صبري المقدسي
الحوار المتمدن-العدد: 4615 - 2014 / 10 / 26 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إلى متى ليل العرب ينجلي يا أيها الشاعر العظيم؟!!
لعل الفرق الجوهري والمهم بين الشرق والغرب يكمن في كيفية التعامل مع المشاكل بعقلانية شديدة ومعرفة الأسباب والمُسببات، ومن ثم إيجاد الحلول الناجعة والناجحة، كما يتعامل بالضبط الطبيب مع المريض، إذ يشخص المرض، ومن ثم يكتب له العلاج الشاف. نجد هذا التعامل جليّا في مسألة التحرش الجنسي للإكليروس الكاثوليكي ضد الأطفال، إذ لم تتهم الكنيسة بوجود مؤامرة دولية ضد وجودها أو ضد وحدتها، بل تعاملت مع المشكلة بعقلانية شديدة.
وهناك أيضا آلاف القضايا كل سنة تتعامل معها المجتمعات الغربية بروح متفتحة سواء على المستوى الروحي أو السياسي أو الأخلاقي ومن دون أن تتهم جهات خارجية، ومن دون أن تنعت المشكلة وكأنها مؤامرة خارجية. فعلى المستوى السياسي مثلا تفكك الإتحاد السوفيتي في التسعينيات من القرن العشرين بيسر وسهولة إلى ستة عشر جمهورية، وكذلك الأمر بالنسبة الى تشيكوسوفاكيا التي أصبحت دولتين بين ليلة وضحاها ومن دون أن يتسبب ذلك جريان قطرة دم واحدة من الطرفين. ولا ننسى المحاولة الأخيرة للمجتمع الإسكوتلندي، الذي حاول الإنشقاق عن بريطانيا بطريقة مُتمدّنة جداً، والكل يعلم ما حدث، إذ لم ينجح دُعاة الإنشقاق إلا بفارق بسيط وبقيت إسكوتلندا بالتالي جزءأ لا يتجزء من بريطانيا العظمى. وغيرها الكثير من المناطق الجغرافية مثل المقاطعة الفرنسبة "كيوبك" في كندا التي حاولت مراراً بالإنفصال، ولكنها فشلت بفارق بسيط في جميع الإستفتاءات.
من هذا المنطلق ومن هذا المفهوم أدعو كل العرب أن يتعاملوا مع مشاكلهم كما يتعامل الغرب مع مشاكله ومعاناته، وأن يحاولوا بإخلاص وجدية، بناء مجتمعاتهم وأن يكفوا عن إلقاء اللوم على الآخر، إذ لم يجبر الغرب حكومات الشرق بأن يكونوا مستبدين بالسلطة ومتزمتين بها إلى حد التضحية بشعوبهم من أجل كرسي الحكم كما كانت الحال في العراق أيام حكم المستبد المقبور، وكما هي الحال في سوريا المتألمة.
فكفاكم أيها العرب وصف كل ما يحدث في عالمكم بأنه مخطط له من قبل الغرب، وكفاكم أيها الإسلاميون التغافل عن أخطائكم الفضيعة وإخفائها تحت شماعة المؤامرات الدولية. فما تقومون به ليس إلا طريق للكسالى والفاشلين الذين يلقون اللوم على الآخر بعد فشلهم. فإنتبهوا وإستيقضوا قبل أن يفوتكم القطار، ولكن كما قال "الشابي" لابــدَّ لـلّيلِ أن يـنجلي ولا بـدَّ لـلقيدِ أن يـنكسرْ ومَـن لـم يعانقهُ شوقُ الحياة تـبخّرَ فـي جـوِّها وانـدثر.
#صبري_المقدسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟