حازم شحادة
كاتب سوري
الحوار المتمدن-العدد: 4603 - 2014 / 10 / 14 - 09:30
المحور:
الادب والفن
في أقصى الطرف الشمالي من قريتنا غابةٌ عظيمة يطلق عليها السكان اسم ( غابة الأشباح ) فقد سمع من كان يذهب إليها قبل زمن بعيد نداءات وأصوات مجهولة المصدر أدت مع مرور السنين إلى انقطاع الناس عن زيارتها نهائياً.
ذات صباح غائم ينذر بمطر غزير قررت أن أواجه هذا الخوف الجيني الذي توارثناه جيلاً بعد جيل فتوجهت إلى هناك لعلّي اكتشف السر الغامض لهذا الصوت.
لم ألحظ خلال الساعة الأولى من مسيري أي شيء لافت باستثناء بعض الحركشات التي تصدرها حيوانات الغابة بين أفرع الشجر والأعشاب البرية.
لا أخفي عليكم أن رهبة المكان وخلوه من أي أثر لكائن بشري أثارا الرعب في قلبي لكني كنت قد حزمت أمري فإما انا وإما هذه الأسطورة.
فجأة،، وكان المطر قد توقف عن الهطول سمعت صوتاً سحرياً لم أستطع تحديد ماهيته أو معنى ما يقول،، تلفت يساراً فإذ بكهف مستتر خلف دغل قريب.
من هنا يأتي الصوت لا محالة،، أمامي خياران،، الهرب أو دخول الكهف،، إلى أين ستهرب يا هذا! سيلاحقك الصوت بقية حياتك،، تقدم لعلك تعرف،،، ادخل الكهف،، قالت نفسي لي.
شيء من ضوء النهار كشف الطريق أمامي،، الصوت واضح لكني لم أجد أحدا،،، وحدها جدران الكهف تنز قطرات كأنها دموع بلوريه،،
في آخر الكهف حيث الصوت أقوى وأوضح رسم على الجدار،، يا رب،، أي فنان رسم هذه الأنثى،، لم أر في حياتي أجمل منها،، إنها تبكي وكأن هذه القطرات التي تسيل على جدران الكهف دموعها.
تسمرت مكاني مذهولاً بسحر ما أراه،، فجأة،، انشق جدار الكهف بوميض لم تستطع عيناي مقاومته وخرجت المرأة من الجدار،،
ركعت على ركبتي دون أن أنبس ببنت شفة وروحي تكاد تفارقني لكن شيئاً ما يبقيها..
مدت الأنثى يديها وقالت.. تعال.. أناديك منذ أعوام طويله،، أناديك حتى من قبل ان تلدك أمك،، تعال إلى قلبي وعانقني،،،
عانقتها،، ثم لم أعد أذكر شيئاً.
منذ رحلتي هذه توقف الصوت عن الصدور من الغابة،، أهل القرية عادوا يتنزهون فيها كما كان يحدث قبل زمن بعيد،،،
عندما يدخلون الكهف يقفون دائماً في ذهول امام روعة اللوحة المرسومة،،،
لوحة لرجل وامرأة متعانقين أبدعتها بإتقان يدٌ سحريةٌ لا يعرف أحد من هو صاحبها.
#حازم_شحادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟