|
قراءة في مسار قضية الشهيد بنعيسى قبل وبعد دخول -البام- على الخط.
حسام عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3 - 10:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تعرف قضية الشهيد "محمد ايت الجيد الملقب بـ"بنعيسى" مند استشهاده، منعطفا خطيرا كالذي تعرفه في المرحلة الراهنة، فبعد "إعلان الشاون" وما خلفه من دخول مجموعة من الانتهازيين - الذين طالما تستروا وراء "لجان الشهيد"، التي اختلفت أسماؤها مند سنة 2006 إلى الآن- في مساومات مكشوفة على دماء شهداء الشعب المغربي، لاحت في الأفق سمات الارتداد والتراجع الذي لم يحجبه ذلك الحضور الكمي للذكرى 20 المنظمة من طرف ما كان يسمى بــ"لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد"، التي حملت في أحشائها بوادر الانكسار والتراجع، خاصة أمام إلحاح ثلة من الانتهازيين على تحريف الهوية وطمس جوانب تاريخنا المشرق والمعبد بدماء شهدائنا الأبطال. لدرجة يمكن معها القول بدون مغالاة أو إجحاف، في حق "الفاعلين الأساسيين" داخل "لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد" قبل دخول "حزب الأصالة والمعاصرة" على الخط بشكل مباشر، أنهم لم يسلموا من ممارسة الاسترزاق السياسي على القضية، وإن اختلفت غايات استرزاقهم. بحيث أن الجديد في المرحلة الراهنة، هو انكشاف لعبة الاسترزاق، لمستوى أصبح فيه يخجل حتى أولئك الذين كانوا يجالسون في الماضي القريب "عمر الزايدي" وعبره بعض متياسري "الحزب الملكي" الذين مروا سابقا بشكل أو بأخر بإحدى التجارب اليسارية بالمغرب، والذين ما كانوا ليدخلوا على الخط، لولا أن سمح لهم البعض بذلك، ولولا العمل بصيغ وآليات "رومانسية" أكثر منها سياسية، تتطلب فقط صعود أحد "الرفاق" القدامى إلى المنصة المخصصة لذلك، وبدئه في ذرف الدموع على الماضي الجميل، حتى وإن كان هذا الأخير قد بدل موقعه وأفكاره، وانتقل من صديق للشعب إلى عدوه. فأن يتم التنسيق مع "عمر الزايدي" وتقديمه كأحد "الفاعلين الأساسيين" في تنظيم الذكرى، عبر تكليفه بتقديم تذكار لـ"ابن جلون" لا يعبر في حقيقة الأمر سوى عن الانفتاح على أعداء الشعب، خاصة والكل آنذاك على دراية بعلاقة هذا الأخير وحزبه بــ"الأصالة والمعاصرة"، في إطار "التحالف الانتخابي" الذي عقد سابقا تحت اسم " مجموعة الثمانية" - تيمنا بتكثل الدول الامبريالية الكبرى- هذا بالإضافة إلى حضور "خديجة الرويسي" المنتمية إلى هذا "الحزب الملكي" في الذكرى بشكل رسمي. وعوض أن ينتبه الرفاق إلى هذا الخطأ، عوض أن يقوموا بنقد ذاتي لأخطائهم، ذهب أغلبهم في مسلسل تبرير أحداثها، ولا زال عالقا في ذهني تعليق أحد "الرفاق" في سياق دفاعه عن "الزايدي" !! عندما أثيرت مسألة حضوره في الذكرى، وهي من بين المسائل التي أدت إلى سخط جزء مهم من الرفاق الذين انتموا إلى اللجنة السابقة، ولم ينجروا وراء جماعة "المريزق". وذلك بقوله: "أن "الزايدي" كان يحرث الجامعة في سنوات الثمانينات عندما كان طالبا"، وها نحن نقول له بعد مرور ما يقارب السنة ونصف على ذلك: "بأن مناضلك لم يكتفي بحرث الجامعة فقط، بل هو الآن يحرث "لجنتـ"ك المسمات "لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد"، وكل تراث القاعديين بالاستعانة بـ"جرار" صاحبه "المريزق" بدل "حذائه" الذي أطربنا البعض سابقا بأنه قد "قطّعه" في الماضي الجميل". ولم تعكس هذه الذكرى في حقيقة الأمر، سوى المضمون السياسي لـ"إعلان الشاون" وما تضمنه من تزوير لتاريخ التجربة القاعدية ولهوية الشهيد، وبالمناسبة سنقول هنا للرفاق، أن القول بأن الشهيد ينتمي إلى "فصيل الطلبة القاعديين التقدميين" غير كاف ولا يعبر عن "حسن نية" في إعطاء كل "ذي حق حقه"، بقدر ما أنه يستهدف بشكل مقصود إسقاط الهوية المزيفة في "الإعلان" على تجربة سياسية بأكملها تتجاوز موضوعيا أسوار الجامعة وتسعى إلى ترجمة تصور الشهيد وتطويره وفق مقتضيات الصراع الطبقي.. فما فائدة قولكم هذا !! إذا كنتم ستقولون بعد ذلك أن الشهيد "مناضل حداتي ديمقراطي" !! بل إن الخطير في هذا القول كما سبقت الإشارة هو انتقاله من مستوى تزوير هوية الشهيد، إلى مستوى تزوير هوية تجربة سياسية بأكملها. وخلاصة القول فيما يخص كيفية تدبير قضية الشهيد قبل وبعد "إعلان الشاون" هي : 1- أن الصيغة التي مثلث محط رفض من طرف أنصار الخط الأصلي للشهيد، والتي اعتمدت من قبل "الفاعلين الأساسيين" في "لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد"، سمحت بدخول عملاء للنظام السياسي القائم بالمغرب على خط القضية، بدعوى "انتمائهم" إلى تجربة القاعديين سابقا، وذلك تحت مبرر أن "الملف" يهم جميع "رفاق وأصدقاء الشهيد"، بمختلف ألوانهم السياسية العلنية والمتخفية، وهذه الصيغة نفسها هي التي جعلت "المريزق" وجماعته يخرجون من سباتهم، ويعلنون بأنهم: "هم أيضا رفاق للشهيد"، ولم يكتفوا بهذا بل استحوذوا على اللجنة التي تشكلت مند 2006. 2- إن المس بهوية الشهيد يفتح المجال بناء على ما تم ذكره سابقا للاسترزاق على قضيته، لأن الكل لن يتردد في نعت نفسه بأنه "ديمقراطي حداثي" على الشاكلة الكاريكاتورية التي تصور بها "إعلان الشاون" هوية الشهيد، لهذا وجب رد الاعتبار لهويته، وجب على أنصار "لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد" الذين لم ينجروا مع جماعة "المريزق"، تقديم اعتذار لرفاق الشهيد في الجامعة، ولكل من يتبنى خطه السياسي، على تزوير تاريخه وهويته.. وهذه هي أول خطوة لإنصافه، والتي لن تستقيم إلا بالتأكيد على أن بنعيسى كان مناضلا يستهدف إسقاط "الملكية"، وعبرها النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي، وبناء مجتمع وطني ديمقراطي شعبي. هذه هي أهم الملاحظات التي يجب الوقوف عليها، ووضعها كأساس لكل عمل جديد يهدف إلى تعرية اللجنة المسماة "لجنة المتابعة الوطنية لقضية الشهيد بنعيسى" وفضحها أمام الرأي العام الوطني والدولي، خاصة بعد الوقفة الناجحة التي دعا إليها "فصيل طلبة القاعديين التقدميين" والتي أربكت حساب المسترزقين على دماء شهداء الشعب المغربي. وقبل الانتقال للإجابة عن سؤال ما العمل؟ أو كيف يمكن فضح هذه اللجنة المشبوهة؟ يجب تقييم كيفية تعاطي المهتمين الأساسيين بقضية الشهيد مع الوقفة التنديدية باغتيال الهوية والتاريخ، بالإضافة إلى افتراءات المنظمين لمهزلة "طنجة"، وتجدر الإشارة هنا إلى أننا وجدنا أنفسنا أمام ثلاث مواقف متباينة من الوقفة وهي كالتالي : 1- أعــــــــداء الوقفــــــــــــة. 2- أصحاب موقـف اللاموقف. 3- أنصــــــار الوقفــــــــــــــة. وسنقوم بتحليل مواقف كل طرف على حدة، لأن أي اصطفاف جديد في المستقبل لن يكون إلا على أساس فهم مواقف كل طرف من الوقفة، التي شكلت خطا فاصلا بين خط الشهيد وثلة الانتهازيين الذين يسعون للمتاجرة بدمه. 1- أعـــــــــــداء الـوقـــــــــفة:
بالنسبة لأعداء الوقفة يتمثلون في كل المحيطين بـ"المريزق" وجماعته، وهم المنضوون الآن تحت ما يسمى "اللجنة الوطنية لمتابعة قضية الشهيد ايت الجيد بنعيسى"، أو المؤيدون لعملها، وهم أخيرا المنظمين والحاضرين بمنطق الدعم لأشغال "الندوة"، التي اعتبرت مهزلة بكل المقاييس الكمية والنوعية، بحيث أن الحضور - حسب أشرطة الفيديو المنشورة- لم يتجاوز 40 شخصا، وأي أشخاص نتحدث عنهم!! إننا نتحدث عن أناس لا يتاجرون فقط في دماء الشهداء، بل حتى في المخدرات وباستطاعة القارئ هنا الرجوع إلى "جريدة المساء" الصادرة يوم: 23/06/2014/ العدد: 2408- ص: 6 ، والتي ذكرت بالاسم حضور أحد أباطرة المخدرات في المغرب، وخاصة في منطقة الشمال، والمهزلة الكبرى هي أن الحاضرين الأجانب عندما سألوا عن الوقفة الاحتجاجية أجابهم "المريزق": "بأنه نشاط موازي"!!.. فلننظر إلى مستوى الانحطاط الذي وصله المنظمين للندوة المهزلة. إن هذا التصريح وحده.. كاف لكي يبين للرأي العام الوطني والدولي، مستوى صدق هذه الجنة !! وهنا نقول لكم أيها المسترزقون أيها المتاجرون بدماء شهداء الشعب المغربي: لا علاقة بين بهرجتكم ونفاياتكم الإعلامية، والفعل النضالي الذي أنتجه القاعديين وقدماؤهم الأوفياء، فأنتم استرزقتم على الشهيد، وحاولتم قدر المستطاع اغتيال الشهيد وتصفية هويته اليسارية الثورية بشتى الوسائل المادية والمعنوية المتاحة لكم، أما المنظمين للوقفة فلقد أعادوا الاعتبار للشهيد ودافعوا عن هويته.
2- أصحاب موقـف اللاموقـف:
بالنسبة لهؤلاء فلقد تشكل أغلبهم من مناضلين "ديمقراطيين" !! شاركوا في أعمال اللجان السابقة، ولكنهم لم ينخرطوا في هذه اللجنة ولم يدينوها أيضا، وفي نفس الوقت لم يدعموا أو يؤكدوا حضورهم في الوقفة، التي دعا إليها القاعديين، ويمكن أن ندخل هنا حتى الأغلبية المطلقة للرفاق الذين شكلوا سابقا "المستقلين الديمقراطيين" والذين التزموا الصمت اتجاه الندوة وأصحابها. بحيث نجدهم وقت الجد يتخلون عن "أستاذيتهم" النابعة من "مجايلتهم" للشهيد بنعيسى، - وهي صفة يحلوا للبعض أن يتغنى بها لكي يزيد من قيمة رصيده النضالي- والتي مارسوها أكثر من مرة في الملتقيات والندوات والاجتماعات... السابقة، وآخرها ندوة القصر "الكبير" و"الرباط"، وبإمكان القارئ أن يكتب فقط على موقع "يوتيوب" "شهادة محمد الدحماني – بوستة- في حق الشهيد بنعيسى"، حتى يرى "ديداكتيك" تعليم القاعديين لفنون النضال !! من طرف هذا الأخير وجماعته التي كانت تصغي له بانتباه منقطع النظير.. وكيف لا؟ وهو الذي أشفى غليلهم في رفاق "بنعيسى" الأوفياء الذين فضحوا استرزاقهم خارج وداخل القاعة المخصصة "لنشاطهم"، وهاهي اليوم بعدما صمتت خشوعا أمام محاضرة خصصت للافتراء على القاعديين والاستهزاء بهم، تصمت بشكل مخزي إزاء ما يجري من استرزاق سياسي على شهيدهم، الذي طالما تحدثوا عن "مجايلته". وهذا ما يجعلنا نقول عن حق بأنهم "أساتذة" عندما يتعلق الأمر بالقاعديين وتلامذة أمام "المريزق" وجماعته، ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه من رفاقنا "المستقلين" سابقا، إدانة الندوة خاصة وأنهم ينضوون تحت حزب قد تم استدعاؤه بشكل رسمي إلى أشغالها، صمتوا وكأن الأمر لا يعنيهم. لم نفهم صمتهم !!.. ولكننا ندرك جيدا، أنهم وجدوا أنفسهم أمام حزب يضم بعض "أساتذتهم" السابقون الذين تجاوزوهم من طبيعة الحال في تنظيرات الارتداد والتراجع والتطبيل لـ"لانتقال الديمقراطي"، أمام حزب لن ينتصر عليه، سوى الذين يطمحون إلى الانتصار على النظام السياسي القائم وليس إلى مهادنته. فماذا يمثل هذا الحزب أمام نظام الحكم المطلق الذي لا يتوانى في مصادرة حياة معارضيه المخلصين للجماهير الشعبية!! والذي ناضل الشهيد بنعيسى بشكل منظم من أجل إسقاطه، ولا يكف الورثة الشرعيون لخط الشهيد عن مواجهته بشتى الطرق والوسائل الممكنة لهم في المرحلة !! : إنه لاشيء، انه ليس سوى "ظواهر صوتية" ستختفي بمجرد تطور الصراع الطبقي وتقدمه، بحكم مجهودات رفاق الطريق المخلصين للقضية والهدف. ولكن الموقف المثير للانتباه هنا والذي لا يمكن للمرء إنتاج موقف سليم من القضية، دون تحليل منطلقاته وإظهار خلفياته المناهضة للوقفة، وهو بالمناسبة نفس الموقف الذي عبر عنه بعض الرفاق بشكل صريح بقولهم "نحن لسنا مع الندوة وفي نفس الوقت لا نتفق مع الوقفة") هكذا إذن)، لهذا أطلقنا على هذه الفئة أصحاب موقف اللاموقف الذي غالبا ما يخدم الرجعية كما وصفه "لينيــن"، وفي هذه الحالة فإنه يخدم شئنا أم أبينا "المريزق" وجماعته. ويتجلى هذا الموقف الذي وصفناه بأنه مثير للانتباه، في تصريح "محمد علي الطبجي" الذي حضر للندوة المشبوهة، وأكده أيضا من خلال رده على نقد الرفيق "خالد اورحو" لتصريحه حول الندوة المهزلة، وما يهمنا من تصريحه هو جوهر النقاش، الذي دار آنذاك حول الموقف من الوقفة، وعبرها الموقف من الندوة، وذلك لأن مسألة اعتبار الشهيد هل هو شهيد الشعب المغربي أم شهيد القاعديين؟ ليست سوى مجرد لغو في نظري، لأن القاعديين هم جزء من الشعب المغربي، لهذا فشهيدهم جزء لا يتجزأ من هذا الأخير، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فمتى اعتبر حزب "الأصالة والمعاصرة" جزء من الشعب حتى يتكلم عن شهدائه !!. يقول السيد "الطبجي" في سياق دفاعه عن تصريحه : "أما فيما يخص الأطراف التي تقف وراء الندوة الدولية بطنجة فقد كان تصريحي يعبر أن (أظن الرفيق يقصد عن وليس أن) مرارة جارحة، إذ كل منا نال نصيبه من تهمة "الارتزاق" بالملف / القضية منذ انطلاق الاشتغال حول الشهيد، وقد ساءني جدا أن ألحظ التاريخ وهو يكرر نفسه، إن ما حدث يوم 21 يونيه من احتجاج على الندوة بتهمة الارتزاق هو تكرار لما جرى بالقصر الكبير حيث احتج الرفاق القاعديين التقدميين على تنظيم ذكرى الشهيد من طرف الرفاق في الخيار اليساري الديمقراطي القاعدي ومرت أطوار الندوة على صدى شعارات الإدانة". وانطلاقا من قوله هذا، نجد أنفسنا أمام موقف مزدوج من الجهة المنظمة للندوة والمنظمة للوقفة، مع انتصاره الضمني لأصحاب الندوة، التي أصر على حضورها وتزكيتها، بدعوى أن "التاريخ يكرر نفسه" رغم أن اللجنة لها أجندتها الخاصة ورسالة "المريزق" و"الزايدي" في الندوة واضحة لكل من له ولو ذرة واحدة من التفكير السليم. فماذا يعني قول "المريزق" أن الوقفة جزء من النشاط !! ماذا يعني ترحيبه بتشكيل لجان أخرى للشهيد !! ماذا يعني كل هذا؟ غير أنه يقول بصريح العبارة: "لن نتراجع عن قيادة اللجنة، وليذهب كل معارض لأجندتنا الحزبية والسياسية إلى الجحيم". فـ"ليشكل كل واحد منكم لجنته الخاصة".. لقد كانت هذه الإشارة واضحة من أعضاء اللجنة، لهذا فإن أي حضور لأشغالها ليس سوى تزكية لها، من هذا المنطلق بالذات قلنا قبل انعقاد الندوة المشبوهة يجب مقاطعتها وحشد ما أمكن من القوى للتنديد بها. أما رفض الرفيق للوقفة النضالية بمبرر أن "التاريخ يكرر نفسه" فهو رفض خاطئ ولا ينبني على قراءة دقيقة للمشهد السياسي، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نساوي بين "الخيدق" وبين "الأصالة والمعاصرة"، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نساوي بين كيفية التعامل مع "لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد" وبين ما يسمى بـ"اللجنة الوطنية لمتابعة قضية الشهيد بنعيسى"، ولعل هذا واضح من الرد على كلا المبادرتين - اللتين وإن اختلفتا من حيث الشكل والسياق فقد توحدتا في الاسترزاق على قضية الشهيد- فلقد عبرنا مثلا في "الذكرى العشرين" على استعدادنا للعمل مع "اللجنة" شريطة عدم إلزامنا بأي "أرضية سياسية" أو "مرجعية" لا نتفق معها، ونقصد هنا "إعلان الشاون". كما أن طريقة التعامل مع الذكرى كانت مختلفة عن طريقة التعامل مع الندوة، فلقد حضرنا يوم 23 مارس 2013 ليس من أجل التزكية من طبيعة الحال، وإنما من أجل طرح تصورنا للقضية وشرحه لكل المتعاطفين مع تصور الشهيد، الذين لم ينزاحوا عن خطه، أما حضورنا يوم 21 يونيو فلقد كان من أجل فضح المسترزقين على دماء الشهداء، بطريقة تختلف نوعا وكما عن المحطات السابقة.. إذن لا مجال للمقارنة هنا بين فضح الاسترزاق الأول والاسترزاق الثاني، وأي خلط للأوراق ولرايات النضال يؤدي بصاحبه إلى الانتقال مباشرة لصفوف المسترزقين والمتاجرين الجدد بدماء الشهداء.
3- أنصار الوقفـة وأصدقائها:
ويتمثلون في المشاركين الفعليين في الوقفة، التي تم الإعلان عنها من طرف "فصيل الطلبة القاعديين التقدميين"، وباقي الأطراف التي أيدت موقف الاحتجاج على الندوة، سواء بشكل عملي أو مبدئي، وسنتطرق إلى كيفية تعاطي هذه الأطراف مع الوقفة. فبالنسبة للأطراف التي كانت تشتغل على قضية الشهيد بشكل مباشر، نجد أن أنصار "الخيدق" قد أدركوا أخيرا، وسرحوا حسب أحد "مسؤوليهم" بأن قضية الشهيد، لن تأخذ بعدها الحقيقي إلا بإسناد الأمور إلى أصحابها، أي إلى "القاعديين التقدميين"، لأنهم وحدهم من يستطيعون وضعها في سكتها الصحيحة، فلقد اعتبر "الخيدق" مؤخرا، بأن القضية ليست قضيته وبأنه ليس "الوريث الشرعي" لها، وهذا الاعتراف من شأنه أن يساهم في تحديد الأدوار والمواقع من جديد. غير أن الملاحظة التي لا يمكن القفز عليها في كيفية تعاطيه مع الوقفة، هي أنه بالرغم من إدانته السياسية والمبدئية للندوة المشبوهة، عن طريق إصداره لبيان يحتج فيه عن إدخال اسمه بشكل تعسفي إلى جانب الحضور المفترض للندوة، فإن حضوره الكمي كان ضعيفا جدا، أو يكاد يكون شبه منعدم، لولا أننا نحترم حضور أحد الرفاق وتكبده عناء السفر من مدينة "القصر الكبير" إلى "طنجة". وبالإضافة إلى "الخيدق" نجد أن "حزب النهج الديمقراطي" قد أدان هو الآخر الندوة المشبوهة، وذلك في سياق إدانته لإقحام اسمه ضمن لائحة الحاضرين للندوة، مع تسجيله لحضوره في الوقفة عبر بعض مناضلي شبيبته. كما نسجل حضور بعض مناضلي "حشدت" بالرغم من أن "الحزب الاشتراكي الموحد" لم يصدر أي بيان يدين فيه الندوة أو يدعوا فيه إلى الالتحاق بالوقفة، ما عدا الإشارة التي وردت في بيان "شبيبات فدرالية اليسار الديمقراطي" الذي تزامن مع حملة تعبئتنا للوقفة الاحتجاجية، والتي لم تكن كافية، خاصة وأنه اعتبر في الماضي من "الفاعلين الأساسيين" داخل "لجنة رفاق وأصدقاء الشهيد". بالإضافة إلى هذا نسجل أيضا، الحضور النوعي لرفاقنا في"التوجه القاعدي/ موقع طنجة" الذين لبوا نداء المشاركة في الوقفة النضالية، بشكل مبدئي ولا مشروط... ونعتذر إذا لم نذكر أحدا ممن شاركوا في الوقفة وأدانوا هذه الجريمة في حق الهوية والتاريخ، ليس هوية وتاريخ القاعديين فقط، وإنما هوية وتاريخ الشعب المغربي. وبعد تقييمنا لكيفية تعاطي الأطراف الأساسية الفاعلة في قضية الشهيد مع الوقفة، يمكن لنا الآن أن ننتقل إلى مستوى آخر من النقاش، وهو مستوى الإجابة الميدانية على ما يسمى "لجنة متابعة قضية الشهيد ايت الجيد بنعيسى".. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أنه تم مراكمة تراث مكتوب حول هذه القضية، يتجاوز منطق "الإعلانات" و"البيانات" و"النداءات"... تراث تحليلي لأغلب المنعطفات التي عرفتها قضية الشهيد، خاصة بعد "إعلان الشاون" ولكن مشكلة الرفاق الذين تهمهم قضية بنعيسى لم يكلفوا أنفسهم عناء قراءته، ونحن هنا لا نقصد بفعل القراءة سوى التفاعل معه وفق الصيغة السليمة لتطوير البرامج النضالية، ولحل التناقضات القائمة في صفوف الحركة بالاعتماد على صيغة: وحدة- نقد- وحدة. في هذا السياق طرح الرفاق أنصار خط الشهيد، برنامجا نضاليا في أرضية "قضية الشهيد.. إلى أين؟" التي جاءت مكثفة للتصور السديد حول الاشتغال على القضية.. وسنعيد طرحه من جديد في هذه القراءة التقييمية لوقفة "طنجة" وما أفرزته من اصطفافات جديدة حول كيفية التعاطي مع قضية الشهيد، وذلك لأنه لازال يحتفظ براهنيته ماعدا الجزء الثاني من النقطة الرابعة، المتعلق بممثلي عائلة شهيدنا بنعيسى، وذلك لانجرارهم الملحوظ، والذي لا يخفى على أحد، وراء "متياسري البام"، الذين كما قلنا سابقا يستغلون القضية لأغراض سياسية بحثة فصلنا فيها في مقالات سابقة حول قضية الشهيد، خاصة في مقالي: "دفاعا عن الهوية والتاريخ.. لا لاغتيال الشهيد مرتين" و " ضـد الاسترزاق السياســي علـى قضيــة الشهيـد ايت الجيـد محمــد بنعيسـى". لقد قلنا سابقا.. في سياق الحديث عن مهامنا للتعريف بقضية الشهيد وفضح اغتياله، أن هذا الأمر "يستوجب علينا تأطير خطة عملنا تحت الإطار العام لنضالنا السياسي على قضية الشهيد، وهو نضال يتأطر ضمن : "فضح جميع الجرائم السياسية للنظام القائم والقوى الظلامية، والتعريف بشهداء العنف الرجعي، والقضايا التي استشهدوا من أجلها"، وهذا الإطار العام يكثف لمجموعة من المهام التي يجب القيام بها في العلاقة بشهداء العنف الرجعي، والتي يمكن تحديدها في: 1 تأسيس جبهة وطنية تضم جميع القوى التقدمية والديمقراطية والفاعلين الحقوقيين، تأخذ على عاتقها التعريف بقضايا شهداء العنف الرجعي، واسترجاع هويتهم الحقيقية بما هي هوية كفاحية تقدمية مناهضة و متناقضة على طول الخط مع القوى الرجعية. 2 القيام بحملات وطنية، لفضح الطبيعة اللاديموقراطية و الدموية للنظام القائم ولحليفته القوى الظلامية، من خلال توزيع المناشير التي تبين وتشرح للجماهير الشعبية الطبيعة الدموية للنظام والقوى الظلامية. 3 - القيام بندوات ووقفات احتجاجية للتعريف بالقضايا التي استشهد من أجلها شهداء الشعب المغربي عامة، وشهداء النهج القاعدي بشكل خاص، بتنسيق مع القوى التي ترغب في النضال على قضية الشهداء على أرضية واضحة، بعيدا عن الاسترزاق السياسي على رموز وتاريخ التجربة القاعدية. 4 الدعم المبدئي واللامشروط لنضال عائلات شهداء العنف الرجعي و الظلامي، عن طريق الحضور لكافة المبادرات النضالية التي تدعوا إليها، ونحيي بهذا الصدد عائلة الرفيق بنعيسى على صمودها من أجل التعريف بقضية الشهيد. 5 الدعم المبدئي واللامشروط لكافة الأشكال الثقافية والاحتجاجية، التي ينظمها رفاق ايت الجيد في الجامعة المغربية، من أجل التعريف بقضيته وقضية كافة شهداء الشعب المغربي. 6 دعم كافة المبادرات التي تحرك قضية الشهيد على أرضية واضحة، عن طريق الانخراط فيها وتفعيلها، شريطة ألا يتم تقييد هده المبادرات بـ"إعلانات مرجعية" سابقة لا تلزمنا أو لا نتقاطع معها في نقطها الجوهرية 7 دعوتنا لجميع المناضلين الديمقراطيين والتقدميين، من أجل جعل أيام محاكمات أدوات الجريمة - القوى الظلامية - أياما احتجاجية وطنية، للتعريف بقضية الشهيد بنعيسى، ولفضح الطبيعة الدموية لكافة المجرمين، القوى الظلامية والنظام القائم المسؤولين الحقيقيين عن هذا الاغتيال، وذلك من أجل اطلاع الرأي العام الوطني والدولي على الملابسات الحقيقية لجريمة اغتيال رفيقنا." إن هذا البرنامج يحتاج تطبيقه إلى تكاثف مجهودات كافة المعنيين بقضية الشهيد شريطة أن يكونوا تقدميين أو على الأقل ديمقراطيين إصلاحيين، وأن يتم تجاوز الصيغة الفضفاضة المتمثلة في "رفاق وأصدقاء الشهيد" لأنها تفتح المجال على مصراعيه أمام قوى يمينية، عبر زرع عملائها في اللجنة، وذلك بوضع القضية في سكتها الصحيحة عن طريق دمجها بالنضال العام الذي يأخذ على عاتقه التعريف بجميع شهداء الشعب المغربي، وفضح الجرائم السياسية للنظام القائم بالمغرب. وهنا يمكن أن نقدم الصيغة التي تم طرحها في "قضية الشهيد.. إلى أين؟" وهي تأسيس "جبهة وطنية للتعريف بقضايا شهداء الشعب المغربي"، التي يجب أن تفتح في وجه مكونات وفصائل الساحة السياسية التقدمية والديمقراطية، مع الإشارة هنا إلى أن قضية بنعيسى لن تحضر سوى كجزء لا يتجزأ من قضايا باقي شهداء الشعب المغربي. ومنه يمكن أن نصل إلى خلاصة أساسية : وهي أن قضية بنعيسى بالخصوص تعتبر قضية خاصة بــ"فصيل الطلبة القاعديين التقدميين"، ولكنها من حيث أنها جريمة اغتيال سياسية، قام بها النظام الطبقي القائم بالمغرب، بتحالف مع القوى الظلامية، فهي قضية جميع الديمقراطيين والتقدميين داخل جبهة التعريف بشهداء الشعب المغربي، شريطة أن تطرح ضمن برنامج عام يستهدف الدفاع عن كافة شهداء العنف الطبقي الرجعي، وليس الشهيد بنعيسى فقط، وذلك بغية التعريف بقضاياهم العادلة لدى الجماهير الشعبية، وفضح جرائم النظام السياسية، في سياق النضال ضد طبيعته الدموية واللاديمقراطية، وأيضا في سياق التشهير به وعزله سياسيا وجماهيريا.
#حسام_عزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|