مراد كافان علي
الحوار المتمدن-العدد: 4599 - 2014 / 10 / 10 - 15:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من هم الدواعش ... يا ناس ؟!
يقال قديماً : أهل قرية شاهدوا أمامهم الدب الذي كان ينهب خيراتهم وهو يتمتع بنومه في راحة بعد أن شبع , وقال أحدهم هذا أثر الدبي , كذلك حالنا نحن نشاهد الإرهابي الفتاك أمام أنظارنا ولكن نبحث عن أثره . كل المصادر تؤكد بلا تردد بأن الإرهابيين هم مجموعة من الضاليين ولكن جراء إهمالنا وترددنا في اجتثاثهم قد تحولوا إلى أسطورة خارج السيطرة , الآن تم تجنيد أكثر من أربعين دولة في العمل الجاد مع الصحافة والإعلام والقدرات العسكرية والأموال الباهظة لوأد هؤلاء الأشرار , و سوف تتم القضاء عليهم , ولكن ليس استئصالهم , لسبب بسيط إن هؤلاء لا يمكن القضاء عليهم بشكل نهائي إلا بالاستئصال التام ... ولأجل اجتثاثهم يجب البحث عن جذورهم وأبعادهم بدقة , وبعدئذٍٍ يسهل قنصهم واجتثاثهم , كلنا نكرهم ولكن يقيناً إحباطنا في إدارة شؤون الأوطان قد أدى إلى نشأتهم ثم تضخمهم , دعونا نسأل من هم هؤلاء التعساء الذين أصبحوا أشراراًً,وبلا منازع... هناك مجموعة من العوامل مهدت لولادتهم وانتشارهم وهي :
أولاً : غياب الديمقراطية الحقيقية في معظم دول العالم وبالذات دول الشرق الأوسط , وقد تجمعت الثروات الهائلة بأيدي فئات قليلة من المستبدين مع الحرمان التام لبقية شرائح المجتمع , لذلك ناس تتمتع بالخيرات وغيرهم لهم حسرات الجوع والموت مع عوائلهم و ليس أمامهم من منقذ إلا العنف المؤدي إلى الضياع مدى أعمارهم مع عوائلهم كأنهم ولدوا للمآسي .
ثانياً : معظم هؤلاء الضالين وبالذات أمرائهم من دول الحليج العربي , ثلاثة أرباع خيرات العالم تتمركز في منطقة الخليج , لذلك حكام الخليج تجندهم تحت مسمياتٍ متباينة كالدين والجهاد للتخلص منهم لئلا يصبحون منافسين لهم ويعكرون مضجعهم , ومن المستحسن تجنيدهم وإرسالهم إلى مختلف بقاع العالم للحفاظ على راحتهم ومكتسباتهم .
ثالثاً : النظم الاستبدادية التي تنخر الديمقراطية باسم الديمقراطية , وهذه ديدن نظم الخليج العربي , لأن الديمقراطية الصائبة تدك غنائمهم وهم الذين لا يملكون المؤهلات العلمية , لذلك سيصبحون ناس عاديين وعليهم العمل للعيش , وهذا لا ينسجم مع تربيتهم المتعثرة , وهكذا ليس أمامهم وسيلة غير التخلص من هؤلاء الرعاع لتوسيع وتضخيم منافعهم مهما تكون الوسائل .
رابعاً : تم تربية هؤلاء وتوجيهم إلى بعض الصفات العربية القديمة والهدامة مثل الفروسية والقتل والكر والفر وغيرها من الوشائج البالية ولكن هذه حياتهم وتربيتهم .
خامساً: الكثير من هؤلاء الدواعش تم تجنيدهم من مختلف الدول وخاصة الدول الأوربية, وإن تلك الدول ليس أمامهم غير العمل والمعيشة على أتعابهم , وبما أن هؤلاء لا يجيدون العمل الصالح , لذلك تحولوا إلى الفساد والإتكالية على غيرهم في المعيشة , وأصبحوا فريسة سهلة لالتقاطهم وتوجيهم إلى أتعس وأقذر المسالك في المجتمعات , لأنهم في تدهورهم وانحطاطهم لا يخسروا شيئاً لأنهم مفلسون في الحياة .
سادساً : هؤلاء الدواعش لا يفهمون الدين والمذاهب والقيم السامية , وبذلك حالهم حال لاعب القمار لا يهمه الخسارة لأنهم مفلسون , وإذا ربحوا فلهم العربدة والطيش , لذلك نرى إنهم يشوهون كافة القيم السامية والأعراف الاجتماعية لأن بعض الممارسات مثل السبي قد عفا عليها الزمن وأصبحت من الممارسات الضالة والمكروهة حتى بين المتخلفين في المجتمعات , لأنها هي من قيم البداوة المقبورة .
سابعاً : حصولهم على أموال طائلة من ثروات السلب والنهب والقتل والبطش والسبي وغيرها التي تناقض القيم الحضارية , جعلهم يفرحون كثيراً لأن هذه هي تربيتهم الخائبة ولا عتب عليهم لجهلهم .
ثامناً:- دعوات بعض رجال الدين لهم بالجهاد والدخول إلى الجنة , لذلك تصورهم المريض يجعلهم يسعدون بالمغامرة والتخلص من حياتهم البائسة والدخول إلى الجنة للتمتع بخيرات الجنة بلا تعب أو مشقة وهذه ديدنهم لأنهم رعاع وهمج .
كيف تتم بتر هذه الظاهرة الهدامة والوقحة ؟
بلا شك الجهد الدولي العظيم والضربات القاضية سوف تهدمهم وتحبطهم ولكن لاتبيدهم بشكل قاطع وسوف يظهرون ثانية بعد فترة قصيرة بأسماء أخر ولكن يجب اجتثاثهم مع تجفيف منابعهم , لذلك هذه الضربات
الموجعة تشبه علاج المسكن لمريضٍ بمرض عضال , ولكي تتم وضع النهاية لهم يجب أتباع ما يلي :-
أولاً :- تنمية وتعزيز الديمقراطية في بلدان الشرق الوسط وبالذات دول الخليج العربي لأنهم لا يفهمون الديمقراطية أو يتصورون الرعاع طبقة دنيا في المجتمع و ليس من مصلحتهم فهم واستيعاب هذه المصطلحات .
ثانياً:- زرع روح المحبة والتعاون بين سكان دول الشرق الأوسط لأن اغلبهم لا يجيدون غير مفاهيم البداوة والقبلية والكر والفر والسلب والنهب والقتل وغيرها من المفاهيم الهدامة .
ثالثاً :- تعزيز مفاهيم الإنسانية والتعاون والتكاتف للأجل الصالح العام مع نبذ العنف والقتل والبطش وغيرها من الصفات التي كانت تستخدم في عهد الجاهلية .
رابعاً :- تجفيف منابع تمويلهم لأن معظم دول الخليج تمولهم لأسبابٍ متباينة لدفعهم خارج مناطقهم والتخلص من شرهم , ولتعزيز عمليات السلب والنهب لثروات بلدانهم مع إبعاد الديمقراطية من مناطقهم حتى يستمرون في التمتع بالثروات بلا منافس أي تصدير مشاكلهم إلى بلدان أخر.
خامساً:- القضاء أو تخفيف استغلال حكام الخليج لمواطنيهم بأساليب متنوعة , وإيجاد وسائل ناجحة لتوزيع الثروات لكي تتم بتر الفقر والتخلف والحرمان في تلك المجتمعات .
سادسا:- محاسبة الدول والأقطار التي تزرع شبكات العنف والبطش في البلدان الأخرى , وغايتهم هي خلق الأزمات في مختلف البلدان لكي يمددوا تمتعهم بسلطاتهم بلا منازع وخاصة دول مثل السعودية وقطر وتركيا والكويت لأنهم هم منابع العنف والتطرف .
سابعاً:- زرع مفاهيم العمل الصالح بين كافة مواطني العالم لأن عند ظهور التطرف والعنف في الشرق الوسط سوف تمتد إلى كافة دول العالم وتسلب راحتهم وسعادتهم .
ثامناً:- الاهتمام بالمدارس والمناهج العلمية الرصينة, لأن معظم خريجي المدارس والمعاهد والجامعات في الشرق الأوسط , هم خريجون وبس ... ولكن غير مستوعبون للبرامج العلمية بشكل رصين .
تاسعاً:- إلغاء تعدد الفتاوى التي تحبط بنيان المؤسسات لأن الكثير منهم يجهلون أو لا يعلمون إبعاد فتواتهم والتداعيات التي تنبع منهم والتي تخلق التشتت والتناحر. أغلب مصدري الفتاوى رعيان وفي حالة لبسهم عمامة , ويصبح شيخاً كبيراً ويصدر فتاوى هدامة للمجتمع كما فعل ملا ختي عندما صدر فتوى في عام 1832م وأجاز لميرى كورة " الأمير الأعور" حاكم رواندوز في إبادة الأيزيديين.
عاشراً:- إلغاء مفاهيم مثل السيادة والحدود الوهمية عندما تستخدم لوأد الحريات وحقوق المواطنين , لأن هذه المصطلحات تستخدم للبطش والتنكيل بمواطنيهم المعارضين لهم . وبعيداً عن أنظار المجتمع الدولي , كما يفعل معظم حكام الشرق الأوسط وبالذات حاكم سوريا .
احدى عشر:- كثرة النسل في الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج جراء تعدد الزوجات , والأخ يتزوج أملة شقيقه في حالة الوفاة , ولا يهمهم فقدان بعض أولادهم ولا تهمهم تبعات تربيتهم , وقد حدثت حالة نزاع بين عائلة كبيرة مكونة من خمس وعشرون أخوة وعائلة صغيرة ومكونة من ثلاث أخوة , وأقسمت العائلة الكبيرة على الانتقام وقالت بجملة واحدة " كأن والدهم لم ينام مع والدتهم تلك الليلة" ونفذوا الإنتقام .
أثنتا عشر:- المسؤولية الدولية والإنسانية تصفية ووأد حكم الأشرار لأنهم سفهاء وحكمهم سيؤدي بالبلد إلى الدمار والتشتت , وخير دليل على ذلك هو هجرة مواطنيهم باستمرار إلى البلدان الديمقراطية على متن قوارب قديمة وبالية وتفضيلهم الموت في البحار من العيش تحت نير الطغاة .
يقيناً تنفيذ هذه الأسس والمبادئ سوف تنقذنا من غارات الطائرات وصرير المدافع والآثار المدمرة للحملات العسكرية , مع تقليل الخسائر المادية والمعنوية , مع تجنب تهديم جهد وعمل الناس لسنين عديدة وبلا جدوى مستقبلاً... لذلك هذه الممارسات البناءة , وهي الإستئصال "بدون جهد عسكري "سوف تنقلنا إلى بر الأمان ونعيش بنعيم وتنتهي آفة الخوف والإحباط بين سكان المعمورة وتعيش الناس بأمان وطمأنينة على مدى أجيال , وإن تمهلنا سوف يزرعون نبتات الحرب العالمية الثالثة وحينئذٍ لا تنفع الندم .
مراد كافان علي
15/9/2014
#مراد_كافان_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟