أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - طائر الغرنوق














المزيد.....


طائر الغرنوق


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4595 - 2014 / 10 / 6 - 14:58
المحور: الادب والفن
    


طائر الغرنوق
محمد الذهبي
كان ليلا طويلا بقي يقارع فيه اضغاث احلام كثيرة وكوابيس، انتصف وانقضى منه ثلثه وهو على عادته يدور، يقرع سنا بسن، وكأن اجفانه مجروحة بفعل السهر ليلة ثانية، كان يدور فيها مع مأساة سبايكر التي اذهلت الكثير من الناس، انه يوم النحر، هو يسميها بيوم النحر الكبير، فاسماعيل لم ينحر، ودفعت الخراف ثمن احلام الانبياء، في حين ان نحر طلاب سبايكر كان حقيقيا، رجع الى الوراء ، الى الجنوب ، حيث الهور، وحيث الرجال الذين يضربون الارض بارجلهم ويطلقون الصرخات استعدادا للحرب، فتهرب الطيور بعيدا ، حين تسمع اصوات الاطلاقات النارية.
هناك يجتمع ابناء العشيرة الواحدة يطلبون الثأر من عشيرة اخرى فيتحلقون حلقات، ويهزجون، فتقوم النساء بترديد ( الهلاهل)؛ بعد كل عراضة كما يسمونها، كانت تدور رحى الحرب، وتبدأ الرايات تخفق على ساريات طويلة ليعلم القاصي والداني انها الحرب، طير الغرنوق الهارب من قدره الى قدره، الجميع يضحكون من هذا الطائر الابيض الجميل ذي الرقبة الطويلة والساقين الاحمرين الطويلتين، بمجرد ان يضع رجله في ماء الهور، حتى يكون صيدا سهلا لكل من هب ودب، حين يكون مرتفعا في السماء يكون آمنا هناك، ويهبط فتكون مأساته مرتبطة به كطائر خائف، يأتي للصياد برجليه ويضع نفسه تحت خدمته، هذا الطائر يخاف من ظل رقبته، هو يهرب في البداية، لكنه يرى ظل رقبته فيقوم باصدار صوت ويتصورها يد الصياد، من ثم يستدير ويلقي بفضلاته ويتجه نحو الصياد ليكون بين يديه.
تذكر مقطعا من الشعر :
كم كنت خلف طيفها اعانق الطيور
طير يفر هاربا
طير على اوجاعه يدور
الخوف الذي ينتاب طائر الغرنوق، ينسيه ان له جناحين، يتعطلان بفعل الخوف والتوجس، ربما الخوف من الذات التي تكون في بعض الاحيان عدوا آخر، او ربما صيادا تحت خوف الطائر ذاته، لم يرد ان يمعن النظر بطائر الغرنوق ولايفتش عن احسن احواله، فالجنوب لم يكن مرتبطا باجزاء العراق الاخرى، قبل الهجرة من الريف، ولذا لم يكن طائر الغرنوق سوى طير يحلق في فضاءاته، وكانت قصة حياته تنحصر بين الهور والهور الذي يليه، وقصة خوفه هذه بقيت سرية يتداولها ابناء الاهوار ويسخرون من الطائر الجميل الذي يخاف طول رقبته، يدور على ذاته ثم يلقيها الى شباك الصيادين، وتكون الرقبة الطويلة التي اخافته هي موضع سكاكين الصيادين، وسيقانه الحمراء الطويلة والرفيعة، هي الاخرى تشترك بقصة موت هذا الطائر الجميل، فهي تتهالك بسرعة كبيرة، وتعجز عن حمل جسده الذي سيصبح وليمة لاشداق وافواه مختلفة، ربما تكون محلية، او ربما يباع بعيدا الى المحافظات الاخرى، عدت سريعا لاتذكر مأساة وقصة لم تكن جميلة، قصة منعت رقاد الكثيرين، حيث قضى 1700 طالب نحبهم بقتل بسيط ووحشي، وكلما كان القاتل متوحشا، اذعنت الضحية اكثر، ذهبوا بذكرياتهم، بقصص حبهم باجسادهم الفتية اليانعة، بالمرتبات التي كانت تملأ جيوب بعضهم والاحلام التي كانت تتسابق، ذهبوا ولم يحلقوا عاليا، ولم يمنحوا فرصة للحياة، وبقيت الاهازيج والارجل التي تضرب الارض احتجاجا تدور بدائرة واحدة لم تغادرها الى سبايكر او سواها، الرايات التي تخفق والنساء اللواتي يرتدين الاسود ، لم تكن محفزات للثورة او الانتقام، وانما كانت مراسيم توارثها البعض عن البعض الآخر.
مراسيم لتششيع جثث رمزية، صور تملأ المكان وتبحث عن سبايكر اخرى، في الصقلاوية والسجر، ليكون الخيط رفيعا بين ساقي طائر الغرنوق ورقبته الطويلة التي يخشاها، والتي تتسبب دائما في موته، انهكه التفكير والسهر، فغط بنوم عميق، رأى طائر الغرنوق الابيض محلقا في سماء ليس لها حدود، وحاول ان ينتظر هبوطه على الارض، ولكنه استيقظ على صرخات الجيران، اتوا بعلي شهيدا من الصقلاوية.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوحة لم تكتمل حتى الآن
- لم اكن اعلم ان لله لصوصا
- الاله في محنته
- ارضيتا
- العم المقدس
- الجدار
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب
- انتِ معي في الفردوس
- سقط الرداء
- عصر موت الفنانين
- سأصوم غدا
- لماذا تموت النوارس
- سكران الوطن سكران
- لو اطلقت للريح صوتي
- تقادم الحضارة
- الصباح ووردة عبّاد الشمس
- احتمالات متعددة لموت محتمل واحد
- تقاعد اضطراري ..... رسالة وجدت على ضفاف نهر دجلة


المزيد.....




- الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا ...
- طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با ...
- الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
- فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب ...
- افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو ...
- ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو ...
- محمد الأثري.. فارس اللغة
- الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة - ...
- فنانو وكتاب سوريا يتوافدون على وطنهم.. الناطور ورضوان معا في ...
- ” إنقاذ غازي ” عرض مسلسل عثمان الحلقة 178 كاملة ومترجمة بالع ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - طائر الغرنوق