ديوان -نوم كما أرى- أشرف الزغل

رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4593 - 2014 / 10 / 4 - 14:18
المحور: الادب والفن
    

ديوان "نوم كما أرى"
أشرف الزغل
الديوان من إصدارات دار الزاهرة للنشر والتوزيع (بيت الشعر) رام الله ـ فلسطين، طبعة أولى 2001، في هذا الديوان تعمد الشاعر أن يكثف قصائده، ويطرح تجربته الشعرية بأقل الكلمات، فقد كان التكثيف حاضرا، فلا وجود لأي قصيدة طويلة، فمجمل القصائد متوسطة أو قصيرة، وكأن الشاعر يتكيف مع متطلبات عصر المعلومات والتكنولوجيا الإلكترونية، هناك بعض القصائد أظهرت المكان الذي يعيش فيه الشاعر، فنجد كلمة الباب والنافذة والجدار تعددت في العديد من قصائده، وهذا يشير إلى انه يعيش في مدينة مكتظة بالشقق السكنية، ومن هنا كانت حياة المدينة تفرض نفسها عليه، فيقول في مقطع "إذا كان الممر ممراً وسقف الممر طريقا للآخر
يكون العبور بطيئاً
لأن الذي سوف يمشي
سيحمل أبوابه معه .. والمفاتيح أيضا" ص14، نجد المكان يؤثر على الشاعر، فهو يريد الخصوصية المطلقة، وكأنه يرفض المشاركة من الآخرين، والتصوير السابق يقدم لنا مشهد الهم الجمعي وأثره سلبيا على الفرد، ونجد في التصوير السابق مشهد اقرب من المدرسة السريالية ومسرح العبث والفنتازيا الأدبية، فهو يجمع من خلاله كل تلك المدارس الأدبية والفنية، وهذا يمثل قدرته على التكثيف والاختزال والتصوير معا.
وفي قصيدة "تضاريس بعض الحكايا" نجد لفظ "البيوت والأبواب والمفاتيح والنوافذ والجدار والحجر" تم استخدامها بكثرة، حتى أن المتلقي يشعر ـ أحيانا ـ بتواضع القاموس اللغوي عند الشاعر، لكن في حقيقة الأمر الشكل لا يشير إلى الجوهر، فهناك رمزية تكمن وراء هذا التعدد، رمزية الباب والبيت والمفتاح والنافذة والجدار عند الفلسطيني فهو يحاكي الواقع التغريبي بهذا التعدد فيقول:
" تضاريس هذي المفاتيح أكثر من شمعة في طريق
وأقل من الأسهم الشاردة
وأعمق من زاوية
وأضحل من سطح باب
تضاريس كل البيوت
تضاريس بعض الحكايا
ويبقى الزمان فقيد الزمان
وقبر المكان
وباب المكان" ص19، لا مجال لحديث عن الشكل المجرد هنا، فهناك مضمون وجوهر يكمن وراء اللفظ المتعدد "للباب والمفتاح" يمكن الحنين والأمل في الوصول إلى الباب، وأيضا نجد الواقع المعاش الذي يثقل كاهل الشاعر ويجعل من هذا الأمل بعيد المنال.
فالصراع حاضر وحي بين الواقع والمستقبل، والمستقل هنا يمثل حالة من الرجوع للماضي، فيكون حتى هذا (المستقبل) عند الشاعر يمثل حالة صراع، فهو ليس مستقل يمثل الانتقال إلى حالة جديدة ليس معلوما تفاصيلها، أو حالة أقرب إلى الحلم، أو التخيل لما هو جديد، بل حالة عاشها ـ حقيقتا، تخيلا، وصفا من الآخرين ـ الشاعر في الماضي، فيكون المستقبل في هذا الشكل هو تناقض وتعارض مع مفهوم السائد.
ومن الأمثلة على مقدرة الشاعر على رسم الصور والتكثيف وتقديم فكرة مختزلة قوله في مقطع "وصية"
قال الكلب العارف لأبنه :
"كلب ضال ..
كلب سكن بيوت الناس" ص60، المقطع يحمل معنى الرمز، حيث يمكن أن نسقطه على الاحتلال الإسرائيلي، وأيضا يمكن أخذه بمفهوم الفكرة المجردة، أن حياة الحرية هي المكان المناسب لكل الكائنات، وما كان حضور الكلب إلا كحالة منفردة يمكن تعميمها على كل الكائنات، وهنا يكون الشاعر قد أرضا الخاصة من الفلسطينيين والعامة من المتلقين الآخرين.
في النهاية رغم تواضع حجم الديوان فهو لا يتجاوز السبعين صفحة حجم متوسط، إلا أن قدرة الشاعر على التكثيف والتصوري وتحميل الرمز بطريقة جديدة، يتزاوج فيها الخاص مع العام، الوطني مع الاممي، جعل الديون يمثل فاكهة سهلة الهضم وأيضا يستمتع بتناولها.
رائد الحواري

#رائد_الحواري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات