سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 4614 - 2014 / 10 / 25 - 05:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو لى الكتابة هذه الايام اشبه بالمهمة السيزيفيه.و هو حسب الاسطورة الاغريقيه عقاب من اله الموت ثاناتوس لسيزيف الذى خدعه.كان العقاب يفوق مستوى اى خيال شيطانى .حكم عليه ان يحمل صخرة من اسفل الجبل و ما ان يصل الى القمه حتى تسقط الصخره و يظل هكذا فى شقاء ابدى.
ذات مرة سألت نفسى ماذا سيكون شعورى لو عاصرت غزو المغول لبغداد, و رايت بعينى اكبر مكتبة فى العالم و هى ترمى فى النهر, و رايت عشرات الوف القتلى فى الشوارع و مئات الوف الناس يفرون هائمين على وجوههم من الذعر و الخوف , و رايت الجيش و الدولة و كل شىء ينهار. لا داع للخيال لانه من المفارقه ان يعاصر المرء احداثا قد تكون اقسى.لكن المغول ليسوا بدوا قادمين من اواسط اسيا,اصبح لدينا مغول من صنع محلى, نراهم يدمرون تاريخنا و حضارتنا و يدمرون نسيج مجتمعاتنا , و بذلك نستطيع ان نفتخر انها صناعه وطنية لم تستورد!
اعتقد ان اكبر خسارة حصلت للوطن العربى هو ان عصر النهضة انتهى بدون ان يترك اثارا فعلية على الواقعين السياسيى و الثقافى . و باستثناء نخب هنا و هناك, تركزت غالبا فى المدن ,ظل الفكر كما هو كما ورثناه من عصر المماليك, و ظلت ثقافة الدولة السلطانيه مستمره فى الثقافة السائدة.ثم جاءت اموال نفط و ثقافة فضائيات النفط, لتدمر القليل الباقى عندنا من اسس لفكر عقلانى.
مضى لى اكثر من خمسة و ثلاثين عاما فى حقل الكتابة .ربما تكون المرة الاولى التى اشعر فيها صعوبة معرفة من على المرء ان يتهم بوصولنا الى ما وصلنا اليه من دمار (ما عدا دور اعداء بلادنا الخارجيين من امريكا و اسرائيل ) الذى بات يطال كل شىء حتى انتماءنا القومى الذى لم يكن يوما موضع خلاف .اهى ثقافتنا المتوارثه المنتجه لللاستبداد , ام الاستبداد ذاته الذى بدوره ضرب كل امكانية تطور مجتمع مدنى , ام الاحزاب اليساريه التى ظلت تراواح مكانها بلا اى تقدم , امالاحزاب الدينيه و هى ام المصائب و التى ما كان لها اصلا ان توجد لو كنا فى وضع مجتمعى صحى. و كل هذه العوامل مجتمعه ادت الى الخراب.لقد حل عصر الظلام فى بلادنا, لكن لا بد من المقاومه .لا بد من ثورة عربية ثانية تستعاد فيها االهويه القومية ,و تتصدى لكل الفطر السام الذى نبت فى بلادنا ,كما تتصدى لللاخطار الخارجيه . لا بد من ان نطلق الصرخة التى اطلقها ابراهيم اليازجى قبل اكثر من قرن ,تنبهوا و استفيقوا ايها العرب ,فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب !هويتنا القوميه فى خطر الضياع وسط هذا التشرذم الهوياتى ,بل و مستقبل بلادنا و مصير الاجيال القادمة يتلاعب به الجميع من دول اقليميه و كبرى .
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟