أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمجد آل فخري - الرجلُ المريضُ.. الجديد














المزيد.....

الرجلُ المريضُ.. الجديد


أمجد آل فخري

الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3 - 21:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس بعيداً هدفُ الأمريكان والغربِ عن هدف (الدولة الإسلاميّة في العراق والشام) فيما يجري على الساحة العربيّة عموماً، والسوريّة خاصّة، ولكنّ كلّاً منهما يطرح مشروعَه وفقاً لثقافةِ مجتمعه والأيديولوجيا التي تُحرّكُه..
فأحدُ قياديّي ( داعش ) يصرّح بأنّ هدفَهم هدمُ الحواجزِ وكسرُ الحدود، وبالتالي بُغْيَتُهم الكفرُ في اتّفاقيّة سايكس/بيكو، وهذا يعني خلقَ الفوضى لإعادةِ إنتاجِ مساحةٍ من العالم لها من الأهمّيّة اقتصاديّاً واستراتيجيّاً وحضاريّاً موقعٌ مُميّز.
والأمريكانُ – ومعهم الغربُ – يسيرون بذاتِ الاتّجاهِ منذُ ثمانينيّات القرنِ الماضي، وقد أرسى دعائمَ هذا التوجّهِ الإستراتيجيّ (مشروعُ بريجنسكي)، الذي تضمّنَ ترسيماً عرقيّاً وطائفيّاً للمنطقةِ الممتدّةِ من أفغانستانَ إلى شمال إفريقيا، هدفُه بقاءُ إسرائيلَ والمحافظةُ على أمنها، فكان بذلك استكمالاً وترميماً لمعاهدة " سايكس/ بيكو"، التي رَسّمتِ المنطقة تأميناً لنفوذِ الدولِ الاستعماريّةِ آنذاك، عبْرَ خَلقِ أنظمةٍ وكيلةٍ تنفّذُ سياستَها وتحمي مصالحَها، وخلقِ إسرائيلَ كياناً يهوديّاً مُستقرّاً في وسَطٍ تقوم بِنيته أساساً على التنوّعِ وعدمِ الاستقرار.
والمُلفتُ للنظرِ أنّ (مشروع بريجنسكي) لم تظهرْ تجاهَه ردّاتُ فعلٍ كَرّستْ فِعلاً مُحدّداً على الأرض، لأنّ الأنظمةَ كانت جزءاً من أدواتِه، والشعوبُ مغيّبةٌ مُنقطِعةٌ عن العالم وعمّا تروّجُه الأنظمة. فكان تأسيساً للمهمّة الجليلةِ التي تصحّحُ الغلطَ التاريخيّ في ترسيم الحدودِ وإطلاقِ ماسمّاه الأمريكانُ فيما بعد "مَشروع الشرقِ الأوسط الجديد".
كان تنفيذُ ذلك عبْرَ (الفوضى الخلّاقة)، الاستراتيجيّةُ التي اعتمدَتها أمريكا في سياستِها تجاهَ الشرقِ الأوسط، حيثُ غذّتْ روحَ الانفصالِ لدى شعوبِ المنطقة، وعملتْ على تقويض أساسِ "سايكس/ بيكو" ( الدولُ متعدّدةُ الطوائفِ والأعراق)، وليس بعيداً عن ذلك حلُّ الدولتين الذي طرحَته أمريكا للقضيّة الفلسطينيّة، لتبرير الدعمِ اللامتناهي لإسرائيلَ وسياستِها، وكذلك لتتحرّرَ من تَبِعاتِ الصراعات التي ستشتَعِل بفعلها المباشَرِ أو عبْرَ وكلائها أو من خلال طيّبي النّيّة. فبدأتْ باحتلال أفغانستانَ، وأكمَلَت طريقَها إلى العراق تحتَ شعارِ جَلْب الديمقراطيّةِ إلى المنطقةِ، لتجعلَها ( المنطقة) تغلي على نيران الطائفيّةِ والقبليّة والعرقيّة والقبليّة، وليعودَ الغرب حاملاً لواءَ حمايةِ الأقلّيّاتِ، دافِعاً المنطقةَ بِرمّتِها إلى التّفتّت في كيانات لا تستطيعُ العيشَ دونَ "أوكسجينِه".
توقّفَت أمريكا في العراق، وأقلعَتْ عن متابعةِ دربِها صَوْبَ سوريةَ، لِيطرحَ السؤالَ نفسَه: لماذا؟ أهوَ الكيلُ بمكيالَين تجاهَ بلدَين لهما ذات التركيبِ السياسيّ والقوميّ والطائفيّ والدينيّ؟
يبدو أنّ القرارَ رسا على إعادةِ تأهيلِ النظامِ السوريّ إرضاءً للتواطُؤ الإيرانيّ في أفغانستانَ والعراق، وتمهيداً لِتكونَ الورقةُ السوريّةُ ( بيضةَ القبّانِ ) في تطوّرات المَلفّاتِ الساخنةِ، وفي مقدّمتِها الملفّ النوويّ الإيرانيّ، وإعدادُ المنطقة لما سيكونُ عليه الأمرُ على الأرض فيما سُمّيَ الحربُ على الإرهاب، خدمةً لإسرائيلَ من جهة، ووأْداً لمشاريعَ نهضويّةٍ ممكنةِ الترسيم مستقبلاً من جهة أخرى.
وبسقوطِ بغدادَ 2003 اعتمدَ الأمريكانُ إستراتيجيّةَ احتواء المتغيّراتِ الطارئة، كغوّاصٍ لا يلتقطُ إلّا ما يحقّقُ هدفَ غَوصِه، مُتعفّفاً مُترفّعاً عمّا هو دونَ ذلك، ومُتجاوزاً له. وقد التقطَ النظامُ السوريّ إشارةَ البَدْءِ، فشاغَب على الأمريكان في العراق، وزاودَ بصمودِه وممانعتِه، وكان ممرّاً للجهاديّين من كلّ الأصقاع، ومُموّلاً لهم إلى أنْ أودعَهم سجونَه، وأثبتَ حسنَ سلوكِه بانسحابه من لبنانَ، وسكوتِه عن تقليم إسرائيلَ أظافرَ حزبِ الله حليفِه وصنيعَتِه، لينكفئ إلى الداخلِ اللبنانيّ، ففُتحَت له أبوابُ أوروبّا على مصاريعها عبْرَ تركيّا، ليكون النظام المدلّل عربيّاً وغربيّاً وروسيّاً وإيرانيّاً وتركيّاً وإسرائيليّاً، انتِظاراً لدَورٍ ما على مسرح الأحداث، وهو ما تجلّى في مواقفه من الربيع العربيّ، من تونسَ إلى ليبيا فاليمنَ فمِصرَ ثمّ سوريةَ، حيثُ فتحَ حدودَها للّعبة الدوليّةِ التي امتدّتْ فصولُها عقوداً، وفتحَ أبوابَ سُجونِها لمَن يُزعَم أنّهم خَطرٌ عليه وعلى السلمِ العالَميّ، فكانوا الأساس في ظهور التنظيماتِ الجهاديّة، والجاذب للإرهابيّين، فقامتْ بتكريس الإستراتيجيّة الأمريكيّة على الأرض، لتكونَ سوريةُ ساحةً لحربٍ ضَروسٍ، تبادلَ فيها اللاعبون الأدوارَ إقليميّاً ودوليّاً قُرابةَ أربعِ سنواتٍ، ومازال وقودُها سوريةَ الوطنَ والشعبَ والدولةَ، ولِيكونَ الطرفَ الذي بدأ العدَّ التنازُليّ لنهاية "سايكس/بيكو"، وخلقِ واقعٍ جديدٍ ربّما لن يُحسَم مصيرُه في وقت قصير، إلّا أنّه دقّ إسفيناً في ربيعٍ انتظرَتْه الشعوبُ، لكنّه لم يُسفِرْ – حتّى الآن - إلّا عن بقاءِ الأنظمةِ وتغيير وجوهِها..فلا تونسُ أزهرَ ياسمينُها، ولا ليبيا أعشبَتْ صحراؤها، ولا مِصرُ زادَ خيرُها، ولا اليمنُ يعيشُ سعادتَه.

______________
كاتب من سورية



#أمجد_آل_فخري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ما قصة هذا الشيف السوري الذي حقق العالمية بمطعم في دبي؟
- ترامب وقّع 185 قرارًا تنفيذيًا منذ توليه الرئاسة.. ما الذي ش ...
- هددوا باستخدام -الطريقة الصعبة-.. ضباط يحطمون نافذة سيارة رج ...
- أول تعليق من السعودية على إحباط الأمن الأردني مخططا لـ-إثارة ...
- هدنة 1949: وثيقة منسية تعود إلى واجهة الاهتمام اللبناني... ف ...
- حماس وحلفاؤها يرفضون مقترح هدنة بغزة وإسرائيل تضبط تهريب أسل ...
- روسيا تنشر وثائق سرية عن أحداث دارت في ألمانيا عشية اجتياح ا ...
- كم طفلا ابتلع -المتوسط- خلال رحلة العبور إلى أوروبا على مدى ...
- ترامب قد لا يكون أفضل للاتحاد الأوروبي من -غاز بروم-
- أنظمة الليزر.. هل تدخلها الصين في معارك طائرات الجيل السادس؟ ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمجد آل فخري - الرجلُ المريضُ.. الجديد