|
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 19
سلام ابراهيم عطوف كبة
الحوار المتمدن-العدد: 4610 - 2014 / 10 / 21 - 00:28
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في 26/10/2014 يكون قد مضى عقد كامل على رحيل الدكتور ابراهيم كبة،العالم الاقتصادي المعروف والباحث الاكاديمي والمربي الاجتماعي والوزير السابق في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958.ولاطلاع الرأي العام العراقي على دوره السياسي والاقتصادي والاكاديمي في بلادنا نلقي الاضواء على جوانب هامة من نشاطاته ومؤلفاته!
-;- شهادة المحامي عبد الرحمن اسماعيل قلو عضو منظمة "محامون بلا حدود" -;- محضر الاجتماع المنعقد في ديوان وزارة الدفاع في 27/9/1959 -;- حول العلاقة بين الماركسية والفيزيوقراطية/تقييم ماركس ل(الجدول الاقتصادي)/للدكتور كني
-;- كتب المحامي عبد الرحمن اسماعيل قلو عضو منظمة محامون بلا حدود " لقد رحل رجل السياسة والإقتصاد،الرجل المتواضع الذي لم يساوم على مبادئه اطلاقا وانما ظل ماركسيا بافكاره ومبادئه ومنحازا بمواقفه إلى جانب الطبقة العاملة والكادحين في العالم.لن ننسى أبدا تلك الشخصية الوطنية الفذة في دعم قضية عمال شركات النفط الاحتكارية العاملة في العراق،عندما كان وزيرا للاقتصاد بعد انتصار ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 وكانت وزارته ذات العلاقة بشركات النفط آنذاك.في شهر نيسان من عام 1959 كنت عضوا في الوفد المفاوض مع شركات النفط في بغداد باعتباري نائبا لرئيس المكتب المركزي للنقابة وكان الزميل(آرا خاجادور)يرأس الوفد المفاوض بصفته رئيس المكتب المركزي ومعنا أعضاء آخرين والمحامي خالد عيسى طه بصفته مشاورا قانونيا للاتحاد العام لنقابات العمال،وكانت مهمتنا التفاوض مع وفد لشركات النفط برئاسة الدكتور الاقتصادي(ستروبس)الهولندي الجنسية وزميله(فان هوت)وأحد مدراء الشركة من الانكليز والمشاور القانوني للشركة وآخرين،وكان جدول المفاوضات يتضمن زيادة وتعديل الأجور والمخصصات لجميع العاملين في شركات النفط،لقد حاولت شركات النفط التساوم مع الوفد المفاوض لنقابة النفط،الا انها فشلت!فلجأت هذه المرة الى الوزارات المعنية وطلبت منهم وضع العراقيل امام وفد النقابة المفاوض لقاء قيامها بمنح العاملين لديها الزيادات والمخصصات المناسبة دون اللجوء الى المفاوضات مع الوفد النقابي وقد اقتنع الوزراء المعنيون بهذا المقترح باستثناء الاستاذ الراحل ابراهيم كبة الذي كشف لنا تلك اللعبة وأشار الينا بالكتابة في الصحف لفضح تلك المخططات اللئيمة وكان يصرح لنا مرارا بأنه سيبقى الى جانبنا في هذه المفاوضات الى النهاية.وفي بداية شهر آذار 1960 والمفاوضات مستمرة قدم الى العراق من هنغاريا/بودابست السكرتير العام لاتحاد نقابات العمال العالمي السيد(مكليسكي)وهو مواطن سوفييتي يتقن اللغة الفرنسية الى جانب لغته الروسية،وكان قدومه الى بغداد بدعوة من نقابة النفط وخلال اقامته وضعت النقابة برنامجا له لزيارة حقول النفط في كركوك والبصرة وعين زالة ومصفى الدورة،وقبل مغادرته العراق حصل لقاء بينه وبين الوزير الراحل وقد رافقنا أثناء زيارة الوزير الزميل النقابي(حنا قلابات)من نقابة المصارف كمترجم بين الضيف والوزير،الا أنه اتضح لنا عدم الحاجة لمترجم لأن الوزير الراحل كان يتقن عدة لغات أجنبية بينها اللغة الفرنسية التي تحدث بها الضيف الزائر مكليسكي.بعد الانتهاء من زيارة الوزير غادرنا مقر وزارة الإقتصاد وقد أوصانا الضيف مكلسكي أن نحافظ على هذا الوزير لأنه(عملة نادرة).في اليوم التالي غادر ضيفنا بغداد عائدا الى بودابست،وفي المساء كنت قد حضر أمسية سياسية أقيمت في نادي الفقير بالعلوية حضرها قائد كردستان الراحل الملا مصطفى البارزاني وكذلك رئيس محكمة الشعب العقيد فاضل عباس المهداوي،والمدعي العام ماجد محمد أمين ومرافق الزعيم عبد الكريم قاسم وصفي طاهر،واثناء الأمسية اذاع راديو بغداد خبر اقالة الوزير ابراهيم كبة،وعند سماعي الخبر توقعت أن تكون جلسة المفاوضات مع وفد شركات النفط لليوم التالي صعبة بسبب اقالة الوزير.في اليوم التالي ذهبنا الى مديرية العمل العامة حيث تعقد جلسات المفاوضات تحت اشراف المدير العالم تقي عبد الهادي وقد سبق حضورنا حضور الوفد المفاوض للشركة وكانت الأحاديث تدور حول اقالة الوزير وكيف أن شركات النفط تعتبر الاقالة نصر لها،وللتأكيد فعندما دخل الوفد المفاوض للشركات حيا الحاضرين وبعدها التفت الينا رئيس الوفد الدكتور ستروبس وخاطبنا بالإنكليزية(كيف محراركم اليوم؟)وهو يعني اقالة الوزير حتما قد تركت أثرها السيء في نفوسنا باعتباره كان الى جانبنا في هذه المفاوضات.قدمنا احتجاجا ضد رئيس وفد الشركة لعبارته الاستفزازية وطلبنا من المدير العام تقي عبد الهادي ابلاغ رئيس وفد الشركة بهذا الاحتجاج والتراجع عن عبارته مع الاعتذار،ففعل قائلا(اسحب كلامي وأعتذر)!.بعد الانتهاء من المفاوضات كنت قد حضرت مؤتمر اتحاد نقابات النفط في بولندا وبعد اللقاء بالسكرتير العالم( مكلوسكي)قال لي استغربت عند سماعي خبر اقالة الوزير ابراهيم كبة،فما السبب؟قالت له:ان السبب يعود إلى مواقف الوزير الوطنية من تصرفات شركات النفط الضارة بمصلحة الشعب العراقي ووقوف الراحل الى جانب عمال النفط!كان الراحل انسانا عادلا ووطنيا صادقا ومن رجال الإقتصاد والسياسة البارزين،خدم شعبه ووطنه باخلاص ونزاهة ولهذا ستبقى ذكراه الطيبة في قلوب اصدقائه ومحبيه والى ابناء اسرته العزاء والصبر"."عبد الرحمن اسماعيل قلو/ شركات النفط الأجنبية والراحل ابراهيم كبة/دراسة انترنيتية".
-;- محضر الاجتماع المنعقد في ديوان وزارة الدفاع في 27/9/1959.
الحاضرون سيادة اللواء الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء سيادة الاستاذ محمد حديد وزير المالية سيادة الدكتور ابراهيم كبة وزير النفط وكالة سيادة الاستاذ عبد العزيز الوتاري مدير شؤون النفط العام وكالة المستر هريدج المدير العام لشركات النفط المستر سي رايت الممثل العام للشركات في العراق المستر اكسرجيان
عقد الاجتماع في مكتب سيادة رئيس الوزراء في وزارة الدفاع في الساعة الرابعة مساء حيث رحب سيادة الزعيم بممثلي الشركات ، واشار الى ان المداولات التي ستجري في هذا الاجتماع ليست سوى مناقشة عامة للمباديء والاسس التي تضمنتها مسودة الاتفاقية المقدمة من قبل الشركات على ان تجري دراسة التفاصيل والشروط فيما بعد لغرض التوصل الى اتفاق نهائي في هذا الخصوص. ثم اعقبه سيادة وزير النفط مشيرا الى ان المادة الثانية من مسودة الاتفاقية قد أوردت مبدأ يقضي بجعل موضوع التنازل عن الاراضي موحد بالنسبة للشركات الثلاث في حين ان الجانب العراقي يطلب ان تتم الدراسة بالنسبة لكل امتياز على حدة أي ان يجري الاتفاق على النسبة المئوية للتنازل ثم تطبق هذه النسبة بالنسبة لمنطقة امتياز كل شركة بصورة مستقلة. ثم اضاف سيادة الزعيم بان هذا المبدأ ليس جديدا وانما كان قد جرى بحثة خلال الاجتماع السابق. فاجاب المستر هريدج بانه كان من المفهوم لدى الشركات ان موضوع التنازل – سينظر له نظرة واحدة بالنسبة للشركات الثلاث .اما اذا كان المطلوب معاملة كل شركة بصورة منفردة فمعنى هذا ترك كل ماجرى من بحث ودراسة بهذا الخصوص والبدء من جديد ، لان مذكرة الشركات الاولى المقدمة الى الحكومة كانت قد نظمت على اساس جمع الشركات في موضوع التنازل كما ان المباحثات السابقة جرت على هذا الاساس لذلك نظمت مسودة الاتفاقية الجديدة بهذا المفهوم . فرد سيادة وزير النفط قائلاً ان المناقشة في السابق لم تكن سوى بشأن تحديد نسب التنازل ولم يجر أي اتفاق حول جمع الشركات في اتفاقية واحدة. ثم اضاف سيادة الزعيم توضيحا للموضوع بان النسبة المئوية للتنازل التي سيتم الاتفاق عليها بين الطرفين ستطبق على كل شركة بصورة مستقلة لان الحكومة لا تود الجمع بين امتيازات الشركات الثلاث دفعا للمشاكل التي ستترتب على هذا الجمع. فاجاب المستر هريدج بان مسودة الاتفاقية موضوع المناقشة قد نظمت على الاساس الذي جرت المذاكرة بشأنه في السابق وان طلب الحكومة في معاملة كل شركة على حدة ان هو الا مبدأ جديد لم يؤخذ بنظر الاعتبار عند تنظيم الاتفاقية. فعلق سيادة وزير النفط قائلاً بان الحكومة رفضت مقترحات الشركات في حينه ومفهوم ان رفضها لتلك المقترحات يدل على عدم موافقتها على جميع الشركات في اتفاقية واحدة. ثم اكد سيادة وزير المالية بانه يتذكر بان بحث تحديد النسبة المئوية للتنازل قد جرى في جميع المباحثات السابقة ومن المفهوم طبعاً بان كل شركة لها امتيازها الخاص وان النسبة التي سيتم الاتفاق عليها ستطبق على امتياز كل شركة على حدة. فاجاب المستر هريدج بأن الطريقة التي وضعت بموجبها الاتفاقية موضوع البحث سوف لن تؤدي الى دمج الامتيازات الثلاث. فعلق سيادة وزير النفط على ذلك قائلا قد يكون ذلك صحيحا الا انها ربما تؤدي الى جمع المساحات المتنازل عنها في منطقة امتياز شركة واحدة فقط. ثم اشار سيادة وزير النفط الى ان هناك نقطة اخرى يود التطرق اليها هي ان النسبة المقترحة او المساحة المقترح التنازل عنها قد شملت المياه الاقليمية العراقية في حين انه سبق لشركة نفط البصرة ان تخلت عن حقوقها في هذه المياه وانتهى امرها. فأجاب المستر هريدج بأن مساحة المياه الاقليمية ضئيلة جدا هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى فأنه يتذكر ان الشركات قد ذكرت عند موافقتها على التنازل عن المياه الاقليمية انها ستكون جزءا من موضوع التنازل العام. فعلق سيادة الزعيم على ذلك قائلا يمكن اضافة مساحة المياه الاقليمية الى الاراضي التي سيتم التنازل عنها طالما ان الشركات اشترطت عند التنازل عنها وجوب اخذها بنظر الاعتبار عند بحث موضوع التنازل العام . ثم انتقل سيادة وزير النفط الى بحث المادة الثالثة من مسودة الاتفاقية وأشار الى انه يفهم منها ان المنطقة التي سيتم التنازل عنها ستكون باختيار الشركات فقط في حين ان الواجب يقضي بأن يتم الاتفاق عليها بين الطرفين. فأجاب المستر هريدج بأن ليس هناك اي شركة في العالم عليها التزامات بالتنازل ولا تتمكن من الاحتفاظ بالمساحات التي تود الاحتفاظ بها. فبين سيادة الزعيم بان المناطق التي جرى فحصها من قبل الشركات ستبقى للشركات طبعا. تكلم سيادة وزير النفط حول المادة الرابعة من مشروع الاتفاقية واشار الى ان المفهوم مما ورد فيها ان الشركات ستحتفظ بجميع الحقوق التي تتطلبها عمليات النفط في المناطق التي سيتم التنازل عنها في حين ان الفكرة الاساسية في التنازل هي ترك المنطقة نهائيا وقد يجوز الاحتفاظ ببعض حقوق النقل والمواصلات فقط. ثم شرح سيادة الزعيم الحقوق التي يبدو ان الشركات تود الاحتفاظ بها فيالاراضي المتنازل بها واشار الى انها كثيرة وكثيرة جدا وكيف يوفق بين الاحتفاظ بهذه احقوق وبين تنازل الشركات عن الاراضي. فاجاب المستر هريدج بأنه لو فرض ان الشركات تود مد انبوب جديد الى البحر الابيض المتوسط فلا بد لها من الحقوق المذكورة لانجاز هذا المشروع. فرد سيادة الزعيم قائلا ان المفروض عند تنازل الشركات عن اي منطقة ان لاتحتفظ الا بحق مد خطوط الانابيب وبناء محطات الضخ وما يقتضي للمواصلات البرقية والتلفونية ثم اشار سيادته الى ان الحكومة مستعدة لتسهيل عمليات مد الانابيب في الاراضي المتخلى عنها وادارتها. فأجاب المستر هريدج قائلا مادامت الحكومة مستعدة لابداء تلك التسهيلات فهل هناك مانع من ذكر او تعداد الحقوق التي تود الشركات الاحتفاظ بها. فأجاب سيادة وزير المالية بأن الحكومة مستعدة لابداء كافة التسهيلات اللازمة لمد خطوط الانابيب وصيانتها ويكفي ان يوضع نص عام بذلك ولا داعي لتعداد الحقوق واحدا واحدا. ثم تكلم المستر اكسرجيان مبينا ان الشركات لم تعدد الحقوق التي تود الاحتفاظ بها سوى لغرض تسهيل عملياتها وخاصة المتعلقة بخطوط الانابيب. فأجاب سيادة الزعيم بأنه لاحظ من الحقوق التي تود الشركات الاحتفاظ بها ان من جملتها مد خطوط السكك الحديدية واستفسر سيادته هل ان عمليات مد خطوط الانابيب تستوجب تسيير القطارات. فأجاب المستر هريدج بأن ليس للشركات في الوقت الحاضر خطوط سكك بالقرب من خطوط الانابيب ولكن ربما تدعو الحاجة في المستقبل الى انشاء السكك الحديدية. فرد سيادة الزعيم بأنه يجب على الشركات ان تتنازل عن الاراضي ومن ثم تقوم الحكومة من جانبها بتسهيل عمليات مرور النفط في الاراضي المتنازل عنها. فرد سيادة وزير المالية قائلا بأن الحكومة مستعدة لابداء تسهيلات نقل النفط فقط اما بشأن الحقوق الاخرى فيجب ان تعامل الشركات معاملة اي شركة اخرى. ثم انتقل سيادة وزير النفط بعد ذلك الى بحث المادة الخامسة من مشروع الاتفاقية وبين ان هذه المادة تشير الى ان الشركات ستكون مستعدة للدخول في مفاوضات بشأن التنازل عن مناطق اخرى بعد خمس سنوات في حين انه يجب ان يكون الالتزام بالتنازل عن مناطق اخرى وليس الالتزام بالدخول في مفاوضات او مذاكرة. ثم اوضح سيادة الزعيم بأن النص يجب ان يكون ان الشركات مستعدة للتنازل عن مناطق اخرى بعد خمس سنوات اما نسب هذا التنازل فتحدد في حينه. فأجاب المستر هريدج بأن هذا هو مفهوم المادة وربما تكون الصياغة غير واضحة. انتقل سيادة وزير النفط الى مناقشة المادة السادسة من مشروع الاتفاقية التي نصت على دمج الشركات الثلاث فيما يتعلق بالتنازل عن الاراضي وأشار االى ان هذا المبدأ سبق رفضه من قبل الجانب العراقي. ثم استفسر سيادة الزعيم عن موقف الشركات النهائي حول هذه النقطة الان. فأجاب المستر هريدج بأن موقف الشركات الحالي كما كان في السابق يتطلب مساعدة الحكومة لغرض التغلب على صعوبات الانتاج من حقول الموصل. فرد سيادة الزعيم بأن الحكومة مستعدة للمساعدة ولكن يجب ان يجري بحث امتياز كل شركة على حدة. ثم اضاف سيادة وزير المالية بأن كمية الانتاج الحالية من حقول الموصل غير متلائمة مع مساحة امتياز الشركة. فأجاب المستر هريدج بأن المطلوب هو مساعدة الحكومة بهذا الخصوص. فأوضح سيادة الزعيم بأن الحكومة مستعدة للمساعدة الا ان كمية الحد الادنى من الانتاج بالنسبة لشركة نفط الموصل تنتج في الوقت الحاضر اي ان حقول الشركة الحالية مستعدة لانتاج تلك الكمية. فأجاب المستر هريدج بأن نفقات الانتاج الكبيرة في عين زالة لا تشجع مطلقا على الانتاج. فرد سيادة وزير النفط بأنه يمكن للشركة التخلي نهائيا عن جميع منطقة امتيازها. فرد سيادة الزعيم بأن الانتاج الحالي في الموصل يجري من الحقول المكتشفة سابقا ولهذا فأن تخفيض مساحة الامتياز سوف لا يؤثر على عمليات الانتاج من تلك الحقول واذاما قبلت الحكومة دمج شركة نفط العراق مع شركة نفط الموصل فتكون قد اضرت بمصالح الجمهورية العراقية لانها تكون قد اعطت للشركات امتيازات جديدة بالاضافة الى امتيازاتها السابقة في حين ان المداولات تجري بشأن تنازل الشركات عن قسم من امتيازاتها الى الحكومة وليس الحصول على امتيازات جديدة. فأجاب المستر هريدج بأنه اذا كان الامر يتعلق بالتضحية فأن تنازل الشركات عن قسم من مناطق امتيازها هو تضحية ايضا بدون شك خاصة وان التنازل ينطوي على الضرر كما هو معروف وفي وقت تنصرف فيه نية الشركات الى زيادة الانتاج. ثم اضاف بأن مدير الموانيء- بغض النظر عما تقدم - يتخذ الاجراءات الا لزيادة العوائد التي تتقاضاها مصلحة الموانيء عن شحن النفط من الفاو الى حوالي الست شلنات عن الطن الواحد فهل تعني هذه الزيادة المساعدة على الانتاج؟ فأجاب سيادة الزعيم بأن مصلحة الموانيء تخسر حاليا وليس من المعقول او المنطق ان تقوم الحكومة بتخصيص المبالغ من ميزانيتها لمساعدة الموانيء لانها يجب ان تسد مصاريفها من عوائدها المفروضة على الشحن ثم اشار سيادته الى انه قد علم من مدير الموانيء العام بأن العوائد المفروضة على شحن النفط في الفاو تساوي اجور الشحن المفروضة على التراب والرمل.واضاف سيادة الزعيم بأن المبالغ التي تتكبدها مصلحة الموانيء جسيمة ومن حقها زيادة عوائدها لملافاة تلك المصاريف واذا ما تحقق ربح من هذه العوائد فأن الحكومة ستخصص هذا الربح لبناء دور العمال وتأمين الخدمات الصحية والاجتماعية لعمال الموانيء. فأجاب سيادة الزعيم بأن تقليل الانتاج معناه بقاء النفط في باطن الارض. فأجاب المستر هريدج بأن الشركات تتصور بان رغبة الحكومة في زيادة الانتاج والحصول على عوائد اكبر لمواجهة مشاريعها الانية تتنافى وزيادة عوائد الميناء بالاضافة الى ان زيادة العوائد على النفط معناه فرض ضريبة جديدة للحكومة زيادة عن ال50% من الارباح التي تحصل عليها... واختتم المستر هريدج كلامه بأن اقترح بحث موضوع العوائد بصورة مفصلة مع سيادة وزير النفط. وبعد ذلك استعرض سيادة وزير النفط نص المادة السابعة من مشروع الاتفاقية واشار الى ان ماتضمنته هذه المادة من بقاء احكام اتفاقية 1952 ومقاولات الشركات الاخرى نافذة المفعول مع اخذ التعديلات الاخيرة بنظر الاعتبار امر مفهوم لا يتطلب النص عليه وان ذكر هذه المادة زائد عن الحاجة كما استعرض سيادته نص المادة الثامنة التي تتعلق بأجراءات التحكيم ثم انتقل الى المادة التاسعة واوضح بان النص العربي للاتفاقية يجب ان يكون هو النص المعول عليه عند الاختلاف بين النصين العربي والانكليزي. فاجاب المستر اكسرجيان بأن هذه المادة واردة نفسها في الاتفاقيات السابقة ويصعب الاخذ بمبدأ في الفرع يخالف المبدأ المأخوذ به في الاصل. فاجاب سيادة وزير النفط بأن الاتفاقية التي يجري بحثها هي اتفاقية جديدة لا علاقة لها بالاصل وليس فرعا للاتفاقيات السابقة ثم اضاف سيادته بأن الدستور العراقي لايجيز جعل النص الانكليزي هو النص الرسمي. فأجاب المستر اكسرجيان بأنه يمكن احالة الموضوع الى قانونين للنظر في هذه الناحية ومدى مخالفتها للدستور. فبين سيادة الزعيم انه فضلا عن كون جعل النص الانكليزي هو النص الرسمي امر يخالف للدستور العراقي فأنه يقتضي جعل الترجمة صحيحة منذ البداية لكي لايحصل خلاف بين النصين في المستقبل. فاجاب المستر اكسرجيان لاشك ان الترجمة يجب ان تكون واضحة ودقيقة ولكن جعل النص العربي هو المعول عليه سيصطدم مع اصل الامتيازات وسيشكل على الحقوقيين تعقيب الموضوع. فاوضح سيادة الزعيم بان البحث يجري لعقد اتفاقية جديدة وليس اتفاقا مكملا لاتفاقيات سابقة. فاجاب المستر هريدج بان الاتفاقية الجديدة مع ذلك تتناول تعديلا للاتفاقيات السابقة. فرد سيادة الزعيم على ذلك قائلا هل معنى هذا ان علينا ان نعدل دستورنا ؟ فاجاب المستر هريدج بان المسالة قانونية صرفة ولذلك يقترح تركها لممثلي الحكومة والشركات القانونية لدراستها. ثم انتقل سيادة وزير النفط الى بحث المادة العاشرة واشار الى ان هذه المادة قد تضمنت مخالفة دستورية اخرى لان طبيعة الاتفاقية المقترحة عبارة عن عقد ولهذا فهي لا تحتاج الى قانون لتصديقها بعكس الاتفاقيات التي تبرم بين الدول فتلك لا تبرم الا بقانون. فاجاب المستر هريدج بانة لايملك اهلية التعليق على هذا الراى ولكن الحقيقة ان جميع اتفاقيات الشركات السابقة مع الحكومة العراقية مبرمة بقانون. فاجاب سيادة وزير النفط بان ذلك يعود الى وجود نص في الدستور السابق - يحتم عدم منح اي امتياز الا بقانون وان هذا النص قد الغي مع الغاء ذلك الدستور. واضاف سيادة وزير النفط قائلا لنفرض اننا مقبلون على عقد اتفاقية جديدة فهل يحتاج الامر الى قانون؟ فاجاب المستر هريدج قائلا مع انة لايملك اهلية المناقشة بهذا الخصوص الا انه لابد من الاشارة الى ان المسالة تتعلق بتعديل اتفاقية سابقة مصدقة بقانون. فتكلم سيادة الزعيم مشيرا الى ان القضية واضحة وبسيطة... وهي ان تصديق هذه الاتفاقية بقانون عبارة عن مخالفة دستورية لا يمكن للحكومة ارتكابها. ثم اضاف سيادة وزير النفط ان المناقشة تتعلق بالاسس والمبادئ وانة يامل ان يدرس ممثلو الشركات هذه المبادئ والاسس ويتقدمون بمقترحاتهم الى الحكومة . فاجاب المستر هريدج بان يقترح تشكيل لجنة لبحث هذا الموضوع بصورة تفصيلية . فرد سيادة الزعيم بانه لا مانع من تشكيل اللجنة موضوع البحث ولكن بعد الاتفاق على الاسس . ثم اضاف سيادة وزير النفط بان المهم في الموضوع هو مناقشة الاسس الان ثم تشكيل اللجنة للاتفاق على التفاصيل . فاجاب مستر هريدج بان ممثلي الشركات حاضرون لمناقشة الموضوع مع اي شخص او لجنة تنسبها الحكومة . فرد سيادة وزير المالية بان المهم في الموضوع هو ان تتقدم الشركات باجوبتها النهائية حول الاسس والمبادئ ومن ثم تدرس من قبل لجنة فرعية . فاجاب المستر هريدج بانه لا يقصد بحث المسائل التفصيلية قبل المسائل الاساسية ولكنه يقترح ان تجتمع اللجنة الفرعية في نفس الوقت الذي تجري فيه المباحثات بين الجانبين . فاستفسر سيادة الزعيم عما اذا كان باستطاعة الشركات تقديم النقاط التي تريدها بالضبط ليتسنى للحكومة دراستها . فاجاب المستر هريدج بانه اذا ماتم التذاكر مع شخص واحد من ممثلي حكومة من الذين يعرفون وجهات نظر الحكومة فيمكن حسم الموضوع بكل سهولة . فبين سيادة الزعيم بان الموضوع سهل جداً وكذلك الامر بالنسبة لجميع مواد الاتفاقية فيما لو قامت الشركات بمراجعة تلك المواد مجددا . فعاد المستر هريدج الى القول بان من المستحسن ان يقوم محامي عن الشركات ببحث دستورية الموضوع مع محامي عن الحكومة . فاوضح سيادة وزير النفط بانه لا يمكن التاكيد من الناحية الدستورية تصديق الاتفاقية بقانون كما لا يمكن جعل النص انكليزي هو النص الرسمي ومع ذلك فيمكن للشركات ان ترجع الى محاميها بهذا الخصوص . فوعد مستر هريدج باعادة النظر في الموضوع واشار الى انه يامل ان يتمكن من مقابلة سيادة رئيس الوزراء في الوقت الذي ينسبه سيادته... وبعد ذلك تم الاتفاق على ان يعقد الاجتماع الثاني في الساعة الرابعة من يوم الثلاثاء الموافق 29/9/1959 في مكتب سيادة رئيس الوزراء في وزارة الدفاع . ثم اثار مستر هريدج في نهاية الاجتماع موضوع التكاليف الحقيقة للانتاج المقترحة واقترح احالته الى لجنة من الخبراء الفنيين لدراسته لبحث الخلافات القائمة بين الطرفين بالتفصيل لعله يتم التوصل الى نتائج حاسمة بهذا الشأن . فوافق سيادة الزعيم على احالة الموضوع الى لجنة ونسب ان تجتمع في الساعة الثانية عشر لها يوم الاثنين 28/9/1959 في مديرية شؤون النفط العامة بحضور كل من السيدين نزهت محمد طيب رئيس الهيئة العامة لشؤون النفط وعبد العزيز الوتارى و. المدير العام لشؤون النفط . ثم اشار سيادة الزعيم الى ان يأمل ان يتم التوصل الى حسم الامور في وقت مبكر لان ذلك ان دل على شيء فانما يدل على حسن العلاقات القائمة بين الحكومة والشركات . فأكد مستر هريدج بان الشركات تعالج المشاكل القائمة بنفس الروح التي عبر عنها سيادة الزعيم . وانفض الاجتماع في حوالي الساعة السابعة مساءاً.
-;- كتب د.ابراهيم كبة في مجلة الاقتصادي/العدد الثاني/حزيران 1971/ السنة الثانية عشرة دراسة بعنوان"حول العلاقة بين الماركسية والفيزيوقراطية/تقييم ماركس ل(الجدول الاقتصادي)/للدكتور كني"فيما يلي نصها:
حول العلاقة بين الماركسية والفيزيوقراطية(1)/تقييم ماركس ل(الجدول الاقتصادي)/للدكتور كني(2)
من المؤكد ان المقولات الاساسية للماركسية تتعارض مع المقولات الاساسية للمدرسة الفيزيوقراطية(اي المذهب الطبيعي في فرنسا الذي اسسه الدكتور كني في بداية النصف الثاني من القرن الثامن عشر).فالعامل الاساسي الذي يحكم انتاج وظهور الفائض الاقتصادي هو (الطبيعة) بشكلها الزراعي في نظر كني،بينما يحتل (العمل) باشكاله الاجتماعية الدور المذكور في نظر ماركس.وكذلك الحال بالنسبة للتوزيع،اذ بينما يرى الدكتور كني في البروليتاريا طبقة عقيمة – يرى ماركس انها الطبقة المنتجة الاساسية.وبينما يرى كني في مستثمري الارضFermiers الطبقة المنتجة،يرى ماركس انها جزء من الطبقة الرأسمالية التي تمتص جزءا من فائض القيمة الذي ينتجه العمل،وبهذا فهي تستحق وصفها بالعقيمة.ولا يقتصر التعارض بين هذين المفكرين على المبادئ الاقتصادية،بل يتعداه الى الموقف الفلسفي والدور التاريخي لكل منهما،بينما ينتمي كني الى فلسفة الانوار ويعلن ثقته المطلقة بالنظام الطبيعي وامتداده في الاقتصاد:المنافسة الحرة ويمثل بذلك – من دون وعي منه على الارجح – احد الطلائع الآيديولوجية لانتصار الاقتصاد الرأسمالي وسقوط الاقطاع،نجد في ماركس فيلسوفا (ماديا) اقرب الى ديدرو وهولباخ وهلقسيوس،وفيلسوفا (جدليا) اقرب الى هيغل،وبالجمع بين هاتين السمتين الفلسفيتين استطاع تأسيس المادية الجدلية.والحق ان التعارض المذكور بين مؤسسي الماركسية والفيزيوقراطية هو تعارض جوهري لا يجدي معه التوفيق او التركيب.ومع ذلك فأن المديح الذي كاله ماركس للفيزيوقراط وللدكتور كني على الاخص،والسخرية التي صبها على اولئك الذين هاجموه بدون فهم واستيعاب،والمحاولات الدائبة عبر مؤلفاته وكتاباته الكثيرة لتمثل جوهر مساهماتهم العلمية،تحمل على الظن بوجود اوجه شبه تجمع هذين المفكرين الاقتصاديين الكبيرين،اللذين تفصل بين عملهما العلمي ونشاطهما العملي حوالي المائة عام تقريبا. لقد كرس ماركس جزءا هاما من كتاباته الاقتصادية لبيان الجوانب الايجابية والسلبية لمدرسة(الاقتصاديين)Economistes الفرنسية(كما كانت تسمى في حينه مدرسة كني).فمنذ عام 1844 وفي تلك المرحلة المبكرة من حياة ماركس الفكرية،كرس بعض صفحات من مخطوطته المشهورة(الاقتصاد السياسي والفلسفة)(3)لبيان المغزى التاريخي والمنطقي للفيزيوقراطية باعتبارها المذهب المعبر عن الانحلال الاقتصادي للنظام الاقطاعي.لقد ابرز ماركس الجانب الايجابي في المذهب المذكور وهو تأكيده على اولولية الانتاج بالنسبة للتداول،لكنه في نفس الوقت لم يفته الجانب السلبي من المذهب وهو قصره العمل المنتج على العمل الزراعي ونسبة انتاجية العمل الزراعي الى عمل الطبيعة.وفي الفترة بين 1861- 1863 عندما وجه ماركس جهوده العلمية لدراسة تاريخ الفكر الاقتصادي منذ المدرسة الماركنتيلية(التجارية) حتى خلفاء ريكاردو،تمهيدا لكتابة كتابه الخالد(رأس المال)،كرس عدة فصول كاملة من كتابه الاخير غير الكامل(نظريات حول فائض القيمة)لدراسة الفيزيوقراط،مع ملحق حول(الجدول الاقتصادي)للدكتور كني(4).وقد اوضح ماركس في هذه الدراسة آثار الفكر الاقتصادي الفيزيوقراطي على الفكر الاقتصادي في انكلترا وفرنسا،في الوقت الذي غطت فيه مذاهب آدم سميث وريكاردو في انكلترا وآراء جان باتيست ساي من فرنسا على آراء الفيزيوقراط .وفي رسالة الى انكلز في 6/8/1963 يحاول ماركس الاستعانة بجدول كني لتقديم اول تفسير معزز بالرسم البياني لمخططه المشهور لعملية تجديد الانتاج،الموضح للقسم الثاني من الكتاب الثاني من(رأس المال)(5)حيث يؤكد ماركس صراحة على تفوق كني على آدم سميث في عرضه لتداول الثروة ورأس المال. واخيرا – في عام 1877 – عشية مرضه الشديد الذي سيودي بحياته بعد ست سنوات،سخر ماركس بشدة من تفاهة انتقادات دورنغ لمذهب كني وذلك في ايضاحه المشهور للجدول الاقتصادي الذي ضمنه انكلز في كتابه(الرد على دورنغ)(6). من هذا يتبين مدى الاهمية العلمية التي يعلقها ماركس على المدرسة الفيزيوقراطية،التي لا يتردد في احدى كتاباته منحها شرف اعتبار اقطابها(الآباء الحقيقيين للاقتصاد الحديث)(7). والآن ما الذي حمل ماركس على اعطاء هذه الاهمية الكبيرة للفيزيوقراط،بالرغم من الخلافات الجذرية الفكرية والسياسية التي تفصل بينه وبينهم،وماهي العناصر التي استعارها من مذهبهم واستخدمها في بنائه العلمي الخاص؟سنحاول الاجابة على ذلك في ميادين ثلاثة من ميادين العمل الماركسي الكبير: الاول:ميدان تداول الناتج الاجتماعي وتصور التوازن العام.والثاني:ميدان اعادة بناء الماركسية لمخططات التداول وتجديد الانتاج. والثالث:ميدان اصل فائض المنتوج وقانون القيمة.ومن الطبيعي ان العرض المذكور يفترض في القارئ الالمام الكافي بمبادئ الماركسية والفيزيوقراطية في هذه الميادين الاقتصادية الثلاثة على السواء.
اولا : تداول الانتاج الاجتماعي والتصور التفسيري ( النشوئي ) للتوازن العام اكثر ما يبدو الشبه بين ماركس وكني هو في تمثلهما لعملية تداول الناتج الاجتماعي.والواقع ان ماركس،في مرحلة اولى من مراحل تطور فكره الاقتصادي،حاول استيحاء(الجدول الاقتصادي)للدكتور كني،في تحليله لعملية تداول رأس المال.لقد سبق ان اشرنا الى رسالة ماركس لانغلز المؤرخة في 6 اب 1863 التي يضمنها (جدوله الاقتصادي) المرسوم على غرار جدول كني(8)لتحليل مجموع عملية تجديد الانتاج.ولكن ماركس بعد ذلك بالنظر لتعقد الجدول،ترك الاسلوب الهندسي(اسلوب الرسوم البيانية) الى الاسلوب الجبري(اسلوب المعادلات) في عرضه عملية التداول،ولكن روح التحليل لديه بقيت مشبعة بالروح الفيزيوقراطية، باعتراف ماركس نفسه.
أ. الخصائص الاساسية للتصور الماركسي للمبادلات الاقتصادية . لقد خصص ماركس مجموع الكتاب الثاني من (رأس المال) لما سماه (عملية تداول رأس المال) Zirkulationsprozess des Kapitals وهو العنوان الفرعي الذي اعطاه ماركس للكتاب المذكور.ويبدو ان ثلاث خصائص تميز هذا الجزء الهام من عمل ماركس.لابد من التأكيد اولا على ان المقصود ب (رأس المال)في العنوان المذكور ليس المعنى الاعتيادي الذي يستعمل عادة اليوم في المؤلفات البورجوازية اي مجرد الاستثمارات والعمليات المالية مثلا،بل على العكس يقصد ماركس بالعنوان المذكور تحليل مجموع شبكة المبادلات العينية (السلعية) والقيمية (النقدية) على السواء،التي تربط الاطراف الرئيسية للانتاج والانفاق في النظام الرأسمالي.وهذا التحليل هو بالضرورة – كما هي الحال في الكتاب الاول من رأس المال – تحليل كلي (ماكرو ايكونومي) يستقصي العلاقات بين مجموعة القطاعات والفئات الاجتماعية التي تتحدد اجتماعيا بدورها الخاص من الانتاج،وليس في مجرد المبادلات بين الافراد والشركات المنعزلة والمجردة من السمات الاجتماعية.بعد هذا لابد من التأكيد على ان ما يجري في الرأسمالية هو بالفعل (تداول لرأس المال) لأن جميع موضوعات التبادل في هذا النظام هي بصورة مطلقة ومن دون استثناء انما هي مملوكة في وقت من الاوقات لمالكي وسائل الانتاج ولذلك فهي تتخذ بالضرورة سمة (رأس المال). وهذا ينطبق على جميع السلع الوسيطة والنهائية وعلى جميع الموجودات النقدية اللازمة لتداولها وعلى جميع المدخولات بما في ذلك الاجور التي لا تدخل فقط في الرأسمال الدائر Zirkulirendes للمشروعات،بل تكون الاستثمار (المنتج) الوحيد،اي القادر على خلق فائض القيمة العائد لمجموع رأس المال،ولذلك سماه ماركس ( الرأسمال المتغير) Variables اي الذي لاينتج قيمته الخاصة فحسب بل ينتج فائض القيمة اثناء عملية الانتاج(9).كذلك يجب استعمال عبارة (تداول رأس المال) لأن العامل المحرك بالفعل لكل الدورة الاقتصادية في النظام الرأسمالي هو رأس المال هذا،توظيفه وانماؤه وتثميره.واخيرا لا بد من ملاحظة بأن دراسة (الدورة) الرأسمالية من قبل ماركس لا تعني مجرد الرصد الحسابي لعمليات تبادلية مغلقة،تتساوى فيها جوانب الموجودات والخصوم في كل نقطة من نقاط (الدائرة) الاقتصادية،بل على العكس فان الحلقة المذكورة (مفتوحة) في احد جوانبها وهو جانب الانتاج،حيث تنمو قيمة الرأسمال الموظف وحيث يظهر فائض القيمة.ولهذا فان دراسة عملية (تداول) رأس المال مفهومة بالمعنى الماركسي،لا يمكن ان تأتي الا بعد دراسة (تثمير)(10) Verwertlicgung رأس المال،اي انتاج فائض القيمة،وهو الموضوع الذي كرس له ماركس الكتاب الاول من (رأس المال).يظهر من الايضاحات السابقة بان شبكة التداول التي يحللها ماركس في الكتاب الثاني من مؤلفه الرئيسي تتميز بثلاث خصائص:الاولى ان اطرافها تتحدد بعلاقات الانتاج الاجتماعية،وان الادوار الاجتماعية لهذه الاطراف ليست متساوية في العملية الاقتصادية.والخاصية الثانية هي ان الشبكة المذكورة مفتوحة من جهة الانتاج حيث يولد الناتج الاجتماعي ويستحوذ رأس المال على فائض القيمة باستثماره لقوة العمل الاجير،الذي هو سبب وجود النظام الرأسمالي، والخاصية الثالثة هي تحليل ماركس للشبكة المذكورة،ليس مجرد تحليل كلي (وصفي) De-script-ive اي يقتصر على وصف المبادلات الرأسمالية الجارية بل هو تحليل بنفس الوقت تفسيري او ( نشوئي ) Genetic اي يتعمق لجذور ولادة الناتج الاجتماعي وفائض القيمة،ويوضح كيف ان الشروط الاجتماعية لهذه الولادة هي التي تحدد اشكال تداول رأس المال. ب. خصائص (الجدول الاقتصادي)السابقة للماركسية اذا كانت تلك هي اهتمامات ماركس فمن الطبيعي ان يبدى اعجابه الشديد بعمل الدكتور كني.ان (الجدول الاقتصادي) هي بالفعل شبكة كلية(ماكرو ايكونومية) تتشكل من مجموعة تراكيب اجتماعية لتداول الناتج القومي.اما اشكال التداول فهي بالفعل اشكال رأسمالية،وان كانت موسومة بمسيم علاقات الانتاج الاقطاعية (11).اما اطراف الجدول الثلاثة(الطبقة المنتجة للزراع وطبقة الملاك العقاريين والطبقة العقيمة) فهي بالفعل طبقات اجتماعية بالمعنى الماركسي للكلمة،اي يتحدد اعضاؤها بدورهم في عملية الانتاج الاجتماعية.كما ان المركز المسيطر لملاك الارض في (جدول) كني،انما يعبر عن حقيقة العصر التاريخية.لقد وعى ماركس كامل الوعي هذا الطابع المزودج لجدول كني،الطابع الكلي والطابع الاجتماعي.يقول ماركس:(ان الاعمال الفردية المتعددة في التداول تتجمع مباشرة في عمل اجتماعي وحيد هو التداول بين الطبقات الاجتماعية الكبرى التي تتحدد بموجب وظيفتها الاقتصادية)(12).كما ان جدول كني – كرد فعل ضد المفاهيم الماركنتيلية – يكسر حلقة للتدوال من جهة الانتاج،مؤكدا ان ما يتم تداوله وتوزيعه بين الطبقات انما هو (الناتج القومي)،وان اشكال تداوله انما تتحدد بالشروط الاجتماعية لانتاجه وتجديد انتاجه،وان حجم واتجاهات التداول النقدي انما تقرر بالتداول السلعي،على الاقل بالنسبة للمبادلات التي تتم عبر السوق،خالقة بذلك المبادلات النقدية.يقول ماركس:(ان ما يدهش لاول وهلة في الجدول وما كان لابد ان يبدو رائعا في نظر معاصري كني،هو ان اسلوب التداول النقدي يبدو وكأنه لا يتحدد الا بتداول السلع،وان تجديد انتاج هذه السلع يتحدد في الواقع بعملية تداول رأس المال)(13).ويشيد ماركس بصورة خاصة بتمييز كني بين الرأسمال الساكن Fixes والرأسمال الدائر،واخراج الاول(الذي يسميه كني بالسلف والتصليحات Avences-Reprises) من مفهوم الدخل القومي،وبالتالي اخراجه من التداول الجاري بين الطبقات الاجتماعية،بالرغم من اهميته البالغة ودوره الاساسي في عملية تجديد الانتاج.ويعتبر ماركس اهمال آدم سميث لهذا التمييز وخلطه بين(الناتج الاجتماعي ) و (الدخل القومي)،وادعاءه توزيع مجموع الناتج الاجتماعي بشكل اجر وربح وريع،خطوة الى الوراء بالنسبة لتطور الفكر الاقتصادي(14). ذلك لأن الطابع المحدود لهذه النظرة يكمن في تغاضي آدم سميث عن حقيقة ان التوزيع لقيمة الرأسمال الثابت(اي المخصص لشراء وسائل الانتاج) يكون مرحلة هامة في عملية تجديد الانتاج،واخيرا فان الطابع (الرأسمالي) للتداول في جدول كني يتضح بجلاء من دراسة شروط ظهور(الناتج الصافي) او (الدخل) كما يسميه كني ايضا،ودوره الحاسم في التداول.ان الفروض الاساسية للجدول التي تجمع – كما رأينا – بين المبادلات العينية والمبادلات النقدية،تظهر بوضوح ظاهرة(فائض منتوج غير مستحق)،اي مستحوذ عليه من قبل طبقة اجتماعية معينة من دون انتاج اي مقابل.ان تصوير الجدول وكأنه يتناول شبكة المداولات النقدية وحدها يخفي هذه الظاهرة الاستثمارية (الاستغلالية)،الا ان رسمه وهو يتناول نوعي المبادلات النقدية والسلعية معا يبرز ظاهرة الاستغلال بوضوح.فالشبكة السلعية تضم بالاضافة الى الاطراف الثلاثة التي تبدو في الشبكة النقدية (اي الطبقات الاجتماعية الثلاث المشار اليها سابقا) طرفا رابعا وهو الارض او الطبيعة التي تمنح(الهبة المجانية ) Don Gratuit اي ( الناتج الصافي ) (15) Product Net الذي تستولي عليه وتستهلكه طبقة الملاك العقاريين من دون انتاج اي مقابل مادي. من الطبيعي ان الدكتور كني لا يقدم الدليل على خلق فائض المنتوج والاستحواذ المجاني عليه،لأن تحليل ذلك انما يعود لدراسة شروط الانتاج وليس اشكال التداول،ولكن مجرد ابراز ظاهرة التملك وحيد الجانب للناتج الصافي، يمثل خطوة كبيرة الى الامام بنسبة للتحليل الماركسي، مع تأكيد ماركس على طابعها المتناقض والعمل على حل التناقض بتعميق التحليل.اما الطابع (الرأسمالي) الآخر للتداول الذي يصفه (الجدول الاقتصادي) فيكمن في الدور المحرك(لانفاق)الناتج الصافي من قبل الملاكين العقاريين.ويلاحظ بعض شراح الماركسية (16) بأن ماركس لم يعر هذه المسألة الاهمية التي تستحقها لانه اقتصر في شروحه للجدول الاقتصادي على بيان الدور الذي يلعبه دفع الريع من قبل المستثمرين للارض Fermiers للملاك العقاريين في تحريك عملية التداول،دون التركيز على الدور الاستراتيجي الذي يلعبه (انفاق) الملاك المذكورين للريع المذكور (او الناتج الصافي) في مجموع النظام الفيزيوقراطي.يقول الدكتور كني في احد مختصراته(ان حركة البندول الاقتصادي في حالة المجتمعات الكاملة انما تبدأ بالدخل الذي ينتجه عمل الناس.وفي هذا النوع من المجتمعات كل شئ يعتمد على الاستخدام السنوي لهذا الدخل.ان الدخل هو الجزء الوحيد من الانتاج القابل للتصرف به.وعلى طريقة التصرف المذكورة يتوقف كل زخم المجتمع)(17).ومع ذلك فان ماركس يؤكد على الطابع التركيبي للجدول الاقتصادي،باعتباره يجمع بين تداول الدخل وتداول منتجات رأس المال،مشيدا بالطابع المذكور،بهذه العبارة البليغة(يمكن تلخيص محاولة كني كما يلي : تصوير مجموع عملية تجديد الانتاج،واعتبار التداول مجرد شكل للعملية المذكورة والتداول النقدي مجرد لحظة في تداول رأس المال.وكذلك ادخال اصل الدخل والعلاقة بين الاستهلاك الانتاجي والاستهلاك النهائي في عملية تجديد الانتاج،بالاضافة الى ادخال التداول بين المنتجين والمستهلكين – اي بين رأس المال والدخل في الواقع – في تداول رأس المال،واخيرا تصوير التداول بين القطاعين الكبيرين للعمل المنتج – الانتاج الخام والمانفكتورة – كلحظات في عملية تجديد الانتاج.ان جمع كل هذا – في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في تلك المرحلة الطفولية من عمر الاقتصاد السياسي – في جدول يتألف من خمسة خطوط وست نقاط ابتداء او انتهاء،انما هو فكرة في غاية العبقرية من دون شك،لم يعرف الاقتصاد السياسي مثيلا لها قط )(18).
ت. النقد الماركسي للجدول الاقتصادي ان الحماسة التي يبديها ماركس في تعليقاته على الجدول الاقتصادي لم تحل دون وعيه الكامل للثغرات الخطيرة في الجدول المذكور،وخاصة لعدم ملاءمته لتحليل آليات اقتصاد رأسمالي متطور يستند لقاعدة صناعية.ويمكن تشخيص نوعين من الانتقادات الماركسية للجدول : انتقادات متعلقة بمنطقه الداخلي وانتقادات خارجية. فمن الانتقادات الداخلية،عدم كفاية تحليل كني لمبادلات (الطبقة العقيمة) وتعمده غض الطرف عن الرأسمال الساكن اي التسليفات الاولية حسب تعبيره Avances Primitives التي تضطر الطبقة المذكورة لانفاقها في عملية الانتاج والمبادلة لمجرد رغبته في الوصول للنتيجة المفروضة مسبقا وهي عدم انتاجية الطبقة المذكورة،على خلاف تحليله لمبادلات (الطبقة المنتجة)،مع عدم وجود اي فارق منطقي او واقعي بين الحالتين،الامر الذي يستتبع تفسيره (ربح) الطبقة العقيمة (اي ربح الصناعة) بالنظرية الماركنتيلية.اي باعتباره(ربح انتقال او تنازل) اي ناتج عن بيع للمنتوجات باعلى من قيمتها(19). اما الانتقادات الخارجية – وهي الاهم – فهي التي تتعلق بعجز الجدول عن التعبير عن الواقع الاقتصادي الرأسمالي وحركته الدينامية.ويمكن تلخيص هذه الانتقادات الخارجية في ثلاثة :- أ. لا يصف الجدول غير دورة اقتصادية سكونية(ستاتية) من دون استثمارات صافية او نمو في الانتاج،اي انه يتعلق بما يسميه ماركس ب (تجسيد الانتاج البسيط) فقط .وبالرغم من ان كني عالج مسألة النمو الرأسمالي في كتابات اخرى له،الا ان الجدول قاصر على تحليل فرضية مجتمع سكوني بلغ اعلى مراحل الثقافة(20) .وبالنظر لأن التراكم هو جوهر النظام الرأسمالي فان هذه الثغرة في الجدول ذات اهمية خاصة. ب. ويترتب على الثغرة السابقة عدم ملائمة الجدول لتحليل مجتمع رأسمالي صناعي.والواقع ان الجدول – من الوجهة التاريخية – يعبر عن واقع فرنسا الاقتصادي،او بعبارة ادق واقع بعض المقاطعات الفرنسية،في النصف الاول من القرن الثامن عشر،وقد اشار ماركس صراحة الى هذا الاساس التاريخي للجدول الاقتصادي في بعض كتاباته(21).على ان المهم هو ليس بناء الجدول على الواقع الزراعي بدل الصناعي ،بل ان العيب الاهم هو استناده في مفاهيمه الى نوع من التوفيق الآيديولوجي بين مفاهيم نمطين متناقضين من الانتاج هما النمط الاقطاعي والنمط الرأسمالي،في تلك المرحلة الانتقالية.وكما يقول ماركس(يبدو،في هذا التصور،الملاك العقاري وكأنه الرأسمالي الحقيقي الذي يستحوذ على فائض العمل.وهذا يظهر تفسير واعادة صياغة النظام الاقطاعي ضمن ظواهر الانتاج البورجوازي.كذلك تبدو الزراعة وكأنها النظام الوحيد الذي يتحقق فيه الانتاج الرأسمالي،اي انتاج فائض القيمة.ان الاقطاع يتبرجز والبورجوازية تكتسب سيماء الاقطاع) (22). ان هذا المفهوم التوفيقي للجدول الاقتصادي يحمل الدكتور كني،بشكل متناقض،على الدعوة لضريبة مفردة على الناتج الصافي والى حرية تداول الحبوب،والمنافسة الحرة في القطاع الصناعي،اي الدعوة بالضبط للاجراءات التي توفر الشروط الضرورية للتراكم البدائي لرأس المال،وبالتالي لتوسيع نطاق الرأسمالية الصناعية. ج. على ان اهم انتقاد خارجي يوجهه ماركس للجدول الاقتصادي هو افتقاره الى نظرية عامة في القيمة،يمكن الاستناد اليها،لتفسير كيفية تمكين مبادلة السلع،في شروط اجتماعية محددة،السماح بتوزيع العمل الاجتماعي الكلي المتوفر في المجتمع. وللاسباب المذكورة جميعا لا يكتفي ماركس بادخل تعديلات جزئية في جدول كني، بل يقوم بعملية اعادة بناء كاملة،جديدة تماما تستجيب لعلاقات الانتاج الاجتماعية للرأسمالية وتترجم تداول رأس المال والانتاج الاجتماعي.
ثانيا : اعادة انشاء ماركس لمخططات التداول وتجديد الانتاج ان مخططات او جداول التداول وتجديد الانتاج التي يعيد ماركس بناءها في الكتاب الثاني من( رأس المال ) – انطلاقا من نقده الجذري للجدول الاقتصادي للدكتور كني – تستهدف كسر الاطار الزراعي الذي يؤطر الجدول المذكور،واستبدال الملاك العقاري بالرأسمالي الذي يستثمر رأسماله في جميع قطاعات الانتاج،وبذلك يعيد لتداول رأس المال بوجهيه العيني والنقدي كل الاهمية التي يحتلها في واقع النظام الرأسمالي،وبهذا يعود من الممكن الخروج من الاطار السكوني Static،لانشاء مخطط لتداول الناتج الاجتماعي في اطار الاستثمار الصافي Net وتجديد الانتاج الموسع. لا نريد هنا اعادة استعراض وتحليل هذه المخططات الماركسية الشهيرة،لأن هذه الدراسة،كما اشرنا سابقا،تفترض المام القارئ بها(23).ولكن لابد من الاشارة،على سبيل التذكير،الى ان ماركس في دراسته لتداول القيم الاقتصادية في النظام الرأسمالي،يرسم مخططين متكاملين:الاول،مخططا لـ (تداول رأس المال) يشرحه في القسم الاول من الكتاب الثاني لرأس المال تحت عنوان(تحولات رأس المال ودورته) Die Meta Morphosen des Kapitals and Ihr Kreislauf يستهدف منه التمييز بين الاشكال الثلاثة لتحولات رأس المال ودوراته الثلاث:دورة(الرأسمال النقدي)Geldkapital ودورة(الرأسمال السلعي) Warenkapital ودورة(الرأسمال المنتج) Produktives Kapital وذلك لتحديد(المكان) الذي يولد فيه بالضبط فائض القيمة،وهو الدورة الاخيرة وحدها،اي المرحلة التي يجمد فيها الرأسمال النقدي في عملية الانتاج،حيث تولد هنا،وهنا فقط ،القيمة المضافة باعتبار ان المراحل الاخرى لتحول رأس المال هي مجرد تحول شكلي لقيم(متساوية)،من الشكل النقدي الى الشكل السلعي او العكس.اما المخطط الثاني الذي يرسمه ماركس فهو المخطط الحركي Dynamic الذي يوضح دينامية النظام الرأسمالي خلال دراسته تداول الناتج الاجتماعي ومكوناته المختلفة في اطار رأس المال.ويسمي ماركس هذا المخطط (تجديد انتاج وتداول الرأسمال الاجتماعي الكلي)،وهو المعروف في الادب الاقتصادي عادة ب (مخطط تجديد الانتاج).لقد كتبت آلاف الصفحات حول هذه المخططات الدينامية لماركس،وقورنت بجميع النماذج Models السكونية والحركية،القديمة منها والحديثة(24).الا ان جوهر النموذج الماركسي يكمن في المقولة التالي: من اجل الاستمرار في النمو الاقتصادي المتوازن في النظام الرأسمالي،يجب ان يكون الاستثمار الصافي في وسائل الانتاج في القطاع الثاني(اي قطاع وسائل الاستهلاك)،من مرحلة زمنية لأخرى،مساويا لحجم الاستثمار الصافي في قوة العمل الاضافية في القطاع الاول(اي قطاع وسائل الانتاج)خلال نفس الفترة الزمنية،ولزيادة الاستهلاك من قبل الرأسماليين في القطاع الاول بالنسبة لاستهلاكهم في الفترة الزمنية السابقة مباشرة.ان مجرد عرض هذه المقولة يكفي لبيان صعوبة تحقق شروط التوازن الدينامي في النظام الرأسمالي،بالنظر لتبعثر مراكز اتخاذ القرارات الاقتصادية وبالنظر للمنافسة الرأسمالية حتى في اشكالها الاحتكارية الحديثة،وبالنظر لعوامل التجديدات (25) واساليب انتشارها في اطار الرأسمالية.والواقع ان ماركس استهدف صراحة،من مخططه الدينامي المذكور،وضع الاساس العلمي لتحليل معمق للتقلبات الاقتصادية الدورية،وهو الهدف الذي لم تمهله الحياة لانجازه مع الاسف.ان وجه الشبه بين صيغة ماركس لتجديد الانتاج وصيغة الجدول الاقتصادي لكني واضح للعيان:فكلاهما يرى ان نسب المبادلات بين الاقطاب الكبرى للنشاط الاقتصادي هي التي تحدد وتائر التطور،الا انه بينما نرى الدكتور كني لا يعني ادخال بعض العناصر الدينامية في جدوله الا على سبيل الشرح ومن الخارج،يقوم ماركس مباشرة ب (دينمة)مخططه من الداخل – اي تحويله الى موديل دينامي.ومن نتائج هذا الفرق الجوهري بين النموذجين،عدم تصور كني للاختلالات الاقتصادية الا من خلال الاخطاء في السياسة المالية الحكومية او اخطاء الملاك العقاريين..الخ. بينما يؤكد ماركس،من خلال دراسته لشروط التوازن المعقدة والهشة في النظام الرأسمالي على الطابع الحتمي والدوري للاختلالات في عملية تجديد الانتاج الموسع،وعلى ان (الازمة) ما هي الا (الفدية) الضرورية لتناقضات نمط الانتاج الرأسمالي.وهكذا نرى ان مخططي ماركس المتكاملين،مخطط التداول ومخطط تجديد الانتاج،ينجحان اولا في اثبات (وجود) فائض القيمة،وينجحان ثانيا في تحديد (موقع) ظهور الفائض المذكور،وهو عملية الانتاج.ان المشاريع الرأسمالية في كلا القطاعين الانتاجيين لا تباشران انتاج (المنتوج) فحسب،بل (فائض المنتوج) ايضا.ولكن من اين ينشأ هذا (الناتج الصافي) او (الهبة المجانية)بلغة الدكتور كني؟ تلك هي النقطة الجوهرية التي يختلف فيها ماركس عن مؤسس المذهب الفيزيوقراطي بصورة كاملة.
ثالثا : منشأ فائض المنتوج وقانون القيمة يتفق ماركس مع كني في ان جداول او مخططات التداول ليست مجرد جداول (حسابية) تتضمن التناسق الشكلي للمبادلات النقدية،كما انها ايضا ليست مجرد جداول (ترابط عام) Inter Dependence توضح اعتمادا القرارات والفعاليات الاقتصادية بعضها على البعض الآخر وتحديد بعضها للبعض الآخر على قدم المساواة(على منوال نماذج فالراس وهارود ودومار وليونتيف مثلا)كما توهم بعض الشراح(26).ان مخططات كني وماركس هي نماذج(نشوئية)،اي انها تفسر نشوء وتوالد وتعاقب الظواهر الاقتصادية في الانتاج والتداول،مؤكدة على الدور المسيطر لعملية الانتاج.ان هذا الدور المسيطر يعود في نظر ماركس وكني الى ظاهرتين بديهيتين:الاولى ان القيم(المتداولة) والموزعة على الطبقات الاجتماعية يجب ان (تنتج) اولا،وان هذه القيم موضوع التداول والتوزيع هي ما يسميه ماركس (الناتج الاجتماعي) وما يسميه كني (الثروة) Richesse. والظاهرة الثانية:هي ان شروط هذا التداول تتقرر جوهريا بالشروط الاجتماعية للانتاج،وهذا ما يفسر استحواذ الطبقة المسيطرة في المجتمع على فائض المنتوج من دون مقابل،ويوضح دورها الاستراتيجي في متابعة عملية الانتاج.من هنا كافح كني وماركس على السواء ضد النظريات التي تنسب كل شئ الى التداول :كافح كني ضد الافكار الماركنتيلية وكافح ماركس ضد مفاهيم الاقتصاد السطحي(الفج) الذي ساد لدى جان بابتست ساي وبعض خلفاء ريكاردو.على انه ومع اقتراب كني وماركس في كيفية طرح المشكلة،الا ان حلول ماركس لها تختلف جذريا عن حلول كني:انها حلول اكثر عمومية وذات منطق داخلي مختلف تماما.ان رؤية كني للثروة تستند الى عنصرين :الاول اعتبار الثروة منتجات للعمل البشري،والثاني اعتبار المنتجات المذكورة منتجات سوقية لها اثمان،اي (سلعا) Waren بالمعنى الماركسي.الا ان كني يقف عند هذا الحد،ولا يتابع تحليله للعوامل التي تحدد،ومن وراء تقلبات العرض والطلب،مستوى سعر التوازن،او (السعر الجيد) Bon Prix حسب تعبير كني،ذلك لانه يفتقر لنظرية عامة في القيمة،وهذا هو السبب المنطقي لنوعية الحل الذي يعطيه لمشكلة خلق فائض المنتوج.لا نريد في هذه المناسبة اعادة البحث في نظرية القيمة الماركسية (27)،ووظائفها في تحليل آليات النظام الاقتصادي،ودورها في تعليل منشأ فائض القيمة في النظام الرأسمالي.ولكن لابد من التأكيد على ان النظرية المذكورة تستهدف في البناء الماركسي،اولا ايضاح ان قيم المبادلة في نظام الانتاج السلعي(الصغير والرأسمالي)تتحدد حسب(نفقة الانتاج الاجتماعي الوسطية)لكل سلعة،بالشكل الذي تتوزع فيه قوى الانتاج المتوفرة في المجتمع على قطاعات الانتاج المختلفة،بالنسب التي يقتضيها مستوى التكنيك وتركيب الطلب.وما تعبير(قيم التبادل) Tauschwert بالمعنى الماركسي الا الشكل العيني الخاص(في نظام الانتاج السلعي،اي نظام التبادل الخاص لمنتجات العمل الفردية)لكيفية توزع قوى الانتاج المتوفرة في المجتمع على مجموع القطاعات الانتاجية،كما اوضح ماركس ذلك في رسالته الشهيرة لكوغلمان (28) Kugelmann.وكذلك لابد من الاشارة الى ان نظرية القيمة الماركسية لابد ان تعبر عن كمية قوى الانتاج المتوفرة،الواجب توزيعها على القطاعات الانتاجية لضمان استمرار عملية تجديد الانتاج بمعيار عام مشترك،وبما ان المعيار النقدي لا يمكن الاعتماد عليه هنا،لأنه يفترض علائق سعرية متغيرة،فقد استمد ماركس المعيار المطلوب من واقع عملية الانتاج،اي من العمل البشري الذي لا يمكن الاستغناء عنه،بشكل مباشر او غير مباشر،في اية عملية انتاجية،او في استخدام اي قوة من قوى الانتاج.والعمل المقصود هنا هو العمل (المجرد) Abstrart اي العمل المحدد بابعاده الاجتماعية الوسطية.واخيرا فان نظرية القيمة العامة تنطبق على قيمة (قوة العمل)،بعد ان تتحول هذه الى سلعة في نمط الانتاج الرأسمالي.وبما ان السلعة المذكورة تتميز بقدرتها على انتاجية صافية ايجابية،اي قدرتها على خلق مقدار من القيمة اكبر من القيمة التي تستهلكها بشكل مواد المعيشة،لابد من ظهور فائض المنتوج،او قيمته المعبر عنها بفائض القيمة.وبما ان الشروط الاجتماعية للانتاج الرأسمالي تمكن الرأسماليين من السيطرة في ميداني الانتاج والتداول،وتحررهم من اي التزام تجاه الطبقة العاملة بعد دفع الاجور،فهي التي تمكنهم من الاستحواذ على فائض القيمة من دون مقابل.وهكذا فان ماركس،بنظريته العامة في القيمة،يعمم النظرية الفيزيوقراطية(للناتج الصافي)بعد ان يحررها من اغلالها الخاصة التي تربطها بقطاع معين واحد هو القطاع الزراعي.ان (الهبة المجانية) التي يتكلم عنها كني لا تعود بعد الآن هبة من الطبيعة،بل ضريبة على طبقة اجتماعية معينة ترغم على دفعها بحكم تنظيم الانتاج نفسه.لقد عزا الفيزيوقراط خلق (الناتج الصافي)،بصورة منطقية،الى الزراعة لافتقارهم لنظرية عامة في القيمة تأخذ بالحسبان الشروط الاجتماعية للانتاج.واذا كان الناتج الصافي لا يعود للعمل الاضافي Mehrarbeit فلمن يعود ان لم يكن للطبيعة؟ لقد اكد ماركس مرارا وتكرارا على هذه الصلة بين الطابع الخاص لنظرية القيمة الفيزيوقراطية ونظريتهم الزراعية للناتج الصافي.ففي مخطوطة عام 1844 (الاقتصاد السياسي والفلسفة) عبر ماركس عن فكرة الفيزيوقراط بالشكل التالي:(لا تعود الارض للانسان الا عن طريق العمل،عن طريق الزراعة..الا ان العمل لم يؤخذ بعد بعموميته وطابعه التجريدي،بل هو لا يزال مربوطا – كعادة العمل – بعنصر من عناصر الطبيعة،ولهذا فلم يتم،بعد،الاعتراف به الا في نمط خاص للوجود تحدده الطبيعة)(29). وبعد عشرين عاما تقريبا في (نظريات حول فائض القيمة)وضع ماركس يده على حدود النظرية الفيزيوقراطية،كما تدل على ذلك عبارته التالية(لقد حول الفيزيوقراط الابحاث حول مصدر فائض القيمة من ميدان التداول الى ميدان الانتاج المباشر،وهكذا فانهم وضعوا اسس تحليل الانتاج الرأسمالي،لقد اقاموا بحق المبدأ الاساسي القائل بان العمل المنتج الوحيد هو العمل الذي يخلق فائض القيمة والذي تتضمن منتجاته قيما اعلى من مجموع القيم المستهلكة في انتاج تلك المنتجات.ولا يظهر فائض القيمة لدى الفيزيوقراط في شكل العمل الاضافي،لانهم لم يرجعوا القيمة لجوهرها البسيط،اي كمية او وقت العمل.انهم لا يزالون تحت تأثير مفهومهم العام لطبيعة القيمة.ان القيمة لديهم ليست التعبير الاجتماعي المحدد للنشاط الانساني،بل هي لا تزال تتضمن(مادة)العمل.ولا تزال تتابع جميع تحولات تلك المادة.ففي الزراعة يمكن ان نرى بصورة مباشرة زيادة قيم الاستعمال المنتجة على قيم الاستعمال المستهلكة من قبل العامل،ولذلك فلم ير الفيزيوقراط حاجة،لفهم الظاهرة،لتحليل القيمة بصورة عامة ولادراك طبيعة القيمة)(30).وبالطبع لا يمكن نسبة نقاط الضعف في النظرية الفيزيوقراطية الى اخطاء ذاتية،بل هي تعود بالدرجة الاولى الى الشروط التاريخية للعصر .وقد كان ماركس اكثر الناس وعيا بهذه الحقيقة عندما اشار منذ 1844 الى(ان الفيزيوقراطية هي الانحلال المباشر في الاقتصاد السياسي للملكية الاقطاعية،وهي لنفس السبب،التحويل المباشر للملكية المذكورة،في الاقتصاد المذكور،اي اعادة بنائها،ولكن هذه المرة،ليس باللغة الاقطاعية بل باللغة الاقتصادية)(31).او بعبارة اخرى ان النظام الفيزيوقراطي هو مصالحة (او توفيق) نظري بين البنى الاقطاعية المنحلة وتطلعات الرأسمالية الناشئة،بخلاف بعض الاقتصاديين السطحيين المعاصرين الذين رأوا في المدرسة الفيزيوقراطية دفاعا وحيد الجانب عن النظام الاقطاعي(32) او دفاعا عن الفلاحين المضطهدين من قبل الاقطاع (33). والخلاصة ان ماركس لم تصدمه تناقضات المذهب الفيزيوقراطي،بل دأب كعادته على التمييز بصورة جدلية بين الجوهري والعرضي في المذاهب التي سبقته،وقد استطاع بنجاح استخلاص ما هو حي او قابل للنمو في (جدول) كني وضمنه نظامه التفسيري والتغييري الخاص،الاعلى مستوى والاقدر على طرح وحل مشاكل النظام الاقتصادي الجديد.
رابعا : بعض التفسيرات الاكاديمية المعاصرة للعلاقة بين ماركس والفيزيوقراطية كان بودنا لو توسعنا في هذا الموضوع الذي يستحق دراسة مستقلة،ولكننا آثرنا تأجيل ذلك لفرصة اخرى،مكتفين بالاشارة الى رأى استاذين اكاديميين هما شومبيتر وبلوغ. يرى الاستاذ شومبيتر ان العلاقة وثيقة بين مفهوم الفيزيوقراط (الناتج الصافي) ومفهوم ماركس (لفائض القيمة) فكلاهما يؤكد على انتاجية عامل واحد من عاملي الانتاج الاصليين(الطبيعة والعمل) ويستثني جميع العوامل الاخرى،او بكلمة اخرى،كلاهما يجرد (رأس المال) من قدرته على انتاج فائض القيمة.الا ان شومبيتر يؤكد على الفرق الاساسي بينهما في النظرة الى الانتاجية:ان انتاجية العمل في نظر ماركس هي منذ البداية انتاجية (قيمية) بينما انتاجية الارض في نظر كني هي انتاجية (مادية) Phisical اي عينية.وبينما حاول ماركس اشتقاق فائض القيمة،استنادا الى القانون العام للقيمة،من آلية الاسواق التنافسية،لم يحاول كني قط اي محاولة مشابهة.لقد اكتفى بالافتراض بأن الانتاجية المادية تتضمن الانتاجية القيمية من دون محاولة تقديم الدليل على ذلك.كذلك يرى شومبيتر ان ماركس استوحى (الجدول الاقتصادي) في وضعه لمخططات التداول وتجديد الانتاج.وانه اكثر الاقتصاديين في عصرنا تأثرا وتقديرا واستيحاء لعمل الدكتور كني (34). ان لنا بعض التحفظات على هذا الفرق الذي يؤكده شومبيتر بين النظريتين الفيزيوقراطية والماركسية للانتاجية.الواقع ان المذهب الفيزيوقراطي حول الانتاجية الاستثنائية للزراعة يتضمن عنصرين :الاول،ان الزراعة وحدها (منتجة)،والثاني،ان الصناعة عقيمة.وبالنسبة لانتاجية الزراعة،بالمعنى المادي الذي يؤكده شومبيتر،ليس هناك اي جديد في المذهب الفيزيوقراطي.فمنذ اكتشاف الزراعة لاحظ الانسان زيادة الانتاج الزراعي (بالمعنى الفيزيقي) على نفقات الانتاج (بنفس المعنى)،بدليل اعاشة الزراعة لفئات اجتماعية اخرى غير فئات المزارعين(35).ولهذا فقد عنى الفيزيوقراط بالدرجة الاولى بالتأكيد على انتاجية الزراعة ليس بهذا المعنى العيني القديم جدا،بل بالمعنى القيمي In Value Terms – وهذا ما لا يشير اليه شومبيتر.وقد وجدوا الدليل على دعواهم بمجرد ظاهرة (الريع).وقد استخدم الفيزيوقراط هذا المفهوم القيمي لانتاجية الزراعة لتأييد سياستهم الزراعية القاضية بالغاء جميع الاجراءات الحكومية المقيدة لتحويل الفائض المادي للانتاج الزراعي الى فائض قيمي يتجسد في اسعار عالية مناسبة تزيد من انتاجية الارض.هذا بالنسبة للعنصر الاول (الزراعي).اما بالنسبة للعنصر الثاني الخاص بعقم الصناعة،فان الفيزيوقراط دائما نظروا الى انتاجية الصناعة من الوجهة القيمية وليس من الوجهة المادية،بمعنى ان الصناعة غير قادرة في نظرهم على انتاج (قيمة) تزيد على (النفقة) الضرورية للانتاج.ولاشك ان هذا الرأي الذي يتعارض تماما مع خبرتنا عن الصناعة الحديثة اليوم،يمكن ان يفهم في ضوء طبيعة الصناعة الحرفية ذات الطابع الاقطاعي والبورجوازي الصغير التي كانت لاتزال سائدة في فرنسا وكل اوربا في منتصف القرن الثامن عشر،كما يؤكد ذلك ثقات المؤرخين الاقتصاديين (36).ان هذه التحفظات التي نبديها حول آراء شومبيتر لا تقلل من تأكيداته،بل توضحها وتعطيها مضامين اكثر دقة وتحديدا(37). اما الاستاذ بلوغ فيلاحظ بأن (الجدول الاقتصادي) حين نشره عام 1758 اعتبر اعظم انجاز للمدرسة الفيزيوقراطية،وقد اشار اليه آدم سميث دون ان يفسره،ثم نسي في الادب الاقتصادي الى ان اعاد اكتشافه ماركس في منتصف القرن الماضي. ويرى بلوغ بحق ان (النتائج التي يرتبها كني على الجدول لا يمكن استنتاجها منطقيا منه،بل على العكس فان الجدول مبني على التسليمم المسبق بالنتائج المذكورة).ان الجدول يفشل مثلا في اثبات ان الارض تنتج القيمة او انها – دون الصناعة – تنتج الناتج الصافي.ان جميع ملاحظات الاستاذ بلوغ هذه صحيحة،وقد اشرنا الى ان عجز الجدول عن تفسير منشأ الفائض يعود لافتقار واضعه لنظرية عامة في القيمة(38). الخلاصة ان ماركس في تقييمه للجدول الاقتصادي كني طبق منهجه (الجدلي) (39) المعروف،فاستخلص (جوهره) الحي واعطاه ابعادا جديدة وجعله عنصرا اساسيا في مفهومه العام الاقتصادي والاجتماعي.مبرهنا بذلك،ليس فقط على احترامه لعمل الفيزيوقراط،بل على انتسابه الفكري – بمعنى من المعاني – لهم،بالرغم مما يبدو في هذا من غرابة لاول وهلة.
الهوامش
1. انطلقنا في هذه الدراسة في الافكار الاساسية الواردة في مقالة الاستاذ بينار المنشورة في الكتاب الجماعي الصادرة بالفرنسية بعنوان( فرانسوا كني والفيزيوقراطية)،باريس،1958. Benard – Francois Quesnay et la phisiocratie,paris,1958. 2. (الجدول الاقتصادي)الذي نشره الدكتور كني عام 1958 هو اول محاولة جدية في تاريخ الفكر الاقتصادي لتحليل تداول رأس المال الاجتماعي والدخل القومي من وجهة النظر الكلية(الماكروايكونومية)،وهو يستهدف – كما هو معروف – تصوير كيفية تداول الناتج الكلي السنوي لبلد ما(فرنسا في حينه) بين الطبقات الاجتماعية الثلاث،والسماح على هذه الصورة بتجديد الانتاج.اما الطبقات المذكورة فهي اولا الطبقة(المنتجة) Productive اي الفعالة في الزراعة،وتشمل المستثمرين والعمال والزراعيين.وقد اعتبرت منتجة لان عملها ينتج فائضا بشكل ريع.وثانيا الطبقة التي تستحوذ على الريع المذكور من دون مقابل،وتشمل ملاك الارض وحاشيتهم،بما في ذلك الامراء وموظفي الدولة والكنيسة..الخ.وثالثا الطبقة العقيمةSterile اي غير المنتجة للفائض،لانها لا تضيف الى المواد الاولية التي تجهزها بها الطبقة المنتجة الا نفس مقدار القيمة التي تستهلكها في المواد الغذائية التي تتزود بها من نفس الطبقة المذكورة.من هنا يتضح بأن الطبقة العقيمة لا تعني في نظر الفيزوقراط الطبقة غير المنتجة للقيم،كما توهم آدم سميث مثلا،بل الطبقة التي لا تنتج(اضافة صافية للدخل)على حد تعبير الاستاذ بلوغ(راجع كتابه عن النظرية الاقتصادية،1962،ص 25 بالانكليزية).ومن الجدير بالملاحظة ان آدم سميث الذي شوه المفهوم الفيزيوقراطي،عجز عن الرد عليهم،بل ردد حججهم ووقع في نفس اخطائهم.يقول سميث(الصناعة منتجة لأن مدخولاتها كافية لدفع الاجور وتعويض الرأسمال المندثر،ولكن الزراعة اكثر انتاجية لأنها تدر ريعا يزيد على الاجور والاندثار).اليس هذا هو جوهر الخطأ الفيزيوقراطي؟على ان(الجدول الاقتصادي)مبنى في الواقع على الفروض التالية،كما لاحظ بحق ماركس:أ – الاسعار وفرضية تجديد الانتاج البسيط ب – اخراج التبادلات الداخلية بين افراد نفس الطبقة الاجتماعية من الحساب والاقتصار فقط على حسبان التبادلات الخارجية،اي التي تتم بين طبقة وطبقة اخرى ج – افتراض تجمع جميع المبادلات الفردية بين الطبقات في مجموع كلي واحد .د- ادخال الصناعة المنزلية التي تمارسها العائلات الفلاحية وهي التي كانت تمثل الجزء الاكبر من الصناعة الفرنسية حينذاك ضمن القطاع الزراعي(راجع:الرد على دورنغ،الترجمة الانكليزية،ص 272). 3. راجع الترجمة الانكليزية لمارتين كليغان – (عن الترجمة الروسية الصادرة في موسكو)،1965،ص 93- 98 بعنوان: Economic and Philosophic Manu-script-s of 1844. هذا ويعتبر ماركس ان المدرسة الفيزيوقراطية هي مرحلة انتقالية بين الماركنتيلية وآدم سميث(ص 93 من نفس المرجع). 4. راجع الاصل الالماني،الفصل الثاني بعنوان(الفيزيوقراط)والفصل السادس بعنوان(الجدول الاقتصادي)،والملاحق رقم 8-11 من طبعة ديتز،برلين،1965. Marx- Theorien Uber den Mehrwert,Erster Teil,1965. 5. راجع النص الالماني لهذه الرسالة مع رسائل اخرى متبادلة بين ماركس وانكلز وآدلر ودانيلس حول الكتاب الثاني من(رأس المال) في ملاحق الكتاب المذكور،الاصل الالماني،طبعة ديتز،برلين،1958. Marx – Das Kapital,Buch II,1958. 6. راجع النسخة الانكليزية المترجمة من قبل اميل بيرنز،طبعة 1943،ص 268-277 حيث سخر ماركس من انتقادات دورنغ للجدول الاقتصادي على اساس انه يخلط بين التداول العيني والتداول النقدي Engels – Anti-Duhring,Lawrence and Wishart,1943. 7. راجع(نظريات حول فائض القيمة)،المرجع المذكور،الاصل الالماني،ص 10- على ان الترجمة الفرنسية(طبعة الايديسيون سوسيال،الجزء الاول،ص 41)تترجم كلمة(الآباء) Vartern بكلمة (الخالقين) Createurs وهي ترجمة غير دقيقة. 8. راجع الفصل السادس من(رأس المال)الاصل الالماني،الكتاب الاول،طبعة ديتز،برلين،1959،ص 207- 220. 9. راجع حول هذا المفهوم تعليقنا في مجلة(الاقتصادي)بعنوان(حول نظرية القيمة الماركسية)عدد حزيران 1970. 10. راجع رسما لجدول ماركس الملحق برسالة انكلز في الصفحة 537 من(رأس المال،الكتاب الثاني،طبعة ديتز الالمانية)ورسما للجدولين معا(جدول ماركس وجدول كني)في الصفحة 109 من المؤلف الجماعي(فرانسوا كني والفيزيوقراطية)المشار اليه سابقا. 11. يخصص ماركس فقرة خاصة في الجزء الاول من(نظريات)ص 15،المرجع المذكور،لايضاح التناقض في النظام الفيزيوقراطي بين ما يسميه(الجوهر) الرأسمالي للنظام Wesen و(الغلاف) الاقطاعي Hulle . 12. بينار،المرجع المذكور،ص 111. 13. نفس المرجع،نفس الصفحة. 14. راجع الفصل العاشر من(رأس المال،الكتاب الثاني،الاصل الالماني)بعنوان(نظريات حول الرأسمال الساكن والرأسمال الدائن لدى الفيزيوقراط وآدم سميث). 15. انظر الرسم البياني للشبكتين السلعية والنقدية على الصفحة 113 من كتاب(فرانسوا كني والفيزيوقراطية)،المرجع السابق بالفرنسية. 16. بينار،المرجع المذكور،ص 114،الذي يشير الى ان الفضل في اثارة هذه النقطة يعود للاستاذ جان مولينيه في اطروحته المعنونة(ثلاث مراحل في نظرية الدخل القومي)باريس،1956،بالفرنسية Molinier – Trios Etapes …, 1956 . 17. راجع مختصر كني(عناصر الفلسفة الريفية)طبعة دير،1846،ص 36 و 59،بالفرنسية. Quenay – Elements de Philosophie Rurale,Daire,1846. 18. وردت هذه العبارة في الفقرة السادسة من الفصل السادس من( نظريات ...) بعنوان(اهمية الجدول الاقتصادي في تاريخ الاقتصاد السياسي)ص 306 من الطبعة الالمانية المشار اليها اعلاه.ومن المؤسف ان الترجمة الفرنسية لهذه العبارة،الواردة في(تاريخ المذاهب الاقتصادية،طبعة الايدسيون سوسيال،الجزء الاول،ص 114- 115)جاءت مشحونة بالاخطاء. 19. نفس المرجع،آخر الفقرة الخامسة من الفصل السادس،والعبارة المستعملة ل (ربح التنازل) هي Profit der Entausserung 20. راجع كني (الملاحظة الثالثة على الجدول الاقتصادي)،ص 803.بالفرنسية Quenay – 3 Observations sur le Table au Economique 21. راجع(الرد على دورنغ،الترجمة الانكليزية،ص 271-272 حيث يصف ماركس الوضع الاقتصادي في فرنسا في زمن كني ويركز على الطابع الرأسمالي للزراعة الكبيرة في بعض الاقاليم الفرنسية،وعلى حقيقة ان الصناعة المنزلية كانت تكون جزءا من الزراعة المذكورة،ويمكن اضافة ان الجدول كان متأثرا قطعا بالثورة الزراعية في انكلترا،ومعبرا عن رغبة البورجوازية الزراعية والعناصر المستنيرة للاقطاع اجراء اصلاح زراعي معتدل وعقلنة نظام الضرائب، بغية تجنب الانفجار الثوري. 22. راجع الصفحات 15- 16 من(نظريات..)،المرجع المذكور،بالالمانية. 23. تراجع بالاضافة الى (رأس المال،الكتاب الثاني)دراسة الاستاذ بينار الواضحة لهذه المخططات مع تطويرها في ضوء التقدم العلمي المعاصر في ادوات التحليل الاقتصادي)وذلك في كتابه القيم(التصور الماركسي لرأس المال،باريس،1962،ص 33- 54،بالفرنسية)وكذلك الدراسة القيمة للاستاذ البريطاني رونالد ميك بعنوان(مشاكل الجدول الاقتصادي)الواردة في كتابه الرائع(اقتصاديات المدرسة الفيزيوقراطية)1962،ص 265- 296،بالانكليزية. Benard – La Conception Marxiste du Capital,1962. Meer – The Economics of Phisiocracy,1962. 24. راجع على سبيل المثال مؤلفات سويزي (نظرية التطور الرأسمالي،1942،بالانكليزية)وسارتر(ازمات فيض الانتاج،1937،بالفرنسية)والسيدة موسيه(ماركس ومشكلة النمو في اقتصاد رأسمالي،1956 بالفرنسية)وميك(المرجع السابق)وبينار(المرجع السابق)،حيث تجد في هذه المراجع الماركسية مقارنات شاملة وممتعة بين الموديلات الماركسية وجميع الموديلات البورجوازية تقريبا. 25. راجع حول عامل (التجديدات)في عملية النمو الرأسمالية بالاضافة الى مؤلفات شمبيوتر المعروفة،مؤلف فرانسوا يرو(النظرية العامة للتقدم الاقتصادي)،1956 – 1957 بالفرنسية Perrou – La theorie Generale du Progress Econonique 26. مثلا الاستاذ الامريكي بلوغ (المرجع المذكور،ص 26) الذي يرى بأن الفكرة الاساسية في الجدول الاقتصادي الذي اعاد ماركس اكتشافه هي التأكيد على العلاقات المتبادلة بين قطاعات الاقتصاد الوطني الثلاثة،وعلى مفهوم الوضع السكوني للاقتصاد المغلق،باعتباره فيضا دوريا Circular Flow يعيد نفسه في كل دورة.والواقع ان من السمات الاساسية للجدول هو التأكيد على عدم المساواة في ادوار القطاعات والقرارات والاطراف والفعاليات الاقتصادية.وهذه الفكرة هي التي تابعها وعمقها وجعلها عنصرا في نموذجه الحركي.وهي نفس الفكرة التي اعارها شومبيتر كل اهتمامه في دراساته المشهورة لعملية التطور الرأسمالي،كما تابع دراستها وتحليلها فرانسوا بيرو في فرنسا في مفاهيمه المعروفة عن(السيطرة) و (اقطاب النمو) بالرغم من ان المضمون الماركسي لفكرة(عدم المساواة) يختلف جذريا عن المفاهيم البورجوازية الجديدة التي تعبر في الواقع عن علاقات(رأسمالية الدولة الاحتكارية). 27. راجع دراستنا في مجلة(الاقتصادي)،المشار اليها سابقا،عدد حزيران 1970. 28. راجع نص الرسالة المؤرخة في 11 تموز 1968 بين الرسائل الملحقة بالكتاب الاول من (رأس المال)،الطبعة الالمانية،ديتز،ص 837- 840،والفقرة الواردة في المتن تقع في اسفل الصفحة 838،وتكمن اهميتها في الربط بين مفهوم (قيمة التبادل) Tauchwert ونظام (التبادل الخاص) Privattausch على خلاف الآراء الجديدة في بعض البلدان الاشتراكية.كذلك راجع ربط انكلز بين مقولات الربح والريع والفائدة ورأس المال بنظام التملك الخاص،واختفاءها باختفائه،عكس بعض الماركسيين في الدول الاشتراكية(انكلز – خلاصة نقد الاقتصاد السياسي،1844،بالترجمة الانكليزية،في المخطوطات،المرجع السابق،ص 175-209). 29. راجع النسخة الفرنسية من المخطوطة،طبعة كوست(المؤلفات الفلسفية)لماركس،الجزء السادس،ص 15- 16 بالفرنسية،وتجد العبارة بالترجمة الانكليزية،المرجع السابع،ص 96. 30. تجد هذه الفقرات في مواضع متفرقة من الفقرة الثانية من الاصل الالماني(نظريات)،المرجع المذكور،ص 15-19. 31. راجع (المخطوطات الاقتصادية والفلسفية)،الترجمة الانكليزية،ص 95- 96. 32. من هذا الرأي ماكس بير(تحقيق في الفيزيوقراطية)،لندن،1939. Beer – Inquiry into Phisiocracy,1939. 33. من هذا الرأي الاقتصادي الالماني كارل كنيز(الاقتصاد السياسي من وجهة النظر التاريخية)،1883،ص 262 بالالمانية. Knies – Die Pollitische Okonomie vom Geschischtlichen Standpunkte. 34. شومبيتر (تاريخ التحليل الاقتصادي)،طبعة 1961،ص 238 – 239. Schumpeter – History of Economic Analysis,1961. 35. راجع جونز (مخلفات ادبية)،ص 552. Jones – Literary Remains 36. راجع هنري سي(فرنسا الاقتصادية والاجتماعية في القرن الثامن عشر،باريس،1939،ص 100-101،بالفرنسية). H. See – La France Economique et Sociale Au 18 Sciecle,1939. 37. راجع حول طبيعة نظرية الانتاجية الفيزيوقراطية الفصل القيم الذي كتبه الاستاذ ميك بعنوان(تفسير الفيزيوقراطية)في مؤلفه السابق عن اقتصاديات المدرسة – ص 364- 398. 38. راجع بلوغ – المرجع المذكور،ص 26. Blaug – Economic Theory in Retrospect . 39. راجع عن تطبيق (الجدل) في الاقتصاد الماركسي كتاب الاستاذ روزنتال(مشاكل الجدل في رأسمال ماركس) 1959،بالترجمة الفرنسية،خاصة الفصل الاول. Rosenthal – Les Problems de la Dialectique dans le Capital de Marx.
#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 18
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 17
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 16
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 15
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 14
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 13
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 12
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 11
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 10
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 9
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 8
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 7
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 6
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 5
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 4
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 3
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 2
-
عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 1
-
العلوم والتكنولوجيا في العراق
-
التهجير القسري في الادب السياسي العراقي الراهن
المزيد.....
-
محتجون في بنما يحرقون صور ترامب وعلم الولايات المتحدة (فيديو
...
-
الشيوعي العراقي يُحشّد لاحتجاجات الكهرباء ويطالب بحلول جذرية
...
-
بلاغ صادر عن الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية للحزب الشيوعي
...
-
هجوم ماغديبورغ.. حزب البديل يدعو لمسيرة حداد ومهاجمة سياسية
...
-
صوفيا ملك// لنبدأ بإعطاء القيمة والوزن للأفعال وليس للأقوال
...
-
الليبراليون في كندا يحددون خليفة لترودو في حال استقالته
-
الشيوعي العراقي: نحو تعزيز حركة السلم والتضامن
-
كلمة الرفيق جمال براجع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي ال
...
-
الفصائل الفلسطينية تخوض اشتباكات ضارية من مسافة صفر وسط مخيم
...
-
الجيش اللبناني: تسلمنا مواقع عسكرية من الفصائل الفلسطينية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|