليابسة والماء ....
------------
ما أقصر الدوران حول الأرض بفضل الإكتشافات الجغرافية وثورات العلم , وتطورالصناعة والطاقة ,, وما أقصر التاريخ حينما تُعاد حوادثه , وتنتشر وتتوسع المعامل حول العالم وتُنقل أو تُستثمر وتُستغل اليد العاملة الرخيصة والشعوب الفقيرة في كل جهة ودولة بأشكال متعددة ,,, إنه الرأسمال العالمي الذي لا يعرف الشبع والتوقف بل الدوران والدوران وإلتهام الضعيف الفقير والمزيد المزيد من الهيمنة على البحار والقرصنة ,,,,,, !!
----------
تُبهرنا صورة التمدن والتطور في اللباس والكلام ,,, لأنها بقيت فسحات الحرية والعدالة منقوصة ..,, والحروب تُعاد كل يوم تحصد الاّلاف , والسيطرة على البحار واليابسة مستمرة بأشكال مختلفة قديمة وحديثة .. دون فسحات سلام وحرية للشعوب معدومة في عالم المال والتجارة والسيطرة على الأسواق وشرايين الماء الواصلة بين القارات والبلدان ( الخلجان والبحار والأقنية .. تزدحم فيها الأساطيل والسفن الحربية المتأهبة حسب الطلب !!؟
مع التحية للقراء والأصدقاء الكرام
--------------------
مصادر البحث : الصراع الأمريكي السوفياتي في المحيط الهندي – محمد جواد علي
بطرس غالي - السياسة الدولية في منطقة المحيط الهندي
تاريخ أرتيريا – عثمان سبي
السياسة السوفياتية في القرن الأفريقي , جريدة الوطن , العدد 1093
مريم نجمه / هولندة
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟